فلسطين ملحمة العصر النضالية

الفلسطينيون ان كانوا ضحايا هذاالعصر.. فهم ايضا مفخرته وابطاله

هجمة جديدة يتعرض لها الفلسطينيون ،وهي هجمة مبيته ومضمرة، من حكومة يمينه متطرفة أفرزتها المطامع الصهيونية ،وتطلعاتها التي لم تتوار في اي وقت سابق،ولكنها على الدوام تستثمر الظرف الى مداه ،وتستغل الأحداث الى منتهاها ،وهي تعلم وتدرك أن القوى الأستعمارية التي أنشأتها في الأساس لن تتخلى عنها ،حتى وان عبرت عن عدم رضاها عن بعض السياسات أو ألأجراءات .

هو قدرمكتوب ولا مفر منه، ان يكون شعب فلسطين هو الشعب المختار، لرفع راية النضال عبر عهود وعقود، وأجيال تتوارثها اجيال ،ولا تنطفئ جذوة النضال مهما تعاقبت السنون. هو قدر ومكتوب ،ولا

هرب منه أن تخضب الأرض بالدماء،وان يتساقط الأطفال قبل الشباب،وهم في مهدهم فور ان رأت عيونهم شكل الحياة ،حين تتساقط المباني ،وتطبق الحجارة على رؤوس السكان على حين غفلة جراء  قصف مدفعي متواصل ،أوصاروخ لا يرحم طفل اوامرأة  أو شيخ لا يستطيع حراك.هو قدر ومكتوب ،ولا خلاص منه دون دفع الضريبه

المفوض السامي لحقوق الانسان فولكر تورك
الاخلاء القسري وهدم المنازل محظور بموجب القانون

المعهوده لتحرير الاوطان ،وهي النضال حتى الأستشهاد ،في زمن توارت فيه الأنسانيه ،ولم تزد عن كونها ادعاءات للأعلام وللتجارة بالمبادئ، وشعارات تطلق في الهواء .هو قدر ومكتوب ، ولا فكاك منه دون ان تتعادل موازين القوة ،بعد ان تخازلت معايير واحكام العدل ،ودون ان تصل القناعات ودون خداع للنفس الى (أن ماأخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة).وهي عبارة أطلقها عبدالناصر بعد ممارسات المفاوضات  وتجربة الحلول الدبلوماسية وباءت دائما بالفشل ،وقد أطلقها ورحل بعد ان أصبحت جزءا من ارثه النضالي ،ووصية يتفهمها الأحرار في كل مكان.هو قدر ومكتوب،ولا نهاية له دون يقين الفلسطينيين،أنهم بالضرورة،وليس حصرا بالأختيار، انهم القاطرة الأساسية في مسيرة النضال،بعيدا عن التمني وسحر واوهام الخيال ، فالنضال لن ترتكز قواعده الا عبروحدتهم ،والسلاح الماضي والحاسم هو وحدة الصف ،اما الايدولوجيات فتلك رفاهية لا تتكافـأ مع قسوة الظرف وطغيان القوة على دعاوي السلام . هو قدر ومكتوب ولا راد له سوى ان يتوارث الأبناء تركات الآباء، وهي رفع رايات الكفاح ضد الاستعمار والأستيطان ،والعمل على استرداد الوطن،والهوية ولا تفريط أو مساومة على الارض التي اغتصبت ،والوعود التي تهاوت. و

الفلسطينيون ليسوا في حاجة الى نصائح او حكم الآخرين . الفلسطينيون اياديهم في النار، وواقعهم هو القتال، وزادهم هو المقاومة لآخر نفس . يولدون في حمم المعارك،ويتنفسون غبار الرصاص ، و حلمهم هو الأستشهاد . ليس لأن شخصياتهم عدمية لا تحب الحياة ،ولا تعشق الأمل ،ولا تترنم بأحلام الشباب ، ولكن لأن الواقع المر، يزيدهم هياما بالحرية ،والظلم البين والقسوة المفرطه في استلاب الوطن ،يجعل جوعهم للحرية و شبقهم للعدل ،مرصوف  لطريق واحد ،ولابديل له او عنه وهو الجهاد حتى الرمق الأخير، فلا طعم للحياة تحت سيوف التسلط الأسرائيلي

