التطرف المسيحي والإسلامي يلتقيان في العراق

عشرون عاما على غزو العراق

للعراقيين حق مقاضاة الغزاة وفق القانون الدولي

قبل عشرين عاماً في العشرين من مارس باشرت القوات الأمريكية غزوها للعراق بعد تجاهل الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن وبشراكة مباشرة مع رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير مجلس الأمن الدولي والانفراد في العمليات العسكرية وإسقاط النظام السياسي في بغداد . حكمت القوات الأمريكية البلد مباشرة لتسع سنوات , رحلت عن البلد كقوات غازية نهاية عام 2011 .

لم يشك أحد بالقدرة العسكرية الأمريكية على إنجاز الاحتلال العسكري لما تمتلكه واشنطن من قدرات عسكرية جوية وأرضية فتاكة لم تتمكن قوات الجيش العراقي المنهك من مقاومتها, رغم حصول مقاومة متفرقة غير حاسمة هنا وهناك , ما زالت تُذكر عمليات المقاومة في منطقة مطار بغداد .

خضع البلد في أيام الاحتلال الأولى لإدارة الحاكم الأمريكي بول بريمر الذي استعجل وبتوجيه من إدارة البيت الأبيض ورئيسها بوش بإصدار قرارات نهاية دولة العراق ومؤسساتها العريقة أبرزها قرار حل الجيش العراقي والقوات الأمنية لتفتح أبواب البلد لأمواج البرابرة الغزاة الحاقدين على أهله الأصليين , كذلك مجموعة القرارات خاصة قرار الاجتثاث الذي استهدف مئات الألوف من العراقيين وإقصائهم من وظائفهم وإيداع بعضهم المعتفلات دون اتهامات واضحة وبعضهم يحمل اختصاصات عالية وخبرات مهنية .ثم تم تغيير عنوان الاجتثاث الى ” المساءلة والعدالة في ظل الحكومة الشيعية الأولى برئاسة نوري المالكي ليدخل العراق في مرحلة ” الفوضى الخلاقة ” بعد تنفيذ خطة ” الصدمة والرعب ” للاحتلال كما أرادها قادة اليمين الأمريكي ونفذها بوش . بالتعاون مع بعض العراقيين المعارضين لنظام الحكم السابق الذين تم تحضيرهم بأيام قليلة لعقد خلال مؤتمرهم في لندن في ديسمبر 2002 بإشراف السفير الأمريكي زلماي زادة . ليصبحوا فيما بعد حكام العراق . قصة أخذت تثير سخرية أبناء الجيل العراقي الذين ولدوا ذلك العام أو بعده .

بريمر وكعادة المسؤولين الأمريكان حيث يعترفون بجرائمهم التي يسمونها أخطاء بعد تقاعدهم أو خروجهم عن المسؤولية , اعترف بخطأ قراراته  في مذكراته التي كتبها فيما بعد تحت عنوان “عام قضيته في العراق ” وفي شهادات استماع أمام لجان مختصة في الكونغرس.

قال  “ارتكبت أخطاء استراتيجية كبيرة في العراق، ما أدى إلى تقويض جهود احتواء المسلحين العراقيين، وأودى بأرواح الكثير منهم إلى جانب قوات التحالف، وأن عقلية ما بعد فيتنام التي كانت سائدة بين جنرالات الجيش الأميركي أدّت إلى حرب غير فعالة مع المسلحين، فما إن تقضي على العدو في مكان ما، حتى يظهر بغتة في مكان آخر”.   كذلك اعترف عام 2007 أمام جلسة مساءلة في الكونغرس بأنه “ارتكب أخطاء”، وأنه “لو عاد به الزمن إلى الوراء لكان عالج عدة قضايا بطريقة مغايرة”. لكن تقريراً أعدته الإدارة الأميركية عام 2005 أي بعد مغادرة بريمر العراق ببضعة شهور،أوضح  إساءة إدارة الأموال في العراق واختفاء نحو 9 مليارات دولار كانت مخصصة لإعادة الإعمار.

