تحدي البيئة: المدخلات والمخرجات  

لقد اضحى عالم اليوم يتميز بثمة خصائص غير مسبوقة. وقد عمدت وزارة الدفاع الأمريكية في تسعينيات القرن الماضي إلى ابتكار مختصر يتكون من الحروف الأولى لأربع كلمات انكليزية للتعبير عن هذه الخصائص، هو ( VUCA  .(و هذه الكلمات  هي الاتي : التقلب Volatile))، واللايقين (Uncertain), والتعقيد ( Complex), والغموض ( Ambiguous ).

وفي مثل هذا العالم لم تع] تلك الرؤى السابقة، التي اكدت أن المشاكل الداخلية للدول المؤثرة إقليميا وعالميا لا تنطوي على أثار تمتد إلى خارج الآطار الجغرافي لهذه الدول، على ما يدعمها. فالعديد من مشاكل عالم اليوم أضحت عالمية الأبعاد والتأثير. إضافة إلى أن ثمة تحديات قديمة فقدت قيمتها السابقة لصالح بروز أخرى جديدة.

 وقد اكتسب هذا التطور، الذي تمتد جذوره إلى متغيرات عقد التسعينيات الماضي، زخما مضافا، فهذه المتغيرات، وبعضها مهم سياسيا دعمت بروز قضايا ومشاكل ذات ابعاد عالمية كانت مؤجلة بسبب معطيات الحرب الباردة.  لذا يتساءل المرء: هل ان الصراع الكامن بين الصين والولايات المتحدة على قيادة النظام الدول الجدية قيد التشكل كان ممكنا لو أن الصراع الأمريكي- السوفيتي، الذي شمل العالم في وقته بإثاره، كان مستمرأ؟، وهل كان التدهور البيئي العالمي، قدر تعلق الآمر بموضوع هذا المقال  يكتسب ابعادا دولية مهمة, لو ان العالم استمر منصرفا إلى إيلاء مشاكله القديمة. كالسباق النووي مثلا. الجواب في كلتا الحالتين هو كلا.

وعلية لا مبالغة في القول إن مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة قد فتحت الباب أمام بروز تحديات مهمة، التي من المرجح أن يتصاعد تأثيرها وتؤكد عدة اراء أن تحدي البيئة يعد أحد أبرزها. فالحقائق تؤكد اضطراد تصاعد التدهور البيئي وعلى كافة المستويات وفي شتى انحاء العالم. لذا قيل إن السنوات القادمة ستكون الأكثر خطورة بالنسبة للحياة على الكرة الأرضية.

مقالنا هذا يسعي إلى البحث في العلاقة الطردية الموجبة بين المدخلات التي أدت إلى التفاقم العالمي للمشكلة البيئية وبين المخرجات الناجمة عنها. إن هذه المخرجات لم تؤد مثلا إلى أن تصبح الآرض، و كذلك التلوث، من ضمن تلك الموضوعات ت البارزة، التي يتكرر, ومنذ عام1992, انعقاد المؤتمرات  من أجلها فحسب،  وإنما أيضا إلى ان تعبر هذه المؤتمرات عن رؤى ومن ثم  عن مصالح متناقضة بين قوى دولية متصارعة.

وكما يشير عنوانه، يبدا مقالنا هذا بالبحث في اهم المدخلات Inputs)) / بمعنى الأسباب / التي تجعل من البيئة تحديا عالميا، ومن ثم ينصرف إلى تناول أهم المخرجات Outputs))/ بمعنى النتائج/ الناجمة عن تلك المدخلات.  لذا ستكون المقاربة المنهجية المعتمدة في هذا المقال هي منهجية المدخلات والمخرجات التي تشكل صلب منهجية التحليل النظمي الشائعة الاستخدام في العلوم الاجتماعية

1.مدخلات التحدي البيئي

لم تكن البيئة، قبل الموجة الصناعية الأولى، تشكل تحديا حقيقيا للإنسان. هذا لآن المجتمعات الزراعية التي كانت سائدة آنذاك كانت في العموم نظيفة من تلك المسببات التي تقف حاليا وراء تلوث الهواء والماء، وتأكل خصوبة الأرض مثلا. بيد أن نظافة المجتمعات الزراعية لا تلغي أن بعض جذور التحدي البيئي تعود إلى ما قبل هذه الموجة. ومع ذلك يكاد الرأي يتفق على أن انتقال الإنسانية إلى الموجة الصناعية شكل البداية لمشكلة تطورت تدريجيا إلى مستوى الآزمة. وتتعدد مدخلات التحدي البيئي. ولعل من بين أبرزها دور الإنسان وعملية التصنيع.

