العولمة و الغذاء

الدكتور إبراهيم الحريري

“الرأسمالية تمنحك حرية الكلام والفكر و الدين. والشيوعية تعطيك الطعام واللباس والدواء.” غازي القصيبي

لطالما تأسست المدن والحضارات عند السهول و المناطق الخصيبة و التي تستطيع توفير الغذاء الجيد و الكافي لاي دولة و اعتبر التراب(الأرض) احد اضلاع الثالوث المقدس مع الانسان و الزمن لتأسيس أي حضارة و نهضة إنسانية.

لذلك فقط رأينا حضارة بلاد الرافدين و النيل و سيحان و جيحان و الصين و الهند قد تأسست بمناطق المحاصيل و الخيرات لان البشر يحتاجون للغذاء للاستمرار و قد كان البدو الرحل يجوبون الفيافي بحثاً عن مراعي لماشيتهم و غذاء لهم , و مع تطور الحضارات و المدنية لهذه الحضارات و تطور سلاسل الامداد و التموين نتجت شركات عملاقة عابرة للقارات تسيطر على الغذاء العالمي من ادناه الى أقصاه.

عندما نتحدث عن الغذاء لابد أن نشير الى برنامج الأغذية العالمي (WFP) المؤسس عام 1961 ليقدم الإعانات للشعوب الفقيرة و المنكوبة و تحت مظلة الأمم المتحدة و كان صاحب المبادرة الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور  و بشعار انقاذ الأرواح تغيير الحياة و كان اول تجربة له بتقديم المعونة لمتضرري زلزال إيران 1962 و تحصلت على جائزة نوبل للسلام عام 2000.

يمثل إنتاج الأغذية والمشروبات واحدة من أكبر الصناعات العالمية اليوم. ووفقاً لبحث عام 2018 من توقعات سوق ستاتيستا، من المتوقع أن تصل الإيرادات العالمية من صناعة الأغذية والمشروبات إلى ما يزيد قليلاً عن 90 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية العام. ومع النمو السنوي المتوقع بنسبة 11.4 في المائة، من المتوقع أن يصل هذا العدد إلى ما يقرب من 139 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022.

وفي الآونة الأخيرة، واجهت هذه الصناعة المربحة بعض الرياح المعاكسة، كما يتضح من تباطؤ النمو في الأسواق الناشئة، وهبوط أسعار السلع الأساسية، والتحول في أفضليات المستهلكين نحو منتجات أكثر صحة. واحدة من أقوى الاتجاهات العالمية هو الابتعاد عن استخدام الألوان الاصطناعية والنكهات لصالح المكونات الطبيعية. وقد وصل هذا الاتجاه إلى النقطة التي أصبح فيها مفرقًا حقيقيًا للمستهلكين.

فيما يلي نستعرض أفضل عشر شركات للأغذية والمشروبات تتنافس على الهيمنة العالمية (جميع الأرقام لمبيعات المواد الغذائية عام 2017) وتحقق ايرادات تزيد عن 444 مليار دولار:

10- دانون (Danone)

بلد المنشأ: إسبانيا

الإيرادات: 27.88 مليار دولار

تأسست دانون في عام 1919 في برشلونة ومقرها الآن في باريس، وهي لاعب دولي في صناعة الأغذية والمشروبات. اعتبارا من عام 2017، حققت دانون 27.88 مليار دولار من الإيرادات في 120 سوقا. وربما اشتهرت الشركة بخط منتجات الألبان، وأبرزها علامتها التجارية Activia. وتشمل العلامات التجارية الرئيسية الأخرى أكتيميل، والحيوانات، وYocrunch، فضلا عن المياه المعبأة في زجاجات مثل إيفيان، أكوا، فولفيتش، أتاميل وبادويت. ويأتي أكثر من نصف إجمالي إيراداتها من منتجات الألبان الخاصة بهم، في حين يأتي ما يقرب من 20 في المائة من خط المياه المعبأة في زجاجات.

في السنوات الأخيرة، كان دانون محور التحرك نحو استهلاك الأغذية النباتية كبديل اللحوم. في سبتمبر من عام 2018، انضم دانون إلى شركة هاين السماوية وغيرها من شركات الأغذية النباتية لإنشاء الأغذية النباتية الكندية (PBFA). تهدف منظمة الضغط إلى تعزيز مصالح قطاع الأغذية النباتية في البلاد.

