غياب نوال السعداوي – راوية عذابات النساء

عبيدو باشا

حين وجدت نوال السعداوي خصلات شعرها على مكواة جارتها ، قفزت من صور الطفولة إلى مطاحن الحياة . لا موقع للمرأة على شاشات العالم . هال الفتاة ، أن تجد غبار الطاقات المركونة بالصناديق وفي الخزائن وعلى الأرصفة تطير في حركة لا تعاكس إلا رواية المرأة روايتها . مذاك ، اندفعت السعداوي المولودة بالعام ١٩٣١ إلى اكتشاف لحظاتها العالية، بكتابة سيرتها الذاتية في سير نساء بلدتها كفرطحلة في محافظة الدقهلية ، ثم في سير نساء العالم العربي ، ثم في سير نساء العالم . ذلك أن الفتاة المطحونة بأفكار الزواج المبكر من والديها ، حيث حاولوا تزويجها وهي لا تزال بالعاشرة من العمر ، لم تشارك جلسات الشاي مع الأهل والأصدقاء بعد أن دُفعت بقوة إلى مطحنة العادات والتقاليد. إذ أنها وجدت الأوضاع ثقيلة عليها أولاً، وعلى فتيات جيلها وعلى الفتيات الأخريات من لم يستطعن أن يواجهن محيطهن العائلي ، على الصعد الإجتماعية والإقتصادية والثقافية . حضور ناقص حضور الفتاة ، حضور مشوه ، يزداد تشوهه من صفحات السيناريوهات الجاهزة ، الأولى، لهذه الفتاة أو تلك . وحين لم تستطع السعداوي أن تحوز صور الطفولة العادية ، غطست بشؤونها وشؤون قريناتها بدون أن تحمل أنبوبة غطس لتلامس الاعماق المناسبة في البحث عن مائها في الماء العام . لنقل أن هذه السيدة لم تجد سوى صورها المتقطعة بالحياة ، وهي تعامل ككركوبة لا كإنسان . تم الهجوم عليها وقلبها لايزال طرياً. هكذا جرى ختانها وهي لا تزال في السادسة . حاصروها بوحشية ، أمها وولادة القرية والجارات ، حيث تم ختانها ( على جري العادة بالقرى والأرياف ومناطق الصعيد

نوال السعداوي

البعيدة ) . تذكرت الحادثة المدوية دوماً، كما لو أنها تتابع فيلماً قديماً يعرض في صندوق فرجة ، يطير أبطاله من نوافذه من فرط الألم لا من فرط الرقة. تركت الحادثة علامة عريضة في حياتها . كما تركت محاولة تزويجها وهي في العاشرة علامة عريضة في حياتها . بعدها اكتشاف أنها فتاة لا صبي، وهي غافلة من الأمر ، بعد أن أمرها والديها بالتوقف عن اللعب مع الصبيان . تلك تجربتها الأولى الكاشفة . أن تحيض ، إذن لم تعد برامجها اليومية هي البرامج القديمة . تجربة حيض الفتاة، موعد حاسم بالشرق . مذاك ، ادركت أن العالم لم يعد عالمها، مذ “وقعت ” بسن البلوغ . ادركت أن علامات رفضها الجسدي تتخطى الجسد إلى تاريخ الجسد. لمَّا أن للجسد تواريخه الفاشلة بالعالم العربي ، المحددة بالخرف والقرف . ندوبها النسائية ندوب النساء المتشابهات لدى الرجال في المجتمعات العربية الذكورية.هذا ما أكدته وما استمرت بتأكيده في سيرتها الذاتية المدونة في “مذكرات طبيبة ” الصادر بالعام ١٩٥٦. سيرة تركت اسنان صاحبتها على جلود الرجال ، من خافوا دوماً من النساء غير المطيعات لهم .

لم ترد نوال السعداوي أن تمتلك الصورة الدارجة للمرأة أمام مراوح الرجال البطيئة . هكذا راحت تحفر طريق المرأة، وهي تحفر طريقها بدون أن تخطفها الأضواء القوية المسلطة عليها بوصفها لم ترد بعد أن تربط مصيرها بمصير السمك النائم في مخادع الأزواج . لن تعود إلى أرض تعرفها ، لن تعود إلى أرض تعوقها . ما دفعها إلى رسم خيالات النهارات والمساءات بالمهارات الخاصة لا بالمصطلحات والإصطلاحات ، ما يدفع المرأة إلى أن لا ترى سوى خفتها في الإنتقال من القسوة إلى المرح ومن الموت بالحياة إلى الحياة بمزاجها لا بمزاج رجال يلحقون المرأة حتى القطرة الأخيرة لكي لا تتكلم أو تتكلم بتردد إذا تكلمت . هكذا لم تعش نوال السعداوي في أمان الاضواء الساطعة وهي تتحسس الظلمات بعالم المرأة . هكذا راحت ترسم خارطتها بالتخطيط والإرتجال على رغباتها ورغبات المرأة ،من يركن العالم انعطافات الخطر على ظهرها بدون إعتراف بالأمر . لم تعد تنام على مسارات الرجال ، من يحرسون دقائق المرأة وهم يقودنها كضحية مبتسمة . الرجل عندها قاتل محترف.سوف تفصح عن ذلك في روايتها الأشهر “إمرأة عند نقطة الصفر ” الصادرة بالعام ١٩٧٥. كل النساء بالرواية هن ضحايا مجتمع ذكوري يمتلك الثروة والسلطة ويسن قوانين الرغبات والعلاقات الإنسانية . وإذ ترجمت الرواية إلى أكثر من أربعين لغة ، كال لها الكثيرون الإتهامات بالإستشراق ، أي بالإنزلاق إلى رغبات الغرب في تقديم المجتمعات الشرقية في معاركها ضد الجاذبية . ولن تصحو الجاذبية هذه إلا من خلال المرأة . اتهمها من اتهمها بالإستشراق أو الإستغراب بالخطف السريع لقضايا المرأة وتقديمها إلى الغرب بصور يحبذها ويشتهيها . أرادوا احراقها بالجذوة. وسواء صح هذا الكلام أو لم يصح ، إن جزءاً من شهرة السعداوي يعود إلى الإشكالية هذه .أو الكلام الجريء على ضرورة إخراج النساء من صورة البطة والواجبات العائلية والرائحة المهزومة والزمن المجدول على إخفائها الدائم وراء الجدران السميكة .

حين وجدت نوال السعداوي أمها تغيب بجوار والدها أدركت أن الغياب يفضح المرأة بدون أن يفضح الرجل . ما دامت الحياة العربية تكمل هزيمة المرأة بخلطها بروائح السجائر وبفترات راحة الرجل ، حيث لا يجد مسرح لعبته إلا فيها . لم تعتبر أن ما تفعله هو بطولة ، قدر ما وجدته واديها بين مدرجين خشبيين من مدرجات الرجال الكثيرة ، من يرتدون بدلات الإنتصار على النساء منذ الولادة . لم تخفي أنها تخوض معركة مفتوحة مع عشاق المرأة من يريدون العودة بها إلى مرحلة ما قبل القطار ، في الخمسين من مؤلفاتها بين القصة والرواية والمسرحية والسيرة الذاتية والمقالة والمؤلفات النقدية والفكرية . خمسون مؤلفاًاستفزت القراء المحافظين وهزت وعيهم ، بحيث لم تسلم لا من الإتهام وحده ، حين تخطته إلى رفع دعاوى ضدها امام المحاكم القضائية . بالأخص مع صدور مسرحية “الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة “و”الحاكم بأمر الله” ( ١٩٨٤). لم يتوقف الأمر على رفع الدعاوى ، حين هددت بالقتل إثر إصدارها ما لا يوجد بالعادة بالمكتبات العربية ، ككتابها”المرأة والجنس” ( ١٩٧٢)وكتابها ” الرجل والجنس “(١٩٧٣).ثم “الأنثى هي الأصل “(١٩٧٤).و”المرأة والمرض النفسي”( ١٩٧٨). و”توأم السلطة والجنس”(١٩٩٩). بالمؤلفات هذه لا شيء سوى مقاربات علمية من موقعها كطبيبة نسائية. مقاربات تتحرك كما تتحرك الآلآم بدون ارتجاف ، لنيل المرأة حقوقها السياسية والإنسانية . شرحت بالمرأة والجنس جسد المرأة علمياً لنقض الأعراف والتقاليد المتعلقة بغشاء البكارة والختان.علاقة بعض الأمراض النفسية بعالم النساء في ” المرأة والمرض النفسي . بكل الأحوال : وقوف المرأة كشاهدة على عالم لا يحفظ إلا الخوف الأول والخوف الأخير من عالم المرأة . الخوف من الموت والخوف من الولادة .

لم تهادن السعداوي وهي تبارز تسليع المرأة وتشييء المرأة معتبرة أن جذر فكرة إضطهاد المرأة تعود إلى النظام الرأسمالي الحديث . أو الرأسمالية الوحشية . ماتدعمه الأنظمة الدينية . إنها مفكرة نسوية بامتياز ، مع التحفظ على هذا التوصيف ، لأن النسوية حاجب كحاجب الذكورية على وجه العالم. تنميط على تنميط ، بدل العمل على تحرير العالم ، كل العالم ، من الأنماط . عندها : بكاء النساء على أحوالهن ، يكشف ظلامهن ويوحده . لأن الجرح واحد ، حين يكفل الجرح الجرح . لن يقدر الكثيرون على اصطيادها . هكذا دافعت عن النساء بكافة مؤلفاتها ، كتابات ضد عبوديتهن، المهم فيها أنها تسقط النساء عن شجر المحرمات ، بدون تولع بهذا الصنف الكتابي أو ذاك ، ما دامت الكتابة تطير على فكرة واحدة : أن جسد المرأة ملكها وأن لا فكاهة بما يحدث لها وهي تنتظر العدل من سيافها . هكذا ، لم يستطع أحد أن يهدم فكرة أنها مفكرة ، حين أن من السهولة هدم فكرة أنها كاتبة مسرحية أو روائية أو قاصة . لأن شباك الكتابة لديها تعلقت بالضرورات الإجتماعية لا بالضرورات ذات البعد الثقافي . وقد تكثفت الأولى بالدفاع عن المرأة ، بغض النظر عن تحقيق حضورها من خلال الأساليب . خالص القول أن أفكارها هي الأهم في مسيرها لا نسب الكتابة إلى المسرح أو الرواية أو القصة . كما حدث في مسرحية ” في سجن النساء ” حيث لم تتبلل المسرحية بالمسرح ولا بشروط الكتابة المسرحية . وهي مسرحية ، خلاصة سجنها بعد اعتقالها في مرحلة سياسية ملتهبة بجمهورية مصر العربية قبيل اغتيال الرئيس أنور السادات ( قدمتها لينا أبيض في بيروت على مسرح الجامعة اللبنانية / الأميركية ). لا أحب أن أقول أنها مضغت الأشكال بهدف ترك الأثر المطلوب في معركة تؤكل فيها اللحوم لا المرق . غير أنها اذ ارادت أن يلحق الرأي العام بجيادها ، تجردت من النظم الفنية والأشكال ، لا لأنها حصرمها. لأنها تقع بالمواقع الخلفية خلف متاريسها وهي تقنص جمهور الرجال بهمومها وبصخبها ، بعد أن عاينت حقائق النساء على الأرض بارتعاشاتها الخالصة. مفكرة بالنساء تصغي إليهن كطبيبة أولاً. وتروي حكاياتهن مطهوة بوجهة نظرها . ما وجده من لم يحبوها، عالقة في طروح الغرب وظنونه بما يتعلق بأزيز الرجل الدائم في حياة المرأة وهو يجتاحها بالأفكار الجاهزة . وجدت في الكلام على المرأة بالقرن العشرين والواحد والعشرين استنساخاً للكلام بالقرون السابقة ، حيث لا اعتدال . حيث الشوارب ترفع الخمار على وجوه النساء بدون حق من الرجال وبدون رغبة من النساء المرهقات من حمل الماء ومن حمل الأفكار المريدة للمشروع الدائم القائم على الظن لا على الواقع ولا على الإعتلال الفعلي . حيث الإعتلال اعتلال محاكاة المجتمع للمرأة، محاكاة الطاووس لنفسه.وقد ربطها مشروعها ذات الألوان الحادة