  • دور الإنسان

يكاد الراي يتفق على أن مشكلة التحدي هي صناعة بشرية. فعلاقة الإنسان بالبيئة تعود إلى تاريخ قديم يقترن بتاريخ ظهوره على سطح الآرض وبداية استثماره لمواردها سبيلا لإشباع حاجاته المتزايدة. على أن دور الإنسان في صناعة مشكلة البيئة يقترن بمتغير على قدر عال من الأهمية هو الانفجار السكاني في العالم. ولان جذور النمو السكاني المتسارع تعود إلى زمان سابق، نشر البريطاني توماس مالتوس في عام 1803 دراسة ربط فيها بين زيادة السكان وبين تأكل الموارد الطبيعية المتاحة ولا سيما الزراعية. وقد انتهى إلى ما يفيد أن تسارع النمو الحسابي للسكان عندما يفوق التسارع الهندسي للموارد الغذائية، فأن هذا الخلل سيؤدي إلى نشر الجوع والمرض والاضطراب في العالم.

إن هذه الدراسة، التي رأى البعض أن معطيات القرن التاسع عشر لا تؤكد نتائجها، تجد مصداقيتها  في معطيات القرن الحالي .هذا جراء الزيادة المضطردة لعدد سكان العالم. إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة الى أن عدد السكان في العالم تجاوز حاجز ثماني مليارات شخص في عالم 2022 والذي من المرجح زيادته مستقبلا جراء ارتفاع معدلات الخصوبة ولا سيما في دول الجنوب وخصوصا في دول افريقيا جنوب الصحراء.  وغني عن القول إن تسارع نمو السكان في عالم الجنوب لم يكن بمعزل عن معطيات بيئات ثقافية واجتماعية واقتصادية تشجع عليه بمخرجاتها السلبية على البيئة.

فمن أجل تأمين البقاء، لم يتردد الجياع في دول من عالم الجنوب عن انتهك البيئة عبر هذه الأداة أو تلك. وقد أدى تراكم أثار هذا الانتهاك إلى أن يصبح الفقر بحد ذاته تحديا بيئيا عالميا. ومما ساعد على ذلك عدم قدرة العديد من هذه الدول على اشباع الحاجات الأساسية لمواطنيها في الآقل. ولنتذكر أن الفقر لا يؤدي إلى استنزاف عناصر البيئة الطبيعية وعلى نحو يهددها بالعجز عن اشباع الحاجات الأساسية حسب، وإنما يدفع كذلك إلى أمرين مهمين: أولهما، زعزعة الاستقرار السياسي الداخلي بانعكاساته الإقليمية في حالة امتداد أثاره إلى خارج الحدود السياسية للدول الفقيرة. وثانيا، الدفع باتجاه مشاكل أخرى لا تقل أهمية. ومنها مشكلة الزحف السكاني المستمر نحو مثلا إلى أما الآراضي الصالحة للزراعة لغرض السكن، أو نحو الغابات لغرض الاستثمار التجاري بأنواعه المتعددة. وينطوي الاتجاه نحو استنزاف الغابات على أثار بيئية سلبية. فالغابات تشكل نظاما بيئيا يؤدي ثمة وظائف مهمة. ومنها حفظ التوازن بين الاوكسجين وثاني أوكسيد الكاربون في الهواء.

