شراكة بين ترامب ونتنياهو في جرائم الإبادة 

 
السؤال الذي يتهرب منه الاميركيون وربما الاسرائيليون هو هل ان الرئيس دونالد ترامب هو شريك في جريمة الإبادة التي نفذها نتنياهو في غزّة وحصيلتها عشرات الالوف من المدنيين الشهداء ؟! 
 
يجزم سفير أوروبي سابق ان إثارة دعاوى دولية بحق الولايات المتحدة واسرائيل ومسؤوليتهما عن جريمة غزّة ستؤدي إلى إدانتهما. 
سنحاول الإجابة على هذا السؤال من بداية التورط الاميركي وتغطية اسرائيل رغم تنامي تيار أميركي يطالب بمعرفة الحقيقة. 
تشير تقارير حديثة إلى وجود خلافات حادة وغير مسبوقة كانت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية السابقة برئاسة جو بايدن. ورغم الخلاف يتزايد الجدل حول الدعم العسكري المستمر والمتصاعد لإسرائيل، مما يثير تساؤلات حول معاني هذا الدعم في ظل الظروف الحالية. 
وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست”، يعكس هذا التوتر حقيقة أن إدارة بايدن كانت تعتبر عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل “أمرًا لا نقاش فيه”، في سياق دعمها المتواصل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وقد أكد مسؤول في البيت الأبيض أن “خفض المساعدات العسكرية لم يكن يومًا ضمن سياستنا”. 
مع ذلك وفي نهاية عهد بايدن دعا بعض الديمقراطيين، بما في ذلك حلفاء بايدن الرئيسيين، إلى ضرورة “حجب الأسلحة” عن إسرائيل. حيث يعتبر هؤلاء أن الحكومة الأميركية تتحمل مسؤولية أخلاقية لضمان أن تتخذ إسرائيل خطوات للحد من الخسائر في صفوف المدنيين، خصوصًا في ظل العمليات العسكرية في مناطق بقطاع غزة، بالإضافة إلى تعزيز المعونات الإنسانية الموجهة إلى القطاع. 
يعكس هذا الخلاف المتزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التحديات المعقدة التي تواجه السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، ويطرح تساؤلات حول كيفية التوازن بين دعم الحليف التقليدي ومراعاة القيم الإنسانية. 
وفقًا للمعلومات المتوفرة، فإن القنبلة الوحيدة المتاحة والتي يُحتمل أن تستخدمها إسرائيل لاستهداف منشآت فوردو ونطنز النووية الإيرانية هي القنبلة الأميركية “جي بي يو-57 إيه بي”. تُعرف هذه القنبلة أيضًا باسم القنبلة الخارقة للدروع الضخمة (إم أو بي)، وهي مصممة خصيصًا لتوجيه ضربات دقيقة للأهداف المدفونة والمحصنة بعمق كبير. 
تزن هذه القنبلة حوالي 13 إلى 14 طناً، ويبلغ طولها نحو 6 أمتار. تتميز بقدرتها على اختراق طبقات خرسانية مسلحة تصل سماكتها إلى 61 متراً، أو الوصول إلى عمق يصل إلى 12 متراً في الصخور الصلبة. 


تتطلب هذه القنبلة قدرات خاصة، حيث لا يمكن نقلها بواسطة الطائرات المقاتلة التقليدية، وإنما تحتاج إلى قاذفة القنابل الخفية الأميركية “بي 2 سبيريت”، التابعة للقوات الجوية الأميركية. هذه الخصائص تجعلها أداة استراتيجية هامة في العمليات العسكرية. عام 2023، بدأت الولايات المتحدة في إرسال سفن حربية وطائرات عسكرية إلى شرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى تزويد إسرائيل بالذخائر والمعدات العسكرية اللازمة. 
أكدت الولايات المتحدة أن إسرائيل ستحصل على “كل ما تحتاجه” لدعم هجومها المضاد على قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس. كما تعهدت بتقديم مزيد من المساعدات العسكرية إلى تل أبيب. وفي 20 تشرين الاول، أعلن الرئيس جو بايدن عن تقديم طلب للكونغرس للحصول على مساعدة إضافية لإسرائيل بقيمة 14 مليار دولار. 
ومع ذلك، أصبحت إسرائيل والولايات المتحدة أكثر عزلة في خضم تزايد الدعوات العالمية لوقف إطلاق النار. حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد عدد من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف العمليات العسكرية وزيادة المساعدات الإنسانية لدخول المساعدات إلى غزة. 
وقد واجهت الولايات المتحدة انتقادات من قبل جماعات حقوق الإنسان الدولية التي أدانت تقديمها الدعم العسكري والدبلوماسي، مما قد يُعتبر تواطؤاً في جرائم الحرب. 
 
