اغتيال الاعلاميه شيرين ابوعاقله يشكل صدمة صاعقة على المستوى الفلسطيني والعربي

المجتمع الدولي يطالب بتحقيق واسع النطاق لتحقيق سلامة الاعلام

سقطت الاعلامية شيرين ابوعاقله شهيدة ،كما يسقط الجندي في ساحة القتال.كان الهدف  كشف الحقيقه،واماطة اللثام عن الوقائع المجردة بدون ادعاءات استعماريه مضلله ،على الأرض الطاهره في فلسطين.سقطت شيرين ابوعاقله بجسدها على الأرض،ولكنها سمت بروحها وصعدت الى عنان السماء فهي شهيدة للوطن و للمهنه والالتزام بقوانينها واّدابها.سقطت شيرين ابوعاقله،لكي تنضم بذلك لهؤلاء الكبار الذين احترفوا مهنة اقتحام مناطق الخطر،وعاشوا حياة القلق،وتمردوا على الاعلام الموجه،وخداعه الكاذب المفضوح،واّثروا  ان يكونوا فرسانا للصدق،واعداء للزيف

الاعلامية الراحلة
بقناة الجزيرة شيرين ابو عاقله

والادعاء الذي يبثه المغرضون . شيرين ابو عاقله اعلامية لا تحركها اجنده ايدولوجيه ،وانما تدفعها مشاعر وطنيه ،وهي ليست في عداء أو في خصومة مع طرف ، ولكتها في حالة عشق للوطن . وطن تتنفس نسماته عبيرا يجدد طاقاتها ،ووجدا يرطب مشاعرها  .ارض شهدت ميلادها،وعايشتها سنوات عمرها ،ولأن الوطن ليس ارضا فقط ،ولكنه أم كذلك .ام بالمعنى الكامل للأمومة ،التي انجبت وسهرت وربت، وهي  تعلم ان الوطن هو ايضا القاعدة الجامعه لكل الأطياف . وحين يكون الوطن محتلا للغزاه ،فما حاجتها للفكر السياسي . الوطن هو الحقيقة الماثلة للعين ،وللاحساس الذي يدفء القلب ،وللضمير الذي يسكن الوجدان . ما يربو على خمسة وعشرين عاما ،وهي تتحرك مع قناة الجزيرة ، وتلبس مع الشارة  الاعلاميه خوذة لحماية الراس ،وسترة  تذود عنها طلقات الرصاص ،ولكنها مع ذلك سقطت على الأرض برصاصة تحت الأذن، لا يمكن ان يسددها سوى قناص محترف، واراد ذلك البائس ان تكون الرصاصة قاتلة ،وكأنها قدر يفرض الأجل المحتوم . اكثر من خمسة وعشرين عاما وهي تعطي لمهنتها  كل حركة للبدن ،وكل طاقة للعقل ،وكل نفس لصدق المعلومة ،وما يعانيه الفلسطينيون من احتلال قام بسرقة الأرض، ويريد ان يسرق مع الأرض التاريخ والأماكن المقدسة في القدس ويعلن العدوان على المسجد الأقصى . كأنه بذلك يريد سرقة الوجود . خمسة وعشرون عاما تشرق شيرين ابو عاقله كالشمس الساطعه على شاشة قناة الجزيره ،لا تلون الخبر من خلال ايحاءات الصوت ،ولا تزيف الحقيقه بتوصيفات مركبة ،أو بوقائع ملفقة ،ولا ترسم بخيال حالم صورا لا تستند الى مشهد يوثق ويؤكد ، ولا يدعمها تصريح من مسؤول يسجل ويدمغ ،كانت تلك هي خطورتها، ولذلك كان العزم على الخلاص ،من أولئك الذين لا يضللون ولا يعرفون سوى الصدق وحده طريقا  للخلاص . شيرين ابو عاقله زهرة من زهور الاعلام تفوح بعطر متميز بكل ما في الوفاء للمهنة من التزام ،ومافي خبرها من صدق ،ومافي التضحيات من اجلها بما هو فوق  العطاء. ألم تعطي حياتها وعلى رأسها خوذة ،وعلى جسدها سترة  تعلن صارخة انني جندي في كتيبة الاعلام ، ومع ذلك اردتها شهيدة طلقة غادرة من قناص تجرد من قيم المحاربين الحقيقيين . شيرين ابو عاقله أن كانوا قد نالوا حياتك ، فانهم لم ولن ينالوا من دورك ،وامانتك في اداء رسالتك وذكراك كجندى امين وشريف في كتيبة شهداء كانوا فدائيين حقيقيين في كتيبة تحمل راية الاعلام، وتذود عن الحقائق الدامغة .