وتؤشر المعطيات أن الغابات الاستوائية تتعرض إلى إبادة ” فوضوية”. لذا تحولت منذ نهايات القرن الماضي تلك المناطق في العالم التي كانت غابات كثيفة إلى أراضي شبه جرداء جراء تجارة الأخشاب، أو صناعة الورق، أو الحرائق، أو غير ذلك. وجراء ذلك فقد العالم أكثر من 200 مليون هكتار من الغابات. ويفد رأي أن مساحة الغابات، في حال استمرار استنزافها، قد تتأكل تصاعديا خلال زمان المستقبل البعيد. وهذ ا إن حصل، فإن ذلك سيكون أحد الآساب المهمة وراء تصاعد التدهور البيئي، بل والتدهور الحضاري كما يؤكد ثمة رأي.

وباستنزاف الغابات ترتبط مشكلة أخرى ترتبط بها بصيغة أو أخرى هي ,التصحر، أي زحف الأراضي القاحلة على حساب الأراضي الخصبة جراء مزيح معقد من المؤثرات المناخية والاشكال المتعددة لسوء استخدام الإنسان للبيئة. وتكتسب هذه الظاهرة بعدا خطيرا، وخصوصا في دول عالم الجنوب، سيما أذا أدركنا ابعاد تحول نحو ستة ملايين هكتار في الأقل كل عام إلى أراضي شبه صحراوية. وفضلا عن ذلك يعكف نحو 21 مليون هكتار من الأراضي عن تقديم مردودات اقتصادية بسبب التصحر. وتتوقع اراء استمرار هذا الاتجاه خلال القرن الحالي.

2.1 تسارع عملية التصنيع

التصنيع ظاهرة قديمة قدم الإنسانية. بيد أن ادواته ومخرجاته في الفترة السابقة على الموجة الصناعية الأولى، لم تؤد إلى اثار بيئية تتماهى وتلك التي اقترن بها الزمان اللاحق لهذه الموجة والى الان. فالتصنيع لم يؤسس البداية لهزات اجتماعية عميقة، هنا وهناك، حسب، وإنما كان كذلك مدخلا مستمرا لتلوث البيئة. فالاستخدام المكثف حرقا للفحم بأنواعه، باعتباره آنذاك أبرز مصادر الطاقة، أفرز سحبا كثيفة من الدخان كانت تخيم على المدن الصناعية مانعة عنها الهواء النقي.

إن هذه المشكلة التي كانت ذات طابع محلي، هذا لمحدودية الدول التي دخلت قي وقته عمليا في الموجة الصناعية الأولى، أخذت مع مرور الزمان بالتفاقم التدريجي جراء امتداد التصنيع المكثف إلى مناطق عديدة في العالم. ومما ساعد على ذلك مخرجات رؤية أدركت أن التصنيع يُعد مدخلا مهما لبناء قدرة الدولة على الفعل الدولي المؤثر. والتجربة التاريخية تؤكد أن الدول الأكثر تأثيرا في التفاعلات الدولية، كانت ولا زالت هي الدول المتقدمة صناعيا.

  1. مخرجات التحدي البيئي

تتعدد وتتنوع هذه المخرجات. ونرى أن من بين أبرزها يكمن في تلوث البيئة، واستنزاف مواردها، فضلا عن زيادة الدف الكوني.

  • تلوث البيئة

يقصد بالتلوث مجمل التغيرات الكمية والنوعية في مكونات البيئة الحية وغير الحية، التي لا تستطيع النظم البيئية استيعابها دون الاخلال قي توازناتها. والتلوث، بهذا المعنى، متنوع المسببات، بيولوجيا أو كيميائيا، إو فيزيائيا. وبسببها انتشرت الملوثات، وإن بنسب مختلفة في الغذاء والماء والهواء والتربة مما جعلها تشمل البيئة بكافة عناصرها. ومن هنا تنبع كمشكلة تنال حياة الإنسان، في الحاضر والمستقبل، سواء بإرادته الواعية أو غير الواعية. فمثلا ساعد التوسع التدريجي لاستخدام الإنسان للطاقة على التفاقم التدريجي لمشكلة الثلوث. فبجانب الفحم سابقا، ارتفع الطلب مع مرور الزمان على النفط الذي أضحى بمثابة عصب الحياة. وعلى الرغم من أن اكتشاف بدائل جديدة للطاقة، وهو الحاصل فعلا، والتوظيف الواسع لها، سيؤدي إلى تقلص الطلب على النفط، إلا أن الحاجه اليه ستبقى مستمرة ولزمان طويل قادم.