نلاحظ كذلك التناقض في تصريحات المسؤولين الأمريكان الذين تحملوا مسؤوليات الاجتياح العسكري . يقول السفير زلماي خليل زادالذي كان مبعوث الرئيس بوش في الأشراف على فلول المعارضة العراقية وعقد مؤتمر لندن نهاية عام2002 “إن إعلان حل الجيش العراقي من قبل الحاكم المدني بول بريمر تم في بغداد، ولم يخضع لنقاش متأنٍّ في واشنطن من قبل الرئيس جورج دبليو بوش والقيادة العسكرية”، لكن بريمر فنّد مزاعم زميله خليل زاد، بالقول: “إن الأمر تم بعد موافقة الرئيس السابق جورج دبليو بوش خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي يوم 13 مايو/أيار 2003”.

لعل من المفيد بعد عشرين عاماً على ما خلفه الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق من مآسي وكوارث , مراجعة بعض الوقائع السريعة وعرض بعض الوثائق التي كشفت وتكشف النيات المبيّتة لتدمير شعب العراق ودولته ومن خلال ذلك تفكيك وتدمير العالم العربي , فالقاعدة تقول : العراق قلب العرب .

تظهر في وسائل الاعلام الأمريكية والأوربية مع مرور أعوام محنة هذا البلد الكثير من اعترافات المتورطين بقرار غزو العراق كذلك التوثيقات التي ترد لكتاب وصحفيين أمريكان كانوا قريبين من دوائر صناعة القرار في واشنطن أو خارجها .

قرار غزو العراق

الوثائق المدّونة تكشف إن المبررات التي أعلنتها واشنطن بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل كتبرير للاجتياح العسكري هي أكذوبة كبيرة , لأن قرار غزو العراق اتخذته مجموعة المحافظين الجدد في مقدمتهم ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع وبول وولفويتز واليوت ابرامز وريتشارد بيرل ثم وافق عليه جورج بوش الإبن.

عرض المؤرخ الأمريكي ميلفين ليفر في كتابه ” التصدي لصدام حسين ”  بعض المعلومات المهمة المتعلقة بقرار غزو العراق من بينها وفق ما جاء في الكتاب :

  • كانت نية المحافظين الجدد في إسقاط النظام العراقي مقررة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 من بينها كرههم لصدام ورغبتهم في التخلص منه لأنه ” يعادي الصهيونية ويريد حذف إسرائيل من خارطة الشرق الأوسط ويسعى للوحدة العربية وقام بتأميم النفط واستخدم الموارد الهائلة الناتجة عن التأميم لتحديث العراق”.

 – استعرض الكاتب كيف وضع مساعدو بوش العراق كهدف رئيسي للانتقام الامريكي بعد ساعات من احداث 11/9   ” في مساء يوم 11/9 والحرائق ماتزال مشتعلة في وزارة الدفاع ووسط صفارات سيارات الإسعاف عاد رامسفيلد من الباحة المليئة بدخان الحرائق الى مكتبه في البنتاغون وخاطب الحاضرين “اضربوا صدام حسين وليس فقط بن لادن الأهداف الآتية يجب ان تكون واسعة امسحوها كلها بالأرض ، اضربوا كل شيء مفيد”.

