الحكومات الإلكترونية الخليجية: برامج ذكية في خدمة التنمية المستدامة

بيروت: غسان الحبال

يعتبر مشروع الحكومة الإلكترونية من أبرز المشاريع التي بادرت إليها الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويعقد لواء الريادة في هذا القطاع، عربيا وخليجيا، لدولة الامارات العربية المتحدة، وذلك وفق تقييم الأمم المتحدة في تقريرها للعام 2016 والذي تجريه كل عامين.

يركز تقييم الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2016 على مدى قدرة الدول على توظيف برامج الحكومة الإلكترونية والذكية لخدمة الأهداف الإنمائية التي يبلغ عددها 17 هدفاً، ومنها التعليم الجيد، والصحة الجيدة والرفاه، والمساواة بين الجنسين، والطاقة النظيفة، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، وغيرها.

كما يركز التقييم على قياس مدى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إصلاح وتطوير القطاع العام في الدول، عن طريق تعزيز الكفاءة، والفعالية، والشفافية، والمساءلة، والوصول إلى الخدمات العامة، ومستوى مشاركة المواطنين في كل دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في جميع مستويات التنمية.

وتسعى دول مجلس التعاون إلى تنفيذ مشاريع الحكومة الإلكترونية سعياّ منها إلى خدمة المواطنين باستخدام احدث التقنيات والوسائل وإيمانا منها بأهمية دور التكنولوجيا في تسهيل توصيل الخدمات الحكومية إلى المواطنين والزوار وقطاع الأعمال.

ويحمل مصطلح »الحكومة الإلكترونية« أهمية قصوى في ضوء الثورة المعرفية الجديدة التي يعيشها العالم بفضل العلاقة التفاعلية بين جميع المستخدمين، والتي أرست مفهوما للإنترنت أقل قيودا وأكثر إنسانية.

وتسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية تطبيقا كاملا وفق مراحل وخطوات تدريجية، وذلك عبر استخدام المؤسسات الحكومية لتكنولوجيا المعلومات التي تتضمن مختلف أساليب الاتصال عبر شبكة الإنترنت او شبكات المعلومات العريضة، لتحقيق عدد كبير من الأهداف كتقديم خدمات أفضل للمواطنين، وتحسين التعامل والتفاعل مع رجال الأعمال والصناعيين، وتمكين المواطنين من الوصول إلى المعلومات بمزيد من الشفافية، وضمان إدارة أكثر كفاءة للمؤسسات الحكومية، ومحاصرة الفساد وتحجيمه، وتخفيض النفقات ومضاعفة قناعة المواطن بدور المؤسسة الحكومية في حياته.

عرييا.. الإمارات أولا

بداية مشروع الحكومة الإلكترونية كانت من دبي التي أطلقت أول حكومة إلكترونية عربية في العام 2001، ليتجاوز عدد الخدمات الإلكترونية التي تقدمها اليوم ألفي خدمة، بما يعني توفير أكثر من 90٪ من الخدمات الحكومية إلكترونيا، واحتلال مركز عالمي متقدم على هذا الصعيد.

أبو ظبي بدورها خاضت أيضا تجربة ناجحة عبر موقع »بوابة حكومة أبو ظبي« الإلكترونية حيث يعود تميز هذا الموقع إلى السهولة التي يوفر فيها معلومات وخدمات تفيد المواطنين والمقيمين والزوار، وقد صنفت الخدمات الإلكترونية فيه تبعا للقطاع الذي تنتمي إليه، وفيه أيضا تصنيف للخدمات الأكثر طلبا.

وتأتي الامارات في المركز الثامن عالميا وفق المؤشر الخاص بالخدمات الإلكترونية والذكية ضمن استبيان تنمية الحكومات الإلكترونية الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية.

ووفق المؤشر ذاته تكون الامارات قد حققت المركز الأول خليجيا وعربيا وعلى مستوى منطقة غرب آسيا ككل، فيما حققت المركز الثالث آسيويا.

أما في مؤشر المشاركة الإلكترونية، فقد اشتركت دولة الإمارات ومملكة البحرين في احتلال المركز الأول عربيا، وحققت الدولتان معا المركز 32 عالميا.