بالخطاب النسوي بالعالم ، المؤمن بأن الجسد محمل بارث ثقافي قد لايتوافق بالضرورة مع دور حامله . وهي على جري العادة في الحركة النسوية ، ابرزت ما تفكر فيه على صعيد الجماعة من خلال التجربة الفردية ، من معرفة أن التجربة الفردية هي تجربة الجماعة . هكذا يضحي الألم الشخصي هو “الألم” . كما يضحي الصمت على ما يجري والغضب من ما يجري وإدراك ما يجري تجربة جماعية ترسم حدود الفرد في وضع ثقافي مشترك، يمنح القدرة للنساء بطرائق معينة غير متوقعة . هكذا ينكشف السياسي الضمني على اشتراط اتصاله بالبنى الإجتماعية المشركة ( إنها بذلك من مؤيدات ومريدات الفيلسوفة جوديت بتلر ) . هذا من جهة . من جهة أخرى وُجِدت السعداوي بالحركة النسوية العربية المنادية بتحرر جسد المرأة وتفكيك النص الديني المسيطر على الجسد . لأن الجسد ظل موضع التساؤل الدائم ، كرمز للتحرر من السلطة الذكورية بكافة تمثلاتها .

تغليب المصلحة المجتمعية على النص الديني، هذا ما استبسلت وهي تؤسلب أفكارها في صالح تحقيقه . صدام مع النص الديني والتراث . بوصف النص الديني العقد الإجتماعي ومصدر التأصيل الفكري العام . باتخاذه معناه المقدس أو معناه السياسي من زاوية أخرى . بتلازم المعنيين ووقوعهما بالأخدود ذاته .

لا علاقة لحروب الكافيين بما فعلته نوال السعداوي بطرف لسانها ، حتى لا تبدو الإمرأة إمرأة عابرة على سطح الأرض . ثمة وقائع معقدة وعمليات معقدة قادتها إلى انفصالها عن ” الرأي العام “. حيث وجدت بما يحدث انذاراً على السواد الكلي المقبل ، السواد الداهم . وحيث وجدت الرجال يرقصون النساء على سطوحهم المفصولة عن عالم لم يرَ فيها الجسد إلا بدون إحساس وبدون روح . عالم مؤلف من الدين ورجاله والسياسة ورجالها والجنس وشهواته وضحاياه ، ضحايا الإغتصاب والتعنيف وضحايا لهاث الرجل وهو يتلصص على جسد امرأته وكأنه غريب عنها وغريبة عنه . هكذا عادت انزلاق المجتمع في الممرات التقليدية، وهي تواجه شقاء النساء المراوح أمام التقاطعات العديدة بين المحرمات . ثلاث بلا أصدقاء جدد : الدين والجنس والسياسة . ثلاثي يعبر عن عمق الأزمة ويمثلها . ما يقود إلى الغرف السوداء المعروفة . الزواج والطلاق والميراث . سوف يعتبر النظام أن نوال السعداوي سرقت شهقته ذات النشوات المعتقة ، ما قاده إلى مطاردتها ، ثم اعتقالها وسجنها ، ليعتبر السجن علامة خاصة على سجلاتها . وهي لم ترى بالسجن رعباً لا يعرف حدوداً. بالعكس . هناك ،ضمت شفاه السجينات بالزنازين إلى شفاه السجينات بالمنازل . خليط عزز قواها النظرية بخروج التعزيزات من قلب المعايشة المباشرة لا المشاهدة . حين نظرت إلى السجينات ، وجدت نفسها تنظر بالمرآة لترى السجينات ينافسن نساء المنازل المسجونات فيها على الغربة في بلادهن ، بعيداً من الأمان . ثمة متناقضات لا يفهمها عشاق نوال السعداوي وكتبها وكتاباتها ، كأن تتزوج ثلاث مرات وأن تطلق ثلاث مرات ، بعد أن اشتغلت على فكرة خوف النساء من الذكور والذكورة وخوف الشوارع من أحكام هؤلاء . وإذ وجدت بزوجها الأخير شرابها الأثير ، إلا أنها لم تلبث أن طلقته بعد اكتشافها خيانته لها . طلقت السعداوي زوجها الكاتب الشيوعي شريف حتاته من وصفته بالنسوي الوحيد بالعالم العربي، بعد أن اكتشفت خيانته لها ، بعد زواج ٤٣ سنة. وإذ أعادت خيانته لها إلى تعقيدات الشخصية ذات الطابع الأبوي، وجدها الكثيرون أنها لا تعوف أجساد من تهوم بهم، من الذكور من يمسدون على رقاب النساء ليفتحن الطريق امامهم . عين بيضاء على رجال وعين حمراء على رجال ، ردد من لم يأنسوا العيش في مياهها الأقليمية .

