التجارب الشعرية الواعدة في لبنان والممارسات الكتابية

نطلّ في هذا الملفّ على مجموعة من التجارب الشعرية اللبنانية الواعدة، من خلال أسئلة تحاكي أفكارهم وهواجسهم وتبرز قصائدهم.

لماذا تكتب؟ ماذا يعني لك الشعر؟ بمن تأثّرت في تجربتك الكتابية؟

وسنعرض الآراء أدناه بحسب الترتيب الألفبائي:

أنطوان خليل

هربتُ مِرارًا من سؤالٍ أهابُهُ، فيه من الصُّعوبة ما يجرحُ التّفكير:  “لماذا تكتب؟”
أكتبُ لأتنفّس، لأُدرِك ما تُدرِكُه الكتابة وحدها، لأُدركَني. أكتبُ كي أُريحَني من ضجيج العالَم، وأحيانًا لأُريحَني من صمتي. أكتبُ حتّى أشتهي الغد، أشتهي الأفكار الآتية، أشتهي وُجودي الحتميّ الّذي أشعر به ولكنّني انتظره يوميًّا. لