الكويتي فواز باقر يلتقط حدس القارئ ويترجمه روايات

 الاستخلاص الدرامي والتطور العاطفي الأدبي في “المغفل”

يسرد الكاتب الكويتي فواز باقر في آخر روايته “المغفل” أحداث مستوحاة من واقع شاب في مقتبل العمر، عايش رحلة الرومانسية والسفر والشقاء حيث يصطدم بمطبّات حياتية صارعها مع تلك المعتقدات التي اعتاد الامتثال لها

الكاتب الكويتي فواز باقر

وباتت جزءاً من حاضره… بين تجلّيات الماضي ونبضات الحاضر يأخدنا باقر في رحلة “المغفل” بسلاسة وبراعة السرد والوصف والتوصيف.

هي روايته العاشرة، التي صدرت عن دار حكاية التي أسسها لتكون منصة عربية للأدباء والكتّاب العرب ونافذة للطرح الأدبي والشعري، وقد حققت هذه الرواية نجاحات كثيرة في الكويت وخارجها. هذا الشاب اليافع اكتشف موهبته باكراً لكنه سلك طريق القلم والكلمة عام 2010 حيث أصدر أولى رواياته “دماء الرمال”.

بعيداً عن الرواية الواقعية والسلاسة فقد عمد باقر في بعض روايته إلى التوجّه نحو كتابة بعض قصص الرعب والأكشن والتشويق، الأمر الذي لم يعتده القارئ العربي كثيراً فغالباً ما اتجه الكتّاب العرب على مرّ العصور على سرد القصة الرومانسية، التاريخية، الدرامية أو اليوميات، وعليه يبرز السؤال كيف يرضي هذا النوع من الكتابة ذائقة القراء؟

رغم اتجاهه إلى دراسة الهندسة المدنية من ولاية من جامعة “California state university Fullerton ” عام 2015 لكن ذلك لم يمنعه من شقّ طريقه في الكتابة الأدبية وحافظ على توازن اختصاصه وشغفه للرواية.

استطاع فواز باقر من النجاح في استلهام الأفكار وترجمتها على شكل الرواية، ولم تمنعه نفسه من سرد أحداث حصلت معه وعايشها ونقلها، فهو يعتبر الكتابة متنفسه الأول والأخير وللتعرف أكثر على بدايته مع الكتابة وسبب

خلال توقيع روايته المغفل

اتجاهه نحو السرد القصصي، “الحصاد” كان لها لقاء معه تعرّفت خلاله على مبادئ الكتابة لديه ومساعيه في الحفاظ على اهتمام الجمهور الكويتي للقراءة عبر دار حكاية وغيرها من المنصات الأدبية.

  • “الحصاد”: كيف كانت البدايات مع الكتابة؟
  • فواز باقر: كنت أقرأ الكثير من الكتب، لم يكن يعجبني أغلبها، خاصةً روايات الشباب في ذلك الوقت، لذلك قررت أن أطرح كتابي الأول في عام ٢٠١١. البداية مع الكتابة لم يكن قراراً سهلاً، لكنني ثابرت عليه حتى أصدرت أولى رواياتي “دماء الرمال”.
  • “الحصاد”: في حصيلتك ١٠ روايات أدبية درامية، ماذا اختلف لدى فواز باقر من “دماء الرمال” إلى “المغفل”؟
  • فواز باقر”: اختلفت أنا بطبيعة الحال، من حيث انتقاء الأفكار إلى الطرح والتنفيذ عدا عن المنهج الذي عدّلته وعملت عليه طيلة الفترة الماضية كي يكون مواكباً للعصر ويناسبني ويناسب الجمهور المتلقي. أكثر ما اختلف هو النضوج الفكري الذي يبرز بتلقائية في رواياتي الأخيرة، وأحب أن يعرفني القارئ من رواياتي الأخيرة التي يظهر فيها التطور الذي وصلت إليه في الكتابة الدرامية. وأقصد بالتطور أي التمكن من محاكاة الواقع ولغة التواصل السردية التي تحفّز التخيل والإبداع وتحقيق هدفي في الوصول إلى المتلقي.
  • “الحصاد”: غالباً، ما يكون هدف الكاتب مقروناً بالقارئ والذائقة الأدبية، أين دور الجمهور في أعمالك؟
  • فواز باقر: أحاول أن أجاري التوجه العام للقارئ، وفي تويتر دائماً أسأل المتابعين عما يريدونه ويفضلونه.. الأمر الذي يلعب دوراً فعالاً في التبادل الفكري معهم ويتيح إمكانية التطور والتفاعل الفكري، اضافة إلى أن متابعة ذائقة الجمهور عن قرب تلغي المسافات بين القارئ والكاتب، وتقرّب العلاقة التواصلية.