امتلكت نوال السعداوي حياتها وقنواتها ، كما امتلكت إيقاعها ، لم تتعب على مدى تسعين عاماً من السباحة وسط الكائنات البرية بأسلوبها الخشن . أسلوب يشبه صاحبته من لم تجلس في العادات والدارج من الأشياء ، حتى من جهة هيئة يرغب الآخرون بنقلها . هكذا ، بدت مهملة لشكلها لا ترش عليه سوى شراستها . لأن السعداوي صاحبة أظافر حفرت مسارات ومواقف لا علاقة لها بالحكمة قدر ما لها علاقة بالأحكام . تذهب وتعود وحين تعود تذهب لتعود . تعود كاللسعة . حتى أنها حين خرجت من السجن بالقناطر بادرت إلى تجذير حركية الدفاع عن حقوق المرأة بتأسيس “جمعية تضامن المرأة العربية” . ولطالما مسحت بكتاباتها ملاحم الرجال في حياة النساء كما لو أنها تمسح بلسانها بقايا العنب الرجالي المسكوب على هواء النساء لا هواهم . يلخص أسلوبها بالمزج بين البحث العلمي والتاريخ والإنتربولوجيا . عندها “الأنثى هي الأصل”( عنوان واحد من مؤلفاتها ) وأنها أكثر قدرة على الذكر وأعلى قيمة . وأن نضالها من أجل الحرية والكرامة والعدالة . وأن اضطهاد المرأة لا يرجع إلى الشرق أو الغرب أو الأديان ، يرجع إلى النظم الأبوية في المجتمع البشري كله ( واحدة من تعارضات خطواتها ، ما أرادت أن تبهر بها الجمهور النسائي ونخب الغرب ). بيد أن التعارض لا يلغي أنها واحدة من رائدات المقاعد الأولى في مواجهة ختان النساء والقهر الجنسي والديني وتقديس العذرية والحجاب. ولو أن النضال النسائي قاد إلى موجة نسوية أخرى هي موجة “النسوية المائعة” ، في جمعيات تديرها نخب وتمولها جهات دولية . نوال السعداوي ضد النظرة المستقرة لكيان المرأة. حين دق قلبها دق لا من الغرام ، دق من المشاهد المرعبة في فيلم بوليسي أبطاله من الرجال من لا يجدون المرأة مغروسة سوى في أسافل أجسادهم . هكذا ومنذ أن ولدت وحتى غابت راحت تردد “أفضل أن أكون مومساً على أن أكون قديسة مخدوعة” ( امرأة عند نقطة الصفر ) . تسعون سنة وأكثر ، ثم صعود إلى حيث الصعود . صعود أخير . سوف يفتقدها العالم في نضالاتها واستعراضاتها ، بعد أن تسنى لها أن تطبع على وجهه قبلة الوداع الأخيرة . هي الغامضة / الواضحة كغابة .#

العدد 116 / ايار 2021