الحواره تحترق .. وقرار بحصار نابلس

،والتجبر،والاحتماء وراء اطنان السلاح الذي يتلهون به ،ويستعذبون في حماه عذابات شعب حوصر بقعقعة السلاح ،وارهاب العصابات الصهيونية. لقد تم التدبير والتخطيط ، عبر سياسات دول ،ومؤامرات  أجهزة حيكت على موائد الاستعمار الذي قطع بما لايملك وعدا لمن لا يستحق، وكانت كارثه، وتوالدت من تلك الكارثه ،العديد من الكوارث والماّسي ،ولم تتوقف حتى الآن في استنزاف موارد كل المنطقه ،وقبلها بحور الدماء التي سالت ،وكان في طليعتها الدم الفلسطيني النازف دائما ،كالشلال الذي يتم شحنه وتغذيته حتى لايتوقف ،ولا تسترجع المنطقه بعض عافيتها . شعب فلسطين هو أسطورة المعذبين ،كما هو اسطورة المقاومين .

الفلسطينيون ولياليهم الداميه

هل عادت قصص النكبه في الاربعينات لكي تتكرر على الساحة الفلسطينيه في عام 2023 ،وهل استبدلت مجموعات المستوطنين الحاليين  بالجماعات الصهيونية القديمه التي مثلت بالفلسطينين  ،وهل عادت من جديد شتيرن والأرجون والبالماخ لكي تحاصر العزل من الفلسطينيين وتفرض عليهم الموت والدمار . ان شهود العيان يروون ويحكون قصصا داميه أصبح الفلسطينيون يعيشون تفاصيلها يوما بعد يوم  . وقد نقل بعض الأهالي الى وسائل الاعلام أن اهالي بلدة (حوارة) جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربيه قد عاشوا بالفعل ليال دامية ذكرت الكبار منهم بالمجازر التي ارتكبت في اعوام النكبة في الاربعينات من القرن الماضي . ان الصهاينة لا يعطون اهتماما لأي قانون ،وغطرستهم مستمدة من قوى استعمارية مازالت هي الداعم وهي الراعي للمشروع المنزل  ومن هؤلاء الشهود سيدة مسنه تقول ( عشنا ليال في حالة رعب حقيقيه ولم يكن في البيت سوى سيدات واطفال ،وهوجم منزلنا بضراوة شديدة بين غاز مسيل للدموع  وعشرات المستوطنون يهاجمون المنزل من كل جانب واشعلوا النيران في اجزاء منه ،وتقول اخرى عشنا اكثر من خمس ساعات مابين صراخ وعويل ومناشدات من القصف المتوالي ،وقتل من قتل واصيب من اصيب ، وحوصرت سيارات الاسعاف حتى لا تصل للأغاثة.ويقول شاهد اّخر لقد تم حرق السيارات عبر الشارع واضرام النار في العجلات .يقول غسان، مسؤول ملف الاستيطان شمالي الضفة، إن نحو 300 اعتداء نفذها المستوطنون في بلدات جنوبي نابلس (حوارة بورين، عصيرة القبلية، بيتا، وزعترة)، ما بين اعتداء جسدي، وحرق منازل ومركبات، وعقارات وغيرها. فيما ينتشر جنود الجيش الإسرائيلي في كل مكان، يعتلون أسطح عمارات سكانية، ويتخذون من بعض البيوت نقاطًا عسكرية على طول الشارع العام في بلدة حوارة، الذي يمر عبره مستوطنون. جدير بالذكر

سموتريش وزير الماليه الاسرائيلي
يجب محو بلدة حواره من الوجود
وعلى دولة اسرائيل القيام بذلك وليس افرادا

التعريف ببلدة ( حوارة) حيث قفزت تبعا للاحداث الجارية على ارضها الى تصدر الأخبار من  الصحف الى وكالات الانباءو شاشات التلفزيون. بلدة حوارة يسكنها نحو 7 آلاف نسمة،وتقع على الشارع العام الذي يربط بين محافظتي نابلس ورام الله، ويسلكه الإسرائيليون للوصول إلى مستوطناتهم،وقد خسرت البلدة نحو 80 بالمئة من أراضيها،لصالح المستوطنات الإسرائيلية والشوارع التي تخدم هذه المستوطنات.

