عرج السواحل الإمارتية
ثمة التفاف على الواقع في نوع من المحافظة . حيث لا يعطى المسرح حقوقه وهو يؤتى من حيث أوتي منذ عشرات الأعوام . كأنها احكام لا تنتهي . أحكام كأحكام الزواج من ما غزا العالم بنماذجه ، مفاهيمه ، قيمه، مناهجه ، نظمه ، حتى مؤسساته . لا يزال البعض يبنى مفهوم العقل البرهاني، من خلال استرجاع النصوص العقائدية وتقديمها بعيداً من الديمقراطية . ديمقراطية المسرح . ذلك أن التقديم على القياس القديم، يدفع إلى نوع من العلاقة العبودية. علاقة وجه الخصوص بمجموعات تهجم على المسرح من دون إتقان . مقدمة ، للكلام على عقلانية المسرح منذ بدئه في أروربا القديمة. حيث الكشوفات والإنجازات . وحيث المسرح جزء من عالم الديمقراطية ، لا تكتمل إلا بوجود المسرح. فهم الواقع ، تنظيم الإجتماع ، إدارة العالم . قام المسرح على شؤونه الثلاثة هذه ، حين لا تزال اجزاء من المسرح في العالم العربي تجافي المفاهيم هذه ، بتخل كامل عن القوى في علاقة إيمانية بالأشكال المسرحية الأولى . الإيمانيّ لا العياني . إذن ، الذات من عين الآخر، حيث تتحطم الذات المعاصرة من عدم إدراكها للقوى المعاصرة المتجذرة في الحياة اليومية . لن يفتح باب المقدرة على الذات المتكلمة . هكذا ، تضحي ذاتاً خرساء حتى إذا تكلمت ، لأنها لا تتكلم لغتها . لأنها لا تتكلم . ذلك أن الكلام بلغة الآخر لا يقوم على تأويل داخلي ولا على فلسفة تأويلية ، ينتج عنها الهوية السردية الجماعية ، الهوية السردية الفردية من خلال الهوية الجماعية . الحكايات الشعبية علم من علوم . علم يرواح بين اليقين والريبة ، حين يأخذه المسرحي العربي بعيداً من مسألة الأنا المطروحة . لا أنا واعية ولا مدركة للشفافية كعامل هام من عوامل المسرح المباشرة، في استرجاع المصوغات المسرحية البدئية ، المصوغات المسرحية المكتسبة من دون فكر يقودها إلى معاني وجودها . الإشتعال على الحكايات الشعبية ، على التراث ، جزء واسع من هذه التراجيديات القاتلة ، حين يؤخذ كما هو عليه من دون تعويضه بتعريضه للأمر المسرحي .
لا تزال الحكايات الشعبية تقدم الأدوات الخرائطية في المسرح ، بحسب الفردية والمنظورية. لا تزال تقدمها بعيداً من ألعاب التحدي . لا معارضة . لا إبليس إذن . ابليس المسرح غير إبليس نار الآخرة . ابليس يحرر . الخيار الفردي من خلال وجهة النظر الفردية ، بعيدة من مؤلف النص في ” عرج السواحل ” ( تأليف سالم الحتاوي / اخراج عيسى كايد) ومؤلف المخرجات المسرحية . ذلك أن الشكل في عرج السواحل يأخذ شكله من عودته إلى الأحكام الأولى . ما يوقع المسرح في مأزق الفضاء والمفهوم . مأزق عرج السواحل ، من عدم قيامها على مبادئها الجمالية الخاصة ، ذات الهندسات الحرية بالتناغم. السعي إليها، غير بلوغها . يسعى فريق المسرحية إلى بلوغ تفكيرهم وجهه غير المنفصل عن طموحاته بقيام مسرحية ذات اجتهادات تقوم على التأويلات . لكنهم ، يجدون أنفسهم في المصوغ التراجعي . موقف أصولي . يقوم الموقف على وجهين لا ينفصلان . الأول هو اتهام المختلف واستبعاده . الآخر ، التفكير بصورة تراجعية . تلك هي المفارقة في الدعوات