الأمن المائي , شحة المياه و التغير المناخي في العراق و سبل التصدي لها

الأستاذة الدكتورة جيهان بابان

الخبيرة في شؤون البيئة و الطاقة المتجددة

مؤسسة و رئيسة جمعية البيئة و الصحة العراقية- المملكة المتحدة

والمركز العراقي لبحوث الطاقة المتجددة و التغير المناخي-المملكة المتحدة

  (منحت مؤخرا جائزة البيئة من جامعة اوكسفورد بروكس-اوكسفورد لأفضل اطروحة قدمت حول استخدام الطاقة الشمسية لتحلية المياه في العراق لعام 2022)

   كانت ثروة وادي الرافدين المائية الأسطورية هي أساس وسر تقدم الحضارات منذ اكتشاف الزراعة قبل 10000 سنة والتحول من العيش القروي الى حالة المدينة – الدولة والأكتشافات السومرية الرائعة التي غيرت مجرى البشرية. وكان العراق جزءا من الهلال الخصيب الذي عرف بوفرة المياه وكونه السلة الإقليمية للغذاء، ولكن يعاني اليوم من

الأستاذة الدكتورة جيهان بابان

الجفاف والتصحر و الشحة المائية مع ازدياد مخاطر اندثاره المستقبلية. و تعود  أسباب  التحديات الحالية التي تواجه الملف المائي في العراق الى جملة من العوامل المركبة  سنتناول اهم أسبابها و مظاهرها و المعالجات الممكنة للحد منها.

فمنذ تسعينات القرن الماضي تصاعد اهتمام الأمم المتحدة بتحديات التغير المناخي و أسست هيئات دولية أصدرت تقارير و دراسات و عقدت مؤتمرات عالمية و إقليمية من أهمها اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشان تغير المناخ   التي ستعقد مؤتمرها القادم “كوب 28” قي نهاية 2023 قي دبي بحضور رؤساء وقادة العالم لدراسة وتقييم المسار الذي قطعته حكومات العالم لتنفيذ اتفاقية كيوتو التي الزمت الدول بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة  و دخلت حيز التنفيذ في  2005. وقد أقر مؤتمر كلاسكو (كوب 26 عقد عام 2021 )  إقامة صندوق مالي عالمي لدعم سياقات التخفيف و التكيف خاصة على صعيد الانتقال الى مصادر للطاقة  النظيفة و صديقة للبيئة مثل الطاقة الشمسية و الرياح و الكهرومائية كبديل عن المصادر الأحفورية.

وتحدث ظاهرة تغير المناخ  نتيجة  تفاقم مظاهر الأحتباس الحراري و تكون حالة” البيت الزجاجي الأخضر” التي تحدث بسبب تراكم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي الغازية التي أدت الى ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية  ومتغيرات جذرية في منظومة المناخ و الطقس تراوحت بين  الأعاصير والأمطار الغزيرة و  الفيضانات في أوروبا و جنوب شرقي اسيا الى  قلة التساقط المطري و الشحة المائية و الجفاف و التصحر و تناقص الغلاف النباتي و ازدياد و اتساع العواصف الرملية و الترابية  ومعدلات  عالية  و غير مسبوقة من درجات الحرارة كما هو الحال في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا و احدها  العراق الذي تصدر العالم بدرجات الحرارة العالية . فمثلا ازداد المعدل السنوي العالمي لدرجة حرارة الأرض بقدر 0.3 درجة في 2022 عما كان عليه عام 1991 بينما ازداد بما يقارب 1.2 درجة مئوية  مقارنة مع فترة الثورة الصناعية في أوروبا.

ومن المتوقع ان يشهد مؤتمركوب28   حول تغير المناخ نقاش او جدلا حول  الظواهر المناخية العنيفة  الجديدة خلال السنتين الماضيتين من اعاصير و فيضانات  و حرائق التي جعلت البعض يطلق عليها ” فوضى و غليان  المناخ ”  بسبب عوامل عدة احدها ما يطلق عليه ظاهرة ” النينو ” وهي الدورة المناخية  التي تحدث في  المحيط الهادي بسبب حركة تيارات المياه الدافئة . ويتصاعد القلق من ارتفاع درجة حرارة الأرض  غير المسبوق  و ذوبان  الصفائح الجليدية  في القطبين و ارتفاع مستوى البحـار والمحيطات مما يهدد المدن الساحلية و الجزر  بينما  تزداد حامضية مياه البحار نتيجة  امتصاص  غاز ثاني أوكسيد الكاربون  الذي يهدد الحياة البحرية و الشعب المرجانية   كذلك انقراض الألاف من اجناس و مكونات من التنوع الأحيائي من حشرات و حيوانات و نباتات.

