جراح القلب – إحسان ناطور                                                                                                        

على الرغم من خطورة عملية زراعة القلب فإن فرصة نجاتك كبيرة

          مهنة الطب مهنة إنسانية في المقام الأول وهي قائمة على الرحمة، يلتقي بها العلم والأخلاق الفضيلة، والطبيب الذي نال العلم والأخلاق الفضيلة ملاك مُرسَلٌ إلى المرضى، جعل الله شفاءهم على يديه.

          الدكتور إحسان ناطور طبيب إنسان من الدرجة الأولى، يعين المرضى ويساعدهم ويفهم معاناتهم، ويرفع معنوياتهم ولا يزال يرتقي بفضائل خلقه، وحسن تعامله مع المريض، إلى أعلى مستويات الإنسانية.

          الدكتور ناطور طبيب جراح للقلب والأوعية الدموية، مختص بزراعة صمامات القلب، وجراحة الأورطي لزراعتها في قلب الإنسان ورئته، وهو من أصل فلسطيني يقيم في هولندا، ومعترف به دولياً؛ فهو مؤسس جمعية (stilgezet) الهولندية التي تدعم المرضى وأقاربهم بمشاريعها وأنشطتها الفنية لإحداث تغيير في النظام الصحي العام.

          وقد أجرى الدكتور ناطور عشرة آلاف عملية قلب مفتوح، منها ألفا عملية لزراعة صمامات القلب. ويعمل في عدة مستشفيات هولندية وألمانية، ويشرف على عدة وفود طبية من جميع أنحاء العالم ليستفيدوا من تجاربه الجراحية.

          وقد ألف كتابه الأول الذي عنوانه when life comes to standstill“” “عندما تفاجئُنا الحياة لطريق مسدود” باللغة الإنجليزية والهولندية والألمانية، وقريباً سينقله إلى اللغة العربية.

 الحصاد: كيف كانت بدايتك مع دراسة الطب؟ وأين؟

إحسان ناطور: بدأت أولاً في ألمانيا بعيداً عن أهلي، كانت حياتي صعبة مادياً ومعنوياً، وكنت أعتمد على نفسي، ورغم ذلك تغلبت على الصعاب والغربة والوحدة، واستطعت أن أجد عملاً في إحدى المستشفيات.

 الحصاد: هل يمكنك أن تحدثنا عن أمراض القلب وأسبابها؟

إحسان ناطور: هناك عدة أنواع لأمراض القلب منها: ضعف في عضلات القلب، وضعف الصمامات وتحجرها، وأمراض الأوعية التاجية التي تغذي عضلات القلب، والتي يمكن أن تصاب بالتكلس والتحجر، وقد تصل إلى حالة من الانسداد الكامل، فيؤدي ذلك إلى سكتة قلبية.

ومن أسباب الأمراض التي تؤدي إلى السكتة القلبية الالتهابات المختلفة والبكتيريا أو الفيروسات.

وهناك أسباب أخرى مثل عدم انتظام نسبة الشحوم والكوليسترول، فيؤدي ذلك إلى التهابات في جدار الأوعية الدموية فيتشكل التكلس.

 الحصاد: من جراح قلب الأطفال؟ وما هي جراحة القلب للأطفال؟

إحسان ناطور: إن جراح قلب الأطفال هو جراح يخضع لتدريب خاص لتشخيص أمراض القلب وإدارتها وعلاجها في حالات مختلفة للأطفال، ويعالج العيوب الخلقية المعقدة لدى قلوب الأطفال وحديثي الولادة، والمراهقين والبالغين. ولأن قلوب الأطفال أحجامها صغيرها، يجب على جراحي قلوب الأطفال أن يتمتعوا بمهارات خاصة، لتقديم أفضل رعاية للأطفال.

إن أساس جراحة القلب للأطفال إصلاح العيوب في قلب الطفل، وقد تكون هذه العيوب خلقية أو أمراضاً تصيب الطفل بعد الولادة.

 الحصاد: هل يُفتح القلب في كل العمليات؟ وكيف تُستَبدَلُ الأوردة والشرايين؟

إحسان ناطور: نحن نسميها عملية “قلب مفتوح”؛ ولكن، في الواقع، نحن نفتح الصدر، ونعمل على شرايين القلب التي تُدعى الأوعية التاجية، وهذا لا يحتاج إلى فتح القلب نفسه، ولكن عادةً نحن نوقف القلب مدةً معينة، ونُركب له ماكينة تعمل وظيفة القلب والرئة.