التقدمية في المسرح . انتاج التراجع تحت شعار التقدم . هكذا ، يقع المسرحي في إقصاء نفسه بوضع نفسه في قيود المسرح ، مصوغاته القديمة ، المصوغات الأقدم ، بحيث يصبح احتذاء السلف هو الخيار الوحيد ، في ما يضعه المسرحي لنفسه . أو بناه. أو ما أنجزه . كامل الفنون في هذه المبادئ المرذولة بعد خروج العظم من لحم مجموعات من المسرحيين ، من من لم يسمحوا للمسرح البدئي أن يبقى يمارس وصايته على المسرح بالعام لا على مسرحياتهم . لم تتوفر المبادئ هذه ، وحين لا تتوفر ينتج ، عدم التوفر ، المآزق الخانقة والوقوع في المفارقات المدوية . لا خرائطية في عرج السواحل غير خرائطية الأخذ بما جاء في الحكايات الشعبية ، في التراث القصصي ، وبما جاء في مجال المسرح . مجال ماقبل التصحيح . لا كلام على مصادرة عقل ، حين تطرح المصادرة كأصل من أصول مجموعة من المسرحيين. لا وقوف إلا على مركزية القصص الشعبي في مسرحية الإمارات العربية المتحدة ، ذلك أن لا مركزية تتجلى فيها الحلول الجمالية من الفكر المسرحي لا من مسبقاته. مسبقات ومطلقات تعيق التفكير والقول ، تعيق الحرية النقدية للمسرح ، من خلال الأفكار الخصبة والخلاقة . عرج السواحل باختامها الأصولية تقوم على علم أدنى يلقى في الصدر . وحين يحدث الأمر ، يقوم المسرح كما تقوم فتاوى الشيوخ . ضروب في السهو عن الخاصيات. هكذا ، تجيء المسرحية كمسرحية لا تراعي حقوق ملكيتها ، لأنها تتركها للآخر في دخولها في الجاهز مما قرره وانجزه من فكره وهوى معرفته في انتاج معرفة جديدة غدت مشاعاً لكل من سكنها . سكن طويل أو سكن مؤقت . لكنه ، سكن .
لا تعدم “عرج السواحل “مجموعة من متناظراتها وهي تقع في القالب ، من دون القوة على تحديد الشيء أو نقيضه . إنه أثر المردود الفكري على الإنتاج المادي . مردود الآخر . هكذا ، وجد الفريق في القالب ووضع القصص الشعبي في القالب ، ملاذاً يقيه الضلال في احضان المسرح . يتعلق الأمر بنصوص معينة . ولا يتعلق . يتعلق حين يوضع القصص الشعبي . يتعلق حين ينوجد نص مؤلف على الواقع في القالب . إنه القالب إذن ، ولو دارت المسرحية على أكثر من معنى ودلالة ، بدون رفع المعاني على الدلالات و رفع الدلالات على المعاني .إذ أنها في مراوحتها على القص الشعبي من زاوية ميتولوجية ، على تراث البلاد الشفوي ، لم تستطع أن ترسم حقلها الخاص ، بحيث تحدد سياستها المسرحية في أرض لها أصحابها . لا نزال في القالب بعد . العلبة الإيطالية . العلبة الإيطالية كالتفاحة تؤكل دفعة واحدة . العلبة قوقعة ، فقدت قواها ومعناها مذ دخل العالم في الأمثلة والشواهد الجديدة . وهي أمثلة موجودة في العالم العربي ، موجودة في الإمارات ، موجودة في مسرحيات محمد العامري وإسماعيل عبدالله كمثال . لا قوانين في عرج السواحل ، لأنها قوانين المرجع . يعرف الأصولي على هذا المعنى ، بوصفه من يثبت على فكره ، بالثبات على أفكار الآخرين . هكذا ، تقع المسرحية بالعقيدة الواقعية . الإكسترا واقعية . واقعية مفرطة . واقعية تفرط بوجودها . لا اعتراض ، إلا من خلال صناعة وإنتاج أدوات العرض الأخرى ، المعالجة على ضوء النظام