مهرجان المونودراما الدولي في دورته ١٢بالفجيرة
لم تعد الكرة تلقى في المنتصف في الإمارات العربية المتحدة . لا تحديق في الصور القديمة إلا لكي تحفز من يحدق بها على الخروج إلى طبعة ثقافية جديدة في مختلف المجالات . حدث الأمر ، بحيث تشكلت الإمارات كقوة ثقافية ، لا فقط

على أرضها ، على كل الأراضي .ثمة رابطة بين الهوية والثقافة. مائدة من الروابط . مرات من الإنطلاقات . انطلاقات ، انطلاقات ، انطلاقات . مسرح ، سينما ، معارض ، مؤلفات ، فنون تشكيلية ، مؤسسات مفتوحة على الصباحات المبهرة . أكاديمية المسرح في الشارقة عمل منقوش على جبهة الزمن . تسابقت الإمارات على القيام بالتغير الأول . حاءت الهيئة العربية للمسرح كحكومة لا تمارس السلطة ، اذ تقوم بالحوكمة من خلال العلاقة بالمسرح في عواصم العرب . إنها وشم المسرح ، لا في الشارقة وحدها ، في مختلف الدول العربية . الأكاديمية ، الهيئة ، مهرجان المسرح العربي ، مهرجان الشارقة المسرحي ، إصدارات مسرحية بالمئات ما لا يجرؤ على إصدارها من يرون في مؤلفات المسرح غضاريف أو مؤلفات مهلهلة . لكل إمارة مجهوداتها ، مبارياتها ، أخبارها الطيبة . مهرجان المونودراما في الفجيرة أضحى مهرجاناً عالمياً لا يتوقف عند قراءة التشكيلات المونودرامية في العالم ، حين يخصص مساحات للتزود بآخر إبداعات المونودراما في العالم العربي والعالم . محمد سيف الأفخم على رأس مهرجان يتألف بصفة أساسية من مفهوم الإضافة بسخاء مخفوق بزبد المونودراما . إنه اليوم في دورته الحادية عشرة ( ١٠/١٩/٢٠٢٥) حيث يحتشد المسرحيون في الإمارة من أجل المضي قدماً كل يوم ، كل يوم . وضع المونودراما في مواقعها الصريحة ، الصحيحة . عروض، ندوات ، إصدارات ، مسابقات في تأليف نصوص المونودراما . منظومة لا علاقة لها لا بالخطر . بالعكس . ذلك أن ثمة منظومة واضحة ، تراهن على المؤثر لا المؤثرات . إنجاز لا يستخدم الآلات الطابعة ، اذ يضم السطور في السطور على تسطير أضحى واضحاً لكل المسرحيين في العالم . بحيث وجد المسرحي الإنكليزي العالمي بيتر بروك في دورة العام ٢٠١٢ بعرض مونودراما لا يزال يعتبر من مخطوطات المونودراما النهائية . تيار مهرجاني وضع بعض المهرجان في عداد الماضي ، بدون ممارسة الشدة عليها . يقول المهرجان للمهراجانيين إلى أين يمضون في حدة مشاعرهم ، بعيداً دس الكراسات تحت الأذرعة . حرية تشد المبدعين إلى الفجيرة ، حيث فيضان المونودرامات ، في تدفق من القمة إلى القمة . مضي إلى ما ظهر مستحيلاً في الأعوام السالفة بدون توقف . مضي من تأمل الأوقات الحقيقية ، لا تأمل رؤوس اعواد الثقاب وهي تشتعل في ثوان لتنطفئ بعد ثوان . مئات أرومات السفر ، مئات الضيوف من مقدمين ومتدخلين ومحاضرين و مورشين ( مقيمو ورشات بزخم لا محدود ). المألوف وغير المألوف في مهرجان الفجيرة الدولي المونودرامي من خلال الإستعانة بكل ما يجعل المونودراما من فنون تقوم على الإعتبار بعقل مجنون

