استياء اميركي – اسرائيلي من الحوار الرسمي مع حزب الله
ما زال الغموض يحيط بكيفية معالجة الملفات اللبنانية العالقة بلاحلول، من وضع الجنوب والانسحاب الاسرائيلي، الى موضوع جمع السلاح من حزب الله وبعض القوى السياسية ومن المخيمات الفلسطينية، وصولا الى الدعم المرتقب لإعادة اعمارماهدمه العدوان الاسرائيلي، وتفعيل الاتصالات مع سوريا بما يكفل معالجة مواضيع الحدود وعودة

العلاقات السياسية والاقتصادية الى طبيعتها ولووفق اطرجديدة، اضافة الى موضوع التجديد لقوات اليونيفيل في الجنوب آخر شهرآب –اغسطس المقبل، واستكمال اقرار اقتراحات ومشاريع القوانين الملحة وبخاصة الاصلاحية منها. وسط مراوحة رسمية وانتظار في مقاربة هذه الملفات.
وعلى رغم كل الانجازات الداخلية التي تحققت خلال الاشهر الاولى من عمر العهد والحكومة الجديدين، لا تزال معظم هذه الملفات معلّقة على حبال تطورات الوضع الاقليمي ومسار الحلول فيه، من معالجة أوضاع جنوب لبنان، الى ما يجري مع دمشق وطهران مروراً بغزة فلسطين.
وذكرت مصادر رسمية لـ “الحصاد” حول العمل الحكومي على هذه الملفات، ان البحث الجدي بالتجديد لليونيفيل بدأ الشهر الماضي، عبر اتصالات مكثفة بعد التسريبات الاسرائيلية – التي لم تؤكدها جهات اميركية او لبنانية- عن رفض واشنطن اعتماد التجديد التلقائي وفق القرار السابق واصرارها على تعديل مهامها ومنحها صلاحيات اوسع او استبدالها بقوات متعددة الجنسية.
وقالت المصادر: انه من الصعب على الادارة الاميركية تعديل القرار لوجود معارضة من الدول الكبرى الثلاث فرنسا حاملة قلم صياغة قرار التجديد، وروسيا والصين ودول اوروبية اخرى لها قوات مشاركة في اليونيفيل. ولكن المصادراوضحت ان اقصى ما يمكن ان تفعله الادارة الاميركية هو احتمال وقف تمويلها لليونيفيل البالغ نحو 125 مليون دولار من اصل 500 مليون من مجمل نفقاتها، وهو مبلغ صعب تعويضه كله من دول اخرى.
واشارت الى انتظار قرار الادارة الاميركية بعد إقالة الموفدة مورغان اورتاغوس وتعيين بديل عنها، للبت بملف السلاح والانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، وسط حديث ان إيفاد مسؤول الملف السوري في الخارجية الاميركية توماس باراك (من اصل لبناني) كموفد إلى بيروت نهاية حزيران او بداية شهر تموز، لمعالجة الملفات المتعلقة بلبنان، وسط تسريبات “محلية بأنه يحمل رسالة شديدة اللهجة حول ضرورة البت بموضوع سلاح حزب الله”، لكن حسب معلومات “الحصاد” من مصادرحكومية لم تتوافر اي معلومات رسمية عن زيارته كما لم يتلقَ المسؤولون اي اشارات عن “رسالة شديدة اللهجة” تجاه لبنان سوى من الاعلام. وثمة تسريبات ايضا عن زيارة مرتقبة لمستشار ترامب للشؤون الافريقية مسعد بولس اللبناني الاصل ايضاً ، لنقل رسالة متشددة الى المسؤولين اللبنانيين.
وبالنسبة لملف إعادة الاعمار، قالت مصادر رئيس الحكومة لـ “الحصاد”: ما لدى الحكومة حاليا هو قرض البنك الدولي بقيمة 350 مليون دولار مخصص للبنى التحتية، و75مليون دولار اضافية، عدا تقديم العراق مبلغ 20 مليون دولار، وفي شهر حزيران الماضي تعهدت فرنسا بتقديم 75 مليونا.
وحول ملف العلاقة مع سوريا قالت المصادر “الشغل ماشي” ولو بطيئاً على المستوى الامني عبر اللقاءات بين ضباط من لبنان وسوريا، لضبط الحدود بشكل نهائي تمهيداً لإجراءت اخرى. وجرى الحديث عن زيارة لوزير الخارجية السورية اسعد الشيباني الى بيروت بعد زيارة الرئيس نواف سلام الى دمشق على رأس وفد وزاري.
