مفارقات وفكاهات مواقع التواصل الاجتماعي

نهاد بدر – متخصص تكنولوجيا المعلومات

من اهم ثمرات النهضة العلمية والتكنولوجية المعاصرة هي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي استحوذت على اهتمام الناس صغيرهم وكبيرهم، فقيرهم قبل غنيهم وقد اصبح للجميع تقريبا إطلالة على هذه المواقع حيث انها اصبحت تشكل السمة الشخصية للفرد عند تحليل شخصيته.

اتساءل كثيرا واندهش عندما ادخل على مواقع التواصل الاجتماعي وأرى الناس يكتبون ويعبرون عما في داخلهم من أفراح واحزان والبعض يستدعي وقفة للحظة للتامل، من تلك الاشياء التي اتوقف عندها هي أن مواقع التواصل الاجتماعي وبالاخص موقع فيس بوك أصبح وسيلة أو رسالة بين الانسان وربه، فترى الناس يدعون الله ليلا ونهارا عبر كتابة نصوص يطلبون فيها ان يخفف الله عليهم اوجاعهم أو مرضهم أو ان يزيل همهم أو ينجحهم في حياتهم كما يطلبون من الاعضاء المضافين على حسابهم ان يدعوا لهم او لهن، اتخيل ان الانسان بمجرد انتهائه من الصلاة وبدلا من رفع يديه للدعاء يقوم بفتح حساب موقع التواصل الخاص به وكتابة الادعية الى الله.

بغض النظر عن حكم هذا الدعاء من خلال التواصل الاجتماعي فاني ارى جزءاً غير كامل منه وشخصيا غير مقتنع به بما يحمل من أفكار ويكشف ضعف الانسان في اشياء تعود بين الانسان وربه.

نهاد بدر - متخصص تكنولوجيا المعلومات
نهاد بدر – متخصص تكنولوجيا المعلومات

في جهة مختلفة من فكاهات استخدام التواصل الاجتماعي من يقوم بتصوير مائدة الطعام بما تحتوي من اصناف متعددة بكل ما تشتهي الانفس و يقوم بالتعليق على الصورة بـ»تفضلوا« ولا ادري كيف نتفضل هل من خلال لعق الصور!، هل هذا نوع من الكرم وهل هذا هو المراد من الصور ام ان هناك اشياء اخرى، نسينا ان هناك اشخاصا غير قادرين على شراء او اكل ما تم تصويره واعلانه وللاسف تزداد هذه الظاهرة في شهر رمضان دون مراعاة للفقراء ولحرمة الشهر الذي ينادي بالتعفف.

يستمر استخدام مواقع التواصل بما يحلو لكل شخص ليعبر عن نفسية كل مستخدم، فنلاحظ ان بعض الاشخاص يقومون بالحديث اولا باول عن ظروفهم فمثلا في حال سفر شخص يقوم بالاعلان انه في طريقه للسفر وبمجرد وصوله للمطار يقوم بتحديث البوست انه وصل المطار وينتظر حاليا اقلاع الطائرة وهو جالس في قاعة رجال الاعمال وبمجرد وصوله الى الجهة المقصودة يحدثنا بوصوله ومن ثم يعرض بعض الصور وهو في الفندق وربما العشاء كأننا نتابع مسلسلا بطله يريد اظهار كم هو مهم ومشغول.

لم تعد هناك خصوصيات او حرمة للبيوت حيث ان كل شي ينشر فمن اغرب الاشياء التي قرأتها في موقع التواصل الاجتماعى وهي عن صديق دكتور في جامعة يضع صورة لـ»عطور« على الفيس بوك ويعلق كاتبا »هذه هدية زوجتي في عيد ميلادها وسافاجئها بها الليلة«.

اما من اطرف المواقف تلك التي حصلت التي في عيد الام ان صديقا لي قام بكتابة »نص« على الفيس بوك الى امه يقدم لها التهاني بعيد الام وعندما سالته ان كانت امه لها حساب على الفيس بوك حتى تتمكن من قراءة هذه التهنئة فأجاب بلا!

قد يكون هذا الشخص هنأ امه عن طرق الفيس بوك مع علمه انها لن تقرأها ونسي ان يهنئها شخصيا بالطريقة المعتادة.

ظاهرة اخرى نلاحظها في استخدام الاسماء المستعارة لعمل حساب على مواقع التواصل منها »الوردة الحمراء« و»جرح الزمن« و»العنكبوت« انما تعبر عن خلل في شخصية الاعضاء بل تحتاج الى تحليل، فاذا كان الشخص الغامض لا يريد التعريف بنفسه لاسباب خاصة به فما الفائدة من عمل حساب والتواصل مع الاخرين وانت مجهول الهوية.

هذه بعض ما لاحظته من مفارقات وفكاهات في استخدام المواقع الاجتماعية وما خفي كان اعظم، يبقى السؤال هل وجدت هذه المواقع للتضحية بالقيم والاخلاق والثوابت على حساب نزعات الهوى والعبث بمشاعر الناس.

اذاً هو فضاء مفتوح على مصراعيه، الكل يدلي بدلوه بدون رقيب او حسيب وتبقى القيم هي من تحدد لنا الطريق الامثل للاستفادة من هذا التطور وهذه النهضة.

تشير إحصاءات فيسبوك إلى وجود ما يقرب من 156 مليون مستخدم في الوطن العربي  من اصل 2 مليار.