9- كارجيل(Cargill)

بلد المنشأ: الولايات المتحدة

الإيرادات: 30.5 مليار دولار

كارجيل هي شركة عائلية متعددة الجنسيات تفتخر بقائمة طويلة بشكل مدهش من المنتجات والأنشطة بما في ذلك الأغذية والزراعة والمنتجات المالية والصناعية والخدمات. وتسيطر على الشركة التي يقع مقرها الرئيسي في مينيسوتا بالكامل أسرتا كارجيل وماكميلان، اللتين تمتلكان مجتمعة أكثر من 90 في المائة من الأعمال التجارية. مع أكثر من 150 عاما من الخبرة في الإنتاج الزراعي والتصدير وإنتاج اللحوم تحت حزامها، كارجيل هي الآن أكبر شركة خاصة في الولايات المتحدة، مع أكثر من 150000موظف تخدم العملاء في 70 بلدا.

على الرغم من أنه جعل إجمالي مبيعات 109 مليار دولار في عام 2017، بلغت الإيرادات من خدماتها المتعلقة بالغذاء 30.5 مليار دولار فقط (27.8 في المائة من إجمالي المبيعات)، مما يكشف عن أن نسبة أكبر من إيراداتها جاءت من الأنشطة التجارية غير المتعلقة بالغذاء. ومع ذلك، تمكنت كارجيل من تصنيفها كتاسع أكبر شركة للأغذية والمشروبات في العالم.

8- شركة آرتشر دانيلز ميدلاند(Archer Daniels Midland Company)

بلد المنشأ: الولايات المتحدة

الإيرادات: 34.2 مليار دولار

شركة آرتشر دانيلز ميدلاند (ADM) هي واحدة من أكبر شركات تجهيز الأغذية في العالم اليوم، حيث تخدم العملاء في 140 دولة. كما تضم شركة إلينوي 33,000 موظف يعملون في أكثر من 460 موقعًا لشراء المحاصيل و340 منشأة أخرى في جميع أنحاء العالم، حيث تقوم بتصنيع المكونات التي تستخدم في صنع الطعام والأعلاف الحيوانية والمنتجات الصناعية ومنتجات الطاقة.

وفي محاولة لتحسين العائدات، باعت شركة ADM مؤخراً أعمالها العالمية في مجال الكاكاو إلى شركة أولام إنترناشيونال بمبلغ 1.2 مليار دولار، حيث تأمل في تحسين الكفاءة التشغيلية والتركيز على دفع النمو في قطاعات منتجاتها الأكثر ربحية.

7- مارز (Mars)

بلد المنشأ: الولايات المتحدة

الإيرادات: 35 مليار دولار

تأسست مارس منذ أكثر من قرن من الزمان، وهي شركة عالمية لتصنيع الأغذية تملكها عائلة مارس تأسست 1911. يقع مقر الشركة المملوكة للعائلة في ولاية فرجينيا، وقد تطورت لتصبح واحدة من أكبر شركات تجهيز الأغذية في العالم، حيث حققت 35 مليار دولار في عام 2017. مارس لديها مجموعة من المنتجات التي تمتد عبر بعض القطاعات المتنوعة بما في ذلك الشوكولاتة، ورعاية الحيوانات الأليفة، والغذاء، والمشروبات، والتكافل.

نتيجة للمنافسة المتزايدة من منتجات الحلويات الصحية، أكملت مارس مؤخرًا الاستحواذ على فرعها ريجلي من بيركشاير هاثاواي من الملياردير وارن بوفيت. ومن المتوقع أن تعزز هذه الخطوة هيمنة الشركة في سوق الحلويات العالمية، التي تسيطر عليها بنسبة 13.5 في المائة.

6- شركة كوكا كولا (The Coca-Cola Company)

بلد المنشأ: الولايات المتحدة

الإيرادات: 35.4 مليار دولار

تأسست كوكا كولا في عام 1886 من قبل الصيدلي جون بيمبرتون، ومنذ ذلك الحين تطورت لتصبح علامة تجارية عالمية مبدعة، يتم استهلاك مشروباتها 1.7 مليار مرة يوميًا في أكثر من 200 دولة. تعمل شركة أتلانتا تحت نموذج تجاري حيث تنتج فقط مركز شراب الكولا. يتم منح تعبئة وبيع وتوزيع المنتج النهائي امتيازات لتعبئة الشركات في جميع أنحاء العالم.

