انتفاضة 28 ك1 الطلابية 1968 ذكرى وعبرة

معن بشور

بانطلاقة الانتفاضة الطلابية هذه الأيام كفصل جديد من الانتفاضة الشعبية الكبرى تعود بنا الذاكرة إلى زمن انتفاضات طلابية عدة كانت تطلقها الحركة الطلابية، أما لأسباب وطنية وقومية، أو لأسباب نقابية مطلبية، وهي انتفاضات أدّت إلى تحقيق مكاسب هامة من أبرزها قيام الجامعة اللبنانية نفسها، ومعادلة شهادة  »التوجيهي« المصرية، و »الموحدة« السورية، بالبكالوريا اللبنانية.

لكن بين تلك الانتفاضات تبقى انتفاضة 28 ك1 1968، هي الانتفاضة الأبرز والأطول عمراً والأشمل حضوراً في كل الجامعات والمدارس اللبنانية.

تلك الانتفاضة التي انطلقت في مطلع عام 1969 إثر العدوان الصهيوني على مطار بيروت وتدمير أسطول طيران الشرق الأوسط الجوي المدني اللبناني دون أي مقاومة، وبدأت بعد انتهاء عطلة الميلاد ورأس السنة، إثر اجتماعات ضمّت ممثلين عن الجامعات الأربع يومها، اللبنانية والعربية والأمريكية واليسوعية، في أول إضراب طلابي شارك فيه طلبة من لبنان على اختلاف بيئاتهم ومشاربهم وانتماءاتهم الحزبية والسياسية على نحو رأى فيه كثيرون من أهل الطبقة السياسية الحاكمة مخاطر جدية على النظام الطائفي الذي تربعوا على عرشه طويلاً، فلجأ بعضهم إلى إعادة تسعير الحرب الطائفية لإجهاض مناخ الوحدة الوطنية الذي جسده اؤلئك الشباب..

استمر ذلك الإضراب لمدة ستة أسابيع، استقالت على أثره وزارة الدكتور عبد الله اليافي (رحمه الله)، الذي كان ـ للتاريخ ـ من أكثر المسؤولين تفهماً لمطالب الطلاب ولروح انتفاضتهم وفي مقدمة المطالب يومها  »التجنيد الإجباري أي خدمة العلم«، و »تحصين القرى الحدودية وتسليح أهلها«.. وهو ما تحول إلى مطلب وطني شامل بل إلى بنود عمل في برامج أحزاب وهيئات وطنية..

في أجواء ذلك الإضراب الذي اعتبره المفكر الكبير الراحل منح الصلح  »أكثر من انتفاضة وأقل من ثورة«.. تم تأسيس منظمة 28 كانون أول الطلابية في الجامعة اللبنانية لتكون رديفاً لمنظمة كفاح الطلبة التي انطلقت من الجامعة الأمريكية بعد حرب حزيران 1967.

لقد افرزت تلك الانتفاضة، كما كل انتفاضة، قيادات شابة جديدة سرعان ما تقدمت الصفوف في مختلف الأحزاب السياسية، اليسارية منها واليمينية، وبدا واضحاً للجميع أن لبنان يدخل مرحلة جديدة جرى ـ مع الأسف ـ إجهاضها بالحرب اللعينة عام 1975، وكانت تلك الحرب قد شهدت مقدمات منذ السنوات الأخيرة في ستينيات القرن الفائت.

العدد 99 –كانون الاول 2019