وشم الغربة لطوني مسعد: قصص من زمن نقي بفيض الحنين

هي قصص لاناس عبروا وتركوا اثرا في ظل الكاتب، أناس طبعوا في ذاكرته الشاعرية المرهفة وشم الغربة.

 »وشم الغربة« هو عنوان امين لمجموعة قصصية للأديب طوني مسعد. صحيح انّ هذه المجموعة ليست بجديدة، إنما الاكيد بأنّ مضمونها العميق يعلو فوق زمان محدد، فمغزى كل قصة من الكتاب يأخذنا الى ارتحال جميل على الرغم من الشجن الذي يسكن بين الحروف، يحملنا الى سفر في ظلال أحبة من ذاكرة اجيال واجيال كالأم الملائكية الوجه او الحبيبة او في ذاكرة الشاعر الياس ابو شبكة على سبيل المثال وغيرها الكثير.

يعلق الكاتب الأحلام على برتقالة تضيء قشرتها لطفولة جميلة، لحنين أمكنة مبللة بعطر الغربة، لحلم يرقص مع امواج البحر ذات غروب، كما في قصة الزمن عداد الاحزان، فنرى ظلال شخصيات تشبه الهمس في حجارة الشوق، في وجد تمخض في ذاكرة النسيان.

هذا في المضمون، اما في الأسلوب فتظهر بوضوح شخصية الاديب الشاعرية والفنية كرسام يجمل الكلمات بدهشة الاستعارات ويلون النص بجمالية الصور الطبيعية والمجازية عبر أسلوب رشيق، وهنا أقطف المثال التالي من قصة  »أفنان دامعة«:

 »ذلك الغروب، اجتزت المعبر نزولا، تكحلّت عيناي بمذاق جميل جديد: كوى في الجدران، بوابة خشبية باسقة، عتبتها عند الأسفلت، ثم فجأة، امرأة، فتحت مصراع البوابة، فاسترسل شعرها الطويل على كتفيها، كسنابل القمح…«

في الكتاب عموما، ثمة حنين ممزوج بنكهة ثياب مهاجرة وحزن في آن، كأننا نرتشف الانتظار مع قهوة الصباح او في رائحة التراب في اول الغيث.

يضعنا الاديب طوني مسعد امام مشهدية معبّرة ومؤثرة عندما يسأل في قصة  »وشم الغربة«: أولسنا ظلا لظلّ؟

برأيي الجواب مطبوع في أوراق ذاكرتنا المتناثرة.

ميشلين مبارك

العدد 104 – أيار 2020