الصين نموذج جيد في الطاقة المتجددة

الدكتور هيثم الشيباني
خبير في البيئة

المقدمة :

يعتبر موضوع الطاقة المتجددة من أخطر مواضيع الساعة، ان لم يكن هو الأخطر والأهم هو الذي يمس حياة كل الأحياء على وجه الأرض وفي مقدمتهم البشر.

عرفت الصين في السنوات الماضية بأنها من أكبر الدول الملوثة للبيئة بسبب صناعاتها العملاقة التي كانت تتجاهل الأثر البيئي والاحتباس الحراري.

الا أنها انتبهت الى موقفها وبدأت ببرامج كبيرة نحو البيئة المتجددة حتى أصبحت في الصدارة ضمن دول العالم في هذا المضمار.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تتخطى مستويات التلوث الهوائي في عديد من المدن الضخمة حول العالم الحدود الموصى بها، فيتنفس 90% من سكان المدن الحضرية هواءً يتجاوز مستويات الخطر. والحقيقة أن نصف سكان المدن الحضرية تقريبًا يعانون من تلوث يزيد على توصيات منظمة الصحة العالمية بمرتين ونصف المرة.4518-china-air-pollution

لقد انتبه العالم في وقت متأخر الى خطورة الاحتباس الحراري، وعليه جاءت اتفاقية كيوتو التي ألتزمت بموجبها كافة دول العالم بتقليل الاعتماد على كافة مصادر الوقود الأحفوري وفي مقدمتها الفحم والنفط والغاز.

ويذكر أيضا أن النفط والغاز شكلا ولا زالا يشكلان خطرا كبيراعلى السلام في العالم، وأن معظم الصراعات الدولية والاقليمية تقوم بسببها وأن كثيرا من البلدان حققت طفرات نوعية في مستوى عيش سكانها ورفاهيتهم دون مصادر النفط وأخواتها.

وتعرف الطاقة المتجددة بأنها الطاقة التي لا تنضب، وتسمى مستدامة أيضا. وهي مستمدة من الموارد الطبيعية، ولا تؤدي الى تلوث. على العكس من طاقة الوقود الأحفوري )النفط والفحم والغاز( التي تؤدي الى الاحتباس الحراري.

يمكن الحصول على الطاقة المتجددة من الشمس والمياه )المحطات الكهرومائيه(، حيث أنشأت السدود العظيمة أينما وجدت الأنهار ومساقط المياه ومن حركة المد والجزر في البحار،والرياح )بواسطة طواحين الهواء( والطاقة الحرارية الأرضية، والمحاصيل الزراعية حيث أن بعض المحاصيل الزراعية تنتج الزيوت، ويمكن استخلاص الوقود من النفايات أيضا.

 هناك بلدان عديدة وضعت خططاً لزيادة نسبة إنتاجها للطاقة المتجددة بحيث تغطي احتياجاتها من الطاقة بنسبة 20% من استهلاكها في عام 2020، وانتبهت معظم البلدان المتقدمة وبعض الدول النامية الى أهمية الطاقة المتجددة، وصارت بضغوط من منظمات الحفاظ على البيئة والخطط والبرامج الحكومية تتسابق نحو بيئة خالية من التلوث.

 نشأت معاهدة كيوتو التي نصت على التزامات قانونية للحد من انبعاث أربعة من الغازات الدفيئة وهي )ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروس، وسداسي فلوريد الكبريت(، ومجموعتان من غازات الهيدروفلوروكربون، والهيدروكربونات المشبعة بالفلور التي تنتجها الدول الصناعية وتضمنت أيضا التزامات عامة على جميع البلدان الأعضاء.

نموذج الصين

لقد وجدنا أن الصين نموذج جيد يستحق أن يحتذى به في مجال استثمار الطاقة المتجددة، وتترأس الصين العالم حاليا من ناحية استخدام الطاقة المتجددة.

 أن بكين قد تخلصت من إجمالي مليون سيارة متقادمة خلال الفترة من2013 إلى 2017. وفي نيتها التخلص من300 ألف سيارة هذا العام للوفاء بهذا الهدف.

و إن العاصمة فيها5.7 مليون سيارة مسؤولة عن معظم التلوث.

لقد جربت مقاطعة شنغهاي تجربة ناجحة في الاعتماد على مصادر متجددة فقط لمدة اسبوع، ويعد السبب وراء هذه التجربة الأسبوعية مهما للغاية إذ أرادت الصين إثبات إمكانية تشغيل إحدى مقاطعاتها اعتمادًا على مصادر متجددة نظيفة فقط.

 جاء العام 2017 بثماره في  الصين، فخلال الأسابيع الماضية، وجهت الصين جهودها نحو استيفاء متطلبات اتفاق باريس للمناخ.

 وتخطط الصين لاستثمار 370 مليار دولار تقريبًا، في قطاع الطاقة المتجددة، ما يعني أنها ستفتح المجال لأكثر من 13 مليون وظيفة وفقًا لإدارة الطاقة الوطنية، وفي ذلك الأثناء، يستمر قطاع الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة الأمريكية في إيجاد فرص عمل بمعدل يفوق باقي القطاعات الاقتصادية بسبعة عشر ضعفًا.

حقًا يبدو أن الطاقة النظيفة هي الطريق الأفضل للكوكب والمجتمع على حد سواء.

لقد بدأت الصين رسميا في انشاء )مدينة الغابه( الآولى في العالم، مما يعني سيتم التخلص من نحو 10 آلاف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون بالإضافة الى 57 طنا من الملوثات سنويًا، وستنتج نحو 900 طن من غاز الأكسجين.

وصُممت )مدينة الغابة( الأولى في العالم لمحاربة التلوث، وهي قيد الإنشاء حاليًا في مدينة ليوشو في مقاطعة غوانجشي في الصين.

 كما أنها تقوم بتخفيض درجة الحرارة وتشكل حواجز ضد الضوضاء وتحسن التنوع الحيوي المحلي .

ستكون طاقة مدينة ليوشو الخضراء مكتفية ذاتيا، وستكون المدينة مغطاة بالشبكة اللاسلكية وستتضمن مناطق تجارية وأخرى سكنية وأماكن للاستجمام بالإضافة لمستشفى ومدرستين وستتصل مدينة الغابة بمدينة ليوشو بخط سريع للسكك الحديدية التي تعمل بالطاقة الكهربائية.

 ومن المقرر الانتهاء من المدينة في العام 2020. وللمشروع أهمية كبيرة في الصين، وعند نجاحه فسيكون نموذجا لتصميم المدن الخضراء في الصين وفي العالم أجمع.

 أن الصين والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية والهند واليابان وألمانيا تتصدر دول العالم من ناحية اعداد الوظائف المتاحة في قطاع الطاقة المتجددة.

في مجال السيارات الكهربائية دخلت الصين منافسا قويا لشركة تسلا في الانتاج، اذ أنها توصلت الى سيارة صغيرة الحجم عائلية بسعر سبعة الاف دولار وأكثر قليلا، وهذا السعر أقل كثيرا من سعر السيارات الكهربائية في السوق. وهذا مربح على الصعيد الاقتصادي الداخلي لأن الفرد الصيني صارت قوته الشرائية أكبر واستفادت الصين من التصدير الى الخارج، كما تتميز الصين بأن أجور اليد العاملة عندها رخيصة.
الخلاصة :برهنت الصين وقدمت درسا لنا ولبقية الأمم أن الشعوب يمكنها أن تفعل العجائب لو اتخذت القرارت السليمة، وان التوجه نحو الطاقة المتجددة هو لصالحها وللبشرية جمعاء.