أخصائية التغذية العلاجية أماني الشيخ: كيف تحدّ من إمكانية الإصابة بالأمراض المزّمنة؟

بيروت – رنا خير الدين

 »ليكن الغذاء هو دواؤك، وليكن الطبّ هو غذاؤك«، يقول أبقراط. إشكالية طرحها أبقراط نتجه نحوها كل يوم ونعاني منها كثيراً بفعل التغيرات الناتجة عن التطور البشري والتجدد الدائم في حقول الصناعات والإنتاجات، وهذه الإشكالية تندرج في مجالات عديدة منها: التغذية الصحية للأطفال، المرضى، كبار السنّ، الحوامل والرضّع، ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها.

التغذية السليمة لا تعني حميات غذائية قاسية أو فرط في إعطاء الجسم أنواعاً من الفيتامينات والأنزيمات لا بل إن التغذية السليمة الدائمة تكمن في الثقافة، والوعي السلوكي للنشاط اليومي الغذائي، فلم يعد ممكناً في يومنا هذا على أي فرد تجاهل أمر غذائه دون التفكير في الجوانب الطردية للأفعال الخاطئة والتصرفات اللامبالية بالصحة التي ستنعكس في المستقبل.

 »الحصاد« كما جرت العادة عليها أعزائي القراء تسعى إلى تأمين النصح والاستشارة من الأخصائيين نحو بيئة صحية وأسلوب حياة ملائمين للظروف البيئية، البيولوجية، الديمغرافية، الغذائية والصحية، الاقتصادية والاجتماعية، كما نضيْ على سوء التغذية ذ أسبايه وعلاجه – وقلة الإدراك والوعي فيما يخصّ التغذية الجسدية التي تؤثر على الصحة العقلية والذهنية بكافة جوانبها.

 »الحصاد« توجّهت إلى أهل الخبرة في هذا الحقل وكان لها حديث مع أخصائية التغذية العلاجية الأخصائية الليبية أماني الشيخ حول كل ما قد يصيب الجهاز الهضمي، الجهاز المناعي ومسببات السرطانات وأمراض الكلى وغيرها الناتجة عن سوء التغذية.

مفهوم التغذية العلاجية

لا بد من الإشارة إلى مفهوم التغذية العلاجية الذي تشرحه الأخصائية أماني الشيخ هو علاج وقائي، للفئات المتعددة، كفئات الحوامل والمرضّعات، والشيخوخة وغيرها. وهذه التغذية العلاجية لا بد أن تترافق مع العلاج الطبي لأي مرض، لأن بالتغذية إمّا أن يُشفى الإنسان تماماً، مثل مرض السكري النوع الثاني، أو الضغط الخفيف أي مشاكل صحية تعالجها التغذية بالدرجة الأولى مثل أمراض القلب، الروماتويد، التوحّد وغيرها.

وتضيف  »أماني الشيخ« أن التغذية هنا لا يقصد بها الطعام فقط بل مع علاج التغذية بالطعام قد نستعين بالأعشاب والمكمّلات العلاجية التي هي فيتامينات ومعادن.

التوتر بوابة الأمراض

أكثر الأمراض شيوعاً في الآونة الأخيرة هي الأمراض المزمنة مثل  »أمراض السكري«،  »الضغط«،  »البدانة«،  »النحافة«،  »الأنيميا« موجودة بدرجتها الخفيفة أي في نقص عناصر الدم أو نقص في فقر الدم أو نقص بعض العناصر كالحديد وحمض الفوليك والزنك، منتشر أيضاً مرض التوحّد في كل العالم وبشكل متزايد، وتشير الدراسات حول سوء التغذية خلال فترة الحمل.

لا بدّ من الإشارة إلى أن سوء التغذية ظاهرة منتشرة عالمياً، ومن علماتها الشعور بالوهم، الإرهاق، عدم القدرة على القيام بالعمل، البشرة الشاحبة، الهالات تحت العين، تساقط الشعر وضعفه، وأيضاً بروز علامات أخرى لها علاقة بالتغذية مثل:  الدهاق، الأكزيما ومشاكل الجلدية، الربو ومشاكل الجهاز التنفسي.