كيف وقع الحادث ..؟

فوجئ المتابعون لقناة الجزيرة (البث المباشر) باذاعة هذالخبر صبيحة يوم الأربعاء 11 من مايو عام 2022 ، وهو اغتيال الاعلامية اللامعه بقناتهم ( شيرين ابوعاقله)  مما اثار موجة من الحزن والالم لسماع ذلك النبأ المؤسف ،كان له بالفعل وقع الصدمة الكامله على جمهور المشاهدين ،ومضت قناة الجزيرة فقطعت برامجها ،وافردت مساحات واسعه لتغطية الخبر ،وملابساته، وذلك ابتداء من استضافة مدير مكتب قناة الجزيرة في فلسطين ( وليد العمري) الى مرافقتها الاعلامية ( شذى) وزميلهما في الوفد الاعلامي لتغطية العدوان الاسرائيلي على ( جنين) وهو ( علي السمودي) مع صور للمكان الذي شهد الحادث ،ومتابعة القوات الاسرائيلية اطلاق الرصاص بحيث لم تتمكن زميلتها من الاقتراب من جسد الاعلامية الراحلة المسجى على الارض،بتأثير دفعات الرصاص المنطلقة لتغطية المكان  ولا أحد يعرف مستوى الاصابة ومدى خطورتها ،وتظهر الصور شابا قام بالقفز عبر احد الاسوار ،وهبط بجوارزميلتها ،واقترب من الجسد الملقى على الأرض بلا حراك ،وتمكن من رفعها ،ودفعها الى الامام بصعوبة ملحوظه ،وهي غائبة تماما عن الوعي حيث حملتها سيارة الى المستشفى ،وهناك اسلمت الروح .يذكر أن ( علي السمودي) قد اصيب في ظهره بطلق ناري، وقد حمل الى المستشفي ،وحالته الى ساعة كتابة تلك السطور قد اصبحت مستقرة .ويقول من خلال شهادته على ما جرى، إنه كان يتواجد برفقة زميلته  شيرين أبو عاقلة ومجموعة من الصحفيين في محيط مدارس وكالة الغوث قرب مخيم جنين، وكان الجميع يرتدي الخوذ والزي الخاص بالصحفيين، “لكن الاحتلال تعمد استهدافهم بشكل مباشر”، مؤكدا أن المكان الذي كانوا يتواجدون فيه “بدا واضحا لدى جنود الاحتلال، فيما لم يكن هناك أي مسلح أو مواجهات في تلك المنطقة

