زيت الزيتون اللبناني يربح ذهباً في اليابان

حاز زيت الزيتون اللبناني المدالية الذهبية التي تمنحها سنوياً احدى اكبر المؤسسات اليابانية المتخصصة بنوعية زيوت الزيتون على مستوى العالم بأسره .

وعاد الرابحون اللبنانيون الى قرية جنوبية لا ترتفع عن سطح البحر اكثر من 580 متراً، لكنها اشتهرت منذ عقود بنوعية زيتونها وزيتها. شاركت المسابقة اليابانية 28 دولة خضعت زيوتها لتحليل دقيق اداره افراد متخصصون وقادتهم النتائج الى كون زيت دارميس اللبناني هو المتفوق على كل الزيوت الاخرى . لكن دير ميماس،  ما كانت

Rose Bechara

لترسل انتاجها من الزيوت الى اليابان لولا روز بشارة التي اخذت على عاتقها ادارة المؤسسة التي دعتها “بوردو زيت الزيتون” تيمناً  بمستوى نبيذ منطقة بوردو الفرنسية.

روز بشارة بدأت رحتلها مع الزيتون وزيته في سنتي 2017 و2018 انطلاقاً من معرفتها بأن بعض زيتونات دير ميماس يعود تاريخها الى ألفي سنة، وتقول روز: “كوني من مواليد دير ميماس وكون ضيعتي الصغيرة تكاد ان تختفي عن الانظار والزراعات في اراضيها موسمية محدودة، ما عاد لنا سوى الالتفات الى زرعنا الثابت خصوصاً الزيتون لنجعل منه نافذة مطلة على العالم. وهكذا بدأت بجمع السيدات والآنسات وبعض الشبان ووضعت خطة عمل لا تقبل الكسل!  والواقع انني كنت احلم بترويج هذا الذهب الاخضر يعني حبة الزيتون منذ صغري. الا ان الدعوة جاءت من جزيرة شوبو او جزيرة زيت الزيتون كما درج القول عنها في اليابان.

“بدأنا نتحضر للذهاب الى شوبو وأخذنا معنا ما يجب ان نأخذه لكي نقدمه الى لجنة الفاحصين هناك. الذي حصل في غيابنا ولم نكن على علم به ان معركة صامتة تقريباً بدأت على الارض اليابانية بالنسبة الى توزيع زيت الزيتون وايصاله الى البيوت والمطاعم لمجرد وجوده في معظم المأكولات الموصوفة ضمن الاطار الصحي والدعوات الكثيرة الى اعتباره ضرورياً للنشاط البدني.  نعم ما تأخر الزيتون في اختراق المأكولات اليابانية العريقة حتى اصبح في منتصف ثمانينات القرن المنصرم جزءاً لا يبتعد كثيراً عن المطبخ الياباني الأصيل.  من جهة ثانية بدأت مراكز الشراء بالجملة والتوزيع المحلي تتنافس للحصول على افضل الزيوت المستوردة مما دفع بمسؤولي جزيرة شوبو الى اقناع مزارعيهم بتجربة زراعة الزيتون وعصره في الوقت المناسب، الا ان المزارعين القدامى تماطلوا في الرد وانتظروا ان يحاول بعضهم تنفيذ المتطلبات الادارية كي يفعلوا الشيء ومقتضاه حفاظاً على زراعاتهم التقليدية. لكن، تقول روز ضاحكة: “الزيتونة سمعت اصواتهم ولم تتأخر في تقديم كل ما لديها لمساعدتهم على احتضانها وهي احدى اروع اشجار الشرق الاوسط واكثرها تشبثاً بالارض”.

جزيرة شودو عُرفت باسم جزيرة زيت الزيتون مذ بارزت العاصمة طوكيو ومدينة هيروشيما  في الوصول بشتول الزيتون وزرعها على اراضيهم رغم التحذيرات المناخية، الا ان شودو سرعان ما اصبحت قمة في انتاج الزيتون للأكل وللعصر.

شاركت دول عربية ثلاث في تقديم زيوتها الى القائمين على هذا المهرجان الذي يهتم له الشعب الياباني بشكل واسع: تونس،المغرب،ولبنان. فما يلفت الانظار ان مجموعة القائمين على المسابقة وجدوا انفسهم مجبرين ان يضعوا تقييماً جديداً لزجاجة الزيت باعتبار ان رونقها جزء لا يتجزأ من جذبها للجمهور، وقد جاء ذلك في الوقت المناسب لزجاجة Darmmess اللبنانية الجميلة.

 تقول روز في هذا السياق: “نعم نحن نجهد لاختيار الحبة الخضراء لعصرها قبل ان يتحول عصيرها الى مجرد سائل على قدر متوسط من الجودة، وانا واحدة ممن تعلمن اختيار حبة الزيتون ذات الطعم المتنوع، ومع ذلك انضممت الى

اثناء العمل

فريق من النساء والرجال الذين يعرفون اسرار الحبة المناسبة بحكم  علاقتهم بالمواسم على مر السنين، وهؤلاء، بفعل اهتمامهم الدؤوب كانوا يعصرون قبل بداية الخريف ويسمون زيتونهم بالعرف القديم: “السوري” ربما لان السوريين يقطفون زيتونهم بين ايلول وتشرين الاول وربما ان تكون كنية السوري استعادة غير مقصودة لإرتباط زيتون تلك المنطقة بمدينة صور، وهنا يصح التعرف على المذاق الخاص الذي تتمتع به عصائر ذلك الموسم ”  وروز بشارة تصفه هكذا:” لعل الجاذب الاهم الذي يربط منظمي المسابقة بطعم مميز هو ان الحبة التي لم تدخل بعد مرحلة نضجها الأخير كحبة زيتون مستقلة لا اكثر، فتبقى متمتعة بنكهات من طفولتها ، وذلك هو الطعم المفضل عند جميع الذواقة بلا شك”.

 يعني يمكن القول ان ما هو سائد لدى اصحاب بساتين الزيتون في السواحل اللبنانية وغيرها مثل المغرب وتونس ليس حقيقياً مئة بالمئة. يعني لا يجب ان ينتظروا سقوط الامطار كي تشربها الاشجار فيقطفوا زيتونهم بعد اسبوع او اسبوعين، بل يجب ان يعرفوا بأن الحبة الصغيرة ما زالت تحتضن في طياتها الكثير من اللمسات الجميلة والمطلوبة خصوصاً بالنسبة الى الزيت”

  من هنا يمكننا ان نأخذ “رب ضارة نافعة” لان  الذين اتوا مع روز في رحلة طويلة الى اليابان وعادوا بقطعة الذهب باتوا اليوم حديث الاشخاص الذي يريدون الاهتمام بزيت الزيتون ويمنحوه اكثر بكثير من اوقاتهم واحلامهم. . . وسوف نرى ماذ  سيحل في المستقبل لتلك القرية الصغيرة المختفية عن الوجود،    برغم قربها  من مرجعيون  التي يعتبرها  كثر  عاصمة الجنوب الاقرب الى الحدود الفلسطينية.