انعقاد القمة بعث للمؤتمرات المسؤوله .. ولكن الطريق مازال طويلا
عادت قضية فلسطين لكي تصبح من جديد (القضية المركزية للعرب) من حيث الموضوع ،وليس بمنطق التكرار،والشعارات المعهوده والخطب الرنانه التي تعودناها.عادت لتفرض نفسها فرضا،بعد ان هددها طوفان ترامب بالتهجير،وبمعنى اّخر بالتصفية،وأثر مجازر نتنياهو التي لا يحكمها عقل أوضمير.عادت القضية المحوريه في حياة العرب، لتضغط على كل ذاكرة حيه ،وكل فكرمسؤول،وكل مفهوم سياسي يستجيب لقيم الأنسان وعقائده ومدى تحضره وايمانه بقضايا الانسان في كل مكان أو زمان،وهي الحرية والأستقلال والأمن والأمان.عادت قضية فلسطين، لتنفض عن كاهلها سنوات مرت،وقضت من اعمار اجيال متعددة ،شهدت جمودها وخذلانها منذ ان وقع الرئيس السادات اتفاقية (كامب ديفيد) عام 1979 ،وانهمرت اسرائيل في بناء المستوطنات ،وكما يقول الراحل الفلسطيني الكبير( محمد ملحم ) عمدة حلحول في ندوة عقدت في لندن في مطلع الثمانينات (من يريد ان يعرف ماذا فعلت كامب ديفيد في الأرض

الفلسطينيه فليحضر ويشاهد بنفسه على الطبيعه ،وكيف انفجرت حركة الأستيطان لتنهش الأرض الفلسطينيه كسرطان تشعب وانتشر). ولم يكن غريبا بعد ذلك ان تتوالى الانكسارات،فخروج مصر من ساحة الصراع العربي الأسرائيلي،كان ينذر ان زمن الصراع وحركته بل وميدانه،قد اصبح ينحو الى منحى اّخر،وان السياسة العربيه قد دخلت مرحلة جديده ،تخرج بها من التزامات وواجبات الامن العربي المشترك الى ظاهرة الامن القطري ومراعاته ،ان لم يكن بأفضليته، ومن ثم حدث ذلك التراجع ،وتحولت القضية من صراع عربي – اسرائيلي الى صراع فلسطيني اسرائيلي ،وجاءت حقبة الرئيس ترامب الأولى لتجد منهجا جديدا في معالجة القضية الأخطر في العالم العربي عرفت مسارها بشعار جديد للسلام يحمل اسم (الأتفاق الأبراهيمي) تم من خلاله اضفة دول جديده الى حلبة السلام الاسرائيلي لا يتضمن خطوة واحده حول القضة الأم ،وهي القضية الفلسطينيه، ويكتفي بالقول ( أن تقوم اسرائيل بتجميد (خطة الضم) التي كان يتبناها بنيامين نتنياهو ،بل كان تصريح السيد وزير الخارجيه والتعاون الدولي الشيخ عبدالله بن زايد الذي يقول فيه (نحن نتحدث عن مشكلة تتعلق بالتاريخ والثقافة والدين، لذا يمكن أن يكون جزءاً من الحل (التوصّلُ إلى اتفاق) يجمع بين التاريخ والثقافة والدين). وهو امر نلمس نتائجه الآن من سطوة اسرائيليه تتفاقم ولا ترعوي .
لا .. للتشاؤم
مع كل ذلك لا ينبغي لأحد أن يتشائم، بشأن القضية الفلسطينيه،أواندحارها وضياعها ،والدليل على ذلك ما نراه ونعايشه ونتابعه.على مستوى المقاومه الفلسطينيه نرى الأصراروالصمود ،والأيمان المطلق،والتدريب والقتال المذهل حتى وان كان ميزان التسلح لا يقارن مع العدو،لكن الصمود ديدنهم،والثبات على الأرض قاعده لهم ،ويمكن القول ان الممارسات الوحشية لأسرائيل لن تزيد الفلسطينيين الا تشبسا بأرضهم وشراسة في الدفاع عنها،بل أن الأطفال الفلسطينيين الذين يعايشون تلك المعارك ،وهذا الدمار التي تشنه اسرائيل على انحاء غزة وبعض منه في الضفة الغربيه هم الجنود

رفضا على الفور التهجير السكاني في غزة
الأشاوس في المستقبل القريب والأبعد على حد سواء، ان العنف لايولد سوى العنف،و قيمة الأرض والمهد والعلاقات الاجتماعيه تتعمق وتتجذر من خلال الصعاب، كما أن سنوات الحرب والحصار ،تكفل لهم ايمانا أكثر، وتشبسا اعمق ،وعنادا لا يقاوم ،ولا يمكن ان يقتلع من العرب عموما ،والفلسطينيين خصوصا ، لقد كشف اليمين الاسرائيلي في حقبتنا هذه عن وجهه وتعرى تماما ،وبات تصميمه على التوسع والتهام المزيد من الاراضي واضحا وجليا، ولكن هل ينجح، بحساب الواقع المرئي ،والصحوة العربيه التي اثارها ترامب،نقول لا لن ينجح .
