تتمازج الرؤية الفنية باحترافية حين تجتمع أنواع الفنّ في مكان وآنٍ معاً، وتشكّل توليفة إبداعية ومقصداً لعدد أكبر من الزوّار، بحيث يسمح ذلك بتبادل الإشكاليات الفنية أو حتى تناول أطراف الحديث في استخدام الأدوات وكيفية تسخيرها في خدمة الرؤية والإشكالية والهدف، بالتالي هذه التوليفة تفتح مجالات أوسع أمام الزوّار والمشاركين في التجربة الفنية والإحاطة عن كثب بالتشكيل، النحت والرسم والتفاعل الفني، هذه المناسبات وغيرها من يجمعها غاليري ملتقى الحضارات في باحته الداخلية والخارجية في مجمع الموسى – الرياض.
هناك، في ملتقى الحضارات يلعب الفنّ الدور الرئيسي في التجمعات على اختلاف أنواعها، كما يتجاوز الفنّ جميع
الحواجز ويصنع حواراً حضاريا متميزاً عن طريق ورش التدريب أو عن طريق جلسات الرسم المباشرة وغيرها من المناسبات الفنية.
لا بدّ من الإشارة إلى أن ملتقى حضارات قد نزع الصورة النمطية للغاليري في إقامة المعارض الفنية الفردية أو الجماعية بل اجتاز ذلك، من خلال اعتماده على اللوحة أولاً من ثم إمداد علاقة وثيقة بين الفنون، حيث يقيم معرضاً تشكيليا ورسماً مباشراً ويستقبل الزوّار طيلة يومين على وجه المثال، كما يفتح الغاليري دورات وورش النحت أمام محبي هذا النوع من الفنّ ليتعلّموا اساسيات النحت الأولى بهدف تنمية الموهبة.
مؤسسة ثقافية وأكثر
ارتقى ملتقى الحضارات إلى مؤسسة ثقافية تهتم بنشر وتنمية الذائقة الفنية في المجتمع المحلي الضيق والعالمي، فكانت التجربة خلال العام الأول غنية بالخبرات من خلال التفاعل مع الفنانين المدربين والمتدربين الذين يشاركون الملتقى في تحقيق مساعيه، فهو يوفرّ لهم بيئة حاضنة لجعل علاقتهم أكثر عمقاً مع الفنّ.
ينظّم الملتقى سنوياً معرضاً بمشاركة مجموعة من رواد الوطن من الفنانين التشكيليين السعوديين.
تأسس غاليري ملتقى الحضارات عام 2015 على يد الفنانة التشكيلية علياء الدقس، يضمّ الملتقى مجموعة من الفنانين المحليين والعالميين.
خدمات سنرجي
كما ذكرنا سابقاً يضع الملتقى جميع إمكانيّاته لإقامة دورات فنية وورش عمل (فردية أو جماعية) وتشمل الرسم
باستخدام الفحم، الباستيل، الرصاص، القهوة، الجرافيت، الزيت، اكريليك، جواش، أو النحت، الفن المفاهيمي، التصميم الغرافيكي، الرسوم المتحركة والفن الرقمي، التصوير وفنّ الخطّ.
إضافةً إلى ذلك يتعاون الملتقى مع المدارس والجامعات من أجل فتح باب الفنون للطلاب، عدا عن حلقات النقاش الثقافية والجلسات الموسيقية.
“الحصاد” كان لها حديث خاص مع مديرة الغاليري التشكيلية علياء الدقس وتعرّفنا معها على أبرز أهداف الغاليري والمقاييس الفنية للمعارض وغيرها من المواضيع. ننقل إليكم تفاصيل اللقاء في ما يلي.
أهمية المقاييس الفنية
توجد عدة مقاييس فنية تُستخدم في اختيار مواضيع المعارض سواء كانت فردية أو جماعية. وهذه المقاييس من شأنها أن تحدد الجمهور المستهدف، القابلية الشرائية في عملية العرض والطلب، فبعض اللوحات كتلك التي تستهدف البيئة النجدية وتاريخ المملكة غالباً ما يتمّ عرضها في الجامعات والمطارات والوزارات، ومنها خاص كتلك التي تحكي حكاية ذاتية تأخذ طابع أقل شمولية. وعن سؤالها ما هي المقاييس التي يجري بحسبها اختيار لوحات المعارض أشارت إلى أنه ثمة الكثير من المعطيات التي نأخذها بعين الاعتبار قبل الشروع بالعمل، منها:
– جودة العمل؛ أن يكون العمل ذا جودة عالية من حيث الموضوع والطرح والأسلوب والتقنية، إضافة إلى أننا نختار المعروضات التي تظهر مستوى عالياً من المهارة والابتكار الفني، ثم تقيّم هذه الأعمال بناءً على القيمة الفنية،
والتعبير الفني، والابتكار، والتقنيات المستخدمة.
– الجاذبية الجماهيرية؛ يعتبر تفاعل الجمهور مع المعروضات أمرًا هامًا لاختيار المواضيع. اذ يجب أن تكون المعروضات جاذبة ومثيرة للاهتمام للجمهور المستهدف للمعرض.