محاربة أمراض الجهاز المناعي

يرجع البعض إلى أن التغذية ضرورية للحدّ من خطر الإصابة بالسرطان، وبالتزامن مع  »أكتوبر الوردي« أي شهر الوقاية من سرطان الثدي لدى النساء والذي يُنظّم خلاله حلقات ودورات علمية طبية وتوعوية، كان لا بدّ من الحصول على إجابات حول التغذية والأطعمة التي تحدّ من خطر الإصابة بالسرطان، فقالت الأخصائية  »أماني الشيخ«:  »الغذاء ضروري جداً لحماية وعلاج مرض السرطان، وبالنسبة إلي أعالج جميع الأمراض عن طريق تنظيف الجهاز الهضمي، فهو الذي يحمي من الأمراض ويعالجها، ثم بعد معالجته وتنظيفه نتوجّه نحو المرض بحدّ ذاته، أيضاً بالأغذية والمكمّلات«.

وتحدد الأخصائية  »أماني الشيخ« إلى أن السبب الأساسي وراء أمراض الجهاز الهضمي عادة هي الأطعمة الصناعية، وكي نجعل الجسم يحارب السرطان أو يحمي نفسه من السرطان لا بد من تقوية الجهاز المناعي عن طريق الجهاز الهضمي، والمناعة في الأساس تتقوى عن طريق الجهاز الهضمي، فاذا كان في الجهاز الهضمي مشاكل واضطرابات دائمة يكون الجهاز المناعي ضعيفاً. لذا علينا رفع المناعة وتقوية الجهاز الهضمي لمقاومة الأمراض السرطانية.

الأطعمة التي يجب الابتعاد عنها تماماً للوقاية من السرطان: السكر الأبيض المنزلي وهو عدو الإنسان لأنه سكر مصنّع غير طبيعي واستبداله بالعسل والرب الطبيعي المستخرج من النبات كالدبس، السكر البني، والسكر النباتي. الابتعاد عن الدقيق الأبيض أو ما يعرف بالطحين الأبيض فهو صديق السرطان ويقويه لأنه صعب على الجهاز الهضمي ويسبب هيجان فيه وانتفاخه، واستبداله بالطحين الطبيعي لصنع المخبوزات والحلويات كدقيق الذرة أو الحنطة أو القمح أو الشوفان.

وتشير الدكتور أماني الشيخ لتحفيز المناعة ومحاربة الأمراض المناعية كالسرطان، الروماتويد والأيدز، لا بد من ترك الملح الأبيض الصناعي واستبداله بالملح البحري الطبيعي، والرز الأبيض والتوجّه إلى الرز البسمتي أو الرز الصلب، والتوقف عن استخدام الزيوت والدهون الصناعية واختيار الزيوت المعصورة من الزيتون أو الذرة أو الكتّان. ومن الضروري استخدام الدهون الطبيعية والشحوم لأنها تحتوي على عناصر فيتامينات D، وE، وB، وA المحفّزة للمناعة.

وشددت الأخصائية  »أماني الشيخ« على وجوب شرب اللبن أو الحليب الطبيعي يومياً خلال النهار لتحفيز عمل المناعة والدماغ والعضل لاحتوائها على البكتيريا الصديقة للجسم.

وأضافت: الطعام الطبيعي هو مقاوم للسرطانات وجميع الأمراض، لكن المشكلة في الأطعمة  المهجّنة والمتبدلة هي التي تسبب مشاكل سرطانية مع التوتر، إلى جانب التغذية العلاجية لا بد من استخدام المكمّلات هي الفيتامينات.

وفي حالة سرطان الثدي، يجب إضافة الدهون الأساسية موجودة في المنتجات البحرية ومنها الأسماك الدهنية والزيوت الطبيعية من النباتات والأعشاب، والمكمّل الأساسي DHEA وهو هرمون الستيروئيدي تفرزه الغدة  المتواجدة في الكلى، ويُستخدم في محاربة سرطان الثدي.

ذوي الاحتياجات الخاصة… والتغذية

توضح الأخصائية  »أماني الشيخ« أن الاختلاف في تغذية ذوي الاحتياجات وكذلك من يعانون من شلل، انعقاد عضلات، انعقاد أعصاب وحالات عقلية كمرض التوحّد، ليس كبيراً.

وتابعت: المصابون بشلل بالعضل تتركّز منهجية تغذيتهم على البروتينات من اللحوم والبقوليات والحليب والبيض الطبيعي، وكلّ ما هو طبيعي، إضافةٍ إلى مكمّل غذائي اسمه GLUTAMINE، يقوي العضلات المتعبة، أمّا من لديهم مشاكل بالأعصاب يجب تزويدهم بفيتامين B1 موجود في اللحوم والحبوب الكاملة والدقيق الطبيعي، وصفار البيض لمن يعانون من أمراض الذهنية كالتوحّد، إضافةً إلى فيتامين B6 كمكمّل غذائي وموجود في بعض المأكولات كالبيض وبعض اللحوم والأسماك والسبانج الجزر والبازيلا، إضافةً إلى مادة الزنك المساعد والمقوي للذاكرة.