دهاء التاريخ ومخرجاته
يساهم في خدمة القضية الفلسطينيه
يتحدث المؤرخون لحركة التاريخ عن ظاهرة يطلق عليها (دهاء التاريخ) واثرها في حركة الشعوب ، ويضربون مثالا لهذا الدهاء ،بالحملة الفرنسيه على مصر عام 1798 ،وكانت أول غزو لمنطقة الشرق الاوسط بعد الحروب الصليبيه، ولا شك انها ككل حركة استعماريه تمثل كارثة ونكبه للوطن الذي يتم غزوه ،ولكنها في الوقت نفسه تشحذ همم المواطنين ،وتحفزهم على تنظيم حركة المقاومه، و تعمق من شأن الترابط والتعاون بينهم، وقد برزت قيادات شعبية جديده على ساحة المقاومة في مصر، ،ثم على جانب اّخر تلفت النظر لمدى أهمية هذه الدوله ،وحجم التأثير الذي تمثله بموقعها على مصالح الأطراف المجاوره،ومركزها بالنسبة للمصالح الدوليه و ترتيبا على ذلك سارعت بريطانيا في المعاونه لجلاء الفرنسسين،وقامت بضرب الأسطول الفرنسي(موقعة ابوقيرالبحريه) 1798بالقرب من شواطئ الأسكندريه، ثم حاولت بعد ذلك أن تقوم بغزو مصر ،بعد جلاء الفرنسيين منها 1801 ،وقد عرفت المحاولة البريطانيه باسم (حملة فريزر)1807،وتصدى لها الشعب المصري في موقعة(رشيد) كذلك كان من أثر الحمله الفرنسيه،وهو الأهم ،قيام الشعب المصري بالرفض الصريح لقرار السلطان العثماني بتعيين حاكم جديد للولاية على مصر،وتمسكهم باختيارهم الحر لحاكمهم،واختاروا (محمد علي) ،وقام نقيب الأشراف المصري(عمر مكرم) بمخاطبته قائلا ( لقد وليناك علينا بشروطنا ) وكانت تلك سابقه في تاريخ الحكم ،جاءت بعد نضال الشعب المصري ضد الاحتلال الفرنسي الذي لم يعمر سوى ثلاث سنوات .كان (دهاء التاريخ) ان تساهم النكبه في تصحيح الأوضاع المختله،وتساهم من خلال التعاون والتنظيم ووحدة الصف في احداث التطور الذي لم يكن منظورا) .انه (مكر التاريخ) ان تنبت الأزهار من بين المجازر،وان يولد الفجر من دياجير الظلام.