أما عمليات الصمامات وتغيير الشريان الأبهر فتحتاج إلى إيقاف القلب وفتحه، وأحياناً إلى إيقاف الدورة الدموية إيقافاً تاماً.

 الحصاد: ما أنواع العمليات الجراحية في القلب؟

إحسان ناطور: تُعدُّ جراحة القلب أحدث أنواع الجراحات وأكثرها تطوراً.

عادة نحن نضطر إلى فتح الصدر، ونستعمل ماكينة القلب والرئة، ولكن مع تطور الأجهزة أصبحنا لا نحتاج إلى فتح الصدر كله؛ وإنما نفتحه فتحاً جزئياً، ونستعمل الناظور فنفحص الحالة المرضية على الشاشة.

وأحياناً نستعمل الروبوت، فنجري عمليات معينة كإصلاح الصمامات أو تغييرها.

ومن هذا التطور نجحنا في فتح القفص الصدري بين الأضلاع، ولم نعد بحاجة إلى فتحه من عظم القص.

ومن الطرق الأخرى لعلاج عيوب القلب إدخال أنابيب صغيرة في شريان الساق أو اليد وتمريرها إلى أن تصل إلى القلب، ولكن هذه الطريقة لا تصلح لعلاج كل الأمراض.

 الحصاد: ما أنواع جلطات القلب؟

إحسان ناطور: الجلطة هي حالة تحدث بسبب تخثر الدم فينغلق وعاء دموي في القلب أو في المخ. ومن أسباب تخثر الدم التهابات معينة تسدُّ الوعاء الدموي انسداداً جزئياً أو كلياً، وفي الانسداد الكلي ينقطع الدم عن العضلة أو منطقة الوعاء الدموي، وإذا كان الانسداد في القلب تكون الجلطة قلبية، وإذا كان في الدماغ تكون الجلطة دماغية.

الحصاد: ما أخطر أمراض القلب وما أسبابها؟

إحسان ناطور: ترتفع نسبة الشحوم في الأوعية الدموية التي تصل إلى القلب، فتمنع هذه الشحوم عبور الدم المحمل بالأوكسجين إلى القلب، ومن ثَمَّ يفقد القلب قدرته على القيام بوظائفه، فيتأثر الجسم وتفقد الأعضاء قدرتها على تأدية وظائفها، ويمكن أن يؤدي تصلب الشرايين أو ضيقها إلى جلطة قلبية.

الحصاد: كيف ينبغي للطبيب أن يتعامل مع مرضاه؟

إحسان ناطور: ينبغي للطبيب أن يتعامل بالإنسانية، فالمرضى يعانون حالة نفسية من مشكلات صحية، ونحن نعالج مشكلاتهم الصحية وحالتهم النفسية، لذا على الطبيب أن يعي كيف يتعامل مع المريض بإنسانية، فالمعاملة الحسنة الطيبة قد تجعل المريض يتعافى بالمعاملة الطيبة النحسة.

 الحصاد: ما الذي تريد أن تقوله في كتابك: when life comes to a standstill“” “عندما تفاجِئُنا الحياةُ لطريق مسدود”؟

إحسان ناطور: ألفتُ هذا الكتاب بعد خبرة خمس وعشرين سنة في الجراحة القلبية، وبعد عشرة آلاف عملية جراحية، والهدف من الكتاب توعية الناس إلى خطورة الأمراض القلبية وضرورة مراعاة الصحة ليكون في حالة سليمة، فمثل هذه الأمراض، إذا أُصيبَ بها الإنسان، قد يغير مجرى حياته.

 الحصاد: متى يجب على مريض القلب الذهاب إلى الطبيب؟

إحسان ناطور: عندما يشعر بعوارض تدل على أمراض قلبية، كضيق التنفس أو الإرهاق أو انتفاخ في القدمين أو تغيير في لون الشفتين أو شعور بعدم انتظام دقات القلب.

كل هذه الأعراض إذا شعر بها المريض يجب ألا يتجاهلها وأن يذهب فوراً إلى طبيب القلب، فمراجعة الطبيب مبكراً أفضل من مراجعته مؤخراً.