مؤتمر العقبه بخصوص فلسطين

اتفق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي في اجتماع العقبة  26 فبراير 2023   بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأردن ومصر على دعم خطوات بناء الثقة لمعالجة القضايا العالقة عبر حوار،اي انه يقع في اطار التفاهمات ،وليست القرارت الملزمة،وكانت النتيجة التباين اللافت بين البيان الختامي للمؤتمر ،وتصريحات المسؤولين في اسرائيل .!

ماذا يقول البيان الختامي  .. وماذا تقول اسرائيل ؟

قال البيان الختامي للاجتماع بأن إسرائيل تلتزم بوقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر، ووقف مناقشة إنشاء أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، كما توصل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي – كما ذكر البيان – الى التزام الطرفين بوقف الاجراءات الأحادية من 3 الى 6 أشهر وأن

الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أكدا التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم، كما جري التأكيد على اهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن  المقدسة في القدس وعلى الوصاية الهاشمية والدور الأردني الخاص في المدينة. واتفق المشاركون في الاجتماع على عقد اجتماع آخر في شرم الشيخ في مارس/آذار المقبل، لتحقيق الأهداف التي تم تحديدها في العقبة،وأشار البيان إلى أن عمّان والقاهرة وواشنطن تعتبر ان هذه التفاهمات تقدما نحو تفعيل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية.

ماذا تقول اسرائيل  ..؟

في المقابل، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن البناء الاستيطاني وتشريع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية سيتواصلان دون أي تغيير، وهو ما أكده رئيس وفد اسرائيل لأجتماع  العقبة وأنه لن يكون هناك تجميد للبناء في المستوطنات ولا قيود على عمليات الجيش في الضفة.

وأكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، أن تل أبيب قالت في اجتماع العقبة إنه لن يكون هناك تغيير في التصريح السابق الخاص بـ9 مواقع استيطانية و9500 وحدة سكنية في الضفة الغربية

ممثلوا الاتحاد الاوروبي في زياره لمنطقة نابلس

،وأضاف بعد اجتماع العقبه أنه لن يوافق على تجميد النشاط. وبدوره

 قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير( إن ما حدث في الأردن يبقى في الأردن) اي لا شأن لنا به،ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي أن الأطراف باجتماع العقبة ستشكل لجنة لفحص

استئناف التنسيق الأمني الإسرائيلي الفلسطيني. والواضح ان ذلك كان الهدف الرئيسي الذي تتطلع اليه الولايات المتحدة الامريكيه ،بصرف النظر عن كل التصريحات ،ولكن لماذا تريد أمريكا ذلك ..؟ انها ليست امريكا فقط ، ولكن ما يطلق عليه الحلف الغربي الماّزر للولايات المتحده ،ومن ثم أوكرانيا

السباق الأمريكي والأوروبي للتهدئة

زيارة وزير الخارجيه الامريكي بلينكن الى المنطقه وحضوره مؤتمر العقبه ، وكذلك تشكيل وفد من الاتحاد الاوروبي لزيارة الاراضي الفلسطينيه وخصوصا مناطق العدوان الاسرائيلي نابلس والحوارة لا تأتي من اهتمام خاص بالقضية الفلسطينيه ،وكذلك دعوات بعض اعضاء الوفد الى محاسبة المسؤولين الاسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم ضد المواطنين الفلسطينين لا تأتي من صحوة ضمير، وانما لهدف سياسي محض ،وهو احتواء مايجري في المنطقة بشكل عام ،حتى لا يصل الى نقطة الأنفجار،بينما المعسكر الغربي مستغرق حتى قمة رأسه في القضية الأوكرانية ، ومواجهة روسيا والصين ،وتلك هي القضية الرئيسية امام الغرب .اما كل التصريحات التي تبدي تعاطفها مع المجنى عليهم من ضحايا العدوان الاسرائيلي ،فكلها تجرى ،دون افق سياسي حقيقي، ودون حساب يتطلب عقوبات،وكلها مظاهر تمرس بحضورها العقل العربي   ،بل وحتى شعار حل الدولتين ،الذي يجري صكه بين فترة واخري ،وفق تصاعد الأحداث في الأرض المحتله ،فهىو شعار يتناقض البته مع كل مواقف الولايات المتحدة الأمريكيه ،وخصوصا موقفها من قضايا الأستيطان والتهجيروالقدس . الجانب الآخر ان الحكومة الحالية في اسرائيل ،هى حكومة تحدي ،وتعصب،ودعوات صريحة بالعنف سواء في نمو الاستيطان ،او مؤازرة المستوطنين ،او اقتحام المسجد الأقصى ،وليس هناك رادع لها من تلك القوى سوى تصريحات مكررة ومحفوظه ،ولكن ليس لها على الأرض أي عمق سياسي .