– القيمة الثقافية؛ يمكن أن تكون المعارض فرصة لتعزيز الثقافة والتاريخ والموروث الثقافي والفكري أي الذي ينقل التجربة الحسيّة من الفنان إلى الجمهور وينتقل بذلك أي حدث أو واقع أو ذكرى لها أبعاد ثقافية اجتماعية خاصة بالفنان أو بيئته. نفضّل في ملتقى حضارات أن تكون المواضيع المختارة تساهم في نشر المعرفة وتعزيز الوعي الثقافي بين الجمهور وتسمح بالتفاعل الفني.
– الرسالة والمضمون؛ يجب أن تحمل المعروضات رسالة فنية معينة أو تعبر عن مضمون معين يهم الفنان أو يرتبط بالقضايا الاجتماعية أو الثقافية المهمة.
– الأصالة والابتكار؛ يفضّل اختيار المعروضات التي تعبّر عن أفكار جديدة ومبتكرة وتقدم أساليب فنية فريدة من نوعها.
المحتوى النجديّ
تسيطر البيئة النجدية على معظم المعالم في المملكة لكنها تأخذ الفنّ أرضية واسعة للظهور، فهي الأحب على قلوب الفنانين السعوديين لتنوّعها وفرادتها وكثرة التفاصيل فيها من حيث الحياة، المنسوجات، الفنّ آنذاك كل ذلك شكّل ذاكرة حيّة يعود إليها الفنان ويحييها بطريقته الخاصة وفي غاليري ملتقى الحضارات تقول الدقس: نسعى لإظهار الحضارة والفن النجديّ بطرق مبتكرة وجذابة، إذ نقوم بتجسيد روح البيئة النجدية وبالتعبير عن قيمها المتعددة من خلال الأعمال الفنية المعروضة. رسالتنا هي نشر الوعي والفهم حول التراث الثقافي النجدي وقيمه في مجتمعنا من خلال تنظيم معارض فنية تعكس التراث والثقافة النجدية بأساليب حديثة. نبذل جهدًا كبيرًا لاختيار الأعمال الفنية التي تبرز جمالية وغنى الحضارة النجدية، بغض النظر عن وسائل وتقنيات الفن المختلفة المستخدمة ونرغب في نشر الوعي والفهم حول القيم الفنية والثقافية التي تميّز المجتمع النجدي الواسع. من خلال عرض هذه الإنتاجات الفنية، نطمح إلى تعزيز الفنانين والفنانات المحليين وإنماء المشهد الفني في المنطقة.
الرؤية والبيئة الفنية
الرؤية الواضحة لأي عمل فنّي تقوم على الوضوح في الخطّ العام الفني الذي يقدّم في المملكة اذ يعكس نماذج الأسلوب والتطوّر القائم من خلال الواقع، ونجد أن المعارض الفنية سلكت مسلكاً جديداً وأكثر شمولية وانفتاحاً على المناهج الفنية الإبداعية وتزايد الابتكارات في الأسلوب والتقنية المعتمدة، من حيث انتقاء الفكرة إلى اعتمادها المسلك الأساسي لتعبر إلى العلن وتصبح إنتاجاً فنياً، وعن ذلك تقول الدقس لـ”الحصاد”: نحن نشارك تمامًا الرؤية القائمة على القيم الثقافية والتعليمية، حيث نعتبر المعارض فرصة لتعزيز الثقافة وتعليم الجمهور. اذ، نحرص في ملتقى الحضارات على اختيار المواضيع التي تساهم في نشر المعرفة وتعزيز الوعي الثقافي. قد تشمل هذه المواضيع الفنّ المحلي والتاريخ والتراث فضلاً عن المجالات الفنية الأخرى التي تشدّ انتباه الجمهور وتمكّنه من اكتشاف وتوسيع معرفته.
بالإضافة إلى ذلك، نحرص أيضًا على توفير فرص تعليمية للجمهور من خلال ورش العمل والمحاضرات والجولات الإرشادية. نحن نؤمن بأن المعارض يمكن أن تكون بيئة تعليمية خلابة للزوار، حيث يمكنهم التعلم والاستفادة من المعرفة الثقافية المقدّمة. ونسعى لتوفير تجارب ثقافية تربوية من شأنها أن تؤثر على حياة الناس وتساهم في نمو المجتمع الثقافي.
كما تشير الدقس إلى أن الغاليري اجتاز محطات عديدة خصيصاً أن الجوّ الفني العام في طفرة وتقول: يتوجّب علينا تحسين نطاق عمل الغاليري من خلال جهود متعددة منها الإعلان والدعاية، وكذلك اتخاذ الاختيارات الجيدة والمناسبة، في ما يتعلق بالبيئة المناسبة. اذ يمكن استخدام الإعلان والدعاية لزيادة الوعي بالغاليري وجذب المزيد من الزوار. يمكن استخدام وسائل الإعلام المختلفة مثل الإعلانات التلفزيونية والإذاعية والمطبوعات ووسائل التواصل
الاجتماعي للترويج للفعاليات والمعارض والأعمال الفنية المعروضة في الغاليري. الفنّ يحتاج إلى بيئة مناسبة، اذ ان توفر بيئة مريحة يجذب الزوار ويمكن تحقيق ذلك من خلال تصميم داخلي متميّز وديكور وإضاءة مناسبة للأعمال الفنية. العمل الفني لا يقوم على العروض فقط بل يحتاج سلسلة تخطيط وترتيب أسبوعي ويومي لأننا في ملتقى حضارات نستقبل محبي الفنون صغاراً وكباراً طيلة أيام الأسبوع من خلال برامج متنوّعة بين الرسم والنحت والديكور والتصميم.