المساعدات الأميركية وتأثيرها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي 
 
بين عامي 1946 و2022، أظهرت البيانات المستفيدين من المساعدات الخارجية للولايات المتحدة، حيث قُتل أكثر من 36 ألف فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء، منذ بدء القصف الإسرائيلي بحسب وزارة الصحة في غزة. وقد فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على القطاع، مما منع دخول الوقود والمياه، في وقت يبدو أن الجيش الإسرائيلي يستعد لشن غزو بري ضد هذا القطاع الساحلي المكتظ بالسكان. 
وصفت الولايات المتحدة الهجوم الوقائي الذي شنه حماس بأنه “غير مبرر”، وبدأت في إرسال سفن وطائرات حربية إلى المنطقة، مبدية استعدادها لتزويد إسرائيل بكل ما تحتاجه. في هذا السياق، دعت لجنة الحقوق المدنية الأميركية الحكومة إلى معالجة القضايا الجذرية التي أدت إلى العنف الأخير، مثل الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية منذ 56 عامًا، والحصار المفروض على غزة منذ 16 عامًا، بالإضافة إلى “نظام الفصل العنصري” السائد في كامل فلسطين التاريخية. 
منذ تأسيس إسرائيل في عام 1948، حصلت على 158 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية، مما يجعلها أكبر متلقٍ لهذه المساعدات في التاريخ. عقب انتصار إسرائيل على القوات العربية في عام 1967 واحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، تزايدت المساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل بشكل كبير، حيث تم إنشاء نظام القبة الحديدية الدفاعي، الذي بدأ تشغيله في عام 2011 بفضل الدعم الأميركي، الذي قدم عددًا من مكوناته، بما في ذلك تخصيص أكثر من 1.5 مليار دولار للدفاع الصاروخي لإسرائيل في عام 2022. 
كجزء من اتفاقية قياسية بقيمة 38 مليار دولار تمت المفاوضة عليها في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في عام 2016، تجاوزت المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل 3.8 مليار دولار في عام 2023. ومن بين تلك المساعدات، تم تخصيص نصف مليار دولار لتعزيز الدفاع الصاروخي الإسرائيلي. ونوهت واشنطن بأنها ستعمل على تجديد الذخيرة التي استخدمتها إسرائيل خلال النزاع الأخير ضد حماس. 
وقد صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن الولايات المتحدة متورطة في جرائم الحرب. وبدوره، أشار الأمين العام لمنظمة العفو الدولية إلى أن حق النقض يُظهر “استخفافًا صارخًا بمعاناة المدنيين وسط عدد مذهل من القتلى”. 
كما انتقدت منظمة أطباء بلا حدود هذا الفيتو، معتبرة أنه “يتعارض بشكل حاد مع القيم التي تدعي أنها تتبناها”، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة توفر “غطاءً دبلوماسيًا للفظائع المستمرة في غزة”. ومن جانبها، حذرت هيومن رايتس ووتش من أن الفيتو والدعم العسكري “يقودان إلى التواطؤ في جرائم الحرب”. 
على إثر استخدام حق النقض، لقي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي دعا إلى وقف إطلاق النار دعمًا ساحقًا، حيث صوتت 153 دولة لصالح القرار مقابل معارضة 10 دول. وفي إشارة إلى خيبة الأمل الدولية، دعا الرئيس التركي إلى إصلاح نظام مجلس الأمن الذي يسمح للأعضاء الدائمين باستخدام الفيتو ضد القرارات المدعومة من الأغلبية. 
واللافت ان استطلاعاً أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن 94% من المشاركين في 16 دولة في الشرق الأوسط لديهم آراء سلبية تجاه السياسة الأميركية في الحرب، بينما 76% منهم يشعرون بتضاؤل تقديرهم للولايات المتحدة بسبب سياساتها. 
وفي السياق نفسه، أصدر 12 عضوًا من الكنيست اليهودي بيانًا يعبر عن إدانتهم لمعارضة نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية، معتبرين أن “حل الدولتين هو الطريق الأمثل للمضي قدمًا”. 