صدمة السابع من اكتوبر
أن السابع من اكتوبر كان بمثابة ميلاد جديد للقضية الفلسطينيه، نبه العالم،وأثار الرأي العام وحمل موضوع القضية وعدالتها الى عقول الكثير من الشباب في انحاء شتى من القارات،خاصة في الجامعات،ومازلنا حتى بعد انقضاء كل تلك الشهور نشهد المظاهرات والأعتصامات تتوالى ولا تتوقف خصوصا مع وحشية الهجوم الاسرائيلي، وعمليات الحصار والتجويع،وهجوم اسرائيل المتجدد على الضفة الغربيه،وقد زادها التأييد الغربي عامة،وتدفق السلاح شراسة وتوغلا بحيث تجاوزت حدود فلسطين من غزة والضفة ،و توغلت في لبنان ،ثم في سوريا بعد تغيير النظام واستلام احمد الشرع للحكم ،فقد اقتحمت مناطق جديده من الأراضي السوريه في ادعاء لضمان حدود اّمنه لها .هذا الأندفاع وتلك الشراسة الأسرائيليه تكشف عن رد فعل لأنكشافها تماما ،وانتقالها من مرحلة (الجيش الذي لا يقهر) ،الى الجيش الذي لا يمكنه ان يستمر في القتال الا من خلال مدد لا ينقطع من القوى الغربيه عموما والولايات المتحده خصوصا ،فهو الآن وعلى

احدث منهجا جديدا في التعامل مع دول العالم
الدوام ( الجيش في غرفة الأنعاش) ،وقد وضح ذلك تماما ،عبر معلرك عدة اشتبكت فيها اسرائيل مع قوى عربيه ،ابتداء من حرب 1973،الى معارك اخرى مع المقاومة اللبنانيه اشهرها 2006 ،الى السابع من اكتوبر 2023 مع التحامها مع المقاومه الفلسطينيه.وهو امر أصبح يثير جذع الاسرائيليين،والى الحد الذي فاقم من حركة المتطرفين اليهود ،وجنح باسرائيل الى تسيد الفكر اليميني ،وظهرت نماذج مثل بن غفير،وسموتريتش، وشكلوا احزابا مثل ( القوة اليهوديه) و( الحزب الصهيوني الديني) في محاولة لأستنهاض حركة المجتمع في مواجهات تكاليف المستقبل ازاء الخطر الذي اصبح يحاصر اسرائيل .كانت الضربة الفلسطينيه شديده وموجعه ،وكاشفه لحقيقة هذا العدو ،الذي يستمد عافيته فقط عبر المنشطات وغرف الانعاش.
ترامب .. حافز لوحدة الأمه وترابطها
يعد ترامب نمطا جديدا في تاريخ الولايات المتحده الأمريكيه، وعلامة فارقه في السياسة الدوليه ،بل وفي المفاهيم العامه المتداوله ،عن النظام الدولي ،ومؤسساته العالميه ،هيئة الأمم المتحده ،ومجلس الأمن،والمنظمات الدوليه، الخاصة بحقوق الأنسان، فهو يحكم بمنطق لم يتعارف عليه العالم،بعد ان قطع شوطا طويلا في التنظيم عبر مرجعيات جديده ،اصبحت تحكم (النظام العام الدولي) حتى وان شابتها الكثير من السلبيات وأبرزها (حق الفيتو)في مجلس الأمن،الذي يمكن الدول الخمس من عرقلة اي قرار يمكن ان يعرقل مصالحها الذاتيه،دون اي اعتبار لمصالح الدول الصغري، ،وتجاوز القوى العظمى احيانا في عدوانها على الدول الأضعف مثل غزو العراق دون سند من الأمم المتحده أو مجلس الأمن ،والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956،والى حد ان قام السكرتير العام للأمم المتحده (داج همرشولد) بتقديم استقالته من منصبه احتجاجا على ذاك الغزو،مما استدعي ان تناشده مصر للعدول عن تلك الاستقالة لثقتها فيما يقوم به من اعمال. أتي (ترامب) ليغير من تعامله حتى مع حلفائه من الأوروبيين، مما حدا ببعض الأصوات من العرب لكي تقول ،اذا كانت تلك هي معاملاته مع حلفائه الأوروبيين ،فما هو الحال في تعامله مع حلفائه من العرب .اليس ذلك يعد دراسا ..؟. خرج (ترامب ) بمشروع (التهجير للفلسطينيين من غزة الى مصر والأردن) حتى يمكن اعمار (غزة) وتحويلها الى منتجع عظيم من خلال موقعها المناسب ،وكانت المواجهة الحتميه لذلك المشروع بالرفض العربي المطلق ،أولا لأن ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينيه ،ثانيا لأن ذلك من شأنه ان يهدد الأمن القومي العربي ،وفي المقدمة مصر

الاعتراف باسرائيل شرطه الأول دولة فلسطين
والأردن ،وكانت السرعه في التحضير لمؤتمر القمه العربي ،بعد ان قامت مصر باعداد خطة بديله، لأعمار غزة ،في وجود الشعب الفلسطيني في غزة .تزامن ذلك مع ايقاف اطلاق النار بمقتضى الأتفاقية التي صيغت من قبل في عهد ( بايدن) ولكنها تعثرت بمواقف اسرائيل المتعنته والمتجددة على الدوام ،وقام ترامب حتى قبل اعتلائه للسلطه بدفعها الى الامام ،بالضغط على اسرائيل .وافقت القمة العربيه على ( الخطه المصريه) ،وبذلك أصبحت (خطه عربيه) لأعمار(غزة).