  • ذكر الكاتب أن وولفوفيتز المعروف بتطرفه اليميني كان لا يزال يسعى الى هدف تابعه خلال السنين الماضية وهو إمكانية اسقاط صدام حسين عن طريق دعم التمرد الشيعي وإنشاء منطقة محررة محميّة في الجنوب تشكل فيها حكومة مؤقتة تحرم صدام من موارد النفط. وكان وولفوفيتز يردد “لقد نجحنا في خلق مقاومة للاتحاد السوفيتي في أفغانستان، ونحن قادرون على خلق مقاومة في بلد عربي أيضا”.
  • نذكر ما دوّنه بوب وودوورد الكاتب المشهور في الواشنطن بوست في كتابه خطة الهجوم : قبل عام من الغزو التقى جورج مدير المخابرات الأمريكية تينت سرا مع شخصين مهمين وسيكون لهما دور هام في العمليات السرية التي ستقوم بها وكالته في العراق، هذان الشخصان هما: مسعود البارزاني وجلال الطالباني، اللذان يسيطران على مناطق شمال العراق. وكان مع تينت في لقائه معهما رسالة واحدة: الادارة الامريكية جادة هذه المرة، الجيش والمخابرات قادمون للعراق، الامر يختلف هذه المرة، المخابرات لن تكون وحدها، الرئيس بوش عنى كل كلمة قالها، صدام سيذهب، هذا قرار. يعلق وودورد على ما قاله تينت :ان الأخير لم يكن يعرف فيما اذا كان يقول الحقيقة أم لا، ولكن عليه ان يقول هذا حتى يرفع من سقف توقعات الاكراد ويحصل منهم على وعد بالتعاون مع فرقه. وعندما تحدث مع الزعيمين الكرديين كان تينت يعرف انه يجب ان يبيع بضاعته بمقابل، ففي هذه المناطق لا يباع شيء بالمجان. ومن خلال عمله بالمخابرات، عرف من المسؤولين السابقين ان الاستخبارات هي الوجه القذر للعبة السياسية، فالوكالة الوحيدة المسموح لها رشوة الاخرين هي وكالته، فيما يُطلب من كافة الوزارات الحصول على موافقة من الكونغرس قبل تقديم أي دعم لجماعة او حزب. والمثير في عرض تينت انه كان يحمل معه هذه المرة حقائب مليئة بالاموال، ولديه عشرات الملايين من الدولارات من ورقة المئة دولار الجديدة. وأخبر تينت جورج بوش إن بعض الأموال ستستخدم في عمليات ارضاء وشراء ذمم الاخرين ودفعهم للتأكد من جدية الادارة الامريكية. وكانت رسالة تينت في النهاية للكرديين: انتظروا، الأموال والجيش والمخابرات كلهم قادمون.
  • ديك تشيني عمل دعوة احتفال خاصة في بيته بعد أربعة أيام من نجاح القوات الأمريكية في احتلال بغداد : طلب تشيني من الحاضرين الابتعاد عن الرسمية. قدم الكاتب والسياسي المتطرف كين أودلمان مداخلة قائلا : لطفا دعونا نتحدث عن حرب الخليج هذه، انها حرب جميلة تستحق الاحتفال،عندها طلب اودلمان من الحضور شرب نخب للرئيس وأمريكا . تخلل الحديث تعليقات حول كولن باول، بأنه حريص على إرضاء استطلاعات الرأي. وفي لحظة من لحظات الحفل، قال اودلمان دعوني اسأل، انا مندهش من فشلنا بالعثور على اسلحة الدمار الشامل ، فاجاب وولفويتز سنعثر علىها ، وقال تشيني لم يمر على وجودنا في العراق سوى أربعة ايام سنعثر علىها. مضت ثماني أعوام على الاحتلال وخرجت القوات المحتلة رسمياً عام 2011 ولا خبر عن اسلحة الدمار الشامل .

تحالف بلير وبوش على العدوان

توافق توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق مع الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن على غزو العراق حيث تم تمرير هذا القرار على الشعب الأمريكي لكن لم يكن كذلك مع الشعب البريطاني . كانت هناك معارضة شعبية واسعة , نتذكر التظاهرات الشعبية البريطانية الضخمة التي بدأت في 15 فبراير 2003 . قدرت أعداد المتظاهرين في لندن وحدها أكثر من مليون ونصف شخص ,  دعمتها تظاهرات كبيرة في أكثر من 600 مدينة عبر العالم .

نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية نص مكالمة هاتفية جرت بين الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في مارس 2003 عشية الحرب على العراق.النص ورد في مقالة نشرتها سارة هيلم وهي محررة دبلوماسية سابقة لصحيفة «الاندبيندنت» وزوجة جوناثان باول رئيس الأركان والمستشار السابق لتوني بلير من 1995 حتى 2007.نتحفظ على ذكر جميع مقاطعها لاحتوائها لغة هابطة .

تظهر المحاورة الهاتفية  محاولة الأخير إقناع بوش عدم اتخاذ قرار الحرب على العراق قبل الحصول على قرار ثان من مجلس الأمن الدولي، لكنه بوش بدا مصمماً وعازماً على الذهاب إلى الحرب في أقرب فرصة.

المكالمة جرت في بداية مارس 2003

تخلل المكالمة أحاديث حول الموقف الفرنسي المعارض للحرب :

بلير: الرئيس الفرنسي جاك شيراك يحاول التسبب في مشكلة، ويسعى لمعارضة إصدار قرار ثان من مجلس الأمن.

بوش: لكن ماذا يمكن للفرنسيين فعله لأي أحد؟ وما الحروب التي انتصروا فيها منذ الثورة الفرنسية؟

بلير: حسناً.. هذا صحيح

تخللت المكالمة النكات السيئة عن الفرنسيبن

خلال المحادثة وصف بوش هانز بليكس، المفتش الأممي على أسلحة الدمار الشامل بالعراق، بأنه عديم الفائدة، وظل بوش وبلير يسخران من الرجل. كما ذكر بوش أن هناك معلومات استخباراتية جديدة حول اقتراب صدام حسين من تفريغ شحنه من تلك الأسلحة,

بوش: أتعرف يا بلير يمكننا أن نضع جهاز تنصت على تلك المكالمة، ونتأكد أن شيراك سيسمعها (…) وعندما يضرب ابن العاهرة أوروبا، سيأتون ويتساءلون: «أين كانا جورج وتوني؟».

الكثير من الضحك

بلير: علينا أن نجعل الناس يفهمون أننا سنذهب للحرب، ليس لأننا نريد ذلك، بل لأنه لا يوجد أمامنا بديل سوى هذا الأمر.

بوش: لدي خطاب كبير غداً، لذا فأنا سأتحدث في جزء منه عن ذلك.. لكن على أن أفعل شيئاً فيما يتعلق بلغة جسدي.. لغة جسدك رائعة.. كيف تفعل ذلك؟

بلير: حسناً

بوش: أتعلم يا توني، الشعب الأمريكي لن ينسى ما تفعله. والناس يقولون لي هل رئيس الوزراء توني بلير يقف دائماً إلى جوارك؟ هل تثق به؟ وأقول لهم نعم، لأنني أدرك معنى القيادة والشجاعة عندما أراهما أمامي. (بلير) لن يتخلى عنا.

هنا ضحك بلير مجدداً، وبدا عاجزاً عن الرد المناسب)

بلير: حسناً.. ربما أكتب هذه الكلمات على شاهد قبري

بوش (ضاحكاً): أن تكتب (هنا يرقد بسلام رجل الشجاعة..).. أهذا ما تعنيه؟

بلير (بعصبية): نعم صحيح

تضمنت المحادثة حسب رواية الكاتبة كلمات سباب رخيصة .

في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس بوش في 26 كانون الثاني/يناير 2003، تحدث عن معلومات من المخابرات البريطانية تفيد بأن صدام حسين حصل على إمدادات من “يورانيوم الكعكة الصفراء” من أفريقيا. وحصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الوثيقة وسرعان ما ظهر أنها مزورة. الوزير الأفريقي من دولة النيجر الذي كان توقيعه في أسفل خطاب الموافقة للعراقيين لم يكن حتى في منصبه في التاريخ الوارد في الرسالة.

