المهرجان الدولي للرُّحّل – علامة فارقة في قلب الصحراء المغربية   

في دورته الثامنة عشرة يعود “مهرجان الرحّل الدولي” الذي يقام سنوياً في منطقة محاميد الغزلان – إقليم زاكورة في الصحراء المغربية ليثبت مرة جديدة أن الثقافة هي الوجه الحضاري للشعوب مهما تباعدت المسافات.

الرقص التقليدي الصحراوي مشاركاً في المهرجان

الدورة الجديدة التي نُظمت في الفترة الممتدة من 29 أبريل حتى 1 ماي كانت استثنائية في تنظيمها وضيوفها ومواضيعها وأبعادها الثقافية، ورسخت عودة المهرجان بصورة أكثر تميزًا، كما أثبتت أنها نسخة عالمية بكل المقاييس، مع تشبثها بالأنشطة التي تسلط الضوء على تقاليد الرحل وعاداتهم وثقافتهم وتراثهم الاجتماعي والإنساني.

مهرجان الرّحل هو تظاهرة ثقافية وتجربة مختلفة وأصيلة يختبرها الزائرون والضيوف، لاسيما أنها تقام في قلب ثقافة الصحراء وفي الهواء الطلق الذي يؤمّن إطاراً طبيعياً خلاباً بين الكثبان الرملية والبيئة الصحراوية الساحرة. وهو فرصة للاكتشاف والاحتفال بالتراث الغني للرحل من خلال إقامة حفلات موسيقية وعروض ومعارض وورشات وندوات. كما من خلال  أداء مهمة تثمين المنتوج الثقافي، وتسليط الضوء على غنى ثقافة الرحل عبر العالم، مستندا في ذلك على برنامج فني وثقافي زاخر، وفي وسط صحراوي بامتياز، كفيل بنقل ضيوف محاميد الغزلان إلى عوالم الثقافة المحلية وجمالية المحيط الصحراوي الناطق بالتاريخ.

وفي حديث خاص إلى مجلة “الحصاد” قال مدير المهرجان السيد نور الدين بوكراب إن الهدف من إقامة المهرجان هو تعزيز التبادل الثقافي والفني، وتسليط الضوء على منطقة محاميد الغزلان وتراثها الغني وفرادة صحرائها. وقد حقق معظم أهدافه من خلال فقراته وعروضه وندواته والمساحة التي افردناها في هذه الدورة للحكاية. وأضاف:

الفنانة اللبنانية جاهدة وهبه في الافتتاح

“مهرجان الرحل كان حلماً واستطعنا ان نحققه لأننا نحاكي الرحل انطلاقاً من ثقافتهم، وبدعم شركائنا ومجموعة من الشباب الحريص على الحفاظ على تقاليدنا. الثقافة هي ثروة هذه المناطق الهامشية التي يجب ان نستثمر فيها عبر البحث العلمي والثقافي والسياحي. وهذه المنطقة الموجودة في قلب الصحراء المغربية وهي معبر القوافل التجارية العابرة للصحراء في ما مضى. وهي واحة محاميد الغزلان التي كانت تعج سابقاً بالغزلان وتم خلق محمية لما تبقى منهم. وهي في الجنوب الشرقي للمغرب في إقليم زاكورة على الحدود المغربية الجزائرية، وكانت منفتحة على الصحراء الكبرى حيث لعبت دوراً في التبادل التجاري في القرون الوسطى. وروجت للتثاقف والانفتاح والاقتصاد. والإنسان الرحّل هو واسع المعرفة ومنفتح ينهل ويعطي بكل ما يملك. ولهذا اخترنا الترحال كثيمة واسم للمهرجان. وفي دورة سابقة كان شعار المهرجان “أيقظوا روح الترحال الكامن في دواخلنا” لأن كل منّا رحّل”.

استضاف المهرجان العديد من الفنانين والموسيقيين من مالي والسنغال وبوركينا فاسو ولبنان وفرنسا وألمانيا والمغرب. قدموا برنامجًا غنيًا ومتنوعًا، افتتحه المطربة اللبنانية القديرة جاهدة وهبه في باقة من أغانيها وخصصت للمهرجان أغنية خاصة بمحاميد الغزلان من تأليفها وتلحينها. إضافة إلى الفنان الطوارقي أحمد أغ كايدي ” ليُمتع

الموسيقى المعاصرة مع إحدى الفرق المحلية

جمهور المهرجان بموسيقى البلوز الطوارقية، و الفرقة الأمازيغية الشابة الموهوبة “تاروى ن-تينيري” بإبداعاتها الأمازيغية الممزوجة بموسيقى البلوز وموسيقى الطوارق. بالإضافة إلى مجموعة أفريقيا فيزيون من السنغال وبوركينا فاسو وغانا، والفنان الشعبي يونس بولماني وعدد من المواهب الأخرى. بالإضافة إلى عنصر الحكاية الذي أضيف هذا العام مع شخصيات حكواتية معروفة عالمياً مثل الحكواتيات باسكالين جرانجان ونبيلة الفهمي وساليف بيرثي وغيرهن.

ولم يغب خبز الرمل أو “الملا”  عن فعاليات المهرجان كأحد الأنشطة الرئيسية التقليدية، حيث تظهر مهارة “الرجال الزرق” في تحضير خبز الأجداد المميز. كما تضمن البرنامج سباق للهجن، وهي مسابقة رئيسية، بالإضافة إلى مباراة “هوكي الرّحل”.