الموقف العربي .. واحتدام حركة الصراع
يتميز الموقف العربي الآن بأنه موقف حازم في مواجهة التطلعات الأمريكيه في تصفية القضية الفلسطينيه ،ومواجهة حركة الأعترافات العربيه ،وخصوصا من المملكة العربيه السعودية باسرائيل بشكل مجاني ، دون النص على قيام الدولتين الفلسطينيه والاسرائيليه كما يطمح ترامب واسرائيل
وقد رفضت الولايات المتحده الأمريكيه الخطه المصريه ،باعتبار صعوبة الأعمار في وجود الغزاويين
كما رفضتها اسرائيل ،ولكن مجال التفاوض مفتوح ،كما ان الأصرار العربي حازم ومؤكد. والدليل على ذلك الدعوة الى مؤتمر دولي لدعم حركة الاعمار في شهر ابريل . على جانب اّخر تجرى الأتصالات على قدم وساق من أجل وقف دائم لأطلاق النار في غزة ،ثم في ايقاف العدوان على الضفة ،واطلاق الأسرى والمحتجزين ،وانسحاب اسرائيل من المواقع التى احتلتها .ثم تأتي اشكالية ( اليوم التالي ) لأيقاف العدوان والأنسحاب الأسرائيلي ،وتكمن في عقدة من يحكم (غزة) ،وقد استقر الأمر حتى كتابة هذا المقال ،على ان يتولى حكم (غزة) لجنه حكم من بيروقراط اي لجنه غير فصائليه لمدة يتفق عليها ،حتى تجرى انتخابات رئاسيه وتشريعيه في فلسطين ،ويستقر الحكم من خلال هذه الأنتخابات .
قبل النهاية
عادت القضية الفلسطينيه الى الحضن العربي الشامل،وتحول الصراع الى تعريفه الطبيعي (الصراع العربي – الاسرائيلي) ،وعاد التعريف العربي الآخر ،وهو ( الأمن القومي العربي) وليس بحدوده التي برزت في العقود الماضيه (السلام القطري) ،وقد وضحت خطورته في مدى التهديد الكلي الذي يمكن ان يصيب الأمة بكاملها ان لم يتم تداركه ،وقد جاء في قرارات (القمة العربيه ) نصا يقول :
– تأكيد الموقف العربي الواضح، والذي تم التشديد عليه مراراً، بما في ذلك بإعلان البحرين الصادر في 16 مايو 2024 ، بالرفض القاطع لأي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه أو داخلها، وتحت أي مسمى أو ظرف أو مبرر أو دعاوى، باعتبار ذلك انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا، وكذلك إدانة سياسات التجويع والأرض المحروقة الهادفة إلى إجبار الشعب الفلسطيني على الرحيل من أرضه، مع التشديد على ضرورة التزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتي ترفض أي محاولات لتغيير التركيبة السكانية في الأرض الفلسطينية.. كما وضح من جانب اّخر ان اتفاقيات السلام واحكامها ،لا يمكنها درء الخطر وحدها ،وانما الذي يحمي السلام هو القوة ،والاستعداد الأمثل والأشمل للطموحات الأستعماريه والتوسعيه. انه دهاء التاريخ ،ودرس التجربه ان الحامي لقضية فلسطين اضافة لكفاح شعبها وقتاله عبر عقود من الزمن وصلابته وصموده ،هي المرجعية العربيه والأمن القومي العربي بشموله واتساعه ،وأن القضية الفلسطينيه ليست قضية قطريه،فحسب ،وانما هي ايضا قضية عربيه ومايهددها يعد اختراقا للأمن القومي العربي .
1
غزة كما دمرتها الشراسة الاسرائيليه
2
الملك عبدالله الثاني والرئيس السيسي
رفضا على الفور التهجير السكاني في غزة
3
الرئيس الامريكي دونالد ترامب
احدث منهجا جديدا في التعامل مع دول العالم
4
الامير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى
الاعتراف باسرائيل شرطه الأول دولة فلسطين