طرابلس تتنفس حرية

فيصل درنيقه

22-10-2019

تشهد طرابلس، ومعها الشمال كله، ظاهرة غير مسبوقة في تاريخها المعاصر، حيث برهن ابناء طرابلس وعموم الشمال عن حجم الحرمان اللاحق بهم، وبحقوقهم المهدورة، منذ الاستقلال، وعلى كل الصعد، فرأى الطرابسيون خصوصا، والشماليون عمموما في انتفاضة 17 تشرين الاول متنفسا لهم.

ان هذا الحراك الديمقراطي السلمي المطلبي هو المعبر الحقيقي عن المخزون الحضاري العميق لعامة الناس، في طرابلس والشمال، المتمردين على كل ما يعانونه من حرمان وقهر وتجويع وتجهيل وزج ابنائهم في أتون الفتن الطائفية والمذهبية، والذي تفجر عند اول متنفس لها، فصلى الناس معا وغنوا. وهتفوا معا ودبكوا. وتعانقوا وتحابوا، في لوحة رائعة من لوحات الوحدة الوطنية والشعبية.

فطربلس مدينة العلم والعلماء، ومدينة العروبة الأصيلة، والمدينة الأولى في طرد الستمعمر الفرنسي 1943 وساحاتها تشهد، وشهداؤها البررة الذين تجاهلتهم الدولة، تأبى إلا أن تكون في طليعة المنتفضين ضد الفساد لتؤكد لكل اللبنانيين إنها جزء لا يتجزأ من همومهم وتطلعاتهم بعيدا عن تلك الصورة النمطية البشعة التي أرادوا الصاقها بها.

كما ان طرابلس المدافعة عن أرض الجنوب اللبناني بوجه العدو الصهيوني حيث كان لها، في آواخر الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات من القرن الفائت، باع كبير في المقاومة الوطنية وارتقى لها العديد من الشهداء على أرض الجنوب. ، وكان لها ايضا الباع الطويل في الدفاع عن المقاومة الفلسطينية وكافة قضايا الأمة، طرابلس هذه لا يمكن أن تفصل بين معركتها الاجتماعية من أجل الخبز وضد الفسادومعركتها الوطنية من أجل الكرامة ومقاومة المشروع الصهيوني الاستعماري..

حمى الله طرابلس والشمال وأبعد عنهما يد الدس والتحريض والاستغلال وابقى وجهها الحضاري الناصع منارة يهتدى بها كل الغيورين على لبنان الوطن والأمة العربية.

العدد 98 – تشرين الثاني 2019