بعض المأكولات الضرورية لذوي الاحتياجات الخاصة: العسل، التمر، زبيب، تين مجفف، سكر فواكه وسكر بني غير لامع، السمسم، الطحينة، المكسّرات وفول السوداني والذرة، ومن الضروري إعطاء ذوي الاحتياجات الخاصة كميات من المكمّل الغذائي البروبتويكس )هي البكتيريا النافعة( أو استبدالها باللبن الطبيعي.

لا علاقة ما بين الصحة السليمة والوزن

أشارت الأخصائية  »أماني الشيخ« إلى أن التغذية العلاجية لا تعني الوزن، والأمر الشائع بين الناس بأن الوزن المثالي مؤشر على الصحة، لكن من باب التجربة، لطالما يمر علينا أجسام بأوزان مثالية وتحمل فيها أعراض سوء التغذية.

وتضيف بأن الأوزان تتفاوت من عمر إلى آخر، فمن هم بالعشرين يمكن أن يترواح وزنهم حوالي 60 كلغ، ولا يمكن من هم في الخمسينات والستينات أن تنطبق عليهم هذه الأوزان لأن ذلك سيظهرهم بشكل مغاير للواقع.

وتابعت: أشدد أن لا يكون قياس الوزن بالميزان بل بالخصر، لأن الخصر هو المنطقة الوحيدة التي تتجمّع فيها الدهون، ولا علاقة ما بين الصحة السليمة والوزن.

 تجدر الإشارة إلى بعض الأمراض التي قد تنتج حتى بعيداً عن الوزن المثالي هي: جفاف الشعر وتقصّفه، أظافر متكسرة، هالات السوداء، البشرة الباهتة والشاحبة والمتدرجة أو جافة أو مصابة بالحبوب، إضافةً إلى أمراض الخاصة بالجهاز الهضمي، تمزقات الجلد الذي ينتج عن نقص عنصر الزنك، لذلك تفادياً من الوقوع في مشاكل كهذه لا بدّ من الحصول على كميات وافرة من الأطعمة الطبيعية والمكمّلات الأساسية التي تساعد الحفاظ عمل المرارة، تجنب التهابات العظام والأنيميا.

الحمية المتوازنة والرياضة

من دون حمية لا يمكن انقاص الوزن، الحمية المتوازنة ليست تلك التي يشعر فيها الفرد بالجوع على الدوام ولديه اكتئاب، فالحمية المتوازنة من الأطعمة الطبيعية النباتية مع تمارين الرياضة التي تلعب هنا دور في الحرق ورسم الجسم وتعديل عيوب الجسم، كانحناء الظهر والأكتاف، انتفاخ البطن..

وأخيراً، تنصح الأخصائية  »أماني الشيخ« للحفاظ على صحة سليمة التوقف عن تناول الأطعمة الصناعية فهي سبب المشاكل والداء، والعودة إلى الأطعمة الطبيعية التي تتماشى مع وظائف جسم الانسان من المخّ حتى القدم، وتمنح صحة عقلية، قلبية، وجسمانية للعضلات، وحركية وطاقة ونفسية وجمالية للبشرة والشعر والقوام.

الأخصائية أماني الشيخ في سطور

الأخصائية أماني الشيخ

الأخصائية أماني الشيخ حاصلة على دبلوم عالي في صحة التغذية، الأمومة والطفولة، الأمراض السارية والأحصاء الصحية من المعهد العالي التقنية الطبية، جامعة العرب الطبية ذ بنغازي، كما حصلت على دبلوم دراسات عليا في الأحياء الدقيقة، قسم النبات كلية العلوم في جامعة قاريونس بنغازي، كذلك حصلت على ماجستير من قسم الهندسة الميكانيكية من جامعة DCU دبلن في إيرلندا عام 2004.

تعمل في وزارة الصحة الليبية كفنية صحة ورئيسة قسم التثقيف الصحي بالمركز الصحي  »الفويهات«، وكذلك ترأس قسم صحة البيئة بمكتب الرعاية الصحية الأولية.

العدد 87 – تشرين الثاني 2018