أمسية ثقافية في رحاب المركز الثقافي المصري

منذ ان غادر المركز الثقافي المصري الدكتور سمير الصياد الملحق الثقافي الأسبق لم اشعر بدفء المركز وحيويته الا في اللقاء الأخير الذي اعدته الملحقة الثقافية الحالية ومديرة المركز الدكتورة ريم بهجت. كان المركز في عهد الدكتور الصياد بؤرة ثقافية بالمعنى الحرفي والضمني تتوافد عليه قطاعات كثيرة من الجالية العربية تنهل من تنوع وتعدد فعالياته الثقافية على نواح مختلفة وفي اطر متعددة. اليوم يفتح المركز ابوابه لأمسية أدبية تتناول فن القصة لموهبة جديدة تطل على عالم القصة القصيرة بعوالمه الغنية، وثراء مادته الفنية.بدأت الأمسية بكلمة قصيرة للدكتورة ريم رحبت فيها بالحضور وبضيف الندوة ثم قامت بتسليم ادارة الأمسية والتقديم للدكتور الشاعر حسن اسماعيل ليقدم الضيف الأديب القصاص علاء الدين يوسف ويكشف في طرحه شيئا جدير بالتسجيل وهو ان ضيف اللقاء حفيد )الشيخ علي يوسف( رئيس تحرير جريدة ) المؤيد( التي انشأها الزعيم مصطفى كامل 1889 وهو ضمن الصفوة الفكرية والثقافية في مصر ومنها الشيخ محمد عبده وقاسم امين خلال ذلك العصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

قرأ علينا الأديب علاء الدين يوسف عدة نماذج من اعماله القصصية، منها )الضفدع الصغير( و)ذات مساء( و) الأجدع ( و) العصا( و) العربه(. وللمفاجأة مقطوعة شعرية بعنوان ) عبر عيني( من نظمه. اذن نحن في حضور موهبة مركبة في النثر والشعر، و نجد في كل ماطرحه اجمالا واعمالا لقواعد القصة القصيرة وهو الوثوب إلى الفكرة سريعا وفي ايجاز، لامجال فيه للأستعراض اللغوي أوالأبحار في التركيب الجمالي لمفردات الكلمات، ولكنه عند أديبنا القاص نجد أن جمال التعبير قد جاء ا عفويا وفي اطار السياق والسرد القصصي مثل ما نراه في قصة العصا حيث قال )هبطت العصا على يدي الصغيرة فقتلت الكلمات على شفتي( العبارة موجزة وقصيرة ولكنها معبرة كلوحة ناطقة تغني عن الأستطراد أو التطويل، أو عبارة )جرت دموعي على خدي، ولم احاول امساكها( صورة جديدة كاشفة لمعنى الأستسلام للحزن والشجن وأيضا لا تفتقر إلى سرد أطول أوسطور اضافية شارحة.في قصة )العربه( نجد فتاة الحارة الحالمة )كريمه( والغارقة في احلام اليقظة يدغدغ مشاعرها الحصول على عربة فارهة تحملها خارج حارة أدهم التي ضاقت بها، وحين تصادفها الفتاة الكفيفة التي تدرس الموسيقى وترتبط بقصة حب وخطوبة مع شاب يخاف عليها إلى حد القلق تضطرب عواطفها إلى حد أن ترى وهي تبتعد عن الفتاة الكفيفة بينما تراقب وجهها كأن هناك شيئا يطل من عينيها لاتدري ما كنهة فترى به الأشياء أجمل مما لو كانت عيناها مبصرتين، وتحتار كريمة في ذلك الشيئ، الى ان تكتشف أن العربة الحقيقية التي ينبغي ان تحلم بها هي الحب. لقطات الأديب أخاذة في وضع الخواتيم أو النهايات إلى قصصة القصيرة والمثيرة في نفس الوقت. في قصة ) الأجدع ( أي مقطوع الأنف، وهي تتناول طبيبا في قرية يجد ان كل سكانها يتميزون بتلك الخاصية إلى حد انه في نهاية عمله ينظر إلى المرآة فيجد انه ايضا اصبح يتمتع بتلك الخاصية. عقب انتهاء طرح الأديب علاء الدين يوسف تتوالى عليه الكثير من الأسئلة من جمهور الحاضرين، وتتعدد الأسئلة منها ماذا تريد أن تقول من خلال القصص التي طرحتها، والأجابة لقد طرحت العديد من الصور الأنسانية، أما المعنى والتفسير فذلك متروك للقارئ حسب اجتهاده وثقافته ورؤاه، وماهي الرسالة التي استخلصها مما قرأ أو استمع. تقديري في قصة ) الأجدع ( وقد حفلت بالكثير من الأسئلة والتفسيرات أنها تلخص قولا مأثورا ) حين تتشابه الظروف يتشابه الأنسان، والجديد انه ليس في الشخصية فقط ولكن أيضا في التكوين (. الأمسية حفلت بقدر كبير من الحيوية من خلال حوار متنوع حول القالب القصصي وأشكاله، أو بالموضوعات التي تم التطرق اليها ومدى تعبيرها عن الواقع الأنساني.كانت الأمسية ناجحة وتكشف عن موهبة حقيقية جذبت الأنصات وحفلت بالحوارات، وكان القاص نموذجا للحوار الهادئ الذي يستند إلى قدر كبير من الأتزان والمعرفة بوزن الكلمة وأدب الحوار، في ختام الأمسية كانت هناك قصيدة شعرية من الدكتور حسن اسماعيل تعبيرا عن تقديره للأديب