فيلم “أصحاب ولا أعز”… جدليٌ، استفزازيٌ وحقيقي!

من الرياض – رنا محمد خير الدين

 ضجّت مؤخراً وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بين مؤيد ومعارض أِثر عرض شبكة “نتفلكس” فيلم “أصحاب ولا أعز” لما يطرحه من أفكار جريئة وصريحة ما اعتبره البعض أنه منافٍ للأخلاق ويتعارض مع المعتقدات والمبادئ في المجتمع الشرقي، بينما رأى البعض الآخر من روّاد الأفلام والمخرجين أن العمل صعب، خصيصاً لجهة أنه يجمع أبرز الممثلين اللبنانيين والمصريين.

في جولة سريعة على الإطار العام للفيلم والكاست تجدر الإشارة إلى أن هذا الفيلم من إنتاج “نتفلكس” وهو الأول من

اصحاب ولا أعز… جدلٌ ونقد

هذا النوع في الشرق الأوسط.

الفيلم من أنواع الكوميديا السوداء، درامي وجريء من إخراج وسام سميرة وبطولة منى زكي، إياد نصار، عادل كرم، نادين لبكي، جورج خبّاز، دياموند بو عبود وفؤاد يمين، تأليف فيليبو بولونيا.

الفيلم هو أول إنتاجات شركة “Front Row” في إطار اتفاقية الشراكة التي وقعتها العام الماضي مع “نتفليكس” الأميركية لإنتاج مجموعة من الأفلام العربية. وهو اقتباس من الفيلم الإيطالي “perfetti sconosciuti” أو “Perfect strangers” الذي صدر عام 2016، وحصد جوائز عدة من بينها جائزة ديفيد دي دوناتيلو التي تمنحها “أكاديمية السينمائي الإيطالية” عن فئتي أفضل فيلم وأفضل سيناريو، وصدرت عن الفيلم اقتباسات بلغات عدة قبل العربية.

“لعبة واحدة بتكشف كل الأسرار”

بهذه العبارات روّجت شبكة “نتفليكس” للفيلم الجديد بحيث أثارت اهتمام الجمهور مع عرض أبطال الفيلم وهم نخبة من الممثلين. في التفاصيل، تدور أحداث الفيلم في مكان واحد، على مائدة الطعام في منزل أحد الأصدقاء السبعة الذين اجتمعوا لمراقبة خسوف القمر في تلك الليلة، التي لم يحسب حسبانها! يبدأ الفيلم في جوّ كوميدي خفيف، دون أي تكلّف أو إدعاء، فنجد الممثلين على سجيتهم. فعادل كرم بدور “زياد” ذلك الزوج المهضوم الذي يعشق زوجته “جنى” التي قامت بدورها دياماند بو عبود، ونادين لبكي بأنوثتها وحنكتها الفريدة لعبت دور “مي” والدة “صوفي” وزوجة “وليد سركيس” الذي قام بدوره جورج خبّاز و”مريم” (منى زكي) مدمنة الكحول زوجة “شريف” (إياد نصار).

يقرر هؤلاء الأصدقاء أن يلعبوا لعبة، تجبرهم على عرض أي رسالة نصية أو اتصال على هواتفهم وغيره يردهم أمام الجميع من خلال وضعية مكبّر الصوت أو القراءة الرسائل، في بداية اللعبة، يبد الوضع مضحكاً وسط أجواء من الفكاهة والنكات يتناولها الأصدقاء السبعة بطرافة، إلى أن تبدأ الرسائل بالوصول وتفضح أسرارهم أمام بعضهم،

من عشاء أصدقاء عادي… إلى مصائب

وتؤدي إلى نزاعات، ويركّز الفيلم خلال هذه اللعبة على حجم التأثر والتأثير والسيطرة التي اكتسبته الهواتف الذكية على حياة الناس، حيث تولّت هذه الاختراعات التحكّم في الحياة اليومية، على اعتباره خافي الأسرار كما ورد في الفيلم..

الحكاية، ليست حكاية جديدة، لكن الأفكار وسرديّة المواضيع من خلال تشبيع النصّ  بمفردات رنانة من أجل إثارة البلبلة هي مستجدة على الشرق الأوسط، لكن لا يمكن الاستغراب طالما أن الفيلم من إنتاجات “نتفلكيس” الأصلية، وعليه وجب السؤال هل المجتمع الشرقي بغائب عن الواقع أم يرفضه كإنتاج فنيّ؟

شذوذٌ جنسي، وألفاظ بذيئة!

يطرح الفيلم قضية الشذوذ الجنسي على أنه موجود في المجتمعات ولا يمكن إخفائه واعتباره غير منافٍ للأصول والأخلاق العامة، الأمر الذي أثار غضب المتابعين وحتى العاملين في المجال الفني، إضافة إلى استخدام عبارات بذيئة لكنها، باعتقادي، ليست أكثر ما يستفز الجمهور. على قدر الطرح المبتذل للمثلية، لا أعارض “نتفليكس” في بثّها لأفكارها بطريقة مستفزة على قدر ما أتسأل ما اذا كان الممثلون المشاركين يعرضون هذه الأفكار ويشجّعون المجتمع عن طريق التلقين الفني؟ أم يحقّ طرح الأفكار مهما كانت لخدمة السيناريو؟!