ولاتساع النطاق العالمي لاستخدام الطاقة، تزايد تدريجيا تلوث الغلاف الجوي لشمال الكرة الأرضية. وجراء ذلك صارت، ومنذ عقود، مناطق في شرق أوربا مثلا مغلقة بكتل سميكة من الغيوم الزرقاء بسبب دخان المصانع. بيد أن المرء لا يستطيع أيضا اعفاء دول في جنوب الكرة الأرضية من مساهمتها في رفد التلوث العالمي بعنصر مضاف، فنزوعها نحو التصنيع المكثف حدا بها إلى إيلاء الصناعات الثقيلة أولوية خاصة بغض النظر عن النتائج الناجمة عنها. فمثلا رفعت الصين انتاجها من الفحم أكثر من عشرين ضعفا منذ تأسيس جمهوريتها الشعبية عام 1949. أما الهند فقد تضاعفت كمية ثاني أوكسيد الكاربون جراء محروقات الفخم الحجري والنفط ثلاث مرات تقريبا منذ مطلع الستينات من القرن الماضي صعودا.

 وتبعا لتقارير منظمة الصحة العالمية تتصدر بكين ونيو دلهي قائمة المدن التي تحتوي اجوائها على كميات مفرطة من ثاني أوكسيد الكاربون وملوثات أخرى. وقد لا يختلف الواقع البيئي لهذه المدن واثاره على الحالة الصحية للإنسان عن الوضع السابق لمدن إنكليزية خلال الموجة الصناعية الأولى في القرن التاسع عشر. على أن مشاركة دول متقدمة في عالم الجنوب في صناعة التلوث لا تلغي بالضرورة مسؤولية دول متقدمة في عالم الشمال.

ويرى البعض أن انتشار الملوثات لا يعد أمرا خطيرا. فمثلا قال عالم الايكولوجيا، جيمس لوفلوك ” إن التلوث الذي يتكلمون عنه كثيرا ليس في نظري إلا ظاهرة طبيعية لا تؤثر ابدا على البيئة والحياة.”  وربما يتأسس هذا القول على إدراك لدور التقنية في الحد من تصاعد نسب التلوث. ومع ذلك لا يدعم التأثير السلبي للتلوث مثل هذا القول، فالتقنية قد تستطيع الحد من تصاعد نسبة التلوث في الدول التي تستخدمها فقط. أما في سواها، أي التي لا تستخدم مثل هذه التقنية، فسيبقى أثر التلوث مستمرا. ومما يساعد على ذلك أن الدول المتقدمة لا تعمد، في العموم، تصدير تقنيتها المتطورة إلا بعد ان تكون قد أصبحت متخلفة بالنسبة لها.

وتشير دراسات إلى أن تمركز ثاني أوكسيد الكاربون في الجو يتزايد باستمرار. ففيما قبل زمان الموجة الصناعية كان يشكل نحو 280 جزء لكل مليون جزء من الهواء. وفي عام 1980 مثلا بلغ 349 جزءا. وفي نهاية القرن السابق وصل إلى 560 جزءا. وتؤكد دراسات أخرى أن كميات الغاز الخانق ستتضاعف في حدود عام 2030, ثم تتضاعف مرة أخرى عالميا في عام 2100. وعند هذا الزمان سيكون ما تبقى من البيئة الطبيعية أما قد اختفى وأما في سبيله إلى ذلك.

2.2. استنزاف موارد البيئة

تتوافر البيئة على موارد متنوعة، متجددة وغير متجددة تشكل بمجملها ثروة وهبتها الطبيعة للإنسان. بيد أن العديد من أصول هذه الثروة أما قد انقرضت، وأما تتجه بسرعة إلى ذلك، ولمدخلات متعددة. ومنها مثلا الآتي: أولا، مخرجات تصاعد التلوث. وثانيا، صعوبة تحويل بعض الموارد غير المتجددة، كالمعادن، إلى أخرى متجددة، أو جراء الكلفة المالية العالية لهذا التحويل. وثالثا، تسارع الاستدرار البشري غير الرشيد للموارد الطبيعية جراء النمو السكاني في العالم وحاجاته، فضلا عن مخرجات التقدم التقني.