بالمونودراما لا بالإيضاحات القانونية . الأخيرة تختصر نفسها في شؤون المهرجان بدون حرج ، بوضعها في العناية القصوى من خلال وضعها في مفهوم المأسسة بالعناية اللازمة ، حيث يشغل السيد الأفخم رئاسة المؤسسة الدولية للمسرح ( iti)، مقرها الرئيس في باريس . لو تعد الفجيرة ترتدي ملابس الآخرين في ما يبدو شديد التعقيد على صعيد اختيار نوع يوثق به . لا زعم ، لا حيرة في الأمر ، لا نفخ احجام ، لا اعتقادات خاوية . مهرجان نال شهرة مدوية ، لا من نواياه الحسنة فقط ، من مساورة مسرحيي المونودراما بجلودهم . مغامرة أولاً. ثم ، اسم حقيقي . ثم ، مهرجان حي لحظ الجميع حيويته المتصاعدة دورة إثر دورة . ذلك أن المهرجان جزء من مجموعة من التوظيفات الذاتية تحكم نفسها في تعلق الأمر بمفهوم تنموي هو الأمر المهم في الإمارات العربية المتحدة ، الفجيرة إمارة من الإمارات الضالعة في المفاهيم التنموية في مجالات الثقافة والمجالات الحياتية ، الحيوية ، الأخرى . لا دوران حول الذات بعد . ذلك أن الأمور انتهت بعدم فصل الأقوال عن الأفعال . صفحات من الصور التنموية المبهرة . الأخيرة عنصر أساسي في الإستقرار والتطور الإنساني . عمليات مركبة متعددة الجوانب ، تثير القوة الباطنية للبشر الموحدين في ارتباطهم بموضوعاتهم وأولياتهم الموضوعية . حري القول أن دورة هذا العام تحتفي بمجموعة من المونودراميبن من من يعتبرون أبراجاً في المونودراما ، من رفيق علي أحمد إلى زهيرة بن عمار إلى عبد الحق الزروالي و أمل عرفة وزيناتي قدسية ، إلى عشرات العروض المونودرامية في المسابقة الرسمية والعروض على هامش المهرجان . عروض من سوريا ، مصر ، تونس ، مصر ، جنوب أفريقيا ، لبنان، العراق ، فرنسا ، اميركا ، إيطاليا. ثمة دول أخرى .تركيز الإنتباه على المونودراما مغامرة جريئة. إنخراط في منظومات العمل السائدة بالأمارات ، إنخراط في منظومة العمل الخاصة بإمارة الفجيرة . إلاأن الفجيرة ، في وسط مفاعيل التنمية الواضحة فيها ، تدرك أنها تجسد مثالاً غير مشابه للحالات الأخرى . هكذا ، لا نستطيع أن تؤجل صداقتك لا للمهرجان ولا للإمارة ، حيث تتسلق الفجيرة الفراغ بامتلاء يؤلم الخيال . هندسة لا تنام جائعة لشيء . طبيعية تكاد تصلح جمال العالم بجمالها . لا حمية في جمال الفجيرة . جمال سهل . جمال أليف . جمال يدفع إلى المشي وراء التأمل . يعبر المهرجان أعصابه للفجيرة . كما تعبر الفجيرة أعصابها للمهرجان . هكذا ، يساهم المهرجان المتخصص في تعزيز لغة الأمارة على العالم ، حتى أن الإعلان عن تأثيره في حياة الفجيرة كلام لا يسقط بالصدفة على مستوى مساهمته في تغيير وجه الإمارة، عمرانها ، تطورها . كما هي مساهمتها في رفع أصابع المهرجان من الحذر القليل إلى التقاقز في النجاح والسعادة . هذا المهرجان بالذات ، هذه الإمارة بالذات يرى الواحد منهما الآخر بدون أن ينسى الواحد الآخر . للمهرجان أسنان . صحيح انه ليس وحيد هذا القرن . ولكنه في عمره القصير دفع العالم إلى الإعتراف بصوابه . فكرة طيبة تلاقي فكرة طيبة . ثنائي لا يبعثر نفسه لا في النحافة ولا في التلويح المجاني . موقع ديموغرافي كيد ممتدة إلى الفضاء كما لو أنها تصل فراغاً عظيماً بفضاء عظيم . يد على سعة الخيال على رأس جمالات لن يخفي وجهها احد . جمال يربك ، جمال كحبال الصهيل .
