أخصائية التغذية ماريبال حرب: الحميّات غير المنتظمة خطيرة ولا تدوم
من بيروت – رنا خير الدين
يتزايد تدريجياً استنزاف قدرة الإنسان الصحيّة، النفسيّة، العصبية والغذائية، ما يتآكل ويسبّب هشاشة في البناء السليم العقلي، العضوي والنفسيّ، ما ينتج عنه حالة من القلق التوتر..وغيرها من العوارض التي قد ينتج عنها اختلال بالتوازن الصحي الإدراكي السليم. يتجه العديد من الناس إلى الأساليب السهلة التي لا تتطلّب جهداً أو وقتاً، والإستغناء عن مفاعل الحياة الصحية بكادرها السهل والبسيط.
وفي لبنان خصيصاً، ثمة استنزاف للبنية الصحية للانسان، ناهيك عن استغلال الموارد البشرية والنفسية مع كلّ ما يحيط من مشاكل وفساد وتلوث، لذلك يتعيّن على المواطن اللبناني خصوصاً، أن يتبع نظاماً حياتياً صحياً سليماً، يضمن له عيشاً أقلّه دون أمراض مع القليل من الراحة.
على أبواب الصيف تتفتح قابلية الجميع بتحسين نظامهم الصحي والغذائي بعد أن فتك الشتاء به، لذا وعلى ضوء ذلك التقت »الحصاد« أخصائية التغذية ماريبال حرب، التي إلى جانب شرحها المكثّف حول النظام الغذائي الفعّال، عرّفتنا على أنواع الوجبات التي يتعين على مرضى السكري والضغط الاعتماد عليها أو تجنّبها. هذا الحوار يشكّل فكرة عامّة حول الصحة والحمية الغذائية الضرورية، نعرض تفاصيله لكم في ما يلي.
»الحصاد«: ما هي الأخطاء الشائعة عند إتباع حمية غذائية مكثفة؟ وما هي حلولها؟
ماريبال حرب: ثمة مشاكل كثيرة في إتباع الحمية غير المنتظمة والتي لا تقوم على دراسة شاملة لمخاطرها، ومنها تلك التي تعرض على وسائل التواصل وهي لا فوائد لها ومدّتها قصيرة، الحلّ الأساسي لذلك هو مراجعة أخصائي التغذية، فليس كل ما يعرض على وسائل التواصل الاجتماعي حول الصحة أو الحمية صحيح ويجب تجربته، بل المراجع العلمية والصحية هي قادرة على تقييم الحمية الصحيحة.
»الحصاد«: ما هي الأطعمة التي تنصحين مرضى السُكرّي بالتركيز عليها؟
ماريبال حرب: على مريض السكري أن يعي أهمية وجود السكر في حياته لصحته، بالكمية المتوازنة والمناسبة مع حالته. لا يقدر مريض السُكرّي أن يعيش بلا فاكهة أو خبز وغيرها من الأطعمة التي عليه متابعتها. هذه الأخطاء شائعة جداً لدى مرضى السُكري، الأمر الذي يؤدي إلى هبوط معدّل السكر في الجسد، وهو الأخطر من ارتفاعه. عليه تناول النشويات بكميات معقولة، وحسب العلاج الذي يخضع له، ما اذا كان العلاج عبر الأدوية أو الأنسولين. وفي حال كان المريض يعالج عبر الأنسولين، فالطبيب وأخصائية التغذية هما من يحدّدا كميّة تناوله للأطعمة التي تحتوي على السكر والنشويات.
أمّا المريض الذي يتناول أدوية السكري على شكل حبوب، عليه، الانتباه لكمية السكر خلال النهار، كمعدل عام حصتين من الفاكهة، وخبز شوفان قمحة كاملة والأهم الابتعاد عن الخبز الأبيض، فالشوفان سريع الهضم والجسم يمتصّ منه السكر رويداً رويداً. الانتباه على الكميّة ضروري، ففي حال وجود الخبز والأرز والبطاطا، يُفضل اختيار نوع واحد من النشويات لتناوله وكذلك الأمر للمعكرونة. أما الحبوب، أيضاً عليه الانتباه على كمية تناوله لها، فهي تحتوي على كميّة من النشويات ليست فقط مليئة بالبروتينات.
يمكن لمريض السكري التركيز على البروتينات والخضار والدهون الجيدة كالموجودة في الأفوكا، الجوز، اللوز والسمسم، هذه الأطعمة مفيدة جداً لمرضى السكري. والأهم من ذلك أن لا يؤجل جرعة الدواء. كما عليه، ممارسة الرياضة الأمر الذي يزيد من نسبة الشفاء ويقلل من كمية الأدوية التي يتناولها.
»الحصاد«: وبالنسبة لمرضى الضغط، ما هي الأطعمة التي عليهم تجنّبها؟
ماريبال حرب: مرض ضغط الدم المرتفع، علاجه الأساسي إيقاف وتخفيض استخدام الملح داخل وخارج المنزل. على مريض الضغط الانتباه إلى أنّ الملح ليس موجوداً فقط في ملح الطعام، بل في العديد من الأطعمة الأخرى نادراً ما ينتبه إليها الفرد، كصلصة البندورة، كافّة أنواع الكبيس والمكدوس، الكشك وغيرهم.