روايات المتابعين

وسط حاله من الذهول الجماهيري العربي عموما ووسط المجتمع الفلسطيني والاعلامي خصوصا ، تجرى سلسلة من الحوارات مصحوبة باستفسارات واسئله حائرة تبحث عن اجابات شافيه، بل ان الغضب العربي اصبح ملحوظا من خلال الاعلام العربي الرسمي والاهلي بشكل عام ،والتعليقات والتعقيبات تكشف عن حالة من الحزن العميق ،يصاحبها قدر كبير من الغضب،المتراكم من السلوكيات والغطرسة الاسرائيليه ، والتي يقابلها قدر ملحوظ من الاستسلام العربي للضغوط الالمريكيه والذي يبدو واضحا من سلسلة الأعتراف باسرائيل ،بل والتركيز على عمليات التطبيع ،في الوقت الذي تفرط فيه اسرائيل من العدوان المتكرر،والذي اصبح أكثر جرأة واقتحاما لفرض سياسة التطبيع، في اطارتلك الأجواء،ترتفع اصوات اسرائيليه تحاول ان تبرئ اسرائيل من ذلك العمل المشين بالقول ،ولماذا لا تكون تلك الرصاصة القاتلة قد جاءت من سلاح فلسطيني ،وهو اتهام قد احدث قدرا كبيرا من الاستنكار بين الفلسطينيين ،مما اخرس تلك الاصوات واجبرها على التراجع ،قائلة ان التحقيق يمكن ان يحدد الجهة المسؤولة عن ذلك.من جانب اّخراعلنت وزارة الصحة الفلسطينية رسميا استشهاد الزميلة شيرين أبو عاقلة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال تغطيتها لاقتحامه مخيم جنين.  نصل في ذلك الى مدير مكتب قناة الجزيرة في فلسطين ( وليد العمري) وهو فوق موقعه الرسمي تجمعه مع الراحلة ( شيرين أبو عاقله) علاقة عمل ترجع الى تاريخ طويل منذ ان تسلمت العمل تحت ادارته منذ عام 1997 . يقول ( وليد العمري) إن مكتب الشبكة كان متأهبا لأي أحداث في مخيم جنين بسبب سلوك قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة، مضيفا أنه كان يتواجد فريق على مدار الساعة لتغطية الأحداث، وأن شيرين  كانت قد وصلت لتوها مع طاقم القناة لأستبداله مع طاقم اّخر كان متواجدا بالفعل في مخيم جنين لتغطية الأحدث. يستطرد ( وليد العمري) في القول ويذكر ان استهداف الصحفية ( شيرين ابوعاقله) مراسلة شبكة الجزيرة، كان متعمدا، إذ كانت قد وصلت لتوها إلى مخيم جنين لممارسة عملها الصحفي إلى جانب طاقم من مراسلي الجزيرة، وإنه فور أن خرجت من السيارة وهي تلبس سترة واقية مكتوب عليها “صحافة” خطت خطوات معدودة ثم سمع صوت إطلاق نار ليجد الزملاء أن شيرين قد أصيبت بصورة بالغة برصاصة تحت الأذن ، وهوما يعني انها قداغتيلت في المنطقة الوحيدة تقريبا التي لا تغطيها الخوذة أو السترة الواقية من الرصاص والتي تميزها بوجود كلمة (صحافة) عليها. وأضاف أنه من المتوقع أنها استُهدفت برصاص قناصة أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي. وقد دعت نقابة الصحفيين الفلسطينية “للمشاركة في وقفة غاضبة،  يوم الاربعاء تاريخ استشهاد ( شيرين ابو عاقله)  في الساعة 12 ظهرا، ضد جريمة الاحتلال البشعة بحق الحريات واغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة بدم بارد.

اطلاله على مسيرتها

ولدت (شيرين نصري ابوعاقله)عام 1971 في مدينة (القدس) وان كانت تعود في الاصل الى عائله مسيحية تمتد جذورها في مدينة (بيت لحم) الا انها ولدت وشبت في مدينة ( القدس)، وقد انهت دراستها الثانوية في مدرسة ( راهبات الوردية) في بيت حنينا . التحقت بجامعة العلوم والتكنولوجيا في الاردن حيث درست في البداية الهندسة المعمارية ،ثم انتقلت بعد ذلك الى التخصص في دراسة الصحافة ،وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الاردن . في حياتها العملية شغلت عدة مواقع في مؤسسات مختلفة منها وكالة الأونروا ، واذاعة ( صوت فلسطين) ،كما عملت في قناة عمان الفضائية ،ثم مؤسسة مفتاح ،وبعدها اذاعة مونت كارلو الدولية . النقطه الأبرز في مشوارها الاعلامي كان عملها في ( قناة الجزيرة البث المباشر) وقد التحقت بها عام 1997 ،ولذلك هي تنتمي الى الجيل الأقدم في هذه القناة (الجزيرة) التي تعاقبت للعمل فيها اجيال سابقه ،وكانت من خلال تلك الباقة من العاملين بها تمثل تجربةعريضه ،في قناة شهيرة وناجحة ،ويعدها الكثيرون من اقدم المراسلين وأفضلهم مهنية،ويذمر ان عملت كمراسلة في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ومصر، وقد شهدت من خلال تلك المسيرة الخصبة احداث ساخنه وحروب عديده في اطار القضية الفلسطينية ومعاركها المنفصلة المتصلة في اّن واحد ، وقد برهنت على جرأتها في انجاز عملها لسنوات طويلة لفتت اليها الأنظار.