 الحصاد: ما دعامة القلب؟ وما الأضرار الناتجة عنها؟ ومتى يلجأ الطبيب إلى استخدام دعامة القلب للمريض؟

إحسان ناطور: تبدو الدعامة كهيكل خيمة في الوعاء الدموي المسدود، لفتحه الشرايين المسدودة، وهذا علاج أقل خطورة من عملية القلب المفتوح، واستعمال الدعامة يقرره الطبيب في حالات معينة للمريض، وحسب منطقة الوعاء الدموي، وعمر المريض، وإذا كانت الحالة طارئة أم غير طارئة، وهل ستكون أفضل للمريض على المدى الطويل أم لا.

الحصاد: هل تطورَ الطب إلى درجة أن بإمكان جراح القلب والأوعية الدموية أن يسد ثقباً في القلب؟

إحسان ناطور: نعم؛ تطور الطب اليوم إلى درجة أن من الممكن سدَّ ثقب في جدار القلب دون فتح القلب بعملية جراحية، ولكن بحسب الثقب والجدار، فهناك جدار بين الأذنين: الأيمن والأيسر، وجدار بين البطينين: الأيمن والأيسر، فإذا كان الثقب صغيراً لا يهتم له الناس، وإذا كان الثقب كبيراً فهذا يعني أن الدم يجري في المكان الخطأ، والجدار يفصل الدم المُحمَّل بالأوكسجين عن الدم المُحمَّل بثاني أوكسيد الكربون، وفي هذه الحالة يجب إغلاق الثقب الكبير.

عادة يُخلقُ الأطفال وفي جدار قلوبهم ثقب؛ ولكن بعد مدة تقريباً من ثلاث سنوات إلى أربع سنوات ينغلق من تلقاء نفسه إذا كان الثقب في جدار القلب العضلي، وإذا لم ينغلق يجب أن يغلقه الطبيب الجراح، وإذا كان الثقب صغيراً يُمكن إغلاقه عن طريق القسطرة.

الحصاد: ما عملية زراعة القلب، وكم نسبة فرص نجاحها؟

إحسان ناطور: عملية زراعة القلب هي استبدال قلب صحيح سليم من متبرع بقلب المريض المصاب بالفشل. وتكون زراعة القلب عادة علاج الأشخاص الذين لم يتحسنوا تحسناً كافياً بالأدوية أو العمليات الجراحية.

وعلى الرغم من خطورة العملية  فإن فرصة النجاة كبيرة، ويرجع ذلك إلى الرعاية المناسبة.

الحصاد: كيف يمكننا تجنب مرض حمى الروماتيزم القلبية، وهل يمكن أن يكون سبب حمى الروماتيزم عدم علاج الطفل علاجاً صحيحاً حين يُصابُ بمرض اللّوَز؟

إحسان ناطور: في الواقع إنَّ مرض حمى الروماتيزم تبدأ بالطفولة، أو عند الأولاد في سن طلاب المدارس، وعادة تكون بسبب التهابات من جراء بكتيريا في سن صغيرة، وذلك بسبب عدم علاج الطفل من مرض اللوز علاجاً صحيحاً، وفي دول أوربية نلاحظ هذا المرض قليلاً لإعطائهم التطعيم والانتباه والوقاية.

الحصاد: هل صحيح أن أمراض القلب عند الرجال أكثر من النساء؟

إحسان ناطور: تختلف أمراض القلب بأنواعها، بعض منها تصاب بها النساء أكثر من الرجال، وبعضها يصاب بها الرجال أكثر، فمثلاً أمراض الصمامات يصاب الرجال بها أكثر من النساء.

الحصاد: ماذا عن تأثير التدخين؟

إحسان ناطور: إن التدخين يجعل الأوعية الدموية تنقبض، مما يؤثر ذلك في القلب ويسبب أزمات قلبية، وكذلك يسبب المُدخِّن أمراضاً قلبية لمن حوله.

الحصاد: بماذا تنصح مريضي القلب؟

إحسان ناطور: أنصحهم بممارسة الرياضة كل يوم، والابتعاد عن التدخين، والمحافظة على ضغط الدم، ومراقبة السكر ونسبة الشحوم والكوليسترول في الدم. ونصيحتي المهمة هي متابعة المحافظة، فالوقاية خير من قنطار علاج.