لجنة التحقيق البريطانية ..  بلير كذب لدعم بوش  

لجنة التحقيق البريطانية في حرب العراق المعروفة بلجنة تشيلكوت نسبة إلى رئيسها القاضي السابق السير جون تشيلكوت أعلنت بعد نحو سبع سنوات من الانتظار, السادس من يوليو/تموز 2016 تقريرها بشأن تقييم قرار رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير المشاركة إلى جانب الولايات المتحدة في عهد جورج بوش الابن في غزو العراق، والإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين.

اللجنة بدأت جلساتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 بمراجعة السياسة التي تبنتها بريطانيا بخصوص العراق، واستمعت لإفادة نحو 150 شاهدا من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين البريطانيين، كان بلير على رأسهم وكذلك براون.

 التقرير خلص إلى أن بريطانيا اعتمدت على معلومات استخباراتية مغلوطة ولم تستنفد الخيارات السلمية قبل غزو العراق، وذكرالتقرير :عند اتخاذ قرار الغزو لم يكن نظام صدام حسين يشكل تهديدا، وكان بالإمكان اتباع خطة دبلوماسية تستمر لبعض الوقت لتدبير الملف، خاصة أن أغلبية أعضاء مجلس الأمن الدولي كانت تؤيد استمرار عمل الأمم المتحدة في التفتيش والمراقبة.حرص التقرير على توضيح أن الأحكام المرتبطة بتهديدات نظام صدام قدمت بتعبيرات تأكيد غير مبررة، حيث إن المعلومات التي وفرتها الاستخبارات لم تقدم أدلة جازمة على أن صدام “استمر في إنتاج أسلحة كيميائية أو بيولوجية”، وبالتالي فالقرارات التي اتخذت بشأن بلاد الرافدين بنيت على معلومات “مغلوطة وغير دقيقة”. تحدث بلير عن وجود تهديدات من أسلحة الدمار الشامل العراقية من دون أن يقدم مبررات بشأن ذلك، والمعلومات التي قدمت له عن أن العراق لديه قدرات عسكرية يسعى لتطويرها كانت خاطئة.

صرح جون تشيلكوت في الندوة الصحفية التي قدم خلالها التقرير بأنه “استنتجنا أن بريطانيا قررت الانضمام إلى اجتياح العراق قبل استنفاد كل البدائل السلمية للوصول إلى نزع أسلحة البلاد، بينما لم يكن العمل العسكري آنذاك حتميا”. اعتبر تشيلكوت أن الحكومة البريطانية “أسهمت في تقويض سلطة مجلس الأمن الدولي عبر المشاركة في تدخل عسكري غير مدعوم منه”.

شيراك وموقفه الرافض للحرب

التطرف المسيحي والإسلامي يلتقيان في العراق . معالم التطرف المسيحي لدى الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن تلبية لأهداف مجموعة اليمين, التقى مع التطرف الإسلامي المتمثل بالتنظيمات الإسلامية السنية ” القاعدة ثم داعش ” كذلك نظام ولي الفقيه الإيراني الشيعي في طهران .

الكتاب الذي صدر في فرنسا بعنوان (سوف أنشر تكذيبا لو كررتم الخبر) بقلم الصحفي الفرنسي جون كلود موريس , فيه نقل أمين لأحاديث مطولة أجراها الصحفي مع الرئيس الفرنسي السابق الراحل جاك شيراك عام 2003 والتي رفض الرئيس شيراك الانخراط أو المشاركة فيها. شيراك لم يصدق أذنيه وهو يسمع صوت بوش في الهاتف يقول له بالضبط إنه تلقى وحيا من السماء لإعلان الحرب على العراق لأن ياجوج وماجوج انبعثا في الشرق الأوسط للقضاء على الغرب المسيحي!

شيراك بعد هذه المكالمة الغريبة التي لم يعلق خلالها على كلام بوش، أصر على فهم أعمق لمعنى ياجوج و ماجوج، فدعا أقرب مستشاريه وأعلمهم بمحتوى المكالمة البوشية وطلب إليهم تحرير نص يشرح له ياجوج وماجوج! وبالطبع ضحك المستشارون واندهشوا لكنهم قدموا بعد ذلك للرئيس شيراك لمحة عن ذكر الإنجيل لياجوج وماجوج.