الشيئ المذهل ،اننا نجد مجلس حقوق الانسان في جنيف قد استيقظ من سباته العميق فجأة وعقد جلساته ،وخرج المفوض السامي لحقوق الانسان ليعلن في بيانه كلمات تطرب حقا من يتنسمون كلمة حق في تاريخ الصراع الاسرائيلي العربي ،ويعلن ( ان قوات الأمن قد استخدمت القوة المميته ضد الفلسطينيين ،ويطالب بأن تتخد اجراءات المحاسبة لكل من ارتكب جرما ،وتسوية كل المشاكل المعلقة وانهاء حصار غزة ). وتتضح بذلك كل عوامل اللفتة لأحتواء مايجري على الساحة الفلسطينيه ،حتى لا تطرأ تطورات تعيق اي تحرك نحو روسيا أو الصين أو حتى ايران ،وكلها قنابل موقوته يمكن ان يشكل انفجارها تطورات تحمل تأثيراتها في المواجهه الاهم لأمريكا واوربا على حد سواء .

ان الامين العام للأمم المتحده انطونيو غوتيريش يصرح في حديثه لقناة الجزيرة ردا على سؤال لماذا لا تفرض عقوبات على الدول المخالفه للقوانين ،وكان يقصد بالطبع الممارسات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينيه ،وقد ادانتها منظمة حقوق الانسان فقال ان الأمم المتحده بلا مخالب وان توفرت المخالب ،فليست هناك ارادة ) وهذا في النهاية هو بيت القصيد ،بل هو رهان اسرائيل في كل ممارساتها العدوانية ،فلن تتوفر للمجتمع الدولي الارادة لفعل ذلك  ،ونحن نعرف السبب وهواستخدام الفيتو الامريكي ان صدرت قرارات ضد اسرائيل ،وان كان هناك من يسأل ولماذا تفعل امريكا ذلك فالجواب للتذكرة فقط ( لأن اسرائيل ليست سوى قاعده عسكريه للولايات المتحدة الأمريكيه خصوصا وللمعسكر الاستعماري عموما.ولقد نشأت اسرائيل بلقاء المصالح الأستعماريه بالحلم الصهيوني.

لكن

ان التاريخ هو المعلم ،وقد قال لنا هذا المعلم، ان الشعوب لاتعرف المستحيل ،وليست هناك قوة على الارض يمكن ان تسقط العدل الى الابد ،أو ان تحول الانسان بطموحاته وقدراته الى حيوان اليف ينصاع ويهاود ولا يملك اي ارادة ،ولقد كانت الأوطان دائما هي المقابر لكل الغزاة والمحتلين ،وشعب فلسطين لم يهدأ أبدا أو يستكين . انه ينفجر كالبراكين الصاعقة ،وكالشلالت الهادرة ،والدليل ان اسرائيل بكل قدرات من يحمونها ،لم تستقر حتى الآن ،ولم تهدأ حتى الآن رغم مرور اكثر من سبعين عاما على اعلانها ،مازال سكانها يتملكهم القلق من الحاضر ومن المستقبل ،رغم عنفوان القوة وجبروت من يحمونها . مازالت اسرائيل مصيرا معلقا في الهواء غير قادر على النزول على الارض وحماية نفسه بقدراته  الخاصة . ومازلنا نذكر في حرب عام 1973 لم ينقذها الا التدخل الامريكي والأسطول الجوي الامريكي الذي انقذها من خلا تدفق السلاح،وقرارات الامم المتحده .اسرائيل مازالت ظهرا ينتصب على حائط،ولم تصبح ولن تصبح كيانا يقف حرا على قدميه دون عون أو سند .أما الفلسطينيون فهم ان كانوا ضحايا هذا العصر فهم  أيضا مفخرته بصمودهم  وابطاله باقتحاماتهم .