مريانا آمين.. حضور نسويّ ثائر

دور المرأة.. جذريّ وأساسيّ في هذه المعركه المطلبيَّة

مريانا امين

نسرين الرجب- لبنان

حضرت المرأة اللبنانيّة في ساحات التظاهرات المطلبيّة والانتفاضات الشعبيّة التي انطلقت في لبنان وما زالت مستمرة من تاريخ 17 تشرين الأوّل 2019، ولم يكن حضورها عابرًا كضيفة شرف تلتقط لها المحطّات التلفزيونيّة والصُحف صورًا في وضعيات مختلفة، لتقول للعالم انظروا إلى نسائنا الجميلات الحُرّات! للأسف، في بداية الأحداث تمّ التركيز بكثافة على نماذج لمجموعة من النساء من وجهة نظرٍ ذكوريّة نمطيّة، نساء جميلات الأحداث كحالة جماليَة، نساء يصرخن بوحشيَة ويتفوهن بكلمات غير لائقة ومنها جُمل صار يرددها الأطفال الصغار عن غير دراية وإدراك. تجنّد الإعلام الغير مسؤول لنقل الصورة لتوجّه المتفرّج والمشاهد القابع في بيته إلى متابعة خطاب الشارع الهائج، ومع تقدّم الأيام ودخول الإشاعات وتفكك الأهداف وطمع المتصيّدين، وتشتُت المعارضين، وبطء المساعي الحكوميّة لإحداث تغيير يُرضي الشعب اللبنانيّ مجتمعًا، ظهر نور النساء الحقيقيَات العازمات والمثابرات على إظهار خطاب يليق بمكانة وثقافة المرأة اللبنانيّة المواطِنة، حضور هؤلاء النسوة كان واضحًا في المظاهرات أمام المصرف المركزي وفي ساحات التظاهر في المناطق اللبنانيّة من الشمال إلى الجنوب، صيحاتهن الموزونة المدويّة وخطابهن الموجّه إلى الطبقة السياسيّة الغاشمة وإلى السياسات الحكوميّة الغير متّزنة، ظهرت قوّة النساء في مواقف عديدة لا يتسع لها هذا المقال، وقد أنصف حضورها المشهد.
المناضلة والناشطة الاجتماعيّة مريانا أمين، وهي ابنة الجنوب اللبنانيّ المقاوم، لا تفارق الكوفيّة الفلسطينيّة كتفيَها ولا العلم اللبنانيّ، التي تحرص عليهما في كلّ ساحة للتظاهر، تحمل هذه المرأة في رؤيتها روح النضال وقوّة المحبَة، وكان للحصاد معها هذا الحديث:
حملت الكبرياء منذ الطفولة
تعرّف السيدة مريانا عن نفسها قائلة: »أنا ابنة كفررمان أم المئتين شهيد، هذه الضيعة اللبنانية المناضله المقاومه التي تتعدد فيها الأحزاب والأطياف، والتي حاربت الصهاينه وحاربت الإقطاع، تحدّرت من بيت لأبوين مناضلين فحملت الكبرياء منذ الطفولة، هذه الطفولة التي عشت خلالها جزء من معاناة أطفال الحجاره فحملت قضيتهم أينما حللت، وكوفيَة فلسطين على كتفي؛ ونددت بالصهاينه وكل من يدور في فلكهم أينما وُجدت.
تصف الأستاذة مريانا تجربتها السياسية بأنها: »تجربه عاطفيّة نضاليَة بحته؛ فلا ولن أدخل يوماً في دهاليز السياسة ولا في معمعات السياسيين، فالأسماء لا تعني لي شيئاً إنّما ما يعنيني فقط هو مساعدة الفقراء والفلاحين للحصول على حقوقهم فأنا واحدة من هذه الشريحه المشبّعة بثقافة العمّال والمناضلين«.
تحرُكات داعمة للقضايا الوطنية والإنسانيّة المُحقّة
شاركت الأستاذة مريانا في العديد من التحركات، منها في فرنسا حيث عاشت مرحلة من عمرها: »شاركت في فرنسا بلدي الثاني خلال عشرين عامًا بتحريك الشارع الفرنسي ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان بالتعاون مع المناضلين الفرنسيين والأحرار العرب المقيمين في أوروبا، الذين كانوا بأغلبيتهم من الأحزاب اليساريّة وخاصة الحزب الشيوعي. فكنت أندّد بالاحتلال الصهيوني للشرق، وأندّد في كل مرّة كانت تُقصف فيها غزة أو تُظلم فيها فلسطين من جديد، وشاركت في المظاهرات العمالية الفرنسيه.
وكان لها في بلدها الأم لبنان، مشاركات ومواقف عصماء: »أما في لبنان فشاركت في مؤتمرات ولقاءات ضد التطبيع مع العدو الصهيونيّ، وشاركت في اعتصامات من أجل محاسبة العملاء بهدف دفاعي عن حقوق الأسرى المحررين.
وعن مشاركتها في الحِراك: في أواخر العام الفائت شاركت في الحِراك لأطالب بحقوق الفلاحين والفقراء المعذّبين بسبب الطغمة الفاسده والسياسات الفاسدة.
التسمية من القشور
