حروف مبعثرةً

تكتبها الشاعرة اللبنانية عايدة حيدر:

عندما أكون أنا… عندما أكونُ أنا.. أحفرُ في الغيمِ إسمي، أنحتُ حضوري في حواسي.

أكبلُ وقتي المضني، أوقظِ أسرابَ أفراحي. أطفىءُ إنتظار عمري، أنقشُ أنفاسي في. تنهيداتِ الرياح.

أُضيءُ الكواكب ليلاً، أُسكنُ النجومَ في أحداقي.ayda haidar

أُنيرُ غموضي أملكُ أغصان المسافات، أكسرُ أقنعة الجراح.

أُهاجرُ إلى الحقول، أعتري السكينه.

ألتحفُ النسمات، أتجاهلُ أحلام المطرِ، أهمسُ في أُذنِ القمر.

أحرقُ صوتَ الحزنِ،  في الطبيعةِ أكتبُ قصائدي

أُسامرُ العشب الأخضر، أتنفسُ شذى الزهور.

أكتنفُ الأرض عشقاً، أُعلنُ امتدادَ فصولي ألاحقُ الفجر إلى دياره، أفّكُّ أصداف الحياةِ، أخفي ملامحي من الشمسِ الحارقة، أحنُّ إلى قبابَ الشوق، ألتقي مع طفولتي.. ومن إدماني لملامحكَ، أُعانقُ إلتآمكَ قلبي.

ومن أجلكَ… أبتكرُ سماءً بلا حدود وبدون»هدىس قلبي وروحي ذاهبانِ إليك.  لبنان —

على الجبين بعينيكَ قرأتُ بعضَ الكلامِ، أفتشُ عن أمورٍ كثيرة. دخلتَ رموشَ العيونِ مرساةً تراقصُ البحر .استقريت في شغافِ القلب. الماء يصرخُ حافياً، أنهكتهُ المسافات. لا حاجةً لبصري على هذا الكوكبِ، وأنتَ تفترشُ سريرَ قلبي، ملتحفاً بحناني. رغيفُ كلماتي تبحثُ في أعماقي عن حطبٍ للتدفئة، علَّ الحزن ينساني، في زمن قلَّ فيه الصدقُ. وفي بحرِ أعماقي إنحرفتُ

 عن مداري، فلكي، وأقماري، آتية إليك أتسامى في لحظةِ طهرٍ، أنسجُ في وجدانكَ ذكرى جميلة. فؤادي ينبضُ مع دمعكَ وفي حرائقِ شجوني، كل من يراني، يعرفني، مكتوبةً على يديكَ أسطورةً ومرسومة سلاماً على الجبين..

 حروفي… حروفي مبعثرةً بينَ تماثيل البشرِّ وملامحي الخجوله. نعاسٌ يطرقُ باب السهر دون موعدٍ، والعناقاتُ الدافئة ما تزال تسكنُ أحلاماً شارده. حروفي الباقيه نسجت خيوطاً من الفرحِ، لامست شغفي. وأبسط الأشياءِ،تجاهلي لهذياني! وثورةُ رياح المساء عندما تأتيني وتحفرُ  في أجزائي تفاصيلٌ قبلَ كنتُ أجهلها. بدأتُ أنبشُ الترابَ عن حروفي المبعثرة، وألتقطُ معها صوراً، بتُّ أنساها في كنفي دفينة. _وهي ألواني الصاخبة الحمراء_! ورعشات ليلٍ على مخدتي، اختلستُ تلك الوجوه التي أحببتها، ثوبي، وردتي، غطاء طاولتي،مقعدي، شراشفي الجميله،نبيذي  الأحمر المعتّق، زهوتهم أعادت إليَّ الحياة ولن أشفقَ ثانيةً على حروفٍ مبعثرة.

قبلَ أن….

قبلَ أن أعرفكَ كنتُ بريئةً هبلاء. نقاوتي تشبهُ نقاوة السماء. وطهرُ مشاعري معتليةً الفضاء. دخلتَ على جدران قلبي »كالزئبق« تربعتَ على عرشهِ كصخبِ الأشواق.

أسكرتَ جهلي،أرقصتهُ على كأسِ نبضاتكَ، وكلُ شيءٍ فينا تسارعَ إلى اللقاء. من زخمِ هطولِ نبضاتي عزفنا ألحان القبلِ، واحتفلنا بعرسِ الغيوم في السماء. ترانيمُ قصائدي أغرقتني في بحرِ العشقِ، غصتَ في أعماقها، وانزلقتَ بداخلي وبحضني المشتاق. سهرنا، شدني حرماني

 إليك، صدري تأججت أحاسيسه، وسكنني نعاسٌ في أصعبِ لحظاتِ عناق. أنت.. ربيعٌ عقدت زهورهُ في قلبي. وأنتَ نورٌ سماويٌّ غزلتهُ شمسٌ بأجمل وأرقّ الكلمات. ضمني إلى صدرك حبيبي، طوقني بيديك، لا أُريدُ أنّ أكونَ في عشقكَ، بريئةً، ساذجةً هبلاء…