 وعليه، لا ينطوي القول على مغالاة، الذي يؤكد إننا مهما حاولنا أن نكون متفائلين بشأن موارد البيئة، إلا اننا مقبلون خلال زمان المستقبل البعيد( نحو 50 عاما) على تأكل مخزونات الأرض من ثرواتها. وكذلك دفع الاستنزاف لموارد البيئة بالدول الفقيرة إلى ان تكون أكثر فقرا، وإلى أن تتحول أيضا الدول ذات الاكتفاء السابق في الموارد الطبيعية إلى دول مستوردة لبعض هذه الموارد. ومثالها الولايات المتحدة الأمريكية.

3.2 زيادة الدفء الكوني

يكاد الرأي يتفق على أن ثمة متغيرات طرأت، ومنذ العصر الجليدي الرابع، على المناخ وعلى نحوٍ ألغي استقراره. ولم يكن ذلك بمعزل عن تأثير مدخلات طبيعية كاقتراب الآرض أحيانا من الشمس، والانفجارات البركانية. فضلا عن مدخلات إنسانية عديدة. وحول هذه المدخلات يقول عالم المناخ، فرانسوا روبر, إن نشاط الإنسان قد سبب قفزة مناخية خلال القرنيين الماضيين توازي القفزة التي عرفتها الآرض قبل هذا النشاط خلال خمسة الاف عام. سابقة ومن بين أهم هذه المدخلات، زيادة الدفء الكوني.

يُعد معروفا أن الحياة في كوكب الآرض تختلف عن تلك في سواها. ومرد ذلك بكمن في أن كوكب الارض مغلف بغشاء مادي رقيق يحول دون وصول كميات كبيرة من اشعة الشمس إلى الآرض, الامر الذي  يسمح لأن ينعم هذا الكوكب بدفء ملائم يساعد على نمو الحياة وديمومتها. ويسمى هذا الغشاء الرقيق بالاوزون. وتؤكد أراء متخصصة أن تعرض هذا الغشاء لتغيير جذري يودي أما إلى انخفاض كبير في معدلات درجة حرارة الآرض وأما إلى ارتفاع هذه المعدلات إلى مستويات عالية تجعل الحياة في الآرض أمرا صعبا.

ويتفق الرأي على رجحان الاحتمال الثاني أعلاه لمدخلات طبيعية وبشرية متفاعلة تدفع إلى استمرار تأكل غشاء الأوزون. ويقترن هذا التأكل بالبث المستمر للغازات السامة إلى الفضاء الخارجي. لذا يًعد الكلام عن ثقب الأوزون صحيحا. فسطح الأرض أضحى منكشفا لخطر جديد قوامه تسرب الاشعاعات فوق البنفسجية إليه، فضلا عن ارتفاع درجة حرارته.

إن حرارة الأرض، التي تصاعدت خلال حقبة القرن العشرين، واستمرت كذلك في هذا القرن الحالي وعلى نحوِ الذي جعلته من أكثر الآزمنة حرارة. وتؤكد اراء أن حرارة الآرض قابلة للزيادة في الأزمنة القادمة وأن لهذه الزيادة نتائج خطيرة، ومنها مخرجات ذوبان القطبين. فهذا الذوبان،  إن حصل,  فسيؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح المياه في البحار والمحيطات. وهذا بدوره سيهدد المناطق الساحلية، وبما فيها، بالغرق. فهذا الغرق لا يؤدي إلى هلاك الإنتاج الزراعي فحسب، وإنما كذلك إلى هجرة السكان من مناطق سكناهم، وما قد ينجم عنها من أزمات داخلية في الأقل.  صحيح أن جل دول عالم الشمال قد تستطيع ابتكار الوسائل التي تساعدها على الحد من مخرجات غرق مناطقها الساحلية، بيد أن هذا الآمر لا ينسحب على جل دول عالم الجنوب. فالمخرجات السلبية لارتفاع درجات الحرارة تتحملها هذه الدول الامر الذي سيزيدها تخلفا.

  • أستاذ العلوم السياسية/ السياسة الدولية ودراسات المستقبلات/ لندن