ما بين من سماها ثورة ومن سماها انتفاضة ومن سماها حِراك، لا تعني التسميات المختلفة لتوصيف الأحداث التي بدأت من 17 تشرين الأوّل شيئا للأستاذة مريانا، فهي ترى: »التسمية ليست مهمه بنظري فهي من القشور، لكن الأهم هو أن نتوحّد ضد الفساد فقط لنوحّد الهدف لأن هناك سلطة توافقت على المحاصَصة، ونهب ثروات الوطن«.
لن نركع لأي خوف
تبدو مريانا مرتاحة في بيئتها الجنوبيّة، كفرمان- النبطيّة، حيث يتظاهر الناس بطمأنينة، وهي التي تنفي عن نفسها صفة الانتماء، والمقربة من جميع الجهات في المنطقة، تقول: »نحن في بلد فيه الديمقراطية والتصرف الحُر رغم كل ما يحصل فلا أحد يطلب ولا أحد يلغي أحد، والساحه مفتوحه للجميع. كمناضلة وصحفيّة واعية أنّه ليس هناك مخاوف من شيء نحن في وطن واحد وكلنا إخوه، نتحاور ونستمع لبعضنا البعض والكل في لبنان يعاني من الفساد. فلمذا يكون هناك مخاوف!
نحن شعب دحرنا أعتى عدو في الشرق ولن نركع لأي خوف، الخوف فقط من أن يجوع اطفالنا.«
الأحداث في المنطقة غير مطمئنة
ترى الأستاذة مريانا أنّ الأحداث في المنطقة غير مطمئنة، – وبحسب تعبيرها- تجري من سيّء الى أسوَء، وعلى رأس هذه المساوئ هو الوضع الاقتصاديّ الذي أنهك الكثير من العائلات والأفراد، من الوضع الاقتصادي السيّء الى حالة المواطنين المزريَة بسبب المصارف وسوء تصرف السياسيين إلى هجرة الشباب التي تجازوت أربعين بالمئة بالنسبه للعام المنصرم وأغلبهم دون الأربعين عامًا، فلبنان خسر الشباب وخسر المال«. وعلى الرّغم من الأوضاع التي لا تدع مجالًا للتفاؤل، إلّا أنّ اليأس لا مكان له في حياة المناضلين: »لن نيأس من المحاولة والاستمرار في الحراك مع الانتباه الشديد لعدم خرق الحِراك لمصالح أجندات خارجية«.
دور المرأة أساسيّ
وعن دور النساء، وإمكانيَة الحديث عن حِراك نسويّ مؤثر في الجنوب، تؤكد على دور المرأة الأساسي والمهم في الحركة المطلبيَة: »فهي نصف المعركه المطلبية لأن المرأه تعاني مع زوجها مناصفة..
والمرأة في الجنوب كان لها دور في الحراك وما زال، فهي متحمسَة دائما للمشاركه في التظاهر وتدافع عن حقوقها بجرأة لأنها هي التي شاركت في تحرير الأرض، وصمدت وناضلت ضد الغُزاة مع والدتها وجدتها !
إذا للمرأة الجنوبية تاريخ في النضال ولن تتوانى عن استغلال أي فرصة أمل للدفاع عن حقوقها بجرأة وعزم«. وهي تؤكد أنّ: »الحَق يُؤخذ ولا يُعطى« ولذا فهي تعتقد أن: »تعزيز وصول المرأة إلى مطالبها هو حق وليس منيّة من أحد وعلى المرأة أن تكافح حتى تنال حقها والحصول على الحق تعرفه هي بنفسها، فتسعى بطرق متعدده لتحقيق ذاتها بذاتها. هناك حقوق مشتركه ولكن ! تبقى بعض الحقوق خاصه بكل امرأه، أنا على قناعة تامه أن يدًا واحده لا تُصفّق، ففي الاتّحاد قوّة دائما، وكلما تضامنت النساء كلما حققنا ما نريده ونبتغيه. وعن رؤيتها للمطالب التي يمكن للنساء تحقيقها في هذه الانتفاضة، تتحدث مريانا عن مساواة المرأه للرجل من حيث تسلّم المراكز الأساسيّة في الدولة، واعتماد مبدأ الكفاءة في التوظيف ولتخوض المرأة امتحانات هي والرجل ولتكن الوظيفة لصاحب الكفاءة فقط، و حق إعطاء الجنسيّة لأطفال المرأة المتزوجّة من غير اللبناني. وإعطاء المرأه حق الأمومة والحضانة لأطفالها وإبطال الأحكام التعسُفيّة بهذا الصدد. وغيرها الكثير من المطالب التي تستحقها المرأه، فدور المرأة هو جذري وأساسي في هذه المعركه المطلبيّة«.
على كل فرد أن يقوم بواجباته تجاه وطنه
وعن توصياتها وأفكارها عن الأحداث الراهنة التي تمر بها البلاد، وكيفية التعامل معها : »توصياتي للمرأة بأن تعمل جاهدة للحصول على حقوقها، وتنخرط في المجتمع لتشارك في جميع الميادين. وأن تعيش كإنسانه اجتماعيّة غير منزوية في قوقعة، وأن تضع أُفقًا لأهدافها من أجل تحقيقها.
ثانيًا أتمنى لكل اللبنانيين أن تتحقق مطالبهم التي نسعى إليها جميعا بجميع مشاربنا وأطيافنا وأحزابنا حتى تصبح بلادنا في مصافي الدول الراقيَة المتطوره التي تتحقق فيها الحقوق ويعيش الإنسان بكرامة.
وأيضا، كي يقوم كل فرد في هذا الوطن بواجباته على أكمل وجه.

01
مريانا امين