تصعيد التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط 
 
ابتداءً من 7 تشرين الأول من العام الماضي، زادت الولايات المتحدة من عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط، حيث تم نشر حاملة الطائرات المتطورة يو إس إس جيرالد فورد في شرق البحر الأبيض المتوسط. 
في شهر نيسان، شاركت الولايات المتحدة مع حلفائها في عملية للدفاع عن إسرائيل بعد أن أطلقت إيران أكثر من 100 صاروخ باليستي، بالإضافة إلى نحو 30 صاروخ كروز وأكثر من 150 طائرة مسيرة محملة بالمتفجرات، وفقاً لتقارير لاحقة من صحيفة “واشنطن بوست”. 
استخدمت الولايات المتحدة طائرات إف-15 إي سترايك إيجلز لإسقاط حوالي 70 طائرة مسيرة هجومية كانت تتجه نحو إسرائيل، بينما قامت المدمرتان يو إس إس كارني وأرلي بيرك، المتمركزتان في شرق البحر الأبيض المتوسط، بإسقاط ما بين أربعة إلى ستة صواريخ باليستية. كما أشارت مصادر من البنتاغون إلى أن القوات الأمريكية في العراق استخدمت نظام باتريوت للدفاع الصاروخي لإسقاط صاروخ آخر. 
في الأول من تشرين الأول الجاري، أعلن اللواء باتريك رايدر، السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية، أن الجيش الأمريكي تدخل أيضاً عندما هاجمت إيران إسرائيل مجددًا، حيث أطلق الجيش الأمريكي ما لا يقل عن اثني عشر صاروخاً اعتراضياً ضد الصواريخ الباليستية القادمة. 
على الرغم من هذه العمليات، لم يصدر البنتاغون تقديرات لتكلفة الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل خلال هذه الفترة. ومع ذلك، تقدم تقدير سابق من مشروع تكاليف الحرب بجامعة براون للعمليات الأميركية الإضافية في الشرق الأوسط منذ تشرين الأول الماضي وبلغ 4.86 مليار دولار. ولم يُكشف عن تكاليف نشر نظام ثاد الدفاعي في إسرائيل، إذ تمتلك الولايات المتحدة حالياً سبع بطاريات من هذا النظام. 
 
