العشق الممنوع

ريما كركي

انتحرت سمر … ليس لأنها لم تحصل على مهند، بل لأنها ضحّت بكرامتها وكبريائها من أجل من لا يستحق… خانت صورتها عن نفسها، صورة كانت تحميها من تلوث أمها التي خانت أباها وتسببت بموته… خانت صورتها هي، لتتحول من امرأة كانت مستعدة لكل المجازفات والمواجهات مهما كانت تكلفة الوضوح ، الى امرأة تختبىء ، تتعذب بصمت، تتورط أكثر بالذنب تجاه زوج أرادت حمايته بإبعاده، وتحتار كيف تجعل من ذلك الولد الذي وقعت في حبه، مهند، رجلاً بحق.

انتحرت سمر… وكثر يتّهمونها بالخيانة، ويصفونها بأنها ساقطة، ويشمتون بنهاية متوقعة لأمثالها.. كثر لم يشعروا بغليانها… كثر لم يشعروا بصدق مشاعرها… لم يشعروا بضمير يشعلها بين زوج وعشيق، لم يقدّروا قوة شخصية حاضرة لإعلان الغرام وفك الإلتزام بشرف… كثر لم يشعروا بصراعها مع ذاتها، كي لا تغرق بصورة المرأة القذرة المتمثلة في أمها ، والتي من حيث تشعر أو لا تشعر كانت في حرب ضروس مستمرة معها…

كثر لا يستوعبون أن يكون المرء مأخوذاً مخدراً مأسوراً بهوى يفوق طاقته على الممانعة، على المقاومة، يعطّله، يكسره وقد يدمره… علماً أن الحكمة بالإنسحاب من عشق بهذا الحجم مدمّرة أكثر.

القصة التركية الشهيرة: العشق الممنوع
القصة التركية الشهيرة: العشق الممنوع

بعض العشق كالسرطان ، لا من يقدر على صدّه.. ويغدو التعاطف مع المتورط فيه منطقياً مهما كان ذلك بعيداً عن المنطق…

انتحرت سمر … بعدما فشلت بتغيير ما لا يتغير… فشلت بتحويل الجبان الى شجاع، جاهز لكلفة شجاعة استثنائية… انتحرت بعدما أدركت أنه يفضّل الخداع الغارق في دموع الذنب على المواجهة الصادقة وإن كانت موجعة…فالصدق أقصر الطرقات الى البراءة والتبرئة… الصدق مهما كان قاسياً ومها كان حكم الآخرين عليه، ومهما كان جلاباً للمصائب، يبقى أقصر الطرقات الى قلب الله أولاً، والى قلوب الناس بعد حين. فالناس يثورون لجرأة الصدق أحياناً لأنه صعب عليهم أن يفضحوا ما في داخلهم… يحاسبون الآخر على ما يضمرون هم في سرهم، او على ما قد يسامحون أنفسهم بسهولة عليه.

العشق الممنوع … كلمتان تتناقضان فلا عشق يُمنع إذا كان الصدق سيّد قلبين واثقين مما يشعران به.. فلا من يمنع العشق إلا كونه ناقصاً، وكون بطليه ناقصين، أو أحدهما ليس غارقاً بما فيه الكفاية بما يحتاجه العشق أصلاً أو ما تجسده تلك الكلمة بالاساس…

فليست الخيانة أن نحب شخصاً آخر خارج ارتباطنا، بل أن نخدع من التزمنا به… فالمواجهة قمة الاحترام للذات أولاً..

ويبقى الاهم أن يكون من ذهبنا اليه بكل ما نملك من إحساس، ومن تخلينا عن ماضٍ لأجله، أن يستحق… أن يستحق.. والا فذاك هو الانتحار المتكرر مع كل شمس جديدة.. انتحار اشد ضراوة من انتحار سمر..

انتحرت سمر.. من أجل رجل ليس برجل… من أجل لا شيء