المسرحي العام . النظام الواقعي . لأن النظام الواقعي هذا خلق سياسته العامة في الأداء والأدوات المتداخلة الأخرى . تفاجئ الواقعية يقظة المؤدين . لا تدفعهم إلى الإنطلاق إلا من مواقعها . المواقع العام كبديل عن تقديم الحلول في مجال التقنية وفي مجال نظم الأداء . مسرحية واقعية تقود إلى آداء واقعي . تقييد بالنشاط الفني المعماري السابق على للأداء . بابان ، ساحة، مساحة . مقهى ، قبر الجد . جدُ “عتيق” ، البطل والضحية . بطل المسرحية، ضحية جده . ضحية التاريخ ، حين أن التاريخ بطل المسرحية . البطل ضحية المسرحية من عدم قدرته على النهوض في ملاعب القوة في منطقه المؤلف وبادائه .هذا شأن المؤدين الآخرين ، حين راحوا يناظرون الواقعية بتوسعهم فيها لكي يتفوقوا عليها ، بحيث أوقعهم الأمر في تجسيد الشخصيات بالمبالغات الأدائية . وجود لا يريد الإنوجاد في نرجسية الواقعية ، ما قادهم إلى أداء أحيل إلى القصور العملي ، في وقوعه في لغة الذاكرة لا في لغة التنقيب . لغة بعيدة من شق طريقها في مسرحية لا تستجد فيها المآزق والمطبات . البطل ضحية جده المحارب ضد الإستعمار الإنكليزي . خارق لا يخرق لأنه لا ينوجد في المقام الأول بكاريزما ولا بمؤلفه الشخصي للشخصية . لا وجود في مقام أول . ذلك أن هيمنة النظام الإكسترا واقعي في المؤلف النصي والإخراجي، أوقعهم ، جميعه ، في خربطة علاقاتهم بالمعنى والقوة ، بحيث وقعوا في اداء قريب من الغروتسك . اداء يضخم . التضخيم في المسرحية يذكر بالغروتسك، لكنه لا يقع في مجال تقنياته . لأن الأخير يضخم لكي يسخر ، حين ضخم المؤدون لكي يقفزوا من النظام القامع إلى جهة أخرى ، ليقعوا في العجز من عجز المسرحية عن تسيير عوالمها وإدارة مواقعها في ممارسة الوجود . الإنعطاف الأدائي في ثقافة المؤدين ، غير أنه جاء غزواً ، انطلاقاً من زوايا مغايرة ،من عدم اتصالهم سوى بصور التماهي مع أنفسهم . الأداء حادث عارض في المسرحية ، حيث وقع بين التفكير بالفرصة من خلال قواعد اللعبة الوجودية ، حين حاول المؤدون الإبتعاد عن نمط التفكير العام ، ليقعوا في نوع من الأداء التلفزيوني . ذلك أن الأزمة في المسرحية أزمة عامة ، لن ينجو منها أحد .

تراجعت شخصية عتيق لغوياً وثقافياً وهي تقف في منطقة تبتعد عن انتاج استمرارها كوسيلة اتصال بين الماضي والحاضر من خلال الجد المقاوم للإنكليز ، كوسيلة اتصال بين الوسائل والأدوات والمؤدين . شخصية محورية ، كما هي شخصية يعقوب ، لم تدخل بروح عصر الصناعة حيث لا تنطوي شخصية إلا على عللها ومفهومياتها وخصوصياتها وإيجابياتها وهي في طريقها إلى مغادرة عقليات التبجيل والتفخيم . زيادة الوجود في التبجيل . الصوت الغارق في تهويماته في التفخيم . لعب على الباص. لعب على ما لا تتغيير عليه الشخصية عن الشخصية . تلاة ، في عصر العولمة والمعلومات ، يلوون اصواتهم ، لا أجسادهم ، لكي يقدموا المشاركة الغنية والثمينة . لا دخول في جدل إلا من خلال مواجهة ما يحدث ويصدم . كأن تقوم المسرحية على قصة . وأن تختصر القصة في نهاية المسرحية بصوت المؤلف . لا تحول بنيوي يتغير معه نظام الحقيقة بتغير ثمرات