وهناك سببين رئيسين للتغير المناخي الأول طبيعية  نتيجة التغيرات الشمسية والبراكين و حرائق الغابات التي شهدت تصاعدا خطيرا. أما السبب الثاني وهو الأهم، نتيجة الأستخدام البشري الجائر لعناصر ومكونات البيئة و الأعتماد على الطاقة الأحفورية الذي يطلق بلايين الأطنان من الكاربون التي تتراكم مع بخار الماء و غاز الميثان (مصدره الثروة الحيوانية و مزارع الأرز و مواقع طمر النفايات)  و أوكسيد النيتروز (من الأسمدة الكيمياوية ) في الطبقة السفلي من الغلاف الجوي  و تؤدي الى ظاهرة الأحتباس الحراري و تسارع الدورة الهيدرولوجية لأن سخونة الغلاف الجوي ستؤدي الى خزن المزيد من الرطوبة فيها الذي يتحول الى  امطار غزيرة.

و تدفع البشرية ثمنا باهظا لسببين رئيسين الأول هو تدهور الحالة الأقتصادية و الأجتماعية للمجتمعات الفقيرة و الهشة  و المخاطر المهددة للأمن الغذائي و المائي  وازدياد النزاعات و  النزوح الجماعي للسكان  بسبب ضعف قدراتها للتكيف مع المتغيرات المناخية. اما السبب الثاني فيعود الى التبعات الصحية على شكل زيادة الوفيات  نتيجة امراض القلب و الاوعية الدموية و الجهاز التنفسي و انتشار الأمراض السارية و المعدية نتيجة تلوث المياه  و زيادة معدلات السرطانات نتيجة تلوث الهواء بالمواد الهيدروكربونية  و انتشار فيروسات  مصدرها  الحيوانات على شكل جائحات مرضية. ويعتبر العراق احدى الدول الخمس عالميا الأكثر تأثرا بالتغير المناخي  و الأشد هشاشة  بين بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

و قد عملت هيئات الأمم المتحدة على أعداد دراسات ناقشت فيها سبل التقليل و التكيف مع التغير المناخي  خاصة في بلدان عالم الجنوب وأيضا عن مسؤولية البلدان المتقدمة في حدوثه نتيجة أنشطتها الصناعية وعن  دورها في دعم و تقوية إمكانات البلدان النامية للتقليل من تأثيرات التغير المناخي و خفض انبعاثات الغازات الدفيئة  باعتماد سياقات تعكس الأستدامة ( أي حماية و حفظ البيئة للأجيال القادمة ) في مجالات التنمية الأقتصادية و الأقتصاد الأخضر و التحول الى  مصادر بديلة  للطاقة بشرط ان تكون خضراء و صديقة للبيئة  وحماية الغابات و الاستوائية بشكل خاص و تحريم و تجريم قطعها كونها احد مصادر الاوكسجين الضروري للحياة  و امتصاص ثاني أوكسيد الكاربون الضروري للتمثيل الضوئي و توسيع المناطق الخضراء في المدن. واعتبرت جميع هذه الإجراءات مرتبطة بحقوق الانسان في العيش ببيئة نظيفة امنه. كما و اكدت على أهمية التوعية المجتمعية و دور الشركاء مثل القطاع الأقتصادي الخاص و منظمات المجتمع المدني في التصدي لتحديات التغير المناخي. وأكدت الدراسات أيضا  على أهمية اعتماد التكنولوجيا الحديثة القادرة على تجميع و خزن الكاربون و استخدام نماذج حاسوبية لمحاكاة استمرار تزايد الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي  و تأثيرها على تصاعد درجات الأرض.

