صفحة مؤلمة من كارثة العراق الصحيه

الدكتور هيثم الشيباني – خبير في البيئه

المدخل: حاولت أن أخفف كثيرا من وصف صورة لمحاولة صبغ بناية شاهقة الارتفاع حالكة السواد، بلون أبيض بواسطة فرشاة يدوية.

كان العراق قد أقام نظام رعاية صحية مركزي ومجاني في نهاية عام (1970) باستخدام نظام صحة علاجي ، ونظام مستشفيات عالمي متطور. فقام باستيراد المعدات والأدوية الطبية، وأسس شركة عامة للصناعات الدوائية التي كانت تنتج معظم الأدوية التي يحتاجها المرضى، من ضمنها انتاج النضائر المشعة لعلاج مرضى السرطان ، وهذا ما اعترفت به منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ومنظمة الصحة العالمية ، والوكالة الدولية للطاقة الذربه.

بنى العراق نظاما عالميا من المستشفيات المتطورة وحرص على تخريج أطباء في كافة الاختصاصات، وطبق نظام التدرج الطبي، بداية من الطبيب المقيم وصولا الى الأطباء في كافة الاختصاصات الباطنية والقلبية والجراحية في نفس الاختصاصات، وشيد مستشفيات متكاملة لعلاج الآورام السرطانية، وحسب التقارير الدولية فان 97 بالمائة من سكان المدن و79 بالمائة من سكان الريف، كانوا يحصلون على الرعاية الصحية الأولية مجانا فيما اقتصر القطاع الخاص على 2 بالمئة من أسرة المستشفيات بالعراق.

دمار كبير في مستشفى ابن سينا في الموصل

على الرغم من عدم كفاية تمويل الماف الصحي، الا أن سوء استخدام الأموال تبدد في ألصرف على أمور ثانوية مثل الايفادات غير الضرورية فتدهورت الرعاية الصحية بشكل كبير. لقد ارتفعت وفيات الأمهات بمقدار ثلاثة أضعاف تقريبا، عن الفترة التي سبقت احتلال العراق في عام 2003 وانخفضت رواتب العاملين في المجال الطبي بشكل كبير، واقتصرت الرواتب والمخصصات المجزية على الطبقة العليا، التي انصرفت الى مصالحها الشخصية فقط. لقد كانت المعدات الطبية في عام 1980 من بين الأفضل في الشرق الأوسط ، لكنها تناقصت وتعرضت للسرقة وسوء الصيانة، على الأخص في المحافظات الجنوبية والوسطى، وصاحب ذلك كله سوء تغذية الغالبية العظمى من المواطنين، وتفشي البطالة بخط بياني سريع، وشاعت الأمراض المنتقلة بالماء، وفي عام 2005م ارتفعت أمراض التيفوئيد والكوليرا والملاريا والسل في العراق أعلى كثيرا من البلدان المماثلة.

أما ارتفاع الأمراض السرطانية فالحديث عنها يتطلب فتح ملف مؤلم يكاد لا يصدق فاضطر بعض المرضى القادرين على صرف المال الى العلاج في دول مثل الهند، بسبب وفرة المراكز الصحية والأطباء والكوادر المساعدة في التمريض والعلاج.

أما المرضى الفقراء فقد انتقلوا الى جوار ربهم من استفحال المرض وشدة الحزن، يشكون الحال بعد صراع طويل مع المرض، محاطين بأسرهم التي تولت رعايتهم مبللة بدموع القهر والحسرات.

لا شك أن القلة من من بقي عنده ضمير ويرجو رضا الله، قام بواجبه الانساني والوطني قدر الممكن، لخدمة المرضى واستغلال المتوفر والشحيح من معدات طبية، الا أن كارثة الواقع الصحي وتدهور الخدمات الصحية، سببها الفساد الكبير والرشوة وموت الضمائر مما حال دون تحقيق ما يتمناه كل وطني يمتلك الحس الانساني المطلوب.

لقد دمر الاحتلال والصراعات التي جاءت بعده اعتبارا من عام 2003م، ما يقدر بنحو 12 بالمئة من المستشفيات واثنين من مختبرات الصحة العراقية.

