قضايا الوطن والمقاومه واّداب الحوار

الاحزاب ،والتنظيمات والمنظمات السياسيه شأنها شأن  كل اتجاه سياسي أو حركه سياسيه،هناك من يناصرها ،وهناك ايضا من يعاديها،وتلك من الحقائق البديهية التي لا يختلف عليها اثنان،وحركة حماس ،تدخل في ذلك الاطار،ويشملها ذلك التعريف ،ويضاف الى ذلك ايضا ان كل حركه سياسيه ،تحتاج من اجل الاعتراف بها تقديم عمل ،أو نشاط مؤثر ،يمكن ان يخلق لها جمهور، ويعزز لها مكانه،ويبرهن على انها حركه أو اتجاه سياسي له أهداف ويحظى ببرنامج ،ويمتلك في نفس الوقت الأراده والكفاءة للمضي قدما في انجاز ذلك  البرنامج أو تحقيق تلك الاهداف ،بما يخلق حقائق على الأرض ،يتفهمها الناس ،ويشعرون بها . في القضية الفلسطينيه تحديدا ،برزت كمثال منظمة (فتح) عبر ظهورها في يناير 1965،

جمال عبدالناصر ان انبل الظواهر بعد النكسه هو المقاومه

وتنظيمها العسكري ( العاصفة)  ،واكتسبت شرعيتها من خلال أدائها ونشاطها اللافت، فقد تحولت قضية فلسطين من قضية لاجئين الى قضية شعب وتحرر،ومن ثم اصبحت  ابرز حركة تحرر في العالم ،وبذلك اكتسبت شهره من خلال معاركها المتعددة ،وخصوصا  معركة ( الكرامه) بعد النكسه في عام 1967 في مواجهة الجيش الاسرائيلي ،مما حدا بعبدالناصر ان يصفها بالقول ( أن انبل الظواهر بعد النكسه هو بروز حركة المقاومة الفلسطينيه ،وان المقاومة وجدت لتبقي) . ألأكثر من ذلك انه لم يكتف بمساندتها ومساعدتها فقط ،وانما اقدم على خطوة اوسع ،وذلك باصطحابه  ياسر عرفات معه الى موسكو باعتباره احد اعضاء الوفد المصري ،وهناك كشف عن شخصيته ،وقدمه الى القادة السوفييت في ذلك الوقت ،حيث نشأت لاول مره العلاقات بين حركة المقاومة( فتح) وموسكو، وبدأت (فتح) في الانفتاح على المجتمع الدولي .وقد قطع ياسر عرفات ،ومعه حركة فتح شوطا طويلا في حركة المقاومة ،وتطور الأمر الى انشاء منظمة التحرير الفلسطينيه بقيادة ( أحمد الشقيري) وبذلك تم ابراز الكيان الفلسطيني الى ان تسلم قيادتها ياسر عرفات،وقيل وقتها أن فلسطين (الثورة )قد احتلت مكانة فلسطين ( الكيان) .ثم جرت مياه كثيره تحت الجسور،ورحل (ياسرعرفات) ،وبعد رحيله برزت حركة (حماس) بعد ان نشأت 1978 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى. تتبنى حماس فكر جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر في العشرينات من القرن الماضي. وتدير حماس قطاع غزة منذ عام 2007، بعد خلافات كثيره وعميقه مع حركة فتح بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يمارس سلطاته من الضفة الغربية ويرأس أيضا منظمة التحرير الفلسطينية. لكن بتاريخ 7 اكتوبر 2023 حدث شيئ شديد الأثارة ،لم يخطر على ذهن احد ،بل ولم يساور احد في احلامه ان يتقدم فصيل من المقاومة الفلسطينيه بذلك الاقتحام للمواقع والبلدات الاسرائيليه داخل الخط الأخضر ، وهي التي تؤمن بأنها صاحبة الجيش الذي لا يقهر ، لتسقط مواقع ومستوطنات إسرائيلية عديدة في أيدي المقاتلين بشكل درامي غير مسبوق في عمليةٍ أطلق عليها (طوفان الأقصى)، وبالمقابل تعلن إسرائيل حالة الحرب لأول مرة منذ إعلان حالة الحرب في ذلك  اليوم السبت السادس من أكتوبر 1973أي منذ نصف قرنٍ بالتمام والكمال . اختلف مع حماس ماشئت، وليكن رأيك فيها كما تريد ، ولكنك لن تستطيع ان تنكر، صدى ذلك العمل جماهيريا على الأقل في العالم العربي والأسلامي خصوصا ،وفي الكثير من دول العالم التي تتعاطف مع الحقوق الفلسطينيه عموما ،ويتذكرون العديد من المذابح التي تعرض لها الفلسطينيون سواء في العشرينات من القرن الماضي،وخصوصا بعد (وعد بلفور) عام 1917 مرورا بالثلاثينات وثورة عز الدين القسام ،وألأربعينات ومذابح (دير ياسين) والأستيلاء على الأراضي الفلسطينيه حتى بعد هدنة 1949 ،ثم استفحال عملية الأستيطان بعد توقيع اتفاقيات ( كامب ديفيد) وكما ذكر محمد ملحم عمدة ( حلحول ) في ندوة بمركز الدراسات العربيه في لندن 1982 وقد قال (من يريد ان يعرف ماذا فعلت بنا معاهدة كامب ديفيد فليأت ويتأمل الضفة فقد استفحل فيها الاستيطان وتوسع بشراهة ،وبعد ان كان يسير منذ 1967 على استحياء شديد اندفع بضراوة ، فقد خرجت مصر من المعركة  من خلال هذه المعاهدة وبالتالي لم تعد هناك حرب ، ومن ثم انتشر الاستيطان كالسرطان في الجسد)ثم تزايدت الهجمة في السنوات الاخيره فقد استفحل خطر المستوطنين ومهاجمتهم للمنازل العربيه بغية طرد سكانها واحتلالها عنوة،وأمامنا مثال (حي الشيخ جراح )في القدس الشرقيه ،وحتى الآن ما زال سكان هذا الحي يقارعون قوات الاحتلال دفاعا عن منازلهم التي تريد إسرائيل طردهم منها لصالح جمعيات استيطانية. كما تواجه عشرات العائلات الفلسطينية، خطر الإخلاء من منازلها التي تُقيم فيها منذ سنوات الخمسينات من القرن الماضي وقد ازدادت المواجهات في الحي منذ  إقامة عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف ( إيتمار بن غفير) من  (الصهيونية المتدينة) في 12

