المخرج المسرحي كاظم نصار لـ»الحصاد«:

كاظم نصار  مخرج مسرحي عراقي، ناقد وباحث في مجال الفن المسرحي. ولد في بغداد وهو حاصل على بكالوريوس الاخراج المسرحي من جامعة بغداد كلية الفنون الجميلة سنة 1995.أنجز أكثر من 14 عملاً مسرحيا منها »مطر صيف، أحلام كارتون، نساء في الحرب«وغيرها من الأعمال الجميلة الأخرى. ونال العديد من الجوائز المحلية والعربية،  منها جائزة الابداع كأفضل مخرج لسنة 2015 من دائرة المسرح والسينما في العراق كما شارك في عدة مهرجانات عراقية وعربية.

في مقابلة معه، تحدث المخرج كاظم نصار عن المسرح بشكل عام  والعربي بشكل خاص، ويشاركنا من خلال تجربته الطويلة في العمل المسرحي وثقافته الغنية بآرائه الشخصية وتطلعاته في ما يخص هذا الفن بالتحديد الذي يقدم من خلاله رسالة وفكراً راقياً.

»الحصاد«: ما هي الطريقة التي يجب أن يقدم بها الفنان الواقع من حوله؟

كاظم نصار:  »الفنان يراقب الواقع  يقرأه  ويحلله،  يدرس ظواهره بكل جوانبها  أسبابها ونتائجها   لكنه بالتأكيد لا يسردها . المسرحي كأي فنان آخر يوظف واقعه فنيّا  فيدخل عليه الإبداع والخيال. هو لا يقدم الواقع بل يقدّم رؤيا  وإلا ماذا تركنا لقنوات الأخبار . الفن لا يخبرنا عن الواقع بل يهذّبه لنا  فمثلًا عندما تقدم موضوع الإحتلال في المسرح يجب أن تقدم رؤيا،  هل هذا احتلال أم استعمار  هل هذا الإحتلال طارئ وعرضي  هل يفيد الشعب  هل يجب أن نعمل على المقاومة،  هذه الأسئلة يجيب عليها المسرحي أو الفنان بشكل عام وليس فقط الصحفي «.

»الحصاد«: من بين الظواهر الكثيرة من حولنا  الإجتماعية  السياسية  المواضيع التقليدية وغيرها  أين يجب على المسرحي ان يقع اختياره ؟

كاظم نصار:  »بتقديري  الفنان يريد أن يطور ويؤثر  يؤجل المواضيع السهلة ويعمل على المواضيع الأساسية  المصيرية  فمثلا  اليوم وبعد التحديات والتغيرات الهائلة التي حولت طبيعة الصراع العربي أجد نفسي مجبراً على اخذ الأمر على عاتقي، كلما كثرت التحديات كثرت مسؤولياتي  يصبح دور المسرحي أقوى ويجد المسرح نفسه مقاوما مثله مثل الأفراد عليه واجب ومسؤوليات . في ظل المشاكل الكبيرة التي يعاني منها العراق خاصة بعدما فتحت ملفات لم نجروء على فتحها في السابق كظاهرة الهجرة  الإقصاء السياسي  العنف  الدكتاتورية … لا أرى نفسي أقدم عرضا  تقليديا عن الرومنسية مثلا  أو عن أي ظاهرة اجتماعية  بعيدة كل البعد عن الأزمة الحقيقية التي نمر بها فالفنان أكبر من أن يقدم مشاكل اجتماعية بسيطة،   لا يمكنني أن أتجاهل الحرب أو أن أؤجل الحديث عنها أو أن  أسلّم وسائل الأخبار وحدها قضية وطنية مصيرية تمسّني كفنان قبل أن تمسّني كمواطن

اي عرض لا يقترب من هموم الناس هو عرض غير ناجح بالنسبة لي«.

»الحصاد«: ماهي الطريقة التي تفضل اعتمادها لتجسيد هكذا مواضيع؟

كاظم نصار:  »يجب على المسرح أن يضرب الظاهرة  أن يرفض، أن يقدم رسالة يزرع من خلالها الأمل لا يكرس التشاؤم والضعف والإنقسام يجب أن  يقدم شيئا ينهض بالبلد  أن يقدم فكر وأن يبني جسراً بينه وبين المواطن  فأنا اليوم أميل للمحكي، أتكلم بطريقة الشعب ولا أتعالى عليه وأحرص أن لا أميل الى أي جانب سياسي  لا أشتم اشخاصا بل أشتم ظاهرة فالفنان ليس ملك أحد  إنه ملك الجميع  مواطن عالمي لا يجوز له أن ينحاز،  يمثل الجميع وإلا كانت وظيفة مهنية استهلاكية.