إن انهيار البنية التحتية للمرافق الصحية والصرف الصحي وتعقيم المياه عند الاحتلال وما بعده، أدى إلى استفحال امراض قاتلة مثل وباء الكوليرا والدوسنتاريا وحمى التيفوئيد، واستمر سوء التغذية وأمراض الطفولة (كالربو والأيدز وفقر الدم وغيرها) . وفي سنة 2006م فان نحو 73 بالمئة من حالات فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، في العراق نشأت مع عمليات نقل الدم و16 بالمئة من الحالات بسبب الاتصال الجنسي. إن مركز أبحاث الإيدز في بغداد حيث تم تشخيص معظم الحالات يفترض أن يقدم العلاج المجاني واختبار إلزامي للأجانب الذين يدخلون العراق.

أما بخصوص الأدوية فان نصف الأدوية الضرورية غير متوفرة في العراق، و هناك مستشفيات خرجت عن الخدمة بسبب احتلال داعش للموصل.

وجدت منظمة الصحة العالمية WHO عدم توفر 50 من الأدوية الرئيسية في العراق، لذلك طلبت من الحكومة العراقية تخصيص 10 من الموازنة العامة للقطاع الصحي بضمنها خصة الأدويه.

 أكد وزير الصحة في الحكومة العراقية السابق علاء العلوان، على وجود نقص حاد في الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة إذ أن 550 نوعا من الأدوية غير متوفرة في المستشفيات العراقية.

و يقول ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق أدهم رشاد إسماعيل إن الوضع الصحي في العراق يعاني من قلة التمويل الصحي ، الأمر الذي أدى إلى توقف المشاريع الصحية.

وحقيقة حاجة وزارة الصحة عبر عنها الوزير في مؤتمر صحفي خلال مؤتمر في شباط/ فبراير الماضي أن الوزارة بحاجة إلى 2 مليار دولار لسد العجز الدوائي بينماخصصت الحكومة للأدوية والمستلزمات الطبية مبلغ مليارا و300 مليون دولار لغرض الإنفاق على الأجهزة الطبية.

و بين العلوان ان سبب الديون المترتبة على الوزارة هو من تركة الوزيرة السابقة عديلة محمود بمقدار 400 مليون دولار تسدد من الموازنة الحالية.

 يعاني العراق من نقص حاد في أدوية الأمراض المستعصية كالسرطان والثلاسيميا والأمراض المزمنة من الأجيال الحديثة ويعتقد عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية فالح الزيادي إن الواقع الصحي في البلاد سينهار إذا ظلت الحال هكذا، وأشار الزيادي إلى أن البنى التحتية للوزارة من مستشفيات ومستوصفات وغيرها مهملة>

 يؤكد المتحدث باسم تجمع مرضى الثلاسيميا طالب طاهر أن عدد المرضى تجاوز الـ 29 ألف مصاب في عموم المحافظات العراقية مشيرا الى نقص الأدوية منذ عامين، علما أن انعدام الحقن الدوائية يدفع ذوي المصابين والميسورين إلى شراءها من إيران، واتهم الشركة المستوردة للأدوية في وزارة الصحة (كيماديا) بالمسؤولية عن نقص الأدوية مشيرا إلى أن سعر الحقنة الواحدة التي تعطى لمرضى الثلاسيميا كل 20 يوما تجاوزت الـ360 دولارا.

 كما يعاني مرضى السرطان نفس الأوضاع البائسة، خاصة في المحافظات الجنوبية في العراق ، التي تسجل ارتفاعا مذهلا في أعداد المصابين بالسرطان.

وأكد عضو لجنة الصحة في مجلس محافظة المثنى عمار آل غريب ، وجود نقص في أدوية أمراض السرطان مشيرا بالاتهام الى وزارة الصحة بعدم تجهيز أدوية السرطان.

ان محافظة نينوى تعاني نقصا كبيرا في عدد المستشفيات والأسرَة المخصصة للمرضى.

أما في البصرة فقد أكد مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان مهدي التميمي أنّ أكثر من 90 من المصابين يتوفون لقلة العلاج .

 اما عالم الأورام عضو الجمعية الملكية البريطانية للأطباء في إنكلترا جواد العلي فقد وصف محافظة البصرة بأنها (هيروشيما أخرى) حيث بينت دراسته التي أعدها لموقع (Counter punch) أن أكثر من 40 من سكان محافظة البصرة سيصابون بالسرطان في المستقبل القريب.