الخلق . لا مرونة ولا انفتاح . جل ما في الأمر وقوع في المفارقة ، حين أراد المؤلف أن يغذي نصه بجزء حيوي آخر وقع بما وقعت به المسرحية . التعليم . وهو ما يكشف مدى التعلق بإعادة انتاج الإيديوجيا السائدة . التنظيم العقلاني يسقط دفعة واحدة بالإفصاح عن نوع من التبادل بين نص المسرحية ، ونص كأنه يخشى أن تفقد المسرحية سلطتها الرمزية بحيث بادرها بتوضيح القصد من المؤلف ، بكلام هادئ ، بكلام بلا حرقة . خروج على تصميم الشبكة المسرحية إلى انتاج ثقيل اخرج النص من أي احتمال قراءة من تحولاته أو من طبائعه الماورائية . كلام تحليلي سريع ، لا علاقة له بالصميم . لا علاقة له سوى بالوكالة الأخلاقية . جاء في النص أن المؤلف مؤلف قصص مسرحية ، غير أن تأليفه نص المسرحية جاء لكي يحيا النص بالحياة العادية . هذا كلام يعارض الواقع ما دام القص قص القصص الأسطوري . لا علاقة للمؤلف بالكلام الأخير . لا يريد المؤلف تفكك اطر الوعي بالإنتماء . مضاعفته من خلال نص سقط على نص المسرحية . كلام صلات أقصى المواقع وأقربها بالتماثل في ثقله وثباته وتماسكه من وجوده في الزمن الماضي. نظام متكامل من الأحكام والأفكار والمعتقدات والقيم ، تستخدم في تبرير وتكريس مصالح المجموعات ، أية مجموعات. لا كلام جديد ، لا خصائص جديدة. هندسة منهجية ، باردة لا تعطي حساً بالإنسجام مع الواقع ، ما لا يسمح بوجود القواعد الأساسية للبصريات . لا تطور بطيء ، لا تطور تدريجي في العمليات ما يبقي الأحوال على أحوالها من دون الخروج من التراكمات القديمة إلى تنظيم المساحات على المقاطع الجديدة، في نوع من الأمن المعرفي .
تعليم إذن ، في قوة وزمن السهم الماضوي . كأنها نوعية محددة ممهورة بمنح الأزمنة القديمة خواص الأزمنة الجديدة. وقع الإضطراب في حقوق النزعات المسرحية في كلام آخر المسرحية . حيث لا يريد المؤلف سوى أن يبقى الجمهور ، كالمسرحي ، في العالم المنظم ، حيث لا منح ولا صيرورة . حيث لا شيء سوى القانون الطبيعي للأشياء . قانون عمليات وممارسات تقطع جذرياً مع مطالع القرن الجديد .اعادة تشكيل القديم على القديم بالقديم براديكالية ، لا تؤمن بأن الطريق لا تبان قبل بداية الرحلة . ذلك أن التراث، سواء في القصص الشعبي أو الميتولوجيا أو الخرافة ، يبقى في أسواقه القديمة إذا لم يرتبط بمدى المعارف الجديدة ، وتدوير نصوصه الوجودية على المعارف هذه . يبقى التراث في الماضي ، قصة ما أن تروى حتى تنتهي في روايتها ما دام راويها ، أو قاصها ، لم يسر بها في أثر الراهن لكي تتدفق في مفاهيمه ويتدفق في مفاهيمها ، إذا ما وجد الرابط بين الإثنين . هذه من وظائف المبدعين . بلا روابط يبقى التراث رقعة هشة . يبقى حكمة محدودة ، في النظرية على الأقل . حكمة محدودة ، حتى في العمليات المسرحية ، حين لا يَستكشِّف الواقع ، ولا يُستكشَّف في الواقع . ثم ، بالضغط عليه لكي يلائم تطورات استخدامه وأثره الصارخ على هذه المجموعة وتلك.بحيث لا تقدم مشاهده ، وكأنها مشاهد في منتزه تمر به بدون قربى وثيقة ، بما أسماه دي سارتو : الوقائع المكانية ذات الصلات الواسعة بالوقائع الزمانية .