ياسر عرفات تحولت القضية على يديه الى ابرز قضية تحرر في العالم

فبراير الحالي خيمة له وسط ذلك الحي،و.نستشهد بتعبير سكرتير عام الامم المتحده بقوله (ان اجتياح حماس لم يأت من فراغ ) ، حتى وان قيل انه اعتذر عنه اذعانا لضغوط مورست عليه .

اختلاف الراي واّداب الحوار

يقوم احد هم ،ولا أريد أن أذكر اسمه على قناة (القاهره والناس) في مصر بمهاجمة (حماس) مهاجمة ضاريه ،مذكرا بعدد الضحايا الذين استشهدوا جراء الهجوم الاسرائيلي على غزه  ،قائلا الم تدرس رد اسرائيل وماذا يمكن ان تفعل ،ويستطرد من اجل ماذا قامت حماس بهذا الهجوم ،هل من اجل الافراج عن الأسري الفلسطينيين؟هل تتسبب في قتل اكثر من خمسة عشر الف فلسطيني من اجل الافراج عن الف فلسطيني ؟ ثم يعاود وصف حماس بكل مافي حوزته من معاني قبيحه، ومنها المتداول سياسيا  !

نعود الى ادب الحوار،وفاعليته على كل الاطراف،ونضرب امثلة في ذلك. حدث بعد النكسة عام67 ان  نشطت بعض التنظيمات الفلسطينيه،ومنها (الجبهة الشعبيه) التي انشقت عن حركة (القوميين العرب)واتجهت يسارا تحت قيادة (الدكتور جورج حبش)وقد انشق عنها لاحقا (نايف حواتمه) وشكل تنظيما جديدا تحت اسم ( الحبهة الشعبيه الديموقراطيه) .نشطت الجبهة الشعبيه في اتجاه محدد وهو ( خطف الطائرات) والهبوط بها في مطار ( المفرق) ثم المساومة عليها سياسيا ،وهنا كتب المفكر العظيم (احمد بهاء الدين) مقالا  يعترض فيه على هذا الأسلوب في النضال وقال (ان خطف الطائرات وتعريض ركابها للخطر وهم جنسيات مختلفه يضر بالقضية الفلسطينيه،لأنه يكتل اطرافا جديده منهم أهالي هؤلاء الركاب وبالتالي دولهم التي ينتمون الى جنسيتها ضد هذه العمليات من الاختطاف،وينسحب ذلك على جنسية الخاطفين وقضيتهم نفسها وهم فلسطينيون .أقول ذلك واعتذر،فانا كاتب يجلس على مكتب،وهم مقاتلون وهبوا حياتهم للموت من اجل قضية نؤمن جميعا بعدالتها . نموذج اّخر في الأنفه والكبرياء الوطنى ،حدث قبيل العدوان على العراق ان اندلعت ايضا مظاهرات كبيرة الحجم سواء في لندن او بقية عواصم ومدن اخرى تتعدد في انحاء العالم، تعترض على قيام الحرب وكان هناك سياسيون بريطانيون معارضون ايضا ،وكان بعض الدبلوماسيين العرب يتصلون بهم ،ولكن ما ان بدأت الحرب حتى امتنع اي سياسي او نائب برلماني عن مقابلة اي طرف عربي باعتبار انه لن يخذل جيشه وهو في الميدان . تلك صور تعكس الرقي في معنى

احمد الشقيري اول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينيه

الالتزام والوفاء للقيم النبيله في ساعات الخطر. قد يكون للبعض ملاحظات او نصائح او رؤي مختلفة،ولكن حين تقال لمن يواجهون الموت كل ساعه ،وليس فقط مسمى الخطر،لابد ان يتحلي باّداب الحوار ،ويدرك حجمه وهو الجالس على مقعد ،وخلفه ربما  اجهزة التكييف ،وحجم الآخرين الذين وهبوا حياتهم لما يؤمنون به  .هم يستحقون – مع اي خلاف ? احتراما في المخاطبه ،وموضوعية في الحوار ،وليس هذا الأسلوب المتعالي المستفز ،الذي يعتمد على التأنيب والتوبيخ ،وحتى مع هذا العدد المخيف من الذين سقطوا شهداء في عمليات الاغتيال الممنهج الذي تتبعه اسرائيل ،فتلك ? مع كل الحزن والأسي ? ضريبة الحريه ولعل السيد الاعلامي أو

الكاتب ? الذي لا اريد ان اذكر اسمه ? على يقين ان الشعب الفلسطيني رغم هذا الجبروت الذي يستقيه صباحا ومساء قتلا وتدميرا من الجيش الصهيوني ،لا يرضي بغير فلسطين وطنا،ولا بغير أرضه مقرا .