أما المحافظات المحررة من تنظيم داعش فان مصيبتها تضاف لأزمة نقص الأدوية حيث كشف سيف البدر الناطق باسم وزارة الصحة العراقية في حديثة لـ نون بوست عن أن محافظة نينوى ، شهدت تدمير جميع المراكز الطبية المتقدمة بسبب الحرب وعددها 6 مراكز ولو أنها مقرات بديلة كرفانية توفر بعض الخدمات ومن بين المراكز المدمرة في الموصل مركز أمراض الكلى وجراحة القلب والسكر والأورام السرطانية وغيرها.

 تقدرتكاليف النقص في الأدوية ودمار البنى التحتية الصحية في المحافظات المحررة بمليارات الدولارات، وهذا يتطلب تخصيص حصة كبيرة من موارد الدولة لسد النقص، بدلا من التبذير والفساد في كل المجالات.

تعاني محافظة نينوى نقصا كبيرا في عدد المستشفيات والأسرة المخصصة للمرضى وكما أوضح الدكتور فلاح الطائي مدير عام دائرة صحة نينوى السابق فإن 18 مستشفى في نينوى دمرت بالكامل وصارت الموصل تضم 1700 سرير فقط مخصص للمرضى، بعد أن كان العدد يتجاوز الـ 6 آلاف سرير قبل الحرب، كما صرح لـ نون بوست أن الحكومة العراقية عاجزة عن إعادة المستشفيات إلى وضعها السابق إذ أن جميع المستشفيات في الموصل وبعد عامين من استعادة المدينة لا زالت تفتقر لجهازي الرنين المغناطيسي (MRI) والمفراس (CT SCAN) كذلك حصل تضرر كبير لحق بجهاز الـ (سكوبر) الخاص بعلاج الأورام السرطانية.

صدر في بغداد شهر مايو (أيار) عام 2019 تقرير الوضع الصحي في العراق، بعنوان التحديات وأولويات العمل لوزير الصحة والبيئة الدكتور علاء الدين العلوان الذي تطرق فيه إلى كثير من الأمور المتعلقة بصحة المواطن العراقي والأمراض التي تصيب عموم الناس في العراق.

ويصف القرير كيف يعاني العراق الآن من تردي الخدمات الصحية على نطاق العراق في كافة المحافظات تقريبا بدرجات متفاوتة وكيف أن نسبة الفقر ارتفعت في الآونة الأخيرة إلى 20 في المائة مقارنة بوضع العراق سابقا.

ويشير التقرير إلى أن سوء توزيع الخدمات الطبية على جميع محافظات العراق وتمركزها في مناطق محددة ساهم في تدهور الأوضاع الصحية على مدى سنوات طويلة. ولعب الفساد المالي وسوء استخدام الأموال دوره في إضعاف الخدمات الصحية كما لعب الفقر دورا في عدم قدرة المواطن على إنفاق المال الكافي للعلاج. أما تلوث الماء والهواء فقد زاد من انتشار الأمراض المعدية في المجتمع العراقي.

 كان توزيع الأطباء منذ بداية التسعينات على كل إرجاء العراق مناسبا لحاجة السكان في بداية التسعينات كما كان الدواء الأساسي للأمراض المزمنة والانتقالية متوفرا رغم حرب الخليج الأولى عام 1991 وحصار الولايات المتحدة الأميركية الذي أسفر عن هجرة الآلاف من أطباء العراق إلى الخارج.

 بالإضافة إلى ذلك، فإن المستشفيات العراقية تميزت بانضباط كل الموظفين وبكافة مستوياتهم الوظيفية ، والعمل باخلاص وأمانة والاهتمام بنظافة المستشفى متواصل رغم تدني الأجور أثناءالحروب والحصار.

 كانت مراكز رعاية الأمومة والطفولة تستقبل بالقليل خمسين من النساء الحوامل والمرضعات يوميا مع تقديم الرعاية اللازمة للجميع أما الآن فإن القطاع الصحي يشهد أسوأ الخدمات.

والملاحظ أن التقرير لم يتطرق إلى ضرورة استقطاب الكفاءات العراقية في الخارج من أعلى درجة إلى أقل درجة من الأطباء والمهندسين والمدرسين كي يعيدوا بناء الوطن بعد أن توفر الدولة لهم الأمان والمناخ للعمل.