بعض المسرحيين يميلون الى الطريقة البكائية والبعض الآخر الى الطريقة الدرامية، أما أنا وبعد قراءتي للجمهور العربي أميل الى الكوميديا السوداء كما قدمها شوشو في لبنان ودريد لحام في سوريا«.

»الحصاد«: من هو العنصر الأساسي في العمل المسرحي؟

كاظم نصار:  » تطور دور المخرج في المسرح العالمي  في البدء كان المؤلف هو المخرج ثم تطور حتى أصبح الإخراج عملا جماعيا  بكل الأحوال  وبالرغم من أنني لست منحازاً للمخرجين  إلا أني أعتبر ان المخرج هو الأساس  هناك أهمية رمزية للمخرج باعتباره هو الذي يصنع الستراتيجيا للعرض فيختار المؤلف  يختار النص  يختار الأسلوب والرؤيا  ثم ينتقل الى العنصر الأساسي وهو الممثل  الممثل المكتمل الذي يملك قدرة على التجسيد ويفهم بالأساليب والذي يقدم أسلوبين  أسلوب التقديم وأسلوب التقمص.

لذلك أي مشكلة تكون بالمسرحية هي ليست مشكلة فكرة بل مشكلة مخرج لأن تقديم الفكرة هو أهم من الفكرة الذاتها«.

»الحصاد«: ما رأيك بالنصوص العربية وهل لديك اعتراض على الإقتباس ؟

كاظم نصار:  أنا شخصيا  إذا تكلمت عن تجربتي العراقية  النص العراقي المكتوب هو أهم من كل النصوص  الإقتباس كان في السابق، أما الأولوية عندي اليوم هو للنص العراقي. لكن انا وأغلب العاملين في المسرح ضد تحديد لون واحد  من حق مخرج أن يقتبس  الآخر أن يجري إعداد لرواية  أو أن يأخذ مجموعة شعرية ويحولها الى عرض لكني لا أجد أبدا اي أزمة في النصوص العربية«.

»الحصاد«:ماهي مشاكل المسرح العربي بشكل عام؟

كاظم نصار:  مجتمعاتنا متباينة  ضاربة بالفساد والصراعات  لا نملك شيئ منظم بقانون  الدولة مهتمة بالمسرح لكن المشكلة هي مشكلة تنفيذ. مشكلة المسرح أنه عمل جماعي  يحتاج من الدولة أن تجد له أمكنة وبنى تحتية تتناسب مع كل منطقة  يحتاج تمويل منظّم ورؤيا استراتيجية،  والأهم يجب أن يتوفر له حرية التعبير ولذلك وبسبب ندرة توفر كل هذه الضروريات في العالم العربي فإن المسرح مازال يعاني من مشكلة حقيقية«.

بما أنك شاركت بالكثير من المهرجانات آخرها كان في لبنان  حدثنا عن أهمية هذه المهرجانات ومدى تأثيرها.

بشكل عام المهرجانات هي تظاهرة ثقافية واحتماعية وفنيّة  نتبارى فيها عبر عروض مختلفة ونتعرف على الأساليب المختلفة والعمل المسرحي لا يكتفي بالعروض المحلية بل يريد أن ينفتح على الآخر المختلف ثقافيًّا وحضارياً فالفنان يرى من خلاله جهده الخاص عبر عيون جديدة وأذواق مختلفة.

وبالنسبة لي كلما اهتم المهرجان بالمناطق البعيدة عن الفن كلما  كانت أهميته رمزية أكثر وأكبر بكثير من أي اعتبار مادي  فالمسرح بحد ذاته له هذا الدور الرمزي الذي يبعد الناس عن العنف والمشاكل الإجتماعية الغير مفيدة فنتوجه الى المسرح ونتفاعل  صحيح انه ليس هناك مسرحية أسقطت نظام  لكنها تساهم في التنوير والتفكير المختلف«.

المخرج المسرحي كاظم نصار
المخرج المسرحي كاظم نصار