تشير بعض التقديرات إلى أن إجمالي الإنفاق خلال الحرب قد يكون أعلى بكثير، حيث قدر تحليل من باحثين في جامعة براون أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل منذ 7 تشرين الاول تجاوزت 17.9 مليار دولار، شاملاً الالتزامات طويلة الأمد والإنفاق الطارئ، بما في ذلك مبيعات الأسلحة والتمويل العسكري وما لا يقل عن 4.4 مليار دولار من المخزونات الأميركية. 
أما بشأن الأسلحة والمعدات العسكرية المقدمة من أميركا لإسرائيل منذ 7 تشرين الاول، فإن إدارة بايدن قدمت واحدة من أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي تطوراً لإسرائيل، وتعيش البلاد في أول نشر كبير للقوات الأميركية منذ بدء الحرب في غزة. 
ووفقًا لتحليل الصور التي نشرتها القوات الإسرائيلية، يبدو أن إسرائيل استخدمت ذخائر أميركية الصنع تزن 2000 رطل لاستهداف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في بيروت. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن العديد من تفاصيل الصادرات العسكرية الأمريكية ليست معلنة، مما يجعل من الصعب تحديد عدد الأسلحة المستخدمة ومعدلات النقل بدقة. 
يتم تمويل معظم المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل من خلال برنامج التمويل العسكري الأجنبي، الذي يقدم منحاً لإسرائيل تتيح لها شراء السلع والخدمات العسكرية الأمريكية. كما تسهم الولايات المتحدة بحوالي 500 مليون دولار سنويًا في أنظمة الدفاع الصاروخي المشتركة. منذ عام 2009، بلغت مساهمات الولايات المتحدة في تمويل الدفاع الصاروخي 3.4 مليار دولار، بما في ذلك 1.3 مليار دولار مخصصة لنظام القبة الحديدية، الذي يهدف إلى التصدي للصواريخ قصيرة المدى، وفقًا لما أوضحته وزارة الخارجية العام الماضي. 
حصلت إسرائيل على إمكانية الوصول إلى بعض من أكثر التقنيات العسكرية الأميركية تطورًا، وكانت من أوائل الدول التي استخدمت طائرات إف-35 في القتال، بعد أن أدخلتها الخدمة في عام 2018. 
وعلى مدار العقود الماضية، كانت المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل تحظى بتوافق شبه حزبي. ومع ذلك، في بعض اللحظات النادرة، توقفت الولايات المتحدة عن تقديم المساعدات أو فرضت شروطًا عليها. فعلى سبيل المثال، بعد غزو إسرائيل للبنان في عام 1982، أوقف الرئيس رونالد ريغان شحنات من الذخائر أثناء تقييم ما إذا كانت عمليات النقل تتوافق مع القوانين المحلية لتصدير الأسلحة. وفي العام التالي، تم إيقاف شحنة من طائرات إف-16 حتى انسحاب إسرائيل من لبنان. 
 

هل تعرقل القوانين الأميركية تصدير الأسلحة إلى إسرائيل؟ 
 
القوانين الأميركية تنص بوضوح على أنه يتعين على جميع الدول التي تحصل على مساعدات أميركية الالتزام بمعايير حقوق الإنسان. الدول التي تنتهك هذه المعايير قد تواجه عقوبات وقد لا تكون مؤهلة للحصول على المساعدات العسكرية. يُنظم قانون المساعدات الخارجية (P.L. 87-195) جميع أشكال المساعدات الأميركية إلى الدول الأجنبية، وينص على أنه يحظر تقديم أي مساعدة لدولة “تنخرط في نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليًا”. 
قانون مراقبة تصدير الأسلحة (P.L. 90-629) ينظم المساعدات العسكرية والمبيعات إلى الدول الأجنبية، ويتطلب أن تُعطى الأسلحة “فقط لأغراض الأمن الداخلي والدفاع المشروع عن النفس”. 
يوجد أيضًا “قانون ليهي”، الذي يلزم وزارتي الخارجية والدفاع بفحص الوحدات العسكرية والأفراد قبل تأهيلهم للحصول على المعدات أو التدريب الأميركي. النسخة التي وضعتها وزارة الخارجية تدعو إلى عدم تقديم أي شكل من المساعدة “لوحدة من قوات الأمن” إذا ارتكبت “انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان”. بينما توضح النسخة التابعة لوزارة الدفاع أنه لا يمكن تقديم تدريب أو معدات لوحدة عسكرية ارتكبت مثل هذه الانتهاكات. ومع ذلك، لا تخضع إسرائيل لأي من هذه القيود. 
 
هل تفرض واشنطن أي شروط على المساعدات المقدمة لإسرائيل؟ 
 
بينما فرضت واشنطن شروطًا معينة على بعض الدول، مثل مصر بخصوص تلقيها قنابل وقذائف مواد انشطارية، فإنه في الموازنة تم حجب ملايين الدولارات من إجمالي 1.3 مليار دولار المخصصة كمساعدات عسكرية لمصر، وذلك حتى تتمكن وزارة الخارجية الأميركية من التأكيد على أن القاهرة “تتخذ خطوات مستدامة وفعالة” لتعزيز حقوق الإنسان. 
 