ومن الإشارات المهمة في التقرير الدولي، أنه وضع دولة الإمارات في مقدمة الدول الرائدة على مستوى العالم من حيث مستوى التقدم على مسار تنمية الحكومة الإلكترونية. كما وضع التقرير إسم دولة الإمارات في قائمة أفضل 50 دولة في العالم من حيث تطبيق المشاركة الإلكترونية.

السعودية وبرنامج »يسر«

من جهتها، بدأت المملكة العربية السعودية مسيرة تحولها للتعاملات الإلكترونية الحكومية مع بدايات العام 2005م. وتعتبر بوابة »سعودي« البوابة الوطنية للتعاملات الإلكترونية الحكومية والمنفذ الموحد للخدمات الإلكترونية الحكومية في السعودية عبر إنشاء برنامج )يسّر( بهدف رفع كفاءة وإنتاجية القطاع الحكومي من خلال تقديم خدمات إلكترونية سهلة وميسرة لجمهور المستفيدين من المواطنين والمقيمين والزوار وقطاع الأعمال.

وقد نجحت المملكة في تحقيق تقدم بارز في مجال التعاملات الإلكترونية الحكومية بعد أن أصبح التعامل الإلكتروني للحصول على الخدمات الحكومية واقعاً ملموساً يعيشه ملايين من المستفيدين عند تعاملهم مع الجهات الحكومية. وتأتي السعودية الآن في المرتبة 36 من بين 193 دولة عالمياً في مجال الحكومة الإلكترونية، وهذا يعكس مدى الجهود التي تبذلها مختلف الجهات الحكومية في المملكة لتحويل خدماتها إلى خدمات إلكترونية سهلة وميسرة يستفيد منها الملايين من المواطنين والمقيمين.

 أما عن أهداف برنامج »يسّر« الإلكتروني فيمكن تلخيصها بالآتي:

رفع إنتاجية وكفاءة القطاع العام.

تقديم خدمات أفضل وأيسر للأفراد وقطاع الأعمال.

زيادة عائدات الاستثمار.

توفير المعلومات المطلوبة بدقة عالية في الوقت المناسب.

وتعد بوابة »سعودي« منفذاً للمعلومات الحكومية وذلك عير توفيرها للمقومات الآتية:

تمثل منفذًا معلوماتيًّا مهماً لنشر الأخبار والفعاليات المتعلقة بالخدمات الإلكترونية وبالجهات المقدمة لها.

توفر دليلاً للجهات الحكومية.

 توفر عددًا كبيرًا من روابط الأنظمة واللوائح والقوانين والخطط والمبادرات السعودية.

 توفر قسم »عن المملكة« الذي تحتوي صفحاته على معلومات عن المملكة العربية السعودية.

فوائد الحكومة الإلكترونية

وإلى الامارات والبحرين والسعودية يلاحظ بشكل عام ان دول الخليج العربي أحرزت خلال السنوات القليلة الماضية معدلات أعلى من المتوسط العالمي على صعيد مؤشر الخدمات الإلكترونية الذكية، الأمر الذي يدل على اهتمام الحكومات الخليجية بتقديم خدماتها بصورة إلكترونية ذكية تحقيقا للفوائد/الأهداف الآتية:

ـ إنشاء قنوات اتصال إضافية ما بين المواطنين والشركات من جهة والحكومة من جهة أخرى.

ـ  تأكيد وإظهار الشفافية في عمل الحكومة.

ـ العمل على توفير المعلومات للمواطنين ..

ـ تسويق البضائع عالمياً مع جذب الاستثمارات.

ـ العمل على توفير المعلومات الحديثة بوقت مناسب.

ـ تبسيط الأعمال الحكومية وجعلها أكثر كفاءة، وبالتالي تقليل تكاليف الإجراءات الحكومية.

ـ تقليل كلفة الحكومة من خلال تحسين أدائها وجعلها أكثر كفاءة.

ـ تقليل كلفة الأعمال التجارية عن طريق جعل  تعاملها مع الحكومة أكثر سهولة وبساطة .