القهوة هي عامل مؤثر لارتفاع الضغط، لذلك يمكنه تناول فنجانين صغيرين خلال النهار، وعدم الإكثار منها يجنبّه الكثير من العوارض. كذلك الأمر بالنسبة إلى الأطعمة المقليّة بسبب كمية الدهون الموجودة فيها، لأنها تزيد ضغط الدم في القلب والشرايين. كما على مريض الضغط
دائماً الاحتفاظ بآلة الضغط في المنزل، وفي حال كان هناك انخفاض في الضغط عليه تناول ثلاث إلى أربع حبّات زيتون، وإن كان ضغط الدم عالياً عليه شرب الماء بوفرة والتواصل مع طبيبه. وتجدر الإشارة إلى أنّ ضغط الدم الطبيعي هو 13 على 7.
»الحصاد«: أخبرينا قليلاً، كيف يمكن المحافظة على الوزن في ظلّ تنوّع المطبخ اللبناني؟
ماريبال حرب: المطبخ اللبناني الشرقي لديه هرم غذائي، الذي يمكن اتباعه والإستفادة منه، لأنه يحتوي على زيت الزيتون والدهون الجيدة للجسم. المطبخ اللبناني غنّي بالحبوب، لكن المشكلة الأساسية اليوم، أن معظم الناس باتوا يبتعدون عن المطبخ اللبناني ويميلوا نحو المطبخ الأميركي أكثر، أي المأكولات الغنيّة بالدهون والدسم، التي تعتمد بشكل أساسي على القلي. أمّا بالنسبة لكيفية تناول الأطعمة وتوزيعها إزاء السفرة اللبنانية، عبر الانتباه للكمية والابتعاد عن الخبز، والاستمتاع بالمطبخ اللبناني الأصيل.
»الحصاد«: ما هي فوائد الأرضي شوكي الصحية؟
ماريبال حرب: منافع الأرضي شوكي عديدة وكثيرة، تحتوي على كمّ هائل من الفيتامينات والفوسفور والبوتسيوم والمانيزيوم والحديد والألياف والبروتينات، الأمر الذي يسهّل عملية الهضم ويخفّف الإكتام.
وظيفته الأساسية، هي تنقية الكبد ويزيد من نشاطه، ومن نشاط المرارة. من المهم جداً للأشخاص الذين يعانون من أمراض في الكبد تناول كميّات لا بأس بها من الأرضي شوكي. كذلك بالنسبة للنساء الحوامل خصوصاً في أول ثلاثة أشهر وذلك لإحتواء الأرضي شوكي على الأسيد الفوليك الذي تحتاجه كل حامل خلال فترات حملها الأولى.
أمّأ بالنسبة للذين يعانون من فقر الدم فعليهم تناول الأرضي شوكي لأنها تزيد من إنتاج خلايا الدم الحمراء في الجسم.
وأوّد أن أتوجّه بنصيحة أخيرة إلى نساء المنازل، عليهن الاحتفاظ بالمياه الصافية بعد سلق الأرضي شوكي واستخدامها كمرقة في اليخنات والأطعمة للإستفادة قدر المستطاع من فيتاميناتها.
»الحصاد«: ما هو النظام الغذائي الذي يجب اعتماده بعد استئصال المرارة؟
ماريبال حرب: عملية المرارة هي من أكثر العمليات الشائعة في لبنان والعالم العربي، لذلك كأخصائي تغذية دائماً ما يسلوننا عن النظام الغذائي السليم بعد هذه العملية خصوصاً اذا ما كانوا يعانوا من ألم في المعدة ونفخة.
أولاً، يجب الابتعاد عن التوتر، لأن التوتر يلخبط عملية الهضم، وزيادة تناول الخضار والفاكهة. ثانياً، يجب تناول الطعام ببطء وترك حوالي 20 في المئة من المعدة فارغ كي يسهّل الهضم ويخفف المشاكل بسبب العملية. ثالثاً الابتعاد عن تناول الدهون في اللحمة والدجاج، أي تناول
الافخاد والجوانح من الدجاج أو اللحمة الدهنية، واستبدال الدهون المشبّعة بالدهون الطبيعية الموجودة في الأفوكا والمكسّرات النيئة، والابتعاد عن البهارات الحارة والقوية، والشوكولاتة.
»الحصاد«: وأخيراً، أخبرينا كيف كانت تجربتك الخاصة مع عالم التغذية؟
ماريبال حرب: تجربتي مع عالم التغذية، كان خاصاً بي منذ الطفولة، هذا العلم هو علم مستمر، في تطور مستمر كأي علم وطبّ. والأهم من ذلك، أنّ رسالة أخصائي التغذية تكون من الناس إلى الناس وخدمتهم الصحيّة، وهذه المسؤولية في اعتماد الأشخاص علينا كي نؤمن له حياة صحية وبنية سليمة، الأمر الذي حفّزني في الدخول والغوص أكثر في عوامل وتغيرات الجسم والبيئة والطبيعة.
كأخصائية التغذية لا أعمل فقط على صحة جسد المريض بل على صحته الفكرية، لأنه من الممكن أن لا تكون المأكولات هي المشكلة، إنّما المشكلة فيزيولوجية بحت، ونساعده بذلك في تخفيض التوتر، والتخلّي عن العادات السيئة عند التوتر، ففي الكثير من الأحيان البعض يأكلون عندما يغضبون، بالتالي يحتاجون إلى توجيه في كيفية إدارة عملية تناول الطعام وتوقيتها. والمهم في هذا الاختصاص هو أنه واسع وشيّق، يؤثر على محيطك بشكل واسع وكبير.