جرى تصوير عالم “عرج السواحل” ككوسمولوجيا غامضة . دراسة نشأة الكون وبنيته وتطوره من منظور فلسفي . الكون المسرحي هنا . تركيز على قوانين عامة حكمت ولا تزال تحكم من وجهة نظر من يستعيدها ، لا على قوانين النقل الزماني ، ولا على حقوق النقل القانوني . وإذ يرتكز العالم على الفيزياء الحديثة والبيانات الرصدية، لا يزال عالم المسرح في اجزاء منه في مراوحاته أمام مراوغات يريد أصحابها أن يلطأوا خلف القديم الناجز ، لا الجديد المقلق أو الداعي إلى القلق . ثمة قوة خارجية لا يفصح عنها . وكأنه يكفي الحديث عن الشهيد في المعالجة القصصية ، من دون الإنتباه إلى أن وجوده كمنطقة اعتماد متبادل في تصور الزمن المستمر، سوف يحول وجوده إلى وجود ميتافيزيقي . الكلام على الإحتلال الإنكليزي بالإنابة البعيدة ، مقاوميه وعملائه ، يدفع بعيداً من التوغل في العالم الوضحي ، ما لا يقدم سوى القوى المسببة للفوضى . حصر الكلام على العملاء ، كيعقوب، يوجد الشخصية القطبية الأخرى ، في اتجاه لا يحدد ممارساته إلا من خلال تعامل جده مع الإحتلال . هذا اضطراب عظيم أمام لحظات التغيير الكبرى . حيث لا احتلال ولا محتلين ، في المعروض وخارجه. “عرج السواحل” تحقق الرغبات في الأساطير . إذ بقيت تخضع لكشف النظام الإجتماعي القديم من دون تقديم بدائل ، سوى في إظهار فصول المرأة كمؤدية للتحولات الرئيسية في عالم مارس عليها أشد أنواع الضغط. العرج حجر يقوي . ولا يقوي في المسرحية . يحقق الرغبات ويجلب طاعة الآخرين والسيطرة وتسخير الجان والحماية من السحر والأعمال . لم يقع إشعال مروحة واسعة من ردود الفعل على وجوده كمحرك للمسرحية ، إلا بعد اكتشاف أنه ما هو عليه في التصور لا الواقع، حيث ينهار الزوج لتشدد الزوجة من اجراءاتها على العمل المسرحي بإدارة المكان والزمان . الخلاصة في مؤشر إلى ظاهرة ليست موضوع بحث ، لأنها لم تعد موجودة . كلام على وهم . أم كلام راو مشغوف بقصة إذا لم تنوجد تنقص من اندهاشه . لا في نقد التاريخ الطويل لوجود الخرافة في بعض بلدان الخليج . لأن نقدها لا يقوم عرضاً .ثم ، أن بلدان الخليج بلدان ذات ردود فعل اجتماعية وثقافية وسياسية وفكرية واقتصادية ، في مسألة عدم العودة إلى التاريخ . التاريخ المراوح بين الخرافة والأسطورة . علماً أن الخرافة تقوم على التهيؤات والأوهام . وأن الأسطورة قصص تستخدم في شرح حدث . ما جرى في الخليج اعادة انتاج جماعي في أنظمة التقديم في مختلف المجالات والمستويات . بهذا ، يبقى ذلك التاريخ الطويل ممهداً لنقيضه، لا في استخدام نفسه كمثال مثالي ، في حركات إذ تشتق وجودها من ما جرى ، تشتقه لكي تقاومه من وجوده التخديري وهي لا تنوي نفيه من المخيال الجمعي .