رسالة نارية الى عون وسلام؟
بالتوازي، إتسمت العلاقة بين رئيس الحكومة نواف سلام وحزب الله بالفتور خلال المرحلة الماضية بعد مواقف الطرفين من ملف السلاح. لكن وبعد تدخل الرئيس نبيه بري لمعالجة الخلاف، تم ترتيب لقاء مطول بين سلام ووفد من كتلة حزب الله النيابية، انتهى “على ود واجواء مصارحة وايجابية وتفاهم على التعاون داخل الحكومة وفي مجلس النواب، وجرى نقاش افكار عملية لا سما لجهة اعادة الاعمار، من دون مقاربة ملف السلاح المنوط بالحوار بين حزب الله ورئيس الجمهورية”.
وحسب معلومات “الحصاد” من مصادر المجتمعين: فإن اللقاء كان صريحاً وودياً وايجابياً، وخرج منه الطرفان مرتاحين. وكان الرئيس سلام متجاوبا مع ما طرحته الكتلة وتفهّم من جانبها ايضاً. ودخل البحث في قضايا عملية لا سيماحول اعادة اعمارماهدمه العدوان وماتقوم به الحكومة من إجراءات على هذا الصعيد، حيث اكد سلام ان هناك خطوات تنفيذية قريبة. فيما اكد وفد الكتلة التعاون مع الرئيس سلام في الحكومة وفي مجلس النواب لتسهيل المشاريع الحكومية.
اضافت المصادر: ان اللقاء اطلق مساراً جديداً في العلاقة بين الجانبين، وان سلام اوضح للوفد ان العمل مستمرلممارسة الضغوط من اجل انسحاب الاحتلال الاسرائيلي، فيما اكد وفد الكتلة الجهوزية للتعاون في كل الملفات.ولم يتم التطرق الى موضوع سلاح المقاومة.
وبعد 48 ساعة على اللقاء الايجابي بين سلام ووفد كتلة الحزب، شنت اسرائيل عدوانا جوياً واسعاً على ضاحية بيروت الجنوبية بنحو 23 غارة جوية وهو الاقوى منذ وقف اطلاق النار، وادى الى دمار كبير، وخرج قادة كيان الاحتلال، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو ويسرائيل كاتس، لتوجيه رسائل سياسية ـ عسكرية إلى الدولة اللبنانية ممثلة برمزها الأول رئيس الجمهورية جوزاف عون وحكومتها الجديدة، مفادها “سوف تترحمون على الحرب الماضية”، بحسب ما قال نتنياهو. فيما هدد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس “بمواصلة عدوانه على لبنان، إذا لم تنزع السلطات سلاح حزب الله. وقال: نحن نعتبر الحكومة اللبنانية مسؤولة مباشرة عن منع انتهاك وقف إطلاق النار”.
وهذه الغارات والمواقف الإسرائيلية، معطوفة لاحقاً على بيان الخارجية الأميركية الذي أكد أن الولايات المتحدة تدعم “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحماية مجتمعاتها في الشمال من حزب الله والمنظمات الإرهابية الأخرى التي تروج للعنف وتعارض السلام”، هي رسائل إسرائيلية وأميركية مفادها “ممنوع الحوار مع حزب الله”..موجهة إلى رئيس الحكومة نواف سلام بعد توافقه مع الحزب. و بالدرجة الثانية موجهة لرئيس الجمهورية جوزاف عون، نتيجة تعاطيه الإيجابي

والهادئ مع موضوع سلاح الحزب بما لا يؤثر على تماسك الحد الأدنى في الحكومة لإستكمال انطلاقة العهد.لا سيما إنه في تل أبيب، رُصدت “بقلق إسرائيلي” زيارة وفد كتلة حزب الله النيابية برئاسة النائب محمد رعد إلى كل من الرئيسين، وسط إشارات داخلية على انفتاح محدود في النقاش حول مستقبل سلاح الحزب ودوره في المعادلة اللبنانية.
وجاءت الغارات دليلاً على نوايا الاحتلال بتخريب أي تقارب بين الحزب والرئيسين يمكن أن يخفف من الضغوط السياسية التي تُمارس حول ملف السلاح. كما اكدت بعض الجهات الرسمية ان اسرائيل ستعمل على تعطيل أي اتفاق بين الدولة والحزب بشأن السلاح، لتبقى لديها ذريعة للاعتداء على لبنان ساعة تشاء، بحجة الاشتباه بأماكن تخزين هذا السلاح.
وجاء كل ذلك في ظل حملة التهويل الاميركية على الدولة اللبنانية، عبر التسريبات الاعلامية الممنهجة داخل لبنان وخارجه، “بأن واشنطن ستتخلى عن الاهتمام بالملف اللبناني اذا لم يلتزم بشرطي نزع السلاح والاصلاحات، وتتركه لمصيره لمواجهة اسرائيل”، وعبر التهديد الكلامي لا الاجرائي حتى الآن، بعدم التمديد لقوات ليونيفيل والضغط العسكري، من خلال منح اسرائيل الضوء الاخضر لاستباحة السيادة اللبنانية، دون معرفة المدى الذي يمكن ان يصل اليه التصعيد.