الجانب الموضوعي في المشكله

حول قضايا الوطن والمقاومة والتحرر،من قال انك حين تعتزم مقاومة المحتل ،فلا بد ان تراعي معايير القوة بينك وبينه .! ان المعتاد والمنطقي والمألوف ان المحتل مادام قد نجح في غزو الوطن ،واستلاب حريته ،فذلك يعني ببساطة أنه أكثر قوة ،وأكثر عتادا وجيشا وتدريبا،ولكن ذلك ايضا ليس أمرا مرغما  ان تستسلم ،وتذعن ،وتخضع لأرادة المحتل ومشيئته ،فواجب المقاومة مشروع وملزم ومكلف ،حتى وان كانت معايير القوة متفاوته ،وغير متوائمه . هكذا كان تاريخ حركة المقاومة على امتداد العصور . لعلنا نتذكر ان ( الجزائر) التي كانت تعدها فرنسا  امتدادا  للأرض الفرنسيه ،قد حصلت على استقلالها بعد تاريخ طويل من المعارك ،استشهد فيه على ارض الجزائر مليون شهيد ،بل انها اصبحت تعرف باسم ( ارض المليون شهيد ). ان أسوأ ما يكتبه كاتب أو يرويه اعلامي  أن يدعي ( ان المقاومه تسترخص أرواح الفلسطينين ) انه ليس مجرد تعبير سيئ ،ولكنه ايضا تعبير شديد الرخص .فالمقاومه في اي بلد حين تقوم تضع قادتها في اول قائمة المضحين ،لأنهم ببساطه أول المستهدفين ، ونرى في الرمز ياسر عرفات انه كان مستهدفا في الكثير من الأحيان ،بل انه رحل شهيدا مستهدفا على وجه اليقين . كما ان الوصول الى تحقيق هدف سياسي كبير كالأستقلال مثالا ،مرهون على الدوام بالثمن الباهظ التكاليف ،وهو دماء المقاومين،واقسي فترة تمر بها الشعوب،هي فترة تحقيق النصرواعلان الاستقلال،ورفع راية الوطن ثم  لماذا لا نذكر (حرب الأستنزاف) في مصر،وكم سقط من الشهداء على جبهة القتال،وفي داخل الأرض المصريه ،لماذا لا نذكر تلامذة (مدرسة بحر البقر)،ولا قصف مدن السويس والأسماعيلية  و بور سعيد ، ،الى درجة تم تهجير كل سكان مدن القنال . لابد ان ننشط ذاكرتنا فحروب الستقلال ليست نزهة على شاطئ البحر،ولكنها طوفان من التضحيات،وأثقال من الأحزان،والكثير من الماّسي. صفحات

المناض العظيم احمد بن بيلا كانت الجزائر امتداد للأرض الفرنسية قبل تحررها

التاريخ تطوى مع الزمن ،ولكن تبقي صفحات النضال مضيئة ،تهدي وترشد وترسم معالم الطريق من بداياته ،حتى تتذكر الاجيال القادمة،كم دفعت الأجيال السابقه،من أثمان،وكم بذلت من تضحيات،وسكبت من الدموع . نتذكر عبارة ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني الشهيرة في الحرب العالميه الثانيه ،فقد قال مخاطبا البريطانيين ( أعدكم بالنصر ،ولكن من خلال العرق والدم والدموع)،وبالفعل حقق لبريطانيا نصرها الموعود .

 في النهاية

القضية ليست حماس ،ولكن القضية هي فلسطين ،وقضية ترحيل شعب ،ان لم يكن ابادة شعب ،وهو ما يرفضه شعب فلسطين ،وكما نري امامنا شعب يقصف ليل نهار ،ولا يغادر بلده ،ففلسطين بكل مافيها من نيران يصبها العدو الصهيوني هي بالنسبة لأهل فلسطين ديارنا ،نموت في احضانها ،ونحيا على ارضها ،ونموت تحت ترابها ، مهما فعل الصهاينه .أما ألأطفال الصغار،الذين يشبون على الأرض ،وينجون من القصف ،واّلات الدمار ،فهم فرسان الغد من تنظيمات المقاومة ،هم فتح وحماس والجبهة الشعبيه والديموقراطيه والجهاد ،وكل التنظيمات في اجيالها الصاعده . هم لم ينسوا ،والممارسات الأسرائيليه التي يرونها رأي العين ،هي الوقود الذي سينضجون على لهيبه ،وستفاجأ الحركة الصهيونيه بأجيال تتوالد ،وقبلتها فلسطين ،وجهادها فلسطين ،بل ان جراحها وابتساماتها هو هوي فلسطين .