وكجزء من خطتها للتركيز بشكل أكبر على إنتاجها المركز المربح، باعت كوكا كولا بعض عمليات التعبئة في الصين مقابل مليار دولار. وفي الولايات المتحدة، أعلنوا مؤخراً عن خطط لبناء مصنع جديد وحديث في هيوستن تبلغ مساحته مليون قدم مربع. ومن المقرر افتتاح المشروع الذي تبلغ قيمته 250 مليون دولار في عام 2020.

5. تايسون للأغذية (Tyson Foods)

بلد المنشأ: الولايات المتحدة

الإيرادات: 38.26 مليار دولار

تايسون فودز هي أكبر منتج ومصدر للحوم البقر في الولايات المتحدة وواحدة من أكبر المنتجات في العالم. من 111 منشأة، 107 منها تقع في الولايات المتحدة، يتم توزيع منتجات تايسون، بما في ذلك الدجاج ولحم البقر ولحم الخنزير والأطعمة المصنعة، في 130 دولة. كما توظف الشركة التي تتخذ من أركنساس مقراً لها أكثر من 113000 شخص يعملون في مرافقها ومصانعها في جميع أنحاء العالم.

حصلت شركة تايسون فودز مؤخرًا على حصة 5 في المائة في شركة Beyond Meat، وهي شركة متخصصة في إنتاج اللحوم النباتية، والتي يعتقد الخبراء أنها بديل أكثر صحة للحوم الحيوانات. ويتطلع تايسون إلى أن يكون رائداً في صناعة اللحوم الأميركية فيما يتعلق بهذا المنتج الجديد من اللحوم، والذي وصفه مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس بأنه “مستقبل الغذاء”.

4. JBS

بلد المنشأ: البرازيل

الإيرادات: 46.2 مليار دولار

JBS هي أكبر شركة في العالم لمعالجة وتصدير اللحوم (لحوم البقر ولحم الخنزير والدجاج) ، مع أكثر من 300 وحدة إنتاج في أكثر من 15 بلدا. يقع مقر شركة JBS في ساو باولو، وقد نمت من شركة محلية للحوم البقر إلى شركة عالمية رائدة في صناعة إنتاج اللحوم، حيث تخدم 350000 عميل في أكثر من 150 دولة. وقد شهدت الشركة نمواً هائلاً في السنوات الأخيرة، حيث نمت مبيعاتها بنسبة 35.2 في المائة سنوياً. والدافع إلى حد كبير النمو من قبل الولايات المتحدة.، والتي تمثل 48 في المائة من إجمالي المبيعات.

وكان التوسع الذي قامت به الشركة في السوق الدولية مدفوعاً بعمليات الاستحواذ، بدءاً من شراء شركة سويفت آند كومباني التي تبلغ قيمتها 225 مليون دولار، وهي واحدة من أكبر شركات تجهيز لحوم البقر ولحم الخنزير في الولايات المتحدة. في السنوات الأخيرة، أنفقت الشركة أكثر من 5 مليارات دولار في الاستحواذ على شركات منافسة، بما في ذلك تايسون دي المكسيك، ومجموعة بريمو، وموي بارك، وبيغ فرانغو، وأنهامبي، وكارجيل لحم الخنزير.

3 – أنهيوزر – بوش إنبيف (Anheuser-Busch InBev)

بلد المنشأ: بلجيكا

الإيرادات: 56.44 مليار دولار

تم تشكيل Anheuser-Busch InBev في عام 2008 من خلال عملية دمج بين ثلاث شركات تخمير عملاقة: Interbrew ومقرها بلجيكا، وAmBev ومقرها البرازيل والشركة الأمريكية Anheuser-Busch. وتعمل الشركة الآن خارج بلجيكا، ونمت منذ ذلك الحين لتصبح أكبر مصنع للجعة في العالم، حيث حققت أكثر من 200 علامة تجارية إيرادات إجمالية قدرها 56.44 مليار دولار. وتشمل بعض المشروبات الشعبية Budweiser، كورونا، ستيلا أرتوا، بيك، هوغاردين وليف، برعم لايت، سكول، براهما، والقارة القطبية الجنوبية. كما توظف أكثر من 155000 شخص في 25 دولة.