ماذا قالت شيرين عن اخطار المهنه ؟

تداول على منصات الحوار الجماهيري اقوال للراحلة ( شيرين ابو عاقله) سؤال عن طبيعة عملها كمراسلة صحفيه تقوم بتغطية الكثير من النشاطات ،وبعضها تكون مواجهات ساخنه خصوصا في القدس المحتله،وهي مواجهات خطرة الحوار فيها بالرصاص وليس بالكلمات، وكان السؤال الأصعب  ،فقالت ( طبعا الخوف شيئ غريزي ،،ولكن هناك لحظة معينه تنسي فيها ذلك الخوف .انها لحظات يتراجع فيها ذلك الاحساس الانساني ،وتكتسب قدرا من التحدي، لكن ذلك لا يجعلك تتقدم لكي تلتقي بالنهاية اي بالموت . ان المسؤولية الملقاه على كتفيك في الحرص على سلامة من معك ،تجعلنا جميعا لا نرمي حالنا في الموت ،بل اننا نبحث عن معايير الامان في الاماكن المناسبة لمتابعة الحدث وايضا للسلامة الشخصية للفريق باكمله ،والانسان بالطبع جزء من فريق ،يبحث عن سلامة العاملين وايضا صدقية الحدث في المتابعة وفي التغطية الملائمه.

تأثير الحادث  عربيا وعالميا .

احدث اغتيال الاعلامية البارزة ( شيرين ابو عاقله) دويا عالميا ،وليس فقط فلسطينيا او عربيا، وانما امتد تأثيره الى منظمات عالمية تعني بحرية الراي والعلام وتحريره من كل قيود الارهاب او التنكيل ،كما قام بالتعليق على هذا الحادث واستنكاره ،وضرورة التحقيق في ملابساته وابعاده ،فحرية الراي والتعبير اصبحت احدى الاهتمامات

شيرين ابوعاقله
تحملها الايادي الحانيه بعد ان حملت قضيتهم العادلة

الدولية،بل ان المجتمع الدولي اصبح يضعه ضمن المهام الاساسية في القرن الحالي ، كما ان قناة الجزيرة قد افردت لهذه القضية برامج خاصة ،وعطلت برامجها العادية واستدعت للحوار شخصيات مسؤوله في المنظمات الدولية لحقوق الانسان ،كما ا تقدم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بالعزاء لعائلة وأصدقاء الصحفية التي قضت خلال أداء واجبها الصحفي في توثيق جرائم الاحتلال بحسب تعبيره. ووصفت نقابة الصحفيين الفلسطينيين على لسان نقيبها تحسين الأسطل مقتل شيرين أبو عاقلة بالجريمة مكتملة الأركان، وأشار إلى أنّ عملية الاغتيال كانت مقصودة لأن القاتل يعرف الضحية. من جانبها، أدانت الرئاسة الفلسطينية جريمة إعدام شيرين أبو عاقلة، وحملت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة، وقالت إنّ ما قامت به إسرائيل جزء من سياستها لطمس الحقيقة. كما دعت السفارة الأمريكية في القدس إلى إجراء تحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة وإصابة زميلها علي السمودي. أما الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم؛ فقال إن جريمة اغتيال شيرين تضاف إلى جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين الفلسطينيين. كما نعت جامعة اليرموك على لسان عميدها الدكتور إسلام مساد خريجتها السابقة، ووصفت مقتلها بالتعدي الصارخ على الحريات والقيم الصحفية السامية .من جهته دعا سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل توماس نايدس إلى إجراء تحقيق “شامل” في مقتل أبو عاقلة، التي تحمل الجنسية الأمريكية. وقال نايدس: “يؤسفني سماع نبأ وفاة الصحافية الأمريكية والفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وأحث على تحقيق شامل في ملابسات وفاتها وإصابة صحفي آخر على الأقل في جنين”. ووصف متحدث باسم السفارة الأمريكية أبو عاقلة بأنها “تحظى باحترام كبير لدى العديد من الفلسطينيين وآخرين من حول العالم” بسبب تغطيتها كما دعا مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، تور وينسلاند، إلى “تحقيق فوري وشامل”، دون تحديد المسؤولوقال وينسلاند: “أدين بشدة مقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة التي أصيبت برصاص حي صباح اليوم أثناء تغطيتها لعملية نفذتها قوات الأمن الإسرائيلية في جنين بالضفة الغربية المحتلة”. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى “تحقيق سريع ومستقل لتقديم الجناة إلى العدال

ان مجلة ( الحصاد ) بكل ما في نبرات الحزن من اسى ووجع والم ننعاك ،وستظلين رمزا وعلما من اعلام الاعلام الواعي المتمكن الذي يخدم امته في الصفوف الاماميه من خطوط الخطر والنار.

                                                                               امين الغفاري

العدد 129 / حزيران 2022