الجاليه العربيه وهمومها واللغة واهميتها وشكسبير وعبقريته
تمر السنوات سريعة ( مرّ السحاب ) ولا ندرك مرورها السريع الّا بعد أن نفيق يوماً لنجد أن عددها يفوق ( قيمتها ) الحقيقية ، بمعنى ما حققناه خلال تلك السنوات التي مضت مسرعة ولن تعود .
قدّمت بهذه الفقرة لأذكّر الجيل الأول من الجالية العربية في بريطانيا بكمِّ السنوات التي عشناها منذ أن ابتعدنا عن أوطاننا التي وُلدنا ونشأنا بها ، وليفكر كلٌّ منا ماذا حصل عليه في تلك الفترة التي مرّت بين هاتين المرحلتين .

قصة الجالية العربية في بريطانيا كبيرة ومتشعبة وغزيرة العطاء ، حيث أنّ كلَّ من جاء إلى هذا البلد اعتبره وطنه الثاني ، وللأجيال التي وُلدت هنا ( وطنهم الأول) . ولو عدنا للفترة التي كثرت فيها الهجرة العربية ( ولكلٍ أسبابه التي لا نريد أن ندخل في تفاصيلها ) الّا أنها كانت بشكلٍ او آخرَ حافزٌ للمهاجرين الأوائل في بناء الجسور بين بريطانيا ووطنهم الأم وبكل ما أمكن من طاقاتٍ كي لا ينسى الإنسان العربي جذوره التي جاء منها ولا يُنكرُ أفضال البلد التي فتحت له أبوابها وهيأت له ولأولاده مستقبلاً رآه في حينه أفضل مما كان يمكن أن يجده في بلده الأم . ومن هذا المنطلق نشأت فكرة التجمعات العائلية والفكرية والتعليمية لربط هذه العوائل مع بعضها والإفادة من عناصر قوتها والمساحات التي تتحرك فيها لخدمة أكبر شريحة من الجالية العربية . ( بالمناسبة أستعمل تعبير الجالية العربية لكل من جاء إلى بريطانيا من أيِّ بلدٍ عربي دون مفاضلة بينها ) .
وللدخول في هذا الموضوع اخترنا الحوار مع السيدة ( خديجة العلاق ) واحدة من أوائل المشتغلين المهتمين بتعليم اللغة العربية لأبناء الجالية العربية ولغير الناطقين بها .
س: متى كان قدومك إلى بريطانيا وما هي أسبابك ؟
ج: حين أكملت الدراسة الجامعية في بغداد ، وقد تخصصت باللغة الإنكليزية احببت أن أكمل الدراسة في بريطانيا وكان اختياري ( أدب شكسبير ) .
س: أين كانت إقامتك الأولى قبل لندن ؟
ج: كانت في أطراف مدينة برمنجهام ، ولم تكن هناك عوائل عربية نتعرف عليها ونختلط بها لتخفف عنا غربتنا عن وطننا الّا القليل وفي مناطق متباعدة .
س: متى تعرفت على المدرسة العربية وكيف ؟
ج: بعد أن انتقلنا للعيش بقرب لندن تعرفت على بعض الشخصيات التي تقوم بشؤون تنظيمية في النادي العربي في بريطانيا وكنت سعيدة بذلك ، وهكذا أصبحت وعائلتي أعضاء في النادي العربي ، ومن خلاله تعرفت إلى المدارس العربية .
س: يعني ذلك أنك تعرفت على النادي أولاً ثم مدارس النادي ،،، حدثينا عن مدارس تعليم اللغة العربية من خلال ممارستك لمدرسة ومديرة لمدرسة ( ويمبلدون لتعليم العربية )
ج: أول ما تعرفت على مدرسة ويمبلدون وكانت بإدارة السيدة ( فوزية الدلال / الفلكي ) رحمها الله والأستاذ ضياء الفلكي ،، وعند انشاء مدرسة ( ايلنج ويلكنسون ) في ايلنج تم تكليفي بإدارة مدرسة ويمبلدون ،،، وللعلم أنها مدارس تعلم يوم السبت من كل أسبوع حسب نظام التعليم في بريطانيا وتلتزم عدد الأسابيع المحددة لذلك .
س: هل كان التعليم داخل الصفوف هو الفعالية الوحيدة للتعليم في هذه المدارس ؟
ج : كانت فعاليات مختلفة من ضمنها إحتفالات بالأعياد والمشاركة في حفل سنوي يستعرض به الطلاب قدراتهم في تعلمهم اللغة من خلال إلقاء بعض الأشعار العربية أو المساهمة بأدوار تمثيلية بهذه اللغة ،، ومضمن الفعاليات التعليمية التي قام بها النادي العربي بالاستعانة بالمدارس ، الاتفاق مع ( متحف الإنسان ، التابع للمتحف البريطاني ) لتقديم ورشات تعليمية عملية لطلبة المدارس الابتدائية ، من أجل التعرف على الوطن العربي ، وكنتُ مع الأستاذ حازم عباس نتناوب على القيام بمهمة تقديم المادة التعليمية ومتابعة المادة العملية .