في عام 2016، استحوذت InBev على شركة ساب ميلر المنافسة للبيرة في عملية شراء ضخمة بقيمة 107 مليار دولار. وجمعت الصفقة بين أكبر مصنعي الجعة في العالم في شركة تسيطر الآن على حوالي نصف أرباح هذه الصناعة. كما وضعت الشركة البلجيكية نصب عينيها الحصول على كوكا كولا، وفقا للرئيس التنفيذي كارلوس بريتو.

2. شركة بيبسي كولا (PepsiCo, Inc)

بلد المنشأ: الولايات المتحدة

الإيرادات: 63.53 مليار دولار

مع مجموعة من 22 علامة تجارية مبدعة، بما في ذلك بيبسي، لايس، جاتوريد وتروبيكانا، بيبسيكو هي ثاني أكبر شركة للأغذية والمشروبات في العالم اليوم. يعود أصل الشركة إلى أواخر الثمانينيات عندما طور المؤسس كاليب برادهام وصفة كولا لمنافسة كوكا كولا. تم اعتماد اسم بيبسيكو، شركة في وقت لاحق في عام 1965 عندما اندمجت الشركة مع شركة الوجبات الخفيفة العملاقة فريتو لاي.

في الآونة الأخيرة، حولت الشركة تركيزها إلى تحسين القيمة الغذائية والصحية لمنتجاتها، حيث يبتعد المستهلكون عن الأطعمة غير المرغوب فيها التقليدية. وقد أعلنت الشركة علنا عن نيتها خفض محتوى السكر والدهون المشبعة في منتجاتها دون التضحية بالذوق. كما دخلت شركة بيبسي كولا في شراكة مع تحالف السل، وهو منظمة غير ربحية ملتزمة بالتقدم في علاج السل. وستشهد الشراكة نشر شركة بيبسي كولا خبرتها البحثية لتطوير نكهات وصفات فريدة من نوعها من شأنها تحييد الطعم غير السار لأدوية السل.

1- نستله (( Nestlé

بلد المنشأ: سويسرا

الإيرادات: 78.9 مليار دولار

نستله هي الشركة الرائدة عالمياً في صناعة الأغذية والمشروبات، حيث بلغت إيراداتها 78.9 مليار دولار في عام 2017. منذ بدايتها المتواضعة قبل 150 عامًا، تعمل المتعددة الجنسيات السويسرية الآن في 189 دولة وتضم 335000 موظف على مستوى العالم. مع أكثر من 2000 علامة تجارية في قطاعات مثل أغذية الأطفال والمياه المعبأة في زجاجات والحبوب والشوكولاتة والحلويات والقهوة والطهي والأغذية المبردة والمجمدة ومنتجات الألبان والمشروبات، وقد أثبتت نستله نفسها كاسم مألوف عالمي. وكان النمو في الآونة الأخيرة مدفوعاً بأعمال المشروبات مثل نسكافيه ونسبريسو، التي تمثل 21.68 في المائة من إيراداتها.

وقد حولت الشركة تركيزها في السنوات الأخيرة إلى تحسين الاحتياجات الغذائية والصحية والعافية لعملائها. وفي هذا الصدد، دخلت نستله للعلوم الصحية مؤخراً في شراكة مع شركة Aimmune Therapeutics لاستثمار 145 مليون دولار من أجل تطوير حلول للأشخاص الذين يعانون من الحساسية الغذائية.

قالوا عند الجوع لا طعام ردئ ونقول زمن الطعام بدون مال ولى لغير رجعة، وذلك بسباق الشركات العالمية للسيطرة على غذاء العالم و موارده ,و غزو منتجاتها كل بيت من بيوتنا ,و ذلك من خلال الاستحواذ على الأراضي و المنتجات و المزارع بكل بقاع الأرض مما يتيح لها التحول لشركات عملاقة تسيطر بطريقة مباشرة  أو غير مباشرة على غذاء البشرية و دوابها بصغيرها و كبيرها ,و تتحكم من قريب أو بعيد بكثير من الدول و اقتصاداتها و مشروعاتها و انتاجها ,و ذلك لمصلحة هذه الشركات و ادارتها متعددة الجنسيات.

العدد 114 / اذار 2021