لم يعد صوت المهرجان على النافذة ، حين أضحى في الحجرات الداخلية . حاول ما أمكن أن يكون . ثم ، كان . لن يندم أحد على ما فعله بعد أن أضحى المهرجان صاحب لغة ، يدعو المسرحيين الأوفياء لدوام الوحدة . مهرجان لا يركض على حزن ، لا يمضي سوى على جلوس المسرحيين في مهماتهم. نضج في طريق سيار . حريق لا ينطفئ. لا علاقة للأمر بتدبر الأمور حين أصبحت المونودراما في المفاصل . ذلك أن المهرجان عثر عليها في جيوبه ، بعيداً من الصرير ، بعيداً من وفرة مونودراما كادت تصاب بالعمى من وفرتها . عمى الألوان . الأشكال على بعد أمتار . الألوان منعرج المونودراما . مونودراما الفجيرة ذات قيم تذكر مرة واحدة فقط ، لأنها لا تتردد ، لأنها لم تتردد وهي تقفز من البداهة إلى الإلتفاف على اخطاء المهرجانات من حاول منظموها أن يقدموا دروس الإقناع . ولكنهم اخفقوا . لم يخفق مهرجان الفجيرة في أموره القيمية ، لأنه جزء من ميثولوجيا الأمل . هذا جاء. هكذا يبقى ضرورة ، يبقى ضرورياً .ما يطمئن من الخوف على المهرجان مأسسة المهرجان ، حيث ان يتأخر في ارساء شروطه لكي يجعل المونودراما تضحك في عالم لا تزال اسنانه تتساقط من كثرة الضربات . لا عجز في إظهار الوسامة . ثم ، إن المهرجان لا علاقة له بأقراص النوم . لا علاقة له إلا بالحلم ، بالأحلام . المأسسة أولاً. ثم تفكيك ما يعرف بالعادات ، التطرف ، من خلال الأمعان في فكرة الجمع ، التسامح، التقدم ، رؤية المستقبل على شجر العائلات المسرحية لا على شجاراتها . تعدد لا يرى فقط . تعدد يحس. تعدد فحل، لا علاقة له سوى بإذكاء الحواس. جدوى . الجدوى دوماً . لا العكس. ثمة إيمان بروح الكوسموبوبوليتية. التحديات لا المشكلات . الإستجابات لا التردد. الكوسموبوليتية من السعة ، من تبلل المهرجان بإشارات العروض وكودات المسرحيات الفردية . لن تكذب ما تصدق . لأن المثل واحد . ثمة ما يرفل في الظلال الساحرة . هكذا قدم المهرجان في دوراته الأولى غير المتوقع تماماً. تحالف المونودراما بالعالم في حديقة الفجيرة ، حديقة ما فوق النظر، من دون مزاحمة .إذ أن للمونودراما الواحدة خطواتها ، أجنحتها ، مكرها ، مساحتها الخاصة . مساحات لا غبية ولا جبانة . مساحات ، كل مساحة قارة . مساحات بطاح . ذلك أن الفجيرة تضحي في أيام المهرجان بالغة الإتساع ، مسكونة بقوم محبين . لا لهب ولا قيظ أمام جمهور يجيء من مناطق النزاع في العالم إلى موجز تاريخ المونودراما ، بعيداً من اللهو والترفيه . في مهرجان الفجيرة الدولي للفنون من دون مزاحمة . لكل مونودراما مساحتها أمام جمهور قصد الصالتين المخصصتين بالعروض المونودرامية. تحل في المهرجان مفاهيم التوظيف الذاتي ، بعيداً من الإحتكارية ، بعيداً من حاملي المشارط والرجال الخائفين من الغيم والدهشات .
ما يقارب الستمئة ضيف من أرجاء العالم . فنانون ومثقفون ومسرحيون ، منظرون وكتاب ومخرجون وتقنيون وأصحاب مهن جديدة كالسينوغرافيا والدراماتورجيا، يجتمعون لا على تقوض الأوضاع ، يجتمعون على محيط المونودراما لا مائها الهادئ. ثمة شيء يلمع هنا ، كما لمعت طفولة العالم ذات أعوام . هؤلاء الأبطال ، أبطال الحدث تقافزوا إلى النضج بالفجيرة برعاية مباشرة من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي ، عضو المجلس الأعلى ، حاكم الفجيرة . وولي عهد الفجيرة سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي. ورئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي . ايغال في كل عام ، ايغال في كل دورة . لا يزال المسرحيون يذكرون أخلاق رجال قدموا المونودراما كهنود حمر بلا معاهدات ، سوى معاهدة وقوع الأبصار على تدفق متمرد لا يخشى شيئاً . لا يزالون يذكرون مونودراما حدود ، تأليف وإخراج وليد الدغسني من تونس ، ” بوذا في العلية ” من ليتوانيا ، تأليف وإخراج وآداء بيروت مار ، الملقن من الجزائر ( تأليف أحمد الملا ، إخراج وآداء بن بكريتي محمد ) ، ” سيتي مانا” من روسيا ( تأليف ليديا كوبينا وفيرونيكا بيراشيفتش ، آداء ليديا كوبينا ، إخراج تانيا كاباروفا) ،” قهوة زعتر ” من فلسطين المحتلة ، تأليف وآداء حسام أبو عيشة ، إخراج كامل