ـ  زيادة نشر أجهزة الحاسوب وزيادة وعي المواطنين بخدمة الانترنت.

ـ زيادة مستوى التعليم والتدريب في صفوف القطاعين العام والخاص.

ـ تشجيع قطاع المعلوماتية في الحكومة.

ـ تشجيع التكنولوجيا الحديثة باعتبارها مستقبل للدول.

ـ بناء شبكة معتمدة على مفهوم الحكومة الالكترونية.

ـ انتقال تدريجي للنقود الرقمية والمعاملات المالية.

تعقيدات وتحديات

ومقابل الفوائد التي يمكن للحكومة الإلكترونية توفيرها على طريق التنمية المستدامة هناك معوقات كثيرة يفترض تذليلها في سبيل تحقيق الأهداف المتوخاة، وفي حين تتفاوت المعوقات من دولة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، ومن بيئة إلى بيئة مختلفة، يمكن القول أن المعوقات التي تعترض المسيرة الإلكترونية لدول مجلس التعاون الخليجي تعتبر أقل أو أكثر سهولة من تلك التي تعترض سائر الدول العربية الفقيرة، وإلى مقاومة التغيير في القطاعات الحكومية في بعض الدول الخليجية، تبرز مشكلة سبل حماية المعلومات الشخصية التي تجمعها الحكومة، وحماية مواقع الحكومة الإلكترونية نفسها من هجمات القرصنة أو من سوء الاستخدام، وهي مشكلة لا حل لها إلا بإستحداث مستويات حماية قصوى للمعلومات الشخصية ولمواقع الحكومة الإلكترونية عموما.

أسس التطبيق الناجح

وخارج إطار المعوقات والتحديات التي يمكن البقاء على جهوزية دائمة لمواجهتها، يمكن رصد العديد من العوامل التي تمثل الأساس للتطبيق الناجح للحكومة الإلكترونية في الدول الخليجية، وأبرزها:

ـ توفر مستوى مناسب للبنية التحتية في البلد المعني.

ـ توفر التقنية اللازمة للوصول لخدمات الحكومة الالكترونية مثل أجهزة الحاسوب. ومفاتيح الإدخال وغيرها.

ـ توفر مستوى مناسب من التعليم للمواطنين.

ـ توفر مستوى مناسب من التدريب والاهتمام من قبل موظفي الحكومة.

ـ توفر روح القيادة والرؤيا من قبل الوزراء المختصين في الحكومة.

ـ توفر المستوى المناسب للتمويل من قبل الحكومة.

ـ توفر السرية والأمن للمعلومات الشخصية، والحفاظ على خصوصية المعلومات.

كادر

عوامل قياس نجاح الحكومة الإلكترونية

ـ قيام المواطنين والشركات بتقبل الحكومة الالكترونية مع الاستمرار باستخدام خدماتها، أي مدى تطبيق هذه الخدمات.

ـ توفر مواقع مختصة على شبكة الانترنت، على أن يقيس هذا العامل مدى سهولة استخدام المواقع.

ـ توفر مركز متخصص يكون قادراً على تقديم الإشراف والدعم للحكومة الالكترونية، ومساعدة مجموعة المستخدمين الرئيسيين من مواطنين عاديين وشركات.

ـ مساهمة الإعلام في نشر الجوانب الايجابية والنجاحات في استخدام الحكومة الالكترونية.

ـ توحيد معنى استخدام المفاتيح لأجهزة الاتصال لجميع المواقع، مما يزيد من سهولة استخدام الحكومة الالكترونية.

ـ قياس عدد الأشخاص الذين يستخدمون النظام للقيام بالأعمال المتعلقة بأعمال الحكومة، وعدد الأشخاص الذين يستخدمون النظام لأكثر من خدمة مما يحدد سرعة وسهولة استخدام النظام.

ـ إمكانية الوصول إلى النظام من قبل المواطنين الأجانب لنشر المعلومات عن الحكومة في الخارج.

ـ إمكانية حصول المواطنين والشركات على المعلومات المطلوبة بسرعة وبكفاءة عالية.