مذكرة التفاهم بين اميركا وإسرائيل 
 
في عام 2016، وقّعت الحكومتان الأميركية والإسرائيلية مذكرة تفاهم تمتد لعشر سنوات من عام 2019 حتى 2028، تلتزم بموجبها الولايات المتحدة بتقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 38 مليار دولار. وقد حلت هذه المذكرة محل اتفاقية سابقة كانت تقدر بـ30 مليار دولار واستمرت حتى السنة المالية 2018. وفي السنة المالية 2021، تمكن التمويل العسكري الذي طلبه الرئيس الأمريكي لإسرائيل من تشكيل نحو 59% من إجمالي الطلبات العسكرية الأميركية الموجهة للعالم. 
بدأ تنفيذ اتفاق المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، والذي يتضمن تقديم 38 مليار دولار على مدى عشر سنوات. وذكرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر ناويرت، أن دخول هذه “المذكرة التاريخية” الموقعة بين الولايات المتحدة وإسرائيل عام 2016 حيز التنفيذ يعكس الالتزام “الدائم وغير المتزعزع” بأمن إسرائيل. 
وأوضحت ناويرت أنه سيتم تحويل مبلغ 3.8 مليار دولار سنويًا إلى إسرائيل خلال العقد المقبل، مشيرة إلى أن الاتفاق تم في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وأكدت أن هذا الاتفاق يعكس الدعم الثنائي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأميركي لإسرائيل في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها في الشرق الأوسط. 
كما أكدت أن بدء تنفيذ الاتفاق يعكس التزام الرئيس دونالد ترامب والشعب الأمريكي بضمان أمن إسرائيل. ووفقًا لبنود مذكرة التفاهم، ستحدد الولايات المتحدة مستوى التمويل لإسرائيل عند 3.3 مليار دولار كتمويل عسكري أجنبي، بالإضافة إلى 500 مليون دولار مخصصة لبرامج الدفاع الصاروخي خلال السنوات القادمة. 
وأضافت الناطقة أن هذا يمثل “زيادة كبيرة” مما يسمح لإسرائيل بالحصول على قدرات عسكرية متطورة من الولايات المتحدة، مما سيسهم في تعزيز أمنها مع مرور الوقت. ووصفت إسرائيل بأنها “حليف قوي وذو قيمة” للولايات المتحدة، تواجه تهديدات إقليمية متزايدة بشكل خطير، أولها دعم النظام الإيراني “للجماعات الإرهابية” التي تستهدف إسرائيل وكذلك المصالح الأمريكية. وذكرت أن هذه التهديدات تتضمن انتشار أنظمة أسلحة مهددة لاستقرار المنطقة، ما يعزز احتمال تفاقم الصراعات في سياق متقلب. 
وشددت ناويرت على أن الولايات المتحدة “تؤكد بلا قيد أو شرط حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، مشيرة إلى أن “مذكرة التفاهم تعد دليلاً ملموسًا على التزام أميركا بقدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها بميزة عسكرية نوعية تفوق جميع منافسيها المحتملين في المنطقة”. 
 
تطور الاهتمام الأميركي في منطقة الشرق الأوسط 
 
في البداية، كانت مصلحة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط تتركز على القضايا الاقتصادية والعلاقات التجارية والنشاطات التبشيرية. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية 
وبعد انتهاء الحرب الباردة، لم تتغير أولويات الولايات المتحدة في المنطقة، بل زادت أهمية إسرائيل كداعم رئيسي لتحقيق أهداف أمريكا في إضعاف الدول العربية وتغذية الخلافات السنية الشيعية. 
 