اعترافات متأخرة لهانز بليكس

قبل وقوع الحرب أعلن كبير مفتشي الأسلحة في العراق هانز بليكس أن فريقه لم يعثر على أسلحة نووية وكيمياوية وبيلوجية . هذا الأسم هانز بليكس الذي تداوله العراقيون أعترف بتفاصيل عن كواليس الأحداث التي سبقت أبريل نيسان من عام 2003.

لقد اتهم بليكس في مقابلة مع مجلة “E&T”عام 2022  الإدارة الأميركية بتضليل المجتمع الدولي بالاستناد إلى وثائق مزورة وشهادات كاذبة تزعم امتلاك النظام السابق أسلحة “دمار”، لضمان تأييد إطلاق العمليات العسكرية لاحتلال العراق.يقول بليكس: “يجب التعامل مع الكعكة الصفراء بأنها أكذوبة , لم يكن العراقيون في وضع يسمح لهم بذلك. وقد أبلغنا الجهات الأممية العليا بأن صدام حسين ليس لديه حالياً أي وسيلة تقنية لمتابعة برنامج نووي. “

شعب العراق يحتفظ بحقوقه الإنسانية 

هذه العينات من الوثائق تدين زعماء غزو العراق , بعضهم اعترف بجريمته لكن دون محاسبة لأن ديمقراطيات العالم الغربي وأمريكا لا تدين الذين يقترفون جرائم ضد الإنسانية خارج بلدانهم , وإلا لما كان للاستعمار القديم , أو الغزوات في القرن العشرين ( فيتنام , أفغانستان , العراق وغيرها ) وجود على صفحات التاريخ.

لم نتحدث في هذه السطور عما فعلته قوات الاحتلال الأمريكي من مجازر خلفت ميراثها الأسود للحكام الفاسدين في العراق . فضيحة سجن أبي غريب ببغداد شاهد على بشاعة أدوات الاحتلال في تعذيب الأسرى وإظهارهم عراة تتلاعب بأجسادهم بكل دناءة مجندات مع مجندين من قوات الاحتلال لم تتم محاسبتهم . الأخطر من كل ذلك إن القيادة الأمريكية واداراتها سواء في عهد بوش أو كلينتون أو باراك أوباما لم ينهيا الاحتلال الأمريكي بخروج قواتهم العسكرية , بل استمر مشروع تهديم هذا البلد العربي وتحطيم قدراته البشرية والمادية ,وفتح أبواب الفساد المالي وإشاعة الطائفية السياسية ومحاصصاتها .

لم تتم محاسبة مرتكبي جريمة احتلال العراق , كما لم يتم تعويض شعب العراق بسبب ما خلفه عدوان الاحتلال . من السخرية مطالبة واشنطن العالم بعد الاحتلال الروسي لأوكرنيا العام الماضي بضرورة معاقبة المعتدي . يؤكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في خطابه يوم 3 مارس آذار 2023 في نيودلهي “إذا سمحنا لروسيا أن تفعل ما تفعله في أوكرانيا وتفلت من العقاب، ستكون تلك  رسالة لكل مرتكبي العدوان  المحتملين في كل مكان أنهم قادرون أيضا على الإفلات من العقاب”.

يحتفظ العراقيون بحق محاكمة المجرمين المسؤولين عن غزو العراق، وطلب الحصول على التعويضات , هي حقوق أصيلة كفلها القانون الدولي ولا تسقط بالتقادم طبقا لاتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لعام 1968، كما أنها تمثل حقوق شعب كامل وأجياله القادمة وهي غير قابلة للمساومة أو التفريط بها، وعندما تقام سلطة الشعب في العراق المحرر سيكون لممثلي الشعب تقرير آلية المطالبة بالتعويضات ومحاسبة مجرمي الحرب.