ومن خلال هذه المشاكل تخطر في البال كثير من التساؤلات، تتعلق بدور الحكومة ودور الوزارات الأخرى ودور أجهزة الأمن والمخابرات في حماية هذه الكوادر المهمة والثمينة واضطرار الكثير منها إلى الهرب من العراق أو طلب الهجرة وربما اللجوء حفاظا على أنفسهم وأسرهم، وأين دور الجهات المختصة في تطوير المستشفيات وبنائها المستشفيات وحماية العاملين من العنف وحتى القتل؟ لو كانت هناك نيات حسنة لكان العراق قد تطور كثيرا خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة منذ الغزو الأميركي لأراضيه وخاصة أن الموارد المالية الخرافية تكفي لاعادة بناء دول كثيرة بوقت قياسي.

صارت مستشفيات العراق تمثل واقعا أليما ونقصا في الكوادر الطبية، ويعاني القطاع الصحي في العراق من تدهور كبير وتردي الخدمات الطبية المقدمة للمواطن ونقص الأدوية وقلة المراكز التخصصية لمعالجة الأمراض المستعصية وصولا إلى تدمير عشرات المستشفيات

كارثة التسمم في مدينة البصره

والمراكز الصحية في البلاد نتيجة الحروب على العراق ، ثم الحصار الجائر الذي حرم العراقيين من أبشط مقومات الحياة، والحصار تم تنفيذه بدقة من قبل الاخوان أشد من الغرباء، أما الغرباء فحدث ولا حرج.

تشير إحصائيات أوروبية في عام 2015 توثق عدد الأطباء نسبة إلى عدد السكان في العالم أن العراق يحتل مرتبة متدنية من مجموع 107 بلدان ضمن التصنيف الأوربي إذ أن العراق حسب الاحصائية، كان فيه طبيب واحد لكل 1500 عراقي وهو رقم ضئيل جدا وفق المقاييس الاوربية والعالمية.

 العراق كان حتى سبعينات القرن الماضي من أكثر البلدان تقدما في مجال الرعاية الصحية، وما تبع ذلك من الغزو الامريكي عام 2003 لكن اجبر آلاف الأطباء على الهجرة إلى الخارج، ما عدا الذين فقدوا حياتهم بسبب الاختطاف والغدر والاغتيالات.

 أن جميع المحافظات العراقية تعاني من تدهور مستوى الخدمات المقدمة للمرضى وفي مقدمتها العاصمة بغداد.

عصف مرض السرطان والفشل الكلوي على العراق في آن معا، وهذان المرضان يتطلبان رعاية استئنائية تبدأ من التمريض الدقيق، والتشخيص المنفذ بأكفأ الأجهزة ومن قبل أمهر المتخصصين وان عدم توفر جرعات العلاج الكيمياوي في مواعيده وفقدان النظافة والشروط الصحية، وفقدان العلاج بالأجهزة والتشخيص بأجهزة دقيقة مثل (سيتي سكانر، وأم أر أي)، يجعل شفاء المرضى مستحيلا.

 أن عدد من أصيب بالتسمم في البصرة كبير جدا وأن المستشفيات في المدينة دخلت في حالة من الشلل وفق ما صرح به مصدر في نقابة الأطباء في البصرة حيث فضل عدم الكشف عن هويته لجريدة البصائر.

 أن سوء إدارة القطاع الصحي في محافظة البصرة ونقص الأطباء وتسرب بعضهم إضافة الى قلة مخزونات الأدوية تسبب بشلل القطاع الصحي في المحافظة خلال أزمة تسمم المياه الذي شهدته المدينه. ظهر وجود نقص كبير في أجهزة التحليل المختبرية، ونقص كبير في أسرة استقبال المصابين في مراكز الاسعاف، وشحة في منظومات الانعاش وسيارات الاسعاف، وضعف الكادر الوسطي، وفقدان النظافة والتعقيم الطبي.

تعاني المستشفيات بشكل عام من أفواج الأهل والأقارب ومنتسبي العشيرة وأطراف العشيرة والأصدقاء والجيران العائدين للمريض، الذين يقتحمون المستشفى أو المستوصف دون اذن، ويتدخلون في واجبات الطبيب والكادر الطبي والويل لهم لو توفي المريض، فسوف يكونون بحاجة ماسة الى قوات امن شديدة المراس تحميهم، ثم يلاحقهم الفصل العشائري أو التهديدات بالقتل والاعتداء عليهم بالضرب والاهانه.