كنا نستقبل كلّ يوم أحد صفوف الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين التاسعة والحادية عشرة سنة مع مرشدات صفوفهم كل صباح حوالي الساعة العاشرة صباحاً وصفاً آخر في الساعة الثانية بعد الظهر .
س: كم ساعة تستغرق الورشة الواحدة
ج: تستغرق ساعتان نقدم في الساعة الأولى مادة تعليمية تبدأ بالتعرف على الوطن العربي بكل أقطاره مع ذكر عواصم تلك البلاد والمدن المهمة فيها ، وكذلك أسماء الانهار المهمة والبحار التي تحيط بها يتبع ذلك بعض المعلومات الثقافية والدينية ، ثم الإجابة عن اسئلة الموجودين .
أما الساعة الثانية فيتوجه الطلبة للقسم الثاني العملي ،، ففي إحدى الزوايا يتعرف التلاميذ على الخط العربي ، وزاوية أخرى يتذوقون المأكولات العربية ، ثم يطّلعون على الأزياء التراثية العربية ويرتدونها إن أحبوا ويلتقطون صوراً تذكارية ،، وقد لاقت هذه الفعالية استحساناً كبيراً فتم تمديدها شهراً آخر .
س: إهتمامك بتعليم العربية لغير الناطقين بها دفعك والمعلمتين ( إيفاد الجلبي و مريم شو ) لتأليف كتاب لمرحلة (GCSE) فكيف تم ذلك ؟ ومن دعى له ؟
بدعوة من النادي العربي في بريطانيا وإتحاد مدارس تعليم العربية في بريطانيا ، تم لقاءٌ مع مجموعة من الأساتذة والمعلمات وبعض مؤلفي كتب تعليم اللغة العربية وأساتذة إعداد أسئلة الامتحان والمصححين لأوراق امتحان GCSE ،، للإفادة من خبراتهم في تأليف مجموعة دراسية تأخذ بعين الاعتبار الطلاب الذين وُلدوا في المملكة المتحدة ودرسوا في مدارسها الإنكليزية وعاشوا في مجتمع يختلف تماماً عن المجتمعات التي جاءوا منها ،، كي يتماشى الكتاب ومحتوياته مع ادراكهم العلمي والمجتمعي والحضاري ، وذلك لتسهيل عملية تعلّم العربية لهم .
س: من هم الذين تصدّوا لهذا العمل .
ج: أنا وإيفاد الجلبي ومريم شو ، وبإشراف ومتابعة من السيد ضياء الفلكي وإبتسام أوجي .
س: كم استغرق إعداد الكتاب ؟
ج: حوالي السنتين .
س: أخبرتنا أنك أكملت دراستك في بريطانيا ،، حدثينا عن موضوع رسالتك والشخصية الأدبية التي قمت بالبحث عنها ، وأسباب اختيارها ؟
ج: كانت رسالتي عن شكسبير،ويعد اسمه من اشهر الأسماء في عالم المسرح، فهو شاعر وكاتب مسرحي انجليزي عاش في النصف الثاني من القرن السادس عشر، وتعتبر مسرحياته من أهم ما كُتب وقُدم على المسارح البريطانية والعالمية. وسأحاول هنا القاء الضوء على بعض العوامل التي ساهمت في تفتح عبقريته في هذا المجال، وبشكل مختصر ،فهو مع تنوع وبلاغة مؤلفاته الشعريه والمسرحيه،كان غزير الانتاج ،ونذكر في التدليل على ذلك انه كتب 38 مسرحيه في خلال مدة لا تتجاوز ٢٣ سنة، امتدت منذ كتابته أول مسرحية في عام ١٥٨٩ الملك هنري السادس، وحتى سنة تقاعده في عام ١٦١٢. وتنوعت مسرحياته ما بين ١٠ مسرحيات تراجدية و١٧ كوميدية و١٠ مسرحيات تاريخية تتناول حياة ملوك انكلترا المهمين وصراعاتهم في الحكم والسياسة. تناولت مواضيع مسرحياته جميع النوازع والغرائز الإنسانية، الحب والجمال والعفة. الانتقام والطموح والسياسة. ومن أجل أن يخلق هذه الأبعاد الأخلاقية والطبقية، أبدع في اختيار اللغة المناسبة لكل شخصية، لغة شعرية بليغة للشخصيات العالية الشأن، ولغة محكية بسيطة لعامة الناس، بالإضافة إلى تلاعبه بالكلمات والألفاظ. وبلغت موهبته في استخدام اللغة الى أنه ابتكر وأضاف إلى اللغة الانجليزية الحديثة ما يقارب من٣٠٠٠مفردة وتعييراً لغوياً. كان موضوع رسالة الأستاذه خديجة العلاق عن شكسبير هو خاتمة الحوار ،وهو بالتأكيد شخصية عبقرية لاشك في موهبتها ،وتستحق عن جدارة واستحقاق ، مكانتها التاريخيه في عالم الشعر والأدب وتظل اسهاماته في عالم المسرح شعلة ضوء ساطعه،مهما تجددت القضايا أو تعددت الرؤى والأسهامات