وقد فسرت مصادر سياسية البيان الغاضب للرئيس جوزاف عون عقب الاعتداءات الواسعة على الضاحية الجنوبية، على أنه بات هناك ثمة قناعة راسخة تتشكل لديه “بأن واشنطن تراوغ وتسمح لإسرائيل بتخريب اي تفاهم لبناني- لبناني حول السلاح، وهي لا تريده ان ينجح لتبقى السيادة اللبنانية مستباحة، وتستمر في اعتداءاتها وغاراتها، والرئيس غير مقتنع تماماً بأن واشنطن لا تستطيع الحد من العدوانية الاسرائيلية. وفي هذا السياق، وضع الرئيس ثلاث لاءات: لا مجال للرضوخ وللابتزاز، ولا تعديل للاولويات اللبنانية، ولا تخريب للسلم الاهلي.
دعم فرنسي مجدداً
وجاءت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت منتصف حزيران الماضي ولقاءاته بالرؤساء عون وبري وسلام وحزب الله وبعض القوى السياسية الاخرى ونواب المعارضة لتؤكد الدعم الفرنسي مجددا للبنان، وحسب مصادر رسمية تابعت الزيارة، انهاكانت بهدف تأكيد حرص فرنسا على الامن والاستقرار في لبنان، و ان فرنسا تساعد لبنان عبر اتصالاتها الدولية وتقوم بكل الجهد الدبلوماسي للتجديد للقوات الدولية في الجنوب (اليونيفيل). اضافة إلى تحضير الارضية لمؤتمر دعم لبنان في فرنسا في الخريف المقبل. كما شكّلت فرصة استفسر في خلالها المسؤول الفرنسي عن بعض الملفات التي تعمل الدولة على معالجتها، وكان تشديد فرنسي على أهمية انجاز الإصلاحات المطلوبة لاسيما قانون الاصلاح المصرفي وتوابعه لأنه المدخل الاساسي للحصول على المساعدات الدولية. وعدم التأخير في حسم القضايا الأساسية لاسيما في العام الاول من العهد. وقالت ان فرنسا لا تزال تعتبر لبنان أولوية وانها حريصة على متابعة هذا المسار.
سوريا وايران اولوية لا لبنان
ومع الانفتاح الاقليمي والدولي على سوريا والذي اصبح اولوية الدول العربية والغربية، تراجع الزخم نحو معالجة اوضاع لبنان، بعد استجابة السلطات السورية المؤقتة لكل المطالب والشروط، وهو أمر لا قدرة للبنان على تحقيقه بسبب التنوع السياسي فيه والخلافات والانقسامات والتباينات واختلاف الاولويات، حتى بين اركان الحكم.. فكيف بين القوى السياسية؟.وبات الاهتمام العربي يتركز على ترتيب اوضاع سوريا على حساب الاهتمام بإقفال ملفات لبنان الساخنة، واولها واخطرها انهاء الاحتلال الاسرائيلي لبعض النقاط والمناطق في الجنوب، وهوالأمر الذي بات بيد الادارة الاميركية وحدها برغم محاولات الدول الاخرى العربية وفرنسا المساهمة في تعجيل الانسحاب الاسرائيلي وتنفيذ آلية وقف اطلاق النار ونشر الجيش اللبناني في كامل منطقة الجنوب بعد إخلائها من مواقع واسلحة حزب الله جنوبي نهر الليطاني.
لكن تبدّى من توسيع الاحتلال لمناطق سيطرته في جنوب سوريا ومواصلة الاعتداءات الجوية على مناطق سورية عديدة، ورفض الانسحاب من لبنان ومواصلة الغارات اليومية وعمليات القتل، ان اي تسوية لإنهاء الاعمال العسكرية والعدائية مع لبنان وسوريا ليست قريبة، بإنتظاراستجابة لبنان لمطلب تسليم سلاح حزب الله وإخلاء كامل منطقة الجنوب من السلاح والمسلحين، وبإنتظارما ستقرره الادارة الاميركية في الاقليم، وحسب اولوياتها هي واهمها مفاوضات الملف النووي مع ايران، وما يمكن ان تفرضه لاحقاً على الكيان الاسرائيلي بعد تبريد جبهة اليمن ضد السفن الاميركية والتجارية في الخليج والبحر الاحمر.
من هنا ترى مصادرمتابعة ان لاحلولَ قريبة لموضوع سلاح حزب الله، وقد تتأخر أيضاً معالجة سلاح المخيمات الفلسطينية ونتيجة الانقسام الفلسطيني، غياب اي ضمانات للبنان بعدم تجدد العمليات العدائية الاسرائلية، وخوفاً من تعرض المخيمات لأي اعتداء او مشكلات امنية كبرى، عدا وجود تنظيمات اصولية خارجة عن الاجماع الفلسطيني. واقصى ما يمكن ان يتحقق بموضوع السلاح الفلسطيني هوشكليات معالجته في المخيمات الهادئة في بيروت والبقاع.