 أما نقص الكوادر الطبية ، فربما يؤشر المثال التالي ما ينفع : صرح مهدي اللامي الموظف في وزارة الصحة العراقية :أن مستشفيات البلاد لا زالت تعاني من نقص كبير في الكوادر الطبية لجريدة البصائر ، على الرغم أن عدد الكوادر الطبية التي عينتها وزارته على الملاك الدائم في عام 2017، قد بلغت نحو 3220 موظفا ما بين أطباء وأطباء أسنان وصيادلة وخريجي المعاهد الطبية والتمريضية.

وأوضح أن السبب الرئيسي هو هجرة آلاف الأطباء الأخصائيين من البلاد بسبب الاوضاع الأمنية التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية.

يقول الخبير الاقتصادي نمير العبيدي في حديثة لجريدة البصائر إن الحكومات المتعاقبة التي مرت على العراق منذ عام 2003، كانت السبب الرئيس في تدهور الواقع الصحي في البلاد.

وأشار إلى أن نقص الكوادر الطبية في البلاد لا يعود فقط الى هجرتها، بل إلى تسرب كثير منها بسبب الفساد الإداري وسوء ضبط المؤسسات الصحية بصورة عامة موضحا أن جميع المنظمات الطبية العاملة في العراق كمنظمة أطباء بلا حدود والصليب الأحمر الدولي وغيرها يعمل بها أطباء عراقيون بدوام كامل ما يثير تساؤلات عن تسرب هؤلاء من وظائفهم الحكومية في ظل قرار وزارة الصحة بمنع منح أي طبيب أي إجازة طويلة الأمد.

وفيما يخص سوء الخدمات الطبية ونقص الأدوية في مستشفيات العراق، بين العبيدي أن الفساد المالي في وزارة الصحة وفي صفقات استيراد الأدوية وفي إحالات الوزارة لشركات التنظيف في المستشفيات يهدر غالبية التخصيصات المالية لوزارة الصحة.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن مبلغ مليار دولار مخصص لوزارة الصحة لعامي 2016 و2017 لشراء أدوية الأمراض المزمنة ولوازم التخدير ذهب هباء دون معرفة مصيره.

لمعرفة تأثيرات الحرب على المحافظات المنكوبة، نجد ان الحرب التي شهدتها محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار منذ عام 2014 احدثت دمارا كبيرا في معظم المرافق والمنشآت الصحية في هذه المحافظات وتسببت بخسارة أكثر من 50 من المنشآت الصحية وفقا لما أدلى به المهندس الاستشاري عمار النائب الذي يعمل في قسم المشاريع في محافظة نينوى في حديثة لجريدة البصائر .

وأشار النائب إلى أن 80 من مستشفيات محافظة نينوى دمرت كليا خاصة في مدينة الموصل لافتا إلى أن الموصل شهدت تدمير كل من المستشفى الجمهوري .والمستشفى العام. والالماني والسلام، ومستشفى الموصل العام، والرشيدية، والأورام، والبتول، والقيارة فضلا عن تدمير عشرات المراكز الصحية.

لقد دمرت أكثر من 45 من البنى التحتية لدائرة صحة الانبار نتيجة العمليات العسكرية، كما أكد النائب أن محافظة نينوى لم تشهد عمليات إعادة إعمار تذكر في المنشآت الصحية، واضطر المرضى اللجوء الى المستشفيات التي افتتحت في مواقع مؤقتة بديلة لا تتوفر فيها الخدمات الطبية والشروط الصحية المطلوبه.

 أشار المتحدث باسم مجلس محافظة الأنبار عيد عماش الى تدمير أكثر من 45 من البنى التحتية لدائرة صحة المحافظة نتيجة للعمليات العسكرية ، في مدن الفلوجة والكرمة والرمادي والقائم وبقية المدن، خلال السنوات التي تلت عام 2014 وقد سجلت دائرة صحة الأنبار، تدمير 12 مركزا صحيا كليا، وإلحاق أضرار كبيرة في المستشفيات والمراكز الصحية في مدن الفلوجة والرمادي والقائم فأصبحت غير قابلة للخدمه.

لا يفوتني التأكيد على اعادة وزارة البيئة الى شخصيتها السابقة المستقلة، التي كانت عليها بموجب قانون مشرع منشور في الوقائع الرسمية، فان هذا الاجراء يتيح لوزارة الصحة التخلص من العبء الذي فرض عليها، علما أن الملف البيئي في العراق شهد كوارث بيئية، فعجزت وزارة الصحة المريضة أصلا من تحمل أعباء البيئة الكارثية، التي عصفت في العراق منذ عام 2003.

العدد 100 –كانون الثاني 2020