سدت التقاليد والكلام على التقاليد المنظورات المسرحية ، لأنها اكتفت بالسرد لا بتضمينها وتسمينها بمزيج من الأشكال والوسائط الحرة في اكتشاف العوالم والرؤى الجديدة . مساحة اكسترا واقعية من جديد ، كأنها كمال يحفظ بدون زيادة. لذا ، دفع الإكتمال الواقعي ، الإكسترا فوتوغرافي ، في الوقوع في ترشيد الأدوات إلى اكتماله ، لا إلى الزيادة عليه .هكذا ، بقي الآداء يغالب نفسه لكي يطبق أحكامه في احكام المنظور البؤري التقليدي . ما قاد إلى التبالغ ، المبدع القديم في مسرحيات العرب . ثمة رواة في مستهل المسرحية. الرواية من المؤدي فن له معنى . غاب المعنى، من الإندفاع إلى ما لا يسمى مؤهلاً فنياً. علوم الجمال مشكلة في عرج السواحل . لأن التراث ايديولوجية أبوية هنا . ايديولوجيا كاسحة لم تسمح برد الجميل للمسرح . العلبة الطليانية دوماً . إلا أنها لا تخضع لفنون التصميم . لا قيم جمالية ولا تحولات في الصور ، إلا في مشهدي المقهى. المشهد الأول مشهد ذو ميول توصيفية . غير أنه متداعي المعاني في تقدمه البطيء في الزمن . مشهد طويل ، يتخفى فيه شيطان الملل وشياطين عدم التوازن . ظهور يفترض أن يجيء في الأعقاب ، حين جاء كمؤشر على عدم معرفة كيفية التوظيف المكاني والزماني . العودة الدائمة إلى ساحة الدار والمقهى في تقطع لا في تقطيع ، وقوع في مونوتونية بعيدة من قوة البنيات ، ما لم يدفع إلى قيام سياسة اعتراضية على الصياغة الحاسمة . تنتشر الواقعية في تمثيلها لأفعال سبق رؤيتها كثيراً ، سوى بالشجرة عند زاوية المسرح اليسرى ذات الروح التعبيرية . الملابس ملابس لا تدعم من غيابها عن مواقفيتها الملائمة ، حتى تكاد تدفع من مزيناتها إلى التغريب . شيء يدفعك إلى لحظ أن ما يلعب يلعب ، لا هو واقعة ولا حقيقة ، ما يخالف السلف الموجود في المسرحية . المعتقد المسرحي ما شاع حين شاع ولم يعد شائعاً . الصدق في الواقع لا في الواقعية. عتيق عتيق ويعقوب لا يأخذ بثأر جده . لا تستجيب الأدوات للأدوات مع عيسى كايد من لم يدخل في مجال الملامح ، حين وجدها في معانٍ تلقاها واكتفى بتلقيها . وقف في نموذج يسمى نموذج النطق . حين رواح النص في وضع نفسه في بقع الإنفصال عن الكلام المعين . لم يقد كلامه المعين إلى التأويل . لم يقد إلى نوع ثان ، إلى صنف ثان ، إلى اقتراح الخروج من المثال إلى الواقع في تمييز النص بالدفع به إلى حساسيات الواقع ، لا ما يحكى لأي شخص في سهرة أو في جلسة في عز الظهيرة . لا مروض ، لأن في الترويض فروض لا تزال بعيدة عن اسمين لا يزلان يبحثان عن ما هو ذو جدوى للأداء المطلوب في المؤلف المسرحي النصي وفي المخرجات المسرحية . ولو أنهما يؤكدان ، هذه من فضائل العرض ، أن الأزمة في القوالب . استعمال القوالب على ما هي عليه ، والوقوف في المسبقات الفكرية . أو في بنية الثقافة الجامدة وشبكات الإتصال المسرحية في تجسيدها المعروف . ما ينتج العوائق والموانع المترددة بين هواجس الهوية من خلال الأسطورة وتجنيس المعرفة من خلال الشكل . لا هوية ولا تجنيس . ثمة تهويمات نضالية ، ومعالجات طوباوية تراوح بين الأختام الأصولية للتقاليد والدور والغاية . ثمة ما يُبرح دفعة واحدة ، بحيث يرى المسرحي بين هوامات الداعية التراثي وأطياف المسرحي الحديث . لا فكاك إلا بالانخراط في توجه وجودي ، لا توجه ماورائي . توجه يتغير معه عمل الفكر سواء على مستوى اللغة والرؤية والمنهج والمعاملة . لا تزال الطريق طويلة ، طويلة ، طويلة ، أمام من يخلطون بين القيمة والمعنى ، بين الرغبة بالهوية والرغبة بالسلطة على الواقع من خلال المخيال .