و كان نهري دجلة و الفرات وشط العرب (وما زالا رهنا بمعالجات استراتيجية حقيقية لملف المياه) من خيرات العراق العظيمة, تتفرع منهما العديد من الأنهار  مثل  الزاب الكبير و الصغير و العظيم وديالى و الغراف تقوم بتغذيته  وتضمن موردا مائيا للزراعة و  للبساتين و مزارع النخيل و لأغراض الزراعة  مع رافدان لشط العرب هما نهري (الكارون) و(الكرخة) وكلاهما ينبعان من داخل ايران. ويتأثر شط العرب أيضا بظاهرة المد والجزر التي أدت الى تمدد اللسان الملحي من الخليج العربي عندما تقل كميات المياه الواصلة اليه. كذلك توجد عدد من البحيرات و خزانات المياه، كانت احدها  بحيرة ساوة في محافظة المثني التي جفت نتيجة الأستخدام الجائر للمياه الجوفية المغذية لها.

 و تتوزع منطقة الأهوار التاريخية في جنوب العراق (و تسمى فينيسيا الشرق الأوسط) على محافظات ميسان و ذي قار والبصرة والتي تم وضعها في 2016 على قائمة اليونسكو للتراث العالمي  لما تحويه من  ثقافة  تاريخية عراقية مميزة  و نظاما بيئيا احيائيا من الطيور و النباتات و الأسماك . ومن اهم الأهوار, الحمار و الحويزة و الجبايش و أبو أزيرج وجميعها تعاني من الجفاف ومن  نفوق المواشي و الأسماك , التي تعد موردا اقتصاديا و غذائيا مهم نتيجة  قلة الاطلاقات المائية الواردة لها  مع  تزايد مخاطر الجوع  والنزوح  الى  مدن و قرى جنوب العراق.

 وفي العراق انتقلت حالة المياه من واقع الأزمة خلال الثلاث عقود الماضية الى حالة أشبه بالطوارئ اليوم نتيجة تفاعل  عدد من العوامل الطبيعية و الجغرافية و  المناخية والسكانية والحضارية , يعقد منها العامل  السياسي  و ضعف  الأداء  الإداري  و هشاشة  السياقات الأستثمارية في مجالات البيئة و المياه و أتباع خطط تنمية اقتصادية  تفتقد الى عنصر الأستدامة.

و تمثل الأطلاقات الواردة من بلدان المنبع 75% من ميزانية العراق المائية (و الباقي من مصادر داخل العراق ومن أهمها الامطار) التي تناقصت الى اقل من الثلث  بسبب سياسة الهيمنة و الاستئثار و التغول في السيطرة على منابع و روافد نهري دجلة و الفرات  و عدم الالتزام  بالاتفاقات الدولية التي تنظم قانونيا مياه الأنهار للبلدان المتشاطئة ( تركيا و ايران) و كميات الأطلاقات المائية بين دول المنبع و المصب  و سياقات تقاسم الضرر على المجتمعات البشرية. فمثلا اقامت الحكومة التركية عشرات السدود العملاقة  في سياق مشروع “كاب” التركي لإرواء مساحات زراعية شاسعة جديدة و إقامة خزانات مائية ضخمة على حساب الأطلاقات المائية التي هي حق طبيعي للعراق . بينما واصلت إيران نهج بإقامة السدود و تحويل مجري ما يقارب 80 من الأنهار العابرة التي تغذي القرى و المدن العراقية المحاذية للحدود و منها أيضا الكرخة و الكارون اللذان يغذيان شط العرب. كل هذه الإجراءات أدت الى فقدان العراق معظم مواردة المائية يرافقها ايضا تردي في نوعية المياه نتيجة المياه الراجعة من الأراضي الزراعية على الجانب التركي التي يتم تصريفها في دجلة و الفرات.

و تتغافل حكومات تركيا وايران  الأتفاقيات المائية  التي تعود الى مئة عام بدأ من معاهدة باريس 1920  ولوزان 1923 و البروتوكول المائي  مع تركيا  عام 1946  و محضر اجتماع اللجنة العراقية التركية  الموقع عام 1980  والأتفاقية الدولية للأمم المتحدة عام 1974 حول تقاسم الضرر و التشاور قبل القيام بمشاريع تؤثر عليها  و اخرها مذكرة التفاهم الموقعة بين العراق و تركيا و التي صادق عليها البرلمان التركي في 2021.  و تنطلق السياسة التركية من ان دجلة و الفرات مجرد انهار عابرة لا تنطبق عليها المعايير الدولية  سعيا الى ابتزاز المفاوض العراقي لمكاسب  سياسية وفي  الطاقة  مع اتهام العراق بضعف اداراته و استخدامه لما لديه من موارد مائية ,  وهو كلام حق يراد به باطل .

