الحصاد 100: حكاية حب مع القارئ

غادة السمان

هذه مجلة عاشرتها منذ عددها الأول واحتفى قلمي  »بحصادها« الذي يزداد وفرة مع كل عدد… مائة عدد وهي مع كل عدد جديد تزداد ثراء بعطائها الصحفي الراقي حتى عددها الحالي رقم  »100«.

أحببت  »الحصاد« منذ عددها الأول، والمحب محاسب عسير… ولكنه يفرح لازدهار المحبوب وتلك حال القارئ مع  »الحصاد«. تنشأ بين القارئ مثلي وكتّاب  »الحصاد« صلة حميمة مع كل عدد جديد.

الكتابة بحبر لا مسموم!

ولعل أجمل ما في  »الحصاد« أن حبرها ليس مسموماً بل تقدم انتقادها بصورة موضوعية راقية. انها مجلة وفية لشعبها العربي وخلاصه لكنها لا تتورط في العنف اللفظي اللامجدي بل تحافظ على رقيها وفي دنيا من العنف معظمه عنف استفزازي نجد هذه المجلة تحافظ على توازنها الهادئ بصخب الجرح الباحث عن العلاج العقلاني لا عن الانتقام…

لا لأنني نسوية ولكن…

استطاعت الاستاذة ابتسام أوجي أن تلعب دور الريان الماهر الذي لم يضيّع البوصلة العربية، وافتتاحيتها لكل عدد نموذج راق للمختصر المفيد… وأبجديتها لا تعرف الثرثرة لكنها تتقن تعرية الجرح. وانحاز إلى ما استطاعت تلك السيدة تحقيقه كرئيسة لمجلس الادارة ورئيسة للتحرير ليس من باب  »النسوية« المتعصبة لبنات جنسها بل بالمعنى المهني الصحفي.

مجلة الإنسجام مع حرية المزاج للقارئ

من الجميل في مجلة  »الحصاد« العربية اللندنية انك تستطيع قراءاتها وفقا لمزاجك. إذا كنت متعبا ولا تريد أكثر من من الترويج عن نفسك تستطيع الذهاب الى صفحات  »واحة الحصاد«. واعترف أنني مرة انفجرت ضاحكة بصوت عال أمام كاريكاتور لحسين حمود غير السياسي والطاعن في خفة الظل النضرة… وأحب الأقوال في واحة  »الحصاد« وبالذات لأنها تخلت عن اختيار تلك الساخرة أو المسيئة للمرأة…

 »الحصاد« مجلة تمتاز بالتنوع ويجد فيها كل قارئ ضالته وفقا لمزاجه. وقد نجحت في استقطاب كوكبة من المبدعين كل في حقله أذكر منهم الاستاذة: أمين الغفاري الذي يجول بين الحاضر والماضي كمن يقفز بيسر بين نجمة وأخرى ويحملنا معه بمتعة. والدكتور مازن الرمضاني الذي يحاول في دراسته المستقبلية إيقاظ (أهل الكهف) على توقيت كوكبنا وتطلعاته المستقبلية… والصديق منذ ألف عام معن بشور… وذات القلم الاستثنائي سهير آل إبراهيم… وغسان الحبال. ود. ماجد السامرائي وعصام الجردي ونسرين الرجب وليندا نصار ورؤوف قبيسي والشاعر نعيم تلحوق الوفي للعطاء الجديد في صفحته / أدب، كما للراحلين، و »آفاق« الشاعر جاد الحاج ورنا خير الدين (طب) والدكتور هيثم الشيباني أما الصفحة الأخيرة فهي لضيوف العدد مثلي! وصفحات المجتمع تمتاز بالرقي وتلتقي غالبا فيها بسفراء البلاد العربية في لندن ونشاطاتهم بعدما التقينا في المجلة بالعديد من سفراء الابداع العربي الأبجدي وغير الأبجدي. ونجول مثلا مع أمين الغفاري بين دنيا السياسة والتاريخ ودنيا الابداع اللامنسي لأمثال وديع الصحافي فيزداد لدينا الانطباع العام بجمالية التنوع.

من الجميل أن قارئ  »الحصاد« لا يشعر أن  »فخا فكريا« يتربص به في روح الموضوعات… انها مجلة المحبة للشعب العربي دونما مكائد سياسية!

العدد 100 –كانون الثاني 2020