يوم الرجل العالمي

ريما كركي

لا أعرف لماذا نختار في عالمنا العربي ان نتطرف عاطفيا في اي موضوع نحارب لأجله، لدرجة اننا احيانا نظلم الاخضر في حربنا على اليابس، فنخلق عناوين وشعارات لأيام معينة او لنضال معين بحيث لا نعود نميّز من هو عدونا أو بالاحرى »ما« هو عدونا. فقد حرصنا نحن النساء ولشدة ما قلوبنا مليانة احيانا، ان يكون لنا »يوم المرأة العالمي« و»يوم المرأة العربية« وأيام أخرى خاصة بـ»حقوق المرأة«، ونسينا أن الكثير مما قطفناه وما حصلنا عليه من حقوق كان خلفه رجل متفهم، رجل حاضن، ورجل حاضر للحرب معنا على »الموروثات البالية« التي تعيق تقدمنا معا. لذلك من واجبنا ان نعترف علنا بحاجتنا وتقديرنا للرجل المختلف، الذي لا يعتبر ان »حرب الحقوق« هذه هي ضده وانما قد يكون هو ايضا ضحية التقاليد وأسير التصرف المتوقع منه والمتوجب عليه الالتزام به ارضاء لبعض»الموروثات البالية«، وتماشيا مع »التصرفات المعهودة« لبني جنسه.

أوليس »عالميا« ذلك الرجل الذي يتهمه آخرون رجالا كانوا أم نساء بأنه »زوج الست«، اذا ما عامل زوجته بـ»عدل«، كان يساعدها في المنزل ولا يعترض على خروجها ودخولها، ويشجع تقدمها، ويهتم لآرائها ويفخر بانجازاتها، و»بيعمل حساب« لمواقفها ولأي قرار يخص حياتهما كشريكين، ولا يحل ويربط لوحده ويرفض »تبعيتها«؟.

أوليس »عالميا ذلك الذي لا يكترث لوشوشات »المعقدين«، بل ينظر إلى المواضيع بإيجابية، وانفتاح، ويعمل يوميا لكسب المزيد من حب المرأة له، بحيث يشعرها انها من اهم عوامل نجاحه من اهم اسباب حبه للحياة؟

أوليس »عالميا« ذاك الأب الذي يدفع بابنته الى الأمام، ويناقش معها كل هواجسها و»تغيراتها«، ويفسح لها المجال للسؤال وللتعبير عن كل ما يُحيرها تجاه الجنس الاخر؟ أو ذاك الأب الذي يحمل ابنته مسؤولية إخوانها »الشبان« والحاجة لردعهم أحيانا أو تشجيعهم على التصرف الحسن، تماما كما يطلب منهم ان يحنوا عليها… وليس اعتماد الأدوار مقلوبة فقط بحكم »العادات والأصول«.

أوليس »عاليا« ذاك الأخ الذي يحترم خيارات »أخته الناضجة«، ويعتبر ان ما يحق له يحق لها ايضا، وانها قادرة بمفردها وبتشجيعه على حماية نفسها من دون تهديد أو خوف قد يدفعانها إلى السوء أو إلى الإرتماء في احضان المُغرضين؟

أوليس »عالميا« ذاك المدير أو الأستاذ الذي يحترم موظفاته ويحميهن من أي اعتداء أو تحرض او ضغط، ويساعدهن على ارتقاء أعلى المناصب من دون عُقد التفرقة والتصنيف المُسبق، أو من دون رسم حدود للمقعد المسموح أن تحققه تاء التأنيث، أو من دون حاجتهن لتقديم »خدمات خاصة«؟

أوليس »عالميا« ذاك الإبن الذي يتكلم بفخر عن انتمائه الى أمه وأخواله كما انتماؤه إلى أبيه وأعمامه، والذي يشهد لها بكل انجازاتها وخصوصا تلك التي لا تنحصر فقط في المطبخ؟

أوليس »عالميا« ذاك الزميل الذي يطلب استشارة من زميلته، ويعاملها على أنه مدرك تماما قيمة عقلها وحاجته لأن يستفيد منه أيضا؟

أوليس »عالميا« ذاك الصديق الذي يسدي النصائح لصديقته، ويعرف أسرارها من دون أن يسيء الظن بها، بل يُقدر انها تميزه وتعتبره »بيرها العميق«؟

أوليس »عالميا« ذاك الحبيب او العاشق الذي يغرق أكثر فأكثر في الهوى والإحترام، كلما قدّمت له حبيبته أكثر، بدلا من أن يبتعد أو يستكثر نفسه عليها او يُشعرها بأنها باتت »رخيصة«؟

أوليس »عالميا« ذاك القائد أو السياسي وأذكر العربي الذي يدفع المرأة إلى الصفوف الأولى، ويشجعها على منافسته، ويثق بقدرتها على القيادة تماما كثقته بنفسه، ويكون جاهزا لتنفيذ أوامرها فيما لو فازت بمقعده؟

أوليس »عالميا« ذاك الرجل الذي يدرك انه يحمي المرأة بقوته وحضوره، تماما كما تحميه هي بنصائحها وذكائها وعاطفتها؟

هؤلاء الرجال القدوة في مجتمعات ذكورية، معقدة وصعبة كتلك التي نعيش فيها، يستحقون منا نحن النساء في »احتفالاتنا وشعاراتنا ونضالاتنا« أن نخصص لهم مساحات من التقدير، قد لا يكون »اليوم العالمي للرجل«… إنما يوم »الرجل العالمي«.