آراء…

تفاوتت الآراء حول الفيلم وتبقى كلها انتقادات غير علمية لأنها لا تقوم على أساس بنّاء في المجال التمثيلي والإخراجي والإنتاجي، بعيداً عن بثّ الأفكار الغربية في مجتمعاتنا لا بد من الثناء على مجهود المخرج الذي استطاع أن يجمع هذه النخبة من الفنانين وإعطاء كلّ منهم حقّه!

إلى ذلك، تزاحمت التعليقات إزاء الفيلم فور عرضه على الشبكة حيث اعتبر البعض أنه منافٍ للأخلاق ولا يعبّر عن المجتمع والواقع الشرقي، حيث اعتبر مصطفى بكري وهو نائب في البرلمان المصري أن هناك فرق بين الحرية الشخصية وبين التوجّه إلى العالم بهكذا أفكار حيث قال: “نتفليكس أنتجت فيلماً يوجّه رسالة مفادها ضرب القيم والثوابت المجتمعية”.

الفنانة اللبنانية إليسا قالت عبر “تويتر”: “مؤسف جداً اللي عم شوفو وإقراه حول “أصحاب ولا أعز”. بعدنا بعاد كتير عن تقبّل الآخر واحترام الناس إذا هيك منفكّر ومنعالج الأمور، أو منقول لازم نتستر عليها، تا نأخر التقبل سنوات ضوئية. تحية احترام عظيمة لكل أبطال الفيلم وخاصة القديرة منى زكي اللي عم تتعرض لأسوأ حملة”.

الفنانة المصرية إلهام شاهين: “فيلم جميل وحقيقي. مشاكل حياتية عادية، في اي لو شخص قال أنه مثلي، دي حرية شخصية. وشخصيات موجودة في حياتنا. والمجتمع العربي في بلاوي أكتر بكتير من اللي موجود في الفيلم”.

نادين لبكي وجورج خبّاز… ثنائي جيد

الفنانة اللبنانية مايا دياب فغرّدت قائلة: “فيلم أصحاب ولا اعز حقيقي ينقل الحقيقة والصورة الحقيقية للمجتمع الذي نعيشه، والسينما كانت ولا زالت وستبقى تمثل الواقع غير هيك ما بتكون سينما”.

الإعلامية المصرية ياسمين محفوظ غرّدت على صفحتها قائلة: “فيلم اصحاب ولا اعز .. كل واحد هيشوفه بمنظوره واللي عايز يفهمه.. انا شوفت ان رسالته الحقيقية تكمن في ان “الموبايل هو عدوك الحقيقي”.. الموبايل اللي في حضنك وعليه كل حياتك وناسك واسرارك .. هو ده عدوك الحقيقي”..

كما علّق الفنان السعودي ناصر القصبي عبر التويتر قائلاً: نتفليكس فاسدة ومفسدة في تبنيها للمثلية، والتنازلات تبدأ بخطوة والمواقف المايعة سترينا أفلامنا العربية والخليجية بالأربعينات والخمسينات من هذا القرن وهي تطفح بهذا الخلل الأخلاقي المشين”.

ثقافة “نتفليكس”

يعدّ منظور “نتفليكس” للإنتاجات الفنية في مجال صناعة الأفلام والمسلسلات قائم على عدّة أساسيات منها؛ التسويق والطلب، الضخامة في العمل من ناحية الأبطال، السعي الدائم للبقاء ضمن أكبر شبكات العالم لعرض الأفلام والمسلسلات على أنواعها، أمّا من حيث المحتوى فهي لا تضمن بالتأكيد حماية مجتمعية وإنسانية ونفسيّة للمشاهدين! وهذا ما لا يدركه المجتمع الشرقي، فمراعاة الأعراف والتقاليد في تقديم المحتوى لا يقوم على ثوابت معيارية أو حتى رقابية، جلّ ما في الأمر أنها تتجه نحو السوق التجاري المفتوح الذي يوليها إمكانيات أكبر في سوق المنافسة اليوم خصيصاً مع تزايد أعداد الشركات التي تحقق إمكانيات في الجودة على الساحة العالمية.

هل الرفض هو الحلّ؟      

يكمن الحلّ في رفض أي محتوى الكتروني عبر بعض التعليمات التي يمكن اتباعها، ما إن أراد المشاهد تأمين حماية مجتمعية ونفسية له ولعائلته:

  • انتقاء العروض: يُعتبر الفلك الالكتروني واسع ومتشعّب، لكنه يتيح إمكانية التحكّم في المشاهدة أو عدمها. بالتالي فإن انتقاء المحتوى بسيط وسهل.
  • تحديد الإعدادات المناسبة: يمكن عبر أي تطبيق اليوم تحديد إعداداته وتعديلها على حسب رغبة المشاهد، ما يقلّل إمكانية التعرض لأي محتوى لا يتطابق مع معاييره الاجتماعية والأخلاقية.
  • الوعي المتواصل: والمقصود بالمتواصل هو المتابعة الدائمة للمستجدادت في جميع النواحي، وذلك للحماية المسبقة من أي إساءات أو مشاكل.
  • وأخيراً، الاختيار الأنسب: بما أن السلطة الضابطة على المواقع الالكترونية غائبة فلا بد من يقوم المشاهد بتحديد اختياراته بما يتناسب مع معاييره الاجتماعية والنفسية للحماية.
    العدد 126 / أذار 2022