اللوبي الصهيوني 
 
عملت الحركة الصهيونية على تعزيز وجودها وتأثيرها لدى صانعي القرار الأمريكي منذ وقت مبكر، وأصبح ما يُعرف بـ “اللوبي الصهيوني” واحدًا من أبرز وأكثر جماعات الضغط نفوذًا في السياسة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي. 
ترجع جذور نفوذ اللوبي الصهيوني إلى العديد من العائلات اليهودية الثرية في الولايات المتحدة، والتي سبقت تأسيس الحركة الصهيونية في مؤتمر “بازل” ولم تكن هناك سياسة واضحة للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط حينها. 
اللوبي الصهيوني هو تحالف غير رسمي يتكون من مجموعة من الهيئات والجماعات والمؤسسات والأفراد الداعمين لإسرائيل داخل أميركا. ومن أبرز هذه الجماعات “اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة” (إيباك)، و”مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى”، و”رابطة مكافحة التشهير”، بالإضافة إلى المنظمات المسيحية الصهيونية مثل “المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل”. 
يلعب اللوبي الصهيوني دورًا مهمًا في الحفاظ على الدعم الأميركي لإسرائيل على جميع الصعد العسكرية والسياسية والدبلوماسية، خاصة في الأوقات الحرجة، من خلال الضغط على صانعي القرار في أميركا لدعم إسرائيل وتقديم مصالحها في المنطقة. 
 
أشكال الدعم الأمريكي لإسرائيل 
 
أولاً: الدعم السياسي 
كانت الولايات المتحدة من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل كـ “دولة مستقلة”، حيث أصدر الرئيس هاري ترومان بيان “الاعتراف” عقب إعلان قيام دولة إسرائيل في 14 أيار 1948. وفي 28 آذار 1949، تم تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين عندما قدّم السفير الأميركي جيمس غروفر ماكدونالد أوراق اعتماده لإسرائيل، مما جعلها أهم شريك للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إذ تلتقي المصالح بين الطرفين. 
منذ ذلك الحين، أخذت الولايات المتحدة على عاتقها دعم إسرائيل سياسياً في نزاعاتها مع العرب، وكذلك دعم سياسة الاستيطان التي تمارسها على الأراضي الفلسطينية والعربية، مما يتعارض مع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. 
كانت جميع الإدارات الأميركية منذ تأسيس إسرائيل تؤكد بعد تنصيبها الالتزام بأمن إسرائيل، وهو التزام يتجاوز الانتماءات الحزبية ويعتبر جزءًا من الاستراتيجية العامة للسياسة الأميركية، مما يجعل الانتقاد العلني لإسرائيل نادرًا وجريمة لا تغتفر. 
 
حق النقض “الفيتو” 
 
استفادت الولايات المتحدة من منصاتها في المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتقديم الدعم لإسرائيل، حيث استخدمت حق النقض (الفيتو) لإحباط أي محاولات عربية أو دولية تهدف إلى إنصاف الشعب الفلسطيني. كانت أول استخدامات أميركا للفيتو لصالح إسرائيل في عام 1972، ومنذ ذلك الحين، تضاعف عدد المرات التي استخدم فيها الفيتو لصالح إسرائيل إلى 45 مرة حتى عام 2023. 
كان آخر استخدام للفيتو من قِبل الولايات المتحدة في 18 تشرين الأول 2023، عندما أحبطت مشروع قرار تقدمت به البرازيل يدعو إلى “هدنة إنسانية” لتيسير وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، إثر الهجمات العسكرية الإسرائيلية على المدنيين. كما ترفض الولايات المتحدة العديد من قرارات الأمم المتحدة التي تدعم الحقوق الفلسطينية، وتوفر لإسرائيل الغطاء اللازم لتجنب تنفيذ هذه القرارات. 
في أوقات الاعتداءات على غزة ولبنان وسوريا، تسرع الولايات المتحدة إلى دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس، بينما توجه انتقادات حادة تجاه عمليات المقاومة الفلسطينية. وقد شهدت الفترة السابقة للرئيس دونالد ترامب تشديد العقوبات السياسية والاقتصادية على الدول التي تصوت ضد إسرائيل، بالإضافة إلى انسحاب الولايات المتحدة من مؤسسات تابعة للأمم المتحدة ووقف التمويل لها بسبب قرارات اتخذتها ضد 
إسرائيل. 
 
