مجلة الحصاد: منارة مشرقة لبناء الحدود بين الثقافات والهويات

ليندا نصار ـ بيروت

إن الحديث عن مجلة الحصاد هو حديث مشحون بانتماء وجداني شكل أفقا آخر لاكتشاف أسئلتي عن الفكر والحياة والإبداع والإنسان بمعناه الفلسفي. فلا ريبة في أن تكون البداية هي بدايات مع كل عدد من أعدادها التي كانت تحمل توقيعا في أجناس صحافية عديدة تمحورت حول الإعلام الثقافي. لهذا أعترف بأنني تلقيت تكوينا مهما في هذه المدرسة التي تتميز برؤية عميقة مهنيا واستشرافيا، ففي الوقت التي كانت هناك منابر تفرض حواجز جمركية على الأسماء الجديدة احتضنت الحصاد بكرمها المعهود أصواتا حائرة ومتباينة آمنت بها لتشكل اليوم رافدا قويا في الإعلام الثقافي العربي من مواقع متعددة، كشفت عنها طبيعة الرؤى الفكرية التي انخرطت فيها منذ عددها الأول ووصولا إلى هذا العدد الماسي أستعيد أسئلة البدايات ومعها تلك النصوص التي أراها اليوم كبيرة في عيني لما تتضمنه من قيم الاعتراف وثقافة الحوار المتجدد بين الأجيال. إن مجلة الحصاد هي منارة مشرقة لبناء الحدود بين الثقافات والهويات كما يتبدى ذلك في كثير من الملفات التي فتحتها من أجل ترسيخ ثقافة الاختلاف وتحصين الثقافات والهويات من ذلك الصراع المتوحش عبر فتح مساحات شاسعة لكل الأراء والحساسيات والتوجهات والإيديولوجيات من دون أن تكون لها أية وصاية. نعم مجلة الحصاد لا تقبل الوصاية من أي أحد، ولا تعرف طريق الرقابة، ولا تؤمن إلا بصوت الحرية المسؤولة التي تحترم أخلاقيات الإعلام.

 لهيئة التحرير اهتمامات كبيرة  وعناية عظيمة بالمجلة شكلت دفعا قويا نحو الاستمرار في التنقيب داخل هوامش الثقافة اللبنانية في مختلف تجلياتها وتعبيراتها الرمزية. أفتخر كوني أنتمي إلى هذا الأفق الإعلامي الحضاري بقلب مفتوح ما دام الأثر لا يزول.

 مجلة الحصاد رمز لقيم الكرم والخير والإبداع والمعرفة وإنسانية الإنسان نحتاجها أكثر من أي وقت مضى لأنها إعلام حر ونزيه.

العدد 100 –كانون الثاني 2020