الباشا) ، ” العثور على جثة ميندادوا ” من الفلبين ( تأليف وآداء دانيال كانيل رامونال) ، “المفجر ” من اليونان ( تأليف وإخراج وآداء جوني كانتياني ) ، “المملوك” من الإمارات العربية المتحدة ( تأليف وإخراج عبدالله راشد ، آداء عبدالله الخديم ) ، ” في المنزل مع وليم شكسبير من إنكلترا”( تأليف وإخراج وآداء بيب أوتون ) ، ” اللاملموس” من سيريلانكا( تأليف وإخراج سوجيوا باثينيسيكارا، آداء سوبودهي لاكمالي)،” إمرأة في الظلام ” من البحرين ( تأليف إبراهيم بحر ، إخراج حسين عبدالله ، آداء سودابة خليفة) ، “أنياب” من كردستان / العراق( تأليف عبد الرزاق محمد ، إخراج نجاة نجم ، آداء ليلى فارس). مونودرامات ذات عام ، لم تعتدي على أراضي المونودراما الحقة في قسمة الحضارات . لا تزال المونودراما في مهرجان الفجيرة تطرح فكرة مناجم الذهب في المونودراما لا حراسة ارواح المونودراما القديمة . كأنها لا تتوقف في طرح اليقظة لفهم الإشكاليات وتخطيها من عدم الدراية إلى قراءة الإشكاليات في الخطب ، سواء من إفتقارها إلى بعض عناصر المونودراما أو مواصلتها الترويج لهذا الفن ، باحتكار الكلام عليه من خلال هيمنة الشكل وتكراره بدون إصلاحه ، حتى في حالات الإبتعاد عن المونودراما إلى الستاند آب كوميدي أو التلاوة المسرحية أو البيان . تعزيز هذا الفن بالمساحة الديمقراطية المؤسسة له في الفجيرة . اليوم كالأمس ، زخم لا يتوقف ، كؤوس لا تشبه الكؤوس . لا شيء بارد ، لا شيء جاف . رأس المال وفير في دورة العام ٢٠٢٥. عروض ، ندوات ، قراءات ، تعقيبات ، إصدارات . شعار الدورة : الفجيرة مسرح مفتوح . ندوة المونودراما ، تجارب ريادية عربية . ندوة المسرح الإماراتي . بحوث في مآلات فن المونودراما . صلة الجسد البشري بالإنتربولوجيا الأفريقية بما يتعلق بالمونودرانا مع كيرت ايغولف، المسرح الفردي بين العمق الدرامي والبناء المفتوح لمروة قرعوني ورش تخصصية ، دليل المونودراما من الأميركي لويس كاترون . عروض تخرج من مدارات المونودراما العامة إلى مداراتها .
لا خلاف على شخصية المهرجان ، بعد أن أصبحت عروض المونودراما جزءاً من المهرجان ، لا عروض المهرجان كله . الأهم إن لا استيراد لثقافات جديرة بشكل مهجن . وهذه واحدة من هموم رئيس المهرجان محمد سعيد الضنحاني ومحمد الأفخم مدير المهرجان ، من لا يعملان على مفهوم المؤامرة ، إلا أنهما حريصان على الدوام على عدم وجود ” إختراقات ثقافية ” من مصدر وحيد يعمم ما أنتجته المدنية الأوروبية ، على كل من يمتلك شخصية ثقافية ضعيفة. لم يهدأ الرجلان وهما يدفعان إلى إنعتاق العروض والأنشطة الأخرى من كل أمر ضيق، من كل أمر طارئ. بحيث يوفران أفضل الظروف للضيوف والعروض غير المتوقفة أمام نقطة أو مفصل أو محطة ثابتة. المصادر كثيرة ، إلاأنها تصب في خدمة أهداف المهرجان وغاياته. نشر الإختلاف لا الخلاف ، في هندسة واضحة المعالم، سعى أصحابها إلى طرح سؤال الذات العربية بوعي لا يتشوه ولا يتقدم على نحو مرتبك وهو يقرع أسمنت المونودراما بسرد القصص على العالم ، كما لو أن يسردها على ناسه . ذلك أن رسالة المهرجان رسالتان . واحدة فنية والأخرى إنسانية .رسالتان لا يجري التفريق بينهما . هذا المهرجان مقام آخر.