ومن العوائق التي تواجه حسم هذا الملف مع دول الجوار  هو تسيسه خلافا لما يتطلبه من دبلوماسية و خبرة بالقانون الدولي و  مهنية عالية تتسم بالدقة و الحساسية  بما يعزز مكانة العراق التفاوضية  والاستفادة من الدعم و الشرعية  الدولية  التي هي في صالح العراق كونه المتضرر الرئيسي خاصة . وفي واقع التغير المناخي الذي يعيشه العالم اليوم احتلت قضية المياه موقعا  هاما على الصعيد العالمي  بسبب مخاطر استخدام المياه كسلاح اشبه بقوى الدمار الشامل بل وقد يكون اشد فتكا  لتحقيق اجندات سياسية و فرض تنازلا ت من العراق المتميز بغنى ثرواته الطبيعية و المعدنية.

 العامل المهم الأخر المسبب لشحة المياه تعود الى الطبيعة المناخية الجافة و شبه الجافة للعراق و التي فاقم منها التغير المناخي التي أدت الى ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة و زيادة  معدلات  التبخر الذي يقلل من كمية المياه في المسطحات المائية ومن  تراكم الترسبات في الخزانات. و من مظاهره أيضا قلة التساقط المطري في عموم العراق و تعاقب سنوات جافة , كذلك تناقص كميات الثلوج  و يؤثر سلبا  على تغذية المياه الجوفية خاصة في إقليم كردستان  التي هي احد مصادر المياه لأغراض الشرب و الزراعة حيث تنافص مخزون المياه الجوفية الى النصف.

 ومما فاقم من مشكلة المياه في العراق هو تدهور نوعيتها بسبب التلوث البايولوجي  نتيجة رمي المخلفات المنزلية والصحية و الصناعية و المياه العادمة و مياه الصرف الزراعي الملوثة كيمياويا  بمواد السماد و المبيدات في نهري دجلة و الفرات الى الدرجة التي أصبحت فيها  احواض الأنهار الى مكبات للنفايات مع ازدياد الملوحة  بمستوى اعلى من المسموح بها للأستهلاك البشري و الذي يصل ذروته في شط العرب. ونثير الأنتباه الى شكل لا يقل خطورة على البيئة من تلوث المياه مرتبط بالماء المستخدم في حقن الأبار النفطية  لزياد الضغط في الأبار لتسهيل استخراج النفط .

  . ومن نتائج هذا التلوث المباشرة هو زيادة نسب الإصابات بالإمراض المعوية ( كما حدث في البصرة في 2018)والتيفويد والكوليرا و التهابات الكبد الفيروسي  التي تصيب المواطنين.

و يزيد العجز في الميزانية  المائية  من تعقيد الملف المائي بسبب تزايد الحاجة الى وفرة مائية  لتحقيق الأمن الغذائي  تقدر ب 86% من الوارد المائي للقطاع الزراعي ,  يستهلك  60% منها  للإرواء على  طريقة السيح التي  تمثل هدرا  للثروة المائية و تزيد من نسب المياه الراجعة الملوثة  على الرغم من  المطالبات للحكومات المتعاقبة بالأستثمار بطرق الري الحديثة التي تعتمد على الرش و التنقيط وتشجيع و دعم  قيام قطاع حكومي او خاص كفرصة استثمارية  لتصنيع الأدوات و أدامة الاليات المطلوبة   لطرق الارواء  الحديثة و الذي سيقلل من الأستيراد و يدعم الأمن الصناعي و يسهم في الارتقاء بالقطاع الصناعي و العمل على توفيرها للمزارعين بأسعار مدعومة و قروض ميسرة.

