الرياضة المناسبة لكل الاعمار تصحح العاهات البدنية وتشفيها بلا عقاقير

 ريما ماجد تدرّب بيلاتيس في لندن:

لندن  جاد الحاج

ريما ماجد نموذج المهاجرة المنضوية في غربتها بأقل ما يمكن من الشوق السلبي. وهذا لا يعني انها لا تتوق الى موطنها لكنها سلكت طريق الانتماء الى عالم جديد محمّلة بمزايا دوافع الاصرار على النجاح وترك بصمتها الشخصية على حقل قلما تصدى له مهاجرون لبنانيون أو عرب ألا وهو حقل الرياضة الممنهجة المرتبطة بأساسات اللياقة البدنية منذ أن بدأت تتطور وتتشعب بعد الحرب العالمية الثانية، أي بعد أن بدأت الثورة الصناعية تستوعب أعداداً كبيرة من العمال الذين غادروا حقولهم وبساتينهم وأصبحوا  »شغيلة« لدى المصانع الكبرى خصوصاً في بريطانيا ومنها الى أوروبا والعالم الجديد.

كانت اللياقة البدنية تحصيل حاصل نسبة الى الفلاحين والمزارعين كونها  »ناديهم« اليومي المتطلب كمية كبيرة من الجهد والجهاد مع الأرض والفصول، مع الزرع والفلاحة والريّ والحصاد وكلما يتطلب جهداً بدنياً لا مفر منه. لذلك وجد أولئك النازحون من المزارع والارياف الى المصانع والمعامل الكبرى أجسامهم تتباطئ وتخبوا وراحوا يبحثون عن مجالات للتمارين البدنية البديلة. الى جانب هؤلاء اعترى الخمول صفوف الجنود القدامى الذين تدربوا على الصلف والاحتمال والسهر الطويل والانتباه الذهني المكثف فإذا بهم في عالم يسوده الروتين وتتحكم بنشاطه آلات صادرت الحاجة الى قواهم البدنية بل استبدلتها بمحركات لا يبدو عليها التعب.

على خلفية هذا الواقع نشأت في أوروبا مدارس عديدة لرياضات بعضها مستورد من الشرق الأقصى كالكاراتيه والكونغ فو والجودو، إضافة إلى تعزيز مجالات التمارين السويدية الشهيرة.

في التاسع من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1883 ولد جوزف بيلاتيس في ألمانيا لأب يوناني الأصل مهنته الحدادة وهوايته الرياضة. وقد كان جوزف طفلاً ضعيفاً يعاني من الربو والتهابات الرئة إلا أنه قرر الانتصار على ضعفه بأسلوب ذهني عُرف باسم الكونترولوجي أي السيطرة على الجسم بواسطة الدماغ وبعد خروجه من الجندية انصرف الى تطوير طاقاته وتصعيدها باتجاه تكوين أسلوب رياضي متكامل قوامه التحكّم بحركة الجسم وتطويعها كي تتجانس مع غيرها في انسجام متكامل هدفه الحفاظ على نخوة مستنفرة للتعامل مع مناطق الضعف وتحويلها الى مصادر طاقة. وقد أظهرت الدراسات الكثيرة أن أسلوب جوزف بيلاتيس من شأنه تحسين التوازن البدني من دون أن يكون علاجاً معيناً لوضع صحي غير سليم.

بعد وفاته سنة 1967 انتشرت رياضة بيلاتيس في أوروبا على نحو ملحوظ ذلك انها تفيد الاشخاص الذين يمارسونها من دون إعاقة مصدرها العمر فهي بحد ذاتها مدرسة لتطوير الطاقات البدنية وتوجيهها نحو المساندة والدعم.

أصبحت ريما ماجد مدربة رياضية متخصصة سنة 1997 وبدأت تدرّس فنون القتال والجمباز عبر مدينة لندن. إلا أنها غيّرت توجهها سنة 2001 عندما أصيبت بجرح عميق في الركبة وكان عليها ان تبحث عن بديل مناسب لا يسبب ضرراً لركبتها بل يحسن وضعها ويسرع شفاءها وهكذا وقعت على رياضة بيلاتيس والتزمت بها بحرارة وذلك بعد الدرس الأول. تقول ريما:  »انتقلت من مرحلة الدرس الى مرحلة التعليم منذ 17 سنة وذلك بعد ان لاحظت تطور مهماً في بنيتي وقوة عضلاتي وطاقة الحركة في مفاصلي وهكذا أردت أن أساعد الآخرين كي يفيد مما أفادني فبدأت أطور تماريني الى أن اكتشفت ان كل ما كنت اعرفه في السابق لم يكن مهماً«.

* متى بدأتِ العمل المستقل في ناديكِ الحالي؟

ـ أسست النادي في منطقة هانويل غربي لندن إلا أن الإقبال تطور بسرعة واتسعت دائرة العمل لتضم ثمانية مدربين لأربع وثلاثين درساً في الاسبوع وأصبح لدي اكثر من مئتي وخمسين متمرناً من كل الفئات العمرية. بعضهم جاؤوا على خلفية الشفاء من وعكة او جرح لكنهم سرعان ما اكتشفوا امكانيات الشفاء والتطور عبر هذه الرياضة فأصبحوا من المداومين وكان لا بد من توسيع نطاق الدروس فاستوعبنا حلقات اليوغا والتحسين البدني إضافة الى تدريب المدربين الجدد.

* كيف جمعتِ بين اليوغا والبيلاتيس؟

ـ كنت متحمسة لليوغا منذ البداية ودأبت على ممارستها يومياً غير أن مؤثرات وباء الكورونا صرفتني عن تلاميذي إلى الانترنت وبدأنا نتدرب عبر تقنية زوم، مع ان ذلك ليس أفضل الحلول لكن علينا ان نحافظ على بعض الاستمرارية لئلا نفقد بعضنا بعضاً.

العدد108/ايلول 2020