اتفاقات سلام لصالح إسرائيل 
 
رعت الولايات المتحدة المفاوضات العربية الإسرائيلية المعروفة بـ “عملية السلام”، لكن جهودها للضغط على إسرائيل كانت محدودة، وغالبًا ما كانت تصب في صالح الأمن والمصالح الاستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة. 
الدعم العسكري: 
 
بدأت المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل في عام 1949، ولكن التعاون العسكري الفعلي بين الطرفين بدأ في عام 1952، عندما وقعا اتفاقًا بشأن الدعم اللوجستي الثنائي، تلاه اتفاق حول التعاون السياسي والأمني بينهما. 
الولايات المتحدة تواجه خطر الانجرار أكثر إلى أجندة السياسة الخارجية الإسرائيلية. إن استمرار الدعم العسكري لإسرائيل دون ممارسة نفوذ للحد من تصرفاتها سيجذب الولايات المتحدة إلى التزامات عسكرية وسياسية أكبر في الشرق الأوسط، مع تكلفة كبيرة على الموارد الأميركية، والهيبة، والمصالح. 
تعد المساعدات الأمريكية لإسرائيل عاملاً حاسمًا في تمكين الوضع العسكري العدواني لإسرائيل. لقد تضاعف حجم المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل على الأقل ثلاث مرات منذ هجمات 7 تشرين الاول 2023. وفقًا لخدمة الأبحاث التابعة للكونغرس، قدمت الولايات المتحدة مباشرة ثلث موازنة الدفاع الخاصة بإسرائيل في عام 2024. كما أن العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة منذ بدء حرب غزة أضافت بشكل غير مباشر مليارات الدولارات إلى المبلغ الذي أنفقته الولايات المتحدة لصالح إسرائيل. 
ومع ذلك، فإن العقيدة الأمنية الإسرائيلية تهدد مباشرة المصلحة الأميركية طويلة الأمد في إقامة ترتيب أمني مستقر وقابل للاستدامة في الشرق الأوسط، مما من شأنه أن يمكّن من تقليص الوجود العسكري الأميركي ومستوى المشاركة في المنطقة. إن المسار الحالي لإسرائيل في صراعاتها سيتطلب مزيدًا من الانخراط العسكري الأميركي، وليس أقل، دون أفق واضح النهاية. 
تبدو نيّات إسرائيل واضحة فهي تشمل تدمير النظام الحالي في إيران، ونزع سلاح حزب الله في لبنان بشكل دائم، واحتلال أراضٍ داخل سوريا، وطرد جماعي لمئات الالوف من المدنيين المتبقيين في غزة، وضم الضفة الغربية. ولكن لا يمكن تحقيق أي من هذه الأهداف، ناهيك عن جميعها، دون دعم عسكري وسياسي أميركي موسع بشكل كبير على المدى الطويل. 
لقد استمرّت الهجمات الإسرائيلية على غزة في الأشهر الأخيرة ، مما أثّر بشكل مأساوي على المدنيين، وخلق مجاعة مصطنعة، وأدّى إلى ارتكاب جرائم حرب واسعة النطاق، دون أي مؤشرات على تحسن الوضع. 
هذه الأحداث الفظيعة، جنبًا إلى جنب مع خطط إسرائيل لتوسيع الحرب من خلال احتلال مدينة غزة، تتلقى إدانة دولية متزايدة. الآن، يدعم أقل من ثلث الجمهور الأميركي تصرفات إسرائيل في غزة. بالإضافة إلى ذلك، فإن استمرار المشاركة الأميركية في النزاع يتعارض مع آراء الناخبين الأمريكيين ويضر بمكانة الولايات المتحدة في العالم. على الرغم من ذلك، يبدو أن إسرائيل تعتمد على المساعدات الأمريكية في التطهير العرقي لسكان غزة إلى موقع أجنبي غير محدد حتى الآن، بالإضافة إلى المساعدة في إعادة بناء غزة. 
يقول أخصائيون بالعلوم السياسية ان الرئيس ترامب ادرك بعد دراسة التقارير عن تراجع التأثير الاسرائيلي على الرأي العام الاميركي ان عليه فرض وقف الحرب في غزّة وان التحرك الدولي ضد جرائم اسرائيل الإنسانية وأساليب الإبادة في هدم غزة لتهجير أهلها الذين لا يزالون صامدين. 
محمد المشنوق