هذه مطالعتي الأولى لتعهدات الرئيس جوزف عون

تحويل كل تعهد من تعهدات الرئيس جوزف عون إلى خطة طريق ملموسة يتطلب توضيح الأهداف المتعلقة بكل تعهد، وتحديد الأولويات، والإجراءات اللازمة لتحقيقها.

في الظروف الراهنة، من المهم أن تكون هذه الخطط واقعية وتراعي التحديات الحالية.

فيما يتعلق بعهد الرئيس بأن يطعن بدستورية أي قانون يخالف الدستور ويدعو لاستشارات نيابية سريعة لتكليف رئيس حكومة شريك في المسؤولية، يجب وضع خطوة أولى تتمثل في تشكيل لجنة قانونية متخصصة تتولى مراجعة القوانين ذات الصلة وتقديم مقترحات للتعديلات اللازمة.

يجب أن تشمل الأولويات عقد جلسات حوار مع القوى السياسية لتحديد معايير اختيار رئيس الحكومة، مع التأكيد على أهمية الشفافية والمشاركة. يتعين أيضًا أن يتم وضع آلية لاستشارات شعبية لضمان تمثيل أكبر للشارع اللبناني في العملية.

إضافة إلى ذلك، ينبغي وجود آلية لمراقبة تنفيذ القوانين والتأكد من توافقها مع الدستور من خلال إنشاء هيئة مستقلة ترصد ذلك.

فيما يخص عهد الرئيس بإعادة هيكلة الإدارة العامة وتعيين الهيئات الناظمة، يجب البدء بتقييم شامل للهيكل الإداري الحالي وتحديد نقاط القوة والضعف. يتطلب ذلك إجراء دراسات ميدانية واستطلاعات للرأي لاستقطاب الآراء من النخب وتحديد الكفاءات اللازمة لتحديد احتياجات الإدارة العامة.

من المهم وضع خطة تدريبية لتحسين قدرات الموظفين العموميين وإدخال نظام توظيف شفاف يضمن إدخال الكفاءات المؤهلة. كما يجب تشكيل لجان مختصة من الخبراء لصياغة قوانين جديدة تلبي احتياجات المجتمع. في هذا السياق، يجب التركيز على التعاون مع المنظمات الدولية والدول المانحة لتعزيز قدرات الدولة في إعادة الهيكلة وتطوير نظم الإدارة.

عند الحديث عن وضع استراتيجية دفاعية وقيام دولة تستثمر في جيشها، يجب التركيز على بناء رؤية وطنية شاملة لأمن لبنان. يتعين عقد جلسات حوارية موسعة تشمل كافة الشرائح المجتمعية، بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني والأسرة، لجمع المقترحات وبناء استراتيجية تتضمن تأمين الحدود، وزيادة التعاون مع الدول المعنية في الأمن، وتعزيز القدرات العسكرية والتسليح. تكمن الأولوية في تطبيقيات عاجلة مثل ضبط الحدود ومنع التهريب، ومن ثم التالي بناء خطط طويلة المدى تشمل التحديث التكنولوجي وتعزيز القوات المسلحة.

لعهد إعادة إعمار ما هدمه العدو الإسرائيلي، يجب وضع استراتيجية شاملة تتضمن تحديد المناطق المتضررة وأولويات الإعمار. يتطلب ذلك تحديد موزانات والبحث عن تمويل من الجهات المانحة. ينبغي أن تشمل الخطة المعايير البيئية والحفاظ على التراث الثقافي، بجانب إدماج الأهالي في عملية الإعمار لتحقيق الانتماء والمشاركة. من الضروري أيضًا تكوين شراكات مع المنظمات الدولية لزيادة فرص الحصول على الدعم الفني والمادي.

فيما يتعلق بعدم التفريط باستقلال وسيادة لبنان، يجب أن يكون هناك استراتيجية دبلوماسية نشطة تهدف إلى بناء علاقات متوازنة مع الدول العربية والدول الأخرى، وتعمل على تعزيز السياسة الخارجية التي تعكس مصالح لبنان الوطنية. يتعين وضع خطط عمل لتطوير الشراكات الاستراتيجية مع دول المشرق والخليج عبر مشاريع مشتركة وتحفيز التجارة. يجب أيضًا تعزيز هياكل المجتمع المدني داخل لبنان لتقوية الموقف الوطني ونقل صورة قوية عن الوحدة والاستقلالية.

في ما يتعلق بالحوار مع الدولة السورية، ينبغي تشكيل فريق عمل متخصص يتولى قضايا العلاقات اللبنانية السورية. يتطلب ذلك تحضير ورش عمل مشتركة وتكثيف اللقاءات مع هدف واضح لحل القضايا عالقة مثل ملف النازحين والمفقودين، ومن ثم تقديم تقرير دوري عن التقدم المحرز. يجب التنسيق مع المنظمات الإنسانية والدولية المعنية لدعم هذا الحوار وتقديم المساعدات اللازمة.

يجب أيضاً العمل على تطوير قوانين الانتخابات وإقرار مشروع قانون اللامركزية الإدارية الموسّعة. يتعين تشكيل لجان برلمانية متخصصة تقيم القوانين الحالية وتقدم رؤى جديدة تتماشى مع متطلبات اللامركزية ودعم المجتمعات المحلية.

يجب أن تشمل الأولويات تحسين نظام الانتخابات لتأمين شفافية أعلى وتمثيل الجميع، بما في ذلك النساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة.

فيما يتعلق بحماية أموال المودعين وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، ينبغي وضع استراتيجيات واضحة لتعزيز النظام المالي وحماية ودائع الناس. يتطلب ذلك تكوين لجنة مالية مستقلة لمراقبة الأوضاع المالية. يجب تنفيذ برامج اجتماعية تدعم الفئات الأكثر ضعفًا، مع تحسين الخدمات الصحية والتركيز على ضمان أن تكون السياسة الصحية شاملة وقابلة للتحقيق.

أخيرًا، من الضروري تعزيز الوحدة الوطنية والاهتمام بمصالح الأجيال القادمة. ينبغي أن تكون هناك حملة توعية وطنية تسعى لتعزيز روح الانتماء والتضامن. يجب أن تكون الأولويات واضحة في سياسات الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان أن لا يحظى أي فئة بمزايا على حساب أخرى، بل يتعاون الجميع من أجل مستقبل أفضل للبنان.

إن تحقيق هذه التعهدات يتطلب رؤية واضحة، وتخطيطًا منظمًا، وتعاونًا فعالًا بين جميع الجهات المعنية. من الضروري أن يتم متابعة تنفيذ كل خطة وفق جداول زمنية محددة وتقييم مستمر لتحقيق الأهداف المرجوة.