 ومن المخاطر التي تواجه الأمن الزراعي تقلص المساحات الزراعية المستخدمة  واندثار المئات من بساتين النخيل والفواكه. و يشكل الأعتماد الحالي على استيراد الغذاء بأستخدام عائدات النفط خطر وجوديا للعراق  لما يتطلبه من تخصيصات مالية في الميزانية الاتحادية التي تعاني من عدة نقاط ضعف في مقدمتها  النسبة العالية للميزانية التشغيلية و العجز المالي الكبير و الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي و بالتالي يتأثر بتقلبات سوق النفط العالمي .

ومن  احد عوامل زيادة الحاجة الى المياه عراقيا هو ارتفاع  الكثافة السكانية  نتيجة  النمو المتسارع بنسبة 2.5 %  و استمرار التمدد  الحضري بسبب تزايد حالة النزوح و الهجرة الى مراكز المدن  و بشكل خاص بغداد  التي نشكل ضغطا على القطاعات الحكومية الخدمية و الذي لا يتحقق الا بوجود منظومة فعالة  تستخدم تكنولوجيا حديثة  قادرة على توفير  المياه الصالحة للشرب و الاستخدام المنزلي بواسطة  وحدات لمعالجة و تنقية المياه من التلوث الكيميائي و البايولوجي  و بنية تحتية  من انابيب النقل و التوزيع  تمنع تلوثها بمياه الصرف الصحي و المجاري  وأيضا توفير المياه لسد حاجة الأنشطة الصناعية لأن تحقيق التنمية الأقتصادية – الأجتماعية المستدامة يتطلب توفر الدعم المائي نظرا للترابط الوثيق بين البيئة والمياه و الزراعة و الطاقة.

  مع كل هذه التحديات هناك فرص متاحة جميعها في متناول الحكومة العراقية  الحالية  لسد الفجوة  الحاصلة بين ما متوفر فعليا  وحاجة  الأستهلاك الحالي و المستقبلي و بدعم من القدرات العراقية في الداخل و الخارج في مجالات البيئة و  الهندسة و التكنولوجيا  و علم وفن  إدارة الموارد المائية, الامر الذي يتطلب إعطاء ملف المياه أولوية استثنائية والأستفادة القصوى من الوارد و الخزين المائي و  الأبتعاد عن ردود الفعل المضرة مثل ما حدث في التفريط بالخزين المائي في 2019 الذي قدر في حينه 50 مليار متر مكعب  و يحدث حاليا في استنزاف المياه الجوفية, و التحول  الى  تطبيق و تحديث  الخطط الاستراتيجية الموضوعة والتي ساهمت في اعدادها  شراكات دولية متخصصة.

ويتفق الخبراء على عدم وجود غموض في ما يتطلبه تحسين الإدارة المائية لملف المياه و لكن يستمر الاشكال في التطبيق و كفاءة التنفيذ وهدر التخصيصات المالية. الأمر الذي يتطلب توفر الإرادة السياسية و الكفاءة الإدارية المتابعة وجهاز فعال لمراقبة الأداء و تطبيق الرقابة و الحوكمة على صعيد وزارة الموارد المائية الاتحادية و التنسيق بين الوزارات و الإدارات المحلية ذات العلاقة والاستفادة القصوى من التخصيصات المالية  و محاربة الفساد في العقود  و توفير بنية قانونية من التشريعات  الضرورية. كما يتطلب من الجهاز الحكومي التنفيذي دعم الأستثمار في ميزانية 2023-2025  الأنفجارية  في مشاريع  تسهم في توفير مياه صالحة للشرب وتحديث البنى التحتية  المتهالكة وإقامة  محطات التحلية و التنقية تعتمد التقنيات الجديدة (كما هو الحال إقليميا و عالميا في البلدان التي تفتقد وجود انهر فيها ) ,   و حصاد المياه غير التقليدية لأغراض الزراعة مثل  مياه الصرف الصحي  و العادمة و الراجعة  و إقامة خزانات  لحصاد مياه الامطار. مجتمعيا هناك ضرورة لتنظيم و ادامة حملة توعية مجتمعية وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني حول مقومات الاستدامة  للحفاظ على مياه و بيئة  العراق و عن ضرورة ترشيد الاستهلاك  المنزلي  لأن المياه هو سر الحياة الذي مهمة الجميع الحفاظ علية و لا يترك للسياسيين فقط.