فرّق تسد  

كلما حاولت أن أتطلّع إلى نواحٍ  غير السياسة ،، كأن أثمّنُ الحوار مع الكاتبة والروائية السعودية ( زينب الخضيري ) ، أو أُشيدُ بسيرة الشاعرة الإيرانية ( بروين إعتصامي ) ، كما أذكّرُ بشاعر روسيا ( سيرغي يسنين ) مع التقدير للإعلاميات ، رنا خير الدين و نسرين الرجب و فاطما خضر لجهودهن في  إبراز عناصر  الأدب والقوة الإنسانية في العالم ، ولا أنسى تقدير وتثمين أعمال كل الكتاب المحترمين في مجلة ( الحصاد ) ،،، إلّا أنّ الجانب السياسي يجرُني اليه حيث لا أستطيع إلّا الخوض فيه . 

منذ أن عرفنا الإستعمار  ، نعرف أنّ أهم أدواته ودستوره الأبديّ ( فرّق تسد ) ،،، شعار تسلطت بهالدولُ الغازية على الشعوب التي تحتلها لتشغلها فيما بينها بخلافات وحروب لا جدوى منها سوى تمكين المحتل من مقدرات هذه الشعوب واستنزاف خيراتها لمصالحها مع رمي بعض الفتات لمن ينفذون أوامرها ،، والأمثلة كثيرة عشناها في بلادنا وحول العالم شرقه وغربه . 

استفادت الصهيونية العالمية من ذلك لتحتل قلب الأمة العربية ( فلسطين ) بعد أن مكّن الجيش البريطاني عصابات الصهاينة لترتكب مجازر كثيرة بحق الفلسطينيين حتى آضطرتهم للهجرة أو الموت في ديارهم ،، كل ذلك لم يكن معروفاً للكثير من شعوب العالم لأن الآلة الإعلامية الصهيونية والغرب بأكثريته كانت تنشرُ مظلومية اليهود على يد ( النازية الألمانية ) ولتكون الضحية الأكبر شعب وأرض فلسطين والأرض العربية بمجملها إن تحقق حلمُ ( إسرائيل الكبرى ) .  

إدّعى الصهاينة أنّ كل من رفض الاحتلال اليهودي الإسرائيلي لأرض فلسطين ، هو ( ضدّ السّامية ) وأصبحت هذه الجملة سبّةٌ وجريمة يحاسَبُ عليها كل مواطن يقاوم الاحتلال ويسعى لتحرير ارضه والاحتفاظ بكرامة أمته ، وبعد خمسٍ وسبعين سنةً يثور بعض شباب فلسطين وغزة بالذات ليعلنوا عن طوفان الأقصى ،،، وتقوم الدنيا ولا تقعد ( قصفٌ وقتلٌ للمدنيين بالذات ، ألأطفال ، كي لا يكبروا وتهديم لكل البنى التحتية ، كي لا يبقى أملٌ للحياة على هذه الأرض ،،، الّا أنّ الأمر لم يعد سراً فهذه وسائل التواصل الاجتماعي تنشر بالصورة والصوت والفعل ما يحصل على الارض ،، لتقف حكومة وجيش اسرائيل في قفص الاتهام الدولي ،، وما زال الكثير مما يجب عمله لنيل الحرية ، وكلمة إجلالٍ للشهداء والصامدين على جمر أرض فلسطين . 

في خضم ذلك تتحرك الأرض تحت أقدام الصهاينة في أكبر مدينة يسيطرون عليها ( نيويورك ، أمريكا ) ليُنتخب ( زهران ممداني ) رئيساً لبلدية نيويورك ،، رجلٌ مسلم حنطيّ اللون يُجرّم المجزرة التي يقوم بها نتنياهو وحلفاؤه ضد الشعب الفلسطيني ،،، ونرى الفزع ظاهراً في ( يسرائيل هيوم ) يوم 2025 /11 /5 حيث يقول ( ينسيم كاتس ) :: هناك خطر وجود حقيقي في انتخاب ( زهران ممداني ) لرئاسة بلدية نيويورك ، وهذا الخطر لا يكمن فقط في عدائه الشخصي لإسرائيل بل للنموذج السياسي المتقن الذي صاغه ( الذي يهدف إلى تحييد وتفكيك القوة المجتمعية اليهودية ) فقد استند إلى حائط يهودي بدعمٍ من منظمة ( صوت يهودي من أجل السلام  JVP ، وهكذا يتحول أي نقد لمواقفه إلى معنى الهجوم على يهود آخرين ) ولا يمكن اتهامه بأنه ضد السامية !!!  

فهل سينقلب السحر على الساحر ؟؟