عن فلسطين وجرح يزداد اتّساعًا

لم تكن فلسطين يومًا قضيةً العرب، ولا كانت فجيعتهم الكبرى.

ولم تكن فلسطين نكبة للعرب، ولا كانت هزيمتهم المجلجلة.

لم تكن فلسطين وجهة العرب، ولا كانت في أروقة محافلهم ولا على منابرها.

ولم تكن فلسطين غصّة خانقة في حناجر العرب، ولا كانت صرختهم المدوّية.

لم تكن فلسطين ملحًا في دمعة العرب، ولا كانت صورةً في حدقاتهم.

ولم تكن فلسطين يومًا في أجندة العرب، ولا في دفاترهم ورسائلهم ومقرراتهم.

لم تكن فلسطين أبدًا قضية العرب ولن تكون، سوى قضية عربية في أفئدة المساكين والبسطاء. لن تكون سوى جرح نازف في وجدان من بقي لديهم مشاعر إنسانية لم تسلبها قسوة الحياة ومآسيها.

لم تعد ثمّة قضية لفلسطين منذ صرّحت جولدا مائير بعد حرق المسجد الأقصى: “لم أنم طوال الليل، كنت خائفة أن يدخل العرب إسرائيل أفواجًا من كل مكان، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي، علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده”.

لم يدخل العرب. لا أفواجًا ولا فرادى. نام العرب. مات العرب. خذل العرب الأقصى وكنيسة المهد والقدس وكل زيتونة في فلسطين.

لم يأبه العرب، لم يذرفوا دمعةً واحدة صادقة، ولم يرموا رصاصة تصيب.

نام العرب. مات العرب. خسئ العرب.

شيّدوا للعار أبراجًا، وشقّوا للعار طرقات. بنوا قصورهم على أنقاض أعظم قضايا العصر.

لم تكن فلسطين يومًا قضية العرب ولن تكون.

لم تكن غزة ندبة على جباههم ولن تكون.

ستصبح غزة يومًا ما شاءت أن تكون، سيغني أطفال غزة يومًا وسيشربون دمعًا نقيًّا،

سيهتفون من خلف أكفانهم، سيلعبون يومًا على عشب طريّ للأرض الجديدة.