    دار حكاية… منصة الأدباء
  • “الحصاد”: بين الدراما والرومانسية والرعب فروق شاسعة، كيف تتناقل بينهم مع الحفاظ على رابطة النص؟
  • فواز باقر: أحب التنوّع في إطار الروايات، لذلك لا أفضّل أن أكتب في مجال واحد فقط، فهذا يجعلني أبدع أكثر وأقرأ أكثر، لأن في كل نوع أحاول الكتابة فيه، أحتاج إلى قراءة عشرات الكتب حتى أتمكن من كتابة ما يجول في بالي باحترافية.
  • “الحصاد”: الاتجاه لسرد القصص يحتاج منهجية، نوع السرد، وإطار زمني محدد، هذه العوامل تشغل في ما بينها نسيج العمل الروائي. أي منهم برأيك الأبرز والأهم في السرد القصصي؟
  • فواز باقر: لا يمكن التفضيل بين الإطار الزمني والنوع السردي لأن هذه العوامل تتجانس في ما بينها وتتكامل، مثال ذلك لا يمكن توثيق الحدث دون تغليفه في إطار زمني يناسبه حتى لا تتلاشى الأفكار وتتبعثر الأحداث الأمر الذي ينتج عنه تشتت للقارئ وينبغي أن يتجنبه أي كاتب ذكي.
  • “الحصاد”: التشويق عنصر أساسي في العمل الأدبي، كيف تحافظ عليه؟
  • فواز باقر: أحرص دائماً حتى في طريقة إخراج الكتاب بأن يكون هناك شيء في كل صفحة يجعل القارئ يكمل الصفحة التي تليها ويكتشف بعد ساعتين بأنه انتهى من قراءة الكتاب دون توقّف، فالكتاب الذي تتوقف كثيراً عند قراءته لتكمله في وقت آخر لا يعتبر كتاباً مناسباً لك.
  • “الحصاد”: الرؤية الفنية خاصية يتمتع بها فواز باقر، ما سبب هذه الرؤية؟
  • فواز باقر: أعشق التجديد والابتكار والتميّز، فلو كنت أطرح كما يقدم بقية الكتّاب لما برزت بين مجموعة كبيرة من الكتّاب العرب. فالتشويق يعدّ إحدى الدعائم الرئيسية التي يرتكز عليها البناء الدرامي، للاستحواذ على انتباه المتفرج، واندماجه مع الأحداث والشخصيات، ثم تأثره بها. وهناك فارق كبير بين وضع المشاهد، وهو يعلم أو يتوقع مقدماً تطورات الأحداث وتصرفات الشخصيات، وبين أن يكون في وضع المتشوّق للمعرفة.
  • “الحصاد”: اخترت “المغفل” عنواناً لروايتك الأخيرة، ما القصد من ذلك؟ وبحسب رأيك كيف يكون العنوان مفتاح الدخول لقلب القارئ؟
  • فواز باقر: عنوان غريب واسم لافت وغلاف يجذب القارئ من بعيد. يجب أن يكون العنوان كافيًا بحد ذاته في الكثير من الأحيان لاتخاذ القارئ قرارًا بالاطلاع على القصة أو تجاهلها. لا يمكن الجزم ما إذا كان ذلك يعمل
    رواياته الأخيرة

    لصالح الكاتب أم ضده. أنظر للعنوان على أنه الحِلية التي تتوّج متن القصة الرائع، لذا أحرص دائمًا على اختيار أفضل عنوان ممكن على الإطلاق.

  • “الحصاد”: أخبرنا عن “المغفل”، ما رسالتك منها؟
  • فواز باقر: هدفي من ذلك أن لا يكون الإنسان مغفلاً في هذه الحياة، فأحياناً نسمع ونرى أموراً لشريك حياتنا ولكن بسبب عشقنا له، لا نصدق ما نرى أو ما نسمع عنه، لذلك من المهم أن تكون فطيناً في زمن يستغلك به الجميع. وهذا ما سعيت إليه في روايتي الأخيرة “المغفل”.
  • “الحصاد”: لم تكتف بالكتابة بل أسست دار حكاية للنشر والتوزيع، كيف تترجم عمل الدار اليوم؟ وكيف ترى وضع الكتاب اليوم؟
  • فواز باقر: الدار هي حلقة الوصل بين الكاتب والقارئ، من المهم أن توفر الدار ما يحتاجه الكاتب، وتقدّم أعمالاً تحترم القارئ قبل الكاتب، وما زال الكتاب له قراؤه وبتزايد من خلال تقديم نتاج أدبي واسع ومختلف حتى يرضي جميع الأذواق، بالتالي يكون فسحة للكتّاب بنشر أعمالهم.
  • “الحصاد”: لكونك من الكويت أخبرنا كيف أثرت هذه البيئة على أعمالك طيلة العشر سنوات الماضية؟
  • فواز باقر: الكويت لم تؤثر كثيراً على أعمالي، ولكن دراستي الجامعية في أميركا هي التي غيرتني تماماً. صنعت مني شخصاً آخر، وقارئاً انتقائياً، وكاتباً مطلعاً عن كل ما هو جديد حوله في مختلف المجتمعات، لكن بالطبع غالباً ما ينطبع في ذاكرتي الكثير من المعتقدات الخاصة من البيئة التي ولدت فيها.
  • “الحصاد”: أسلوبك ينضوي فيه الكثير من السلاسة والعمق العاطفي، لمن تتوجّه بذلك، الى نفسك أم الواقع، أم هما معاً؟
  • فواز باقر: ليس كل ما يُكتب يمثل فوّاز، أحاول أن أكتب مشاعر الآخرين، أترجمها إلى أحرف تلامسهم وتمثّلهم، أحاول أن أكون عين القارئ قبل أن أكتب وهذا ما أثبت نجاح ذلك للوصول إلى مبتغاي الأدبي.

الصور

  • .
  • خلال توقيع روايته المغفل.
  • دار حكاية… منصة الأدباء.
  • رواياته الأخيرة.