العاصمة البريطانية وشواغلها الأحتفالية والفكرية

أمين الغفاري

المناسبات التي تعكسها تواريخ دينية او وطنية او اجتماعية كعيد الأم مثلا، هي مناسبات تمثل دعوة للبهجة وللسرور، واستئذان نسمح فيه للربيع ان يطل على افئدتنا لكي يحررنا من لسعة البرد أو خشونة الصيف، فنطرح جانبا شواغلنا واهتماماتنا ان لم تكن مآسينا العربية، وجرحنا الأنساني قبل البدني في اكثر من قطر عربي. فما أكثر الهموم في وجداننا العربي تلك التي تتزاحم في ذاكرتنا ونمعن فيها النظر ونعتصر فيها ذواتنا في خضم من التأمل والتفكير، لكي نخلو ساعات من شواغلنا المعتادة وهمومنا المتعددة ثم ننسحب إلى ساعات من الصفاء نفك فيها أسر عقولنا من الاجهاد وبمعنى آخر أكثر واقعية من التوتر والأضطراب، ونفتح الباب للدخول إلى عالم جديد البسمة فيه هي القانون الحاكم والبهجة هي الشاغل والعنوان، وفي هذا السياق كانت اعياد الكريسماس والميلاد هذا العام تشكل مناسبات حية لكي نعدل فيها من برامج حياتنا المعتادة، وننطلق إلى عالم آخر، زاخر بالألوان الصارخة، وعامر بالحركة المتدفقة، ويمتليء إلى حد الفيضان من التواصل الأجتماعي، والتقارب بين المشارب المختلفة، والائتناس برفقة الناس، ويظل أجمل مافي هذا الكون هو الناس، وهو الأنسان، مع كل مافيه من ضعف ونزق وخذلان، الا انه في النهاية هو أجمل الكائنات، من ذاكرة تنعشه وترده، وايمان يعصمه ويحميه، وصحوة ضمير تلزمه وتثنيه.انه أجمل حتى من الزهور الفواحة ومن العطر الطيب ومن نسمة الهواء المنعشة. مع الأنسان تتجدد الآمال حتى وان كانت متواضعة وتزدهر الطموحات حتى وان كانت ذات سقف محدود وجناح لايحلق، في ظروف سياسية تمر بها المنطقة العربية ممعنة في البؤس وغاية في التردي.