الهلاك الجماعي لأسماك العراق ضربة بيئية واقتصادية موجعة

الدكتور هيثم الشيباني

خبير في البيئه

 كان قدر العراق هذه المرة في امتحان جديد في الصبر والحكمة ومراجعة النفس في درس اسمه هلاك )نفوق( الأسماك. ومن المعروف أن السمك عند العراقيين مادة غذائية شهية تتناولها كافة طبقات المجتمع الفقيرة منها والغنية. وعندما داهم العراق جفاف مياه الأنهر وعز ماء الشرب على البشر والزرع والماشية، ما تراجع العراقيون عن تربية السمك في الأحواض فقاموا بتأمينها بعد الترخيص من الدولة مرة، ووراء الدولة بطرق عشوائية مرات. لكن سمك النهر الجاري والخليج الدافئ بقي هو الأطيب والأفضل نوعا والألذ طعما. والسبب يعود في الدرجة الأولى الى البيئة الطبيعية التي ينشأ فيها السمك منذ مرحلة البيوض حتى النضوج. وحب العراقيين لصيد السمك عبرت عنه صورة حزينة مطعمة بالأمل لرجل يرمي سنارته في بركة ماء راكد بعد سيول الأمطار الأخيرة التي عمت البلاد وحتى يومنا هذا.

ان الثروة السمكية من أهم مصادر الأمن الغذائي والدخل القومي في الدولة، وعليه فان ظاهرة الهلاك الجماعي لأسماك المياه العذبة والمالحة من الظواهر المدمرة للثروة الوطنية وقد يشمل الضرر كائنات مائية أخرى غير الأسماك.

اسماك هالة مكدسه

لقد تزايدت هذه الكوارث في بعض الأنهار والبحار والمسطحات المائية العربية بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

ان هذه الظاهرة ليست جديدة على البشرية، ويمكن ملاحظتها بشكل جلي في الأثار والنقوش القديمة. وقد لوحظ العديد من هذه الكوارث في سواحل الخليج العربي وخليج عمان في الفترة الأخيرة، مثل جون الكويت في شهر أب وأيلول عام 2000، والقطيف في السعودية، والفجيرة بدولة الإمارات، والسواحل الشمالية في سلطنة عمان ومرسى مطروح في مصر، وعلى ساحل البحر المتوسط في تونس، وشقرة في اليمن، وسد وادي العرب بالأردن.

هناك مخاطر امتداد الظاهرة الى البيئة والسياحة والصحة العامة، الناجمة من الروائح الكريهة.

من الممكن أن تتأئر محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه وتنقية مياه الشرب، بسبب الطحالب أو الأسماك الميتة.

ان الموت الجماعي للأسماك، يعود الى تغير خصائص المياه الذاتي أو أسباب بشرية من الممارسات البيئية الخاطئة.

ويحدث الهلاك الجماعي للأسماك بشكل طبيعي عند النمو الفجائي وغير الاعتيادي لطحالب المجهرية الدقيقة التي تتكاثر في المياه السطحية، حيث يؤدي إلى استنفاد الأكسجين المذاب بالمياه، ثم موت الأسماك والكائنات البحرية الأخرى نتيجة اختناقها وعدم قدرتها على التنفس أوانسداد خياشيمها من أثر كثافة الطحالب المزدهرة. وهذه الظاهرة تعرف باسم ظاهرة الازدهار الطحلبي. وفيها تنتشر الطحالب المجهرية مما يؤدي إلى اصطباغ لون المياه بلون هذه الطحالب.

تعتبر هذه الظاهرة من أكثر العوامل الطبيعية التي تؤدي إلى موت الاسماك، لكنها يمكن أن تتكاثر إذا توفرت محفزات إضافية على النمو مثل مياه الصابورات الخاصة بالسفن، ومخلفات المصانع، والمجاري، والصرف الصحي غير المعالجة، وغيرها من الملوثات.

ان إفراز بعض أنواع هذه الطحالب لسموم بكتيرية يؤدي إلى قتل الأسماك فورا، لأن كثيرا من الأسماك تتغذى على هذه الطحالب. أن أثر هذه السموم يمكن أن يمتد إلى صحة الإنسان، حيث أن تناول الأسماك الميتة أوالمصابة ربما يؤدي إلى حالات إسهال شديدة وحكات جلدية بل

صياد في قاربه يبدو حزينا بين الاسماك الهالكه

والشلل التام والوفاة أحيانا.

و يحدث الهلاك بسبب تغير درجة حرارة الجو أو المياه أو درجة الملوحة أو الأمونيا في المياه بشكل مفاجئ.

وقد يحدث هلاك الأسماك بسبب المخلفات البشرية والزراعية والصناعية وغيرها من الملوثات مباشرة في المياه من دون معالجة.

 كي تتكامل الصورة عندنا راجعنا المصادر التي تتناول )المبيد الحشري( فوجدنا أن المبيد الحشري هو مبيد آفات يستخدم ضد الحشرات في جميع أطوار نموها.

 ومثل هذه المبيدات لو وصلت الى المياه والأنهار تؤدي إلى موت الطحالب والأسماك. ومع ذلك فان تلك المواد الكيميائية غير العضوية ذات مخاطر كبيرة في تلويث التربة والماء.

وتقسم المبيدات الى مبيدات الكلورينات العضوية.

ومثل هذه المركبات تؤدي إلى حدوث أضرار كبيرة في البيئة، ينجم عنها تسممات لمختلف الكائنات الحية التي تتعرض لها، ولذا فأنها ملوثات سمية.

 المبيدات الفوسفورية العضوية.

وقد تطور استعمالها في الخمسينيات من القرن العشرين، وتستعمل الآن بكميات أكبر من الكلورينات العضوية، لكن المركبات الفوسفورية العضوية غير مستقرة، ولا تستمر طويلاً في البيئة، كما أنها تتفكك بسرعة في التربة، وهي قاتلة بسرعة للحشرات، وذات تأثير فعال على الجملة العصبية.

ان أهم المشاكل التي تحدثها المبيدات الكيميائية هي:

تأثيرها على الانسان.

تأثيرها على النبات.

تأثيرها على الأسماك والطيور.

تأثيرها على الحشرات النافعة.

 تأثيرها على التربة.

ينبغي أن نضع صحة الانسان في أول اعتبار.

 هناك فريقان أمام هذه المشكلة الصعبة، البعض يرى استخدامها بأي نسبة يشكل تأثيرا تراكميا على صحة الإنسان والبيئة، بينما يرى البعض الآخر أن استخدامها بحدودها المسموحة لا يشكل خطرا على الإنسان. ونحن نرجح الرأي الأول.

ضفة شاطيء النهر مليئة بالاسماك الهالكه

في موضوعنا الذي نتناوله تحديدا، سلطنا الاهتمام على الأسماك.

نشرالبعض أن جهات مرتبطة بايران قد ألقت ما يقترب 4 تريلات من مبيد حشري اسمه أندوسلفان، مما أدى الى هلاك أعداد هائلة منه في شط الحله، الئي تسبب التعفن في خياشيم السمك والتهابات في أمعاءه. وبحسب بعض الخبراء أن تأثير المبيد سوف يستمر لسنوات حتى يصل الى محافظة الناصرية.

تم منع استخدام هذا المبيد في العالم، وهو مبيد حشري قديم ويمكنه قتل الحشرات والأسماك وأغلب الحيوانات وحتى البشر، ودرجة سميته عالية.

بدأ العراق بعد يوم واحد من الكارثة يستورد أسماك بالأطنان من ايران.

 أنّ مبيد الحشرات إندوسلفان هو من المبيدات الكلورية العضوية التي كانت واسعة الاستخدام في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين. ونتيجة لاكتشاف خطورته الهائلة على البيئة والصحة، فقد حدث موت جماعي للأحياء المائية بما فيها الأسماك نتيجة استخدامه في أراضي قريبة من شواطئ )ألمانيا، الولايات المتحدة، السودان، كندا وغيرها الكثير من البلدان(.

وعليه فهو ممنوع من هيئة الأمم المتحدة بموجب اتفاقية روتردام 2009 ويتوجب على كل دول العالم متابعة منعه.

لقد جرى تحديد مخاطرهذا المبيد في المجالات التالية :

الآثار البيئية : عموماً فإن مصير وسلوك هذه المادة في البيئة، وعلى وجه الخصوص، تحللها وثباتها وقدرتها على الانتقال البيئي بعيد المدى، وعلى التراكم البيولوجي هي أمور مثيرة للقلق. أظهرت معدلات التعرض للسموم وجود مخاطر محتملة طويلة الأجل على الأسماك.

لا يسمح بتداول هذا المبيد إلا للمختصين، ويتطلب ارتداء معدات حماية شخصية كاملة ولاسيما البدلات المغلقة في منطقة العنق والمعصمين، مع ارتداء قفازات طويلة وجهاز تنفس ذي قناع وجه كامل عند تعبئة جهاز الرش.

 عن تخريب ما كان يسمى فينيسيا الشرق نشرت سكاي نيوز العربية في أبو ظبي، وثيقة مسربة من وزارة الصحة والبيئة العراقية، عن تلويث مياه محافظة البصرة، بأملاح أدت إلى هلاك أسماكها وكائنات بحرية أخرى، وتعرضت الثروة السمكية في البصرة إلى كارثة مع موت

ضفة نهر ثاني

آلاف الأطنان من الأسماك بشكل مفاجئ في مطلع نوفمبر الجاري، بالمزارع المقامة في نهري دجلة والفرات، حيث يعاني النهران من انخفاض منسوب المياه نتيجة السدود الإيرانية والأنشطة المائية.

وكشفت وثيقة مسربة من وزارة الصحة والبيئة العراقية عن حقائق صادمة تبين الأضرار الناجمة عن ارتفاع تركيز الأملاح في مياه البصرة، التي سببها قطع إيران لعدة روافد للمياه العذبة القادمة من أراضيها إلى العراق.

كماأشارت الوثيقة إلى هلاك أعداد كبيرة من السلاحف، ومنها ما هو مهدد بالانقراض وفق تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة.

وقد أدى إلقاء المخلفات الإيرانية في المياه إلى تلويث مياه بركتي أبو الزركي والطلاع، اللتين تعتبران المصدر الرئيسي للطيور المهاجرة في هذا التوقيت من السنة.

كما أكدت الوثيقة التي تحمل تاريخ الثامن من نوفمبر الجاري، على هلاك مئات الآلاف من الأسماك في المزارع والأقفاص العائمة، فضلا عن هلاك أشجار النخيل والسدر في المحافظة.

وامتدت الخسائر بحسب الوثيقة التي تحمل توقيع مدير بيئة البصرة أحمد حنون جاسم إلى هلاك أعداد من الجاموس وإصابة أخرى بالعمي.

ومن خلال الواقع الميداني لحال محافظة البصرة، يتجه المشروع التخريبي لجعلها غير قابلة للسكن، ومن ثم دفع السكان إلى هجرها والإبقاء عليها أرضا نفطية تحت سيطرة الأقوى.

ادعى مراسل اخبار وكالة عالمية، لم يذكر أسمها اكتشاف اكبر جريمة اقتصادية وبيئية في تسميم مياه اقفاص الاسماك شمال بابل، من خلال تقرير استقصائي مفصل اجراه المراسل، وهو فرنسي الجنسية من اصول عراقية، ولم يذكر اسمه أيضا، يعود لاحدى عشائر شمال بابل، مدعيا اجراء لقاءات خاصة مع العمال والمزارعين في مدينة المسيب ومع موظفي بيئة وصحة وزراعة بابل، بعنوان المواطن العراقي وليس الصحفي الفرنسي، وخرج بحقائق مذهلة وسرية جدا، من خلال الاعترافات والمعلومات التي ادلى بها العمال الذين يعملون كمربين في الاقفاص مقابل اجور يومية ومن الموظفين والمواطنين الذين كشفوا اسماء المسؤولين المتورطين في الجريمة.

تعتبر منطقة شمال بابل اكبر وافضل منطقة لانتاج الاسماك من خلال تربيتها في اقفاص او بحيرات وتتولى دائرة بيئة بابل أعطاء الموافقات البيئية، وفق مواصفات محددة تفرضها الجهة البيئية، ووزارة الزراعة والموارد المائية، وتبين ان صاحب اول واكبر مزرعتين او قفصين تعود لأحد المتنفذين في البيئه، وتم وضعهما قبل اكثر من اربعة اعوام، واخرى لصديق المتنفذ بالوزارة، ويعمل مدير عام، وانشاء قفص اخر كبير لاخ متنفذ كبير، واقفاص اخرى تعود لمتنفذين في الحكومة المحلية والاحزاب وزعماء بعض الميليشيات، وكل هذه الاقفاص مسجلة بأسماء ثانية، وهي الوحيدة التي حصلت على الموافقات الرسمية، مما اثار غضب وطمع الكثير من المتنفذين، الذين اقاموا عشرات الاقفاص دون موافقات وصار بينهم وبين الطرف الاول، تنافس كبير بالاسعار والاتجار بين مالكي هذه الاقفاص الذين يزودون يوميا بأطنان من السمك لباعة الجملة في بغداد والمحافظات وحتى اقليم كردستان، مما سبب انخفاض في الاسعار في الاشهر الاخيرة لغزارة الانتاج وصار الجميع يستخدم اعلاف غير مفحوصة، وقلت الارباح للمتنفذين في وزارة الصحة والبيئة من اصحاب الاقفاص المرخصة.

وهنا بدأت ملامح تنفيذ الجريمة، حينما شارك الخبير في الكوارث والازمات وله علاقات مع منظمات عالمية، حيث صار الاتفاق على جلب سموم مميتة تحقن بها اسماك ميتة وترمى بالاقفاص كي تأكلها أسماك اخرى، وتنقل لها الفيروس المميت وتسبب انفجار في حوصلات الاسماك الهوائية وتموت على الفور. أما السموم فقد جلبت عن طريق مطار اربيل خوفا من تفتيش مطار بغداد حينما كانت السموم قادمة من ڤينا وتم نقلها براً من خلال متعاونين، وتم تفريغ وبيع كل الاسماك الخاصة بالمجرمين قبيل تنفيذ الجريمة، وتم التنفيذ من خلال احد المتعاونين وتم الاتفاق، على توجيه التهم المفبركة الى عدوهم جاسم الفلاحي الوكيل الفني للوزارة، الذي كان السبب بأقالة أصحاب الجريمة الرئيسيين بتهم الفساد في حملة الاصلاح لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وتحميله الجريمة على اساس غير معقول.

أما السيد يحيى مرعي مدير مستشفى البيطري في محافظة بابل، فقد صرح الى فرانس برس، ان وطالب حسين وهو مثل جميع أصحاب المزارع في سدة الهندية، يطالب الحكومة أن تجد حلا وتجري تحليلا للمياه للتعرف على سبب هلاك الأسماك التي تحولت الى نفايات عائمة، وتغطي مساحات واسعة.

نستنج أن كارثة هلاك الأسماك، ذات البعد البيئي، والاقتصادي، والصحي الخطير، التي عصفت في معظم البلاد، لم تأخذ ما ينبغي من الاهتمام لتحليل أسبابها، وأن الجهات الفنية الرئيسية ذات الصلة بهذا الملف، وهي وزارة الزراعة والموارد المائية، ووزارة الصحة والبيئة، قدمت تبريرات متباينة مبنية على أرقام غير متطابقة أو متقاربة، وأن الموضوع يخلو من الشفافية والألمام العلمي الكافي لاقناع المواطنين بما جرى، وسلط الاعلام اهتمامه على نظرية المؤامرة فانشغل الرأي العام عن جوهر الكارثة، ثم تقلص الاهتمام بالموضوع تدريجيا، بينما كان الأصح هو أن تقام ندوة واسعة مفتوحة تساهم فيها الجهات المختصة، كي يدلو كل منها بدلوه.

نستنتج أيضا خلو البلاد من مختبرات مرجعية، يديرها أشخاص متخصصون بالسيطرة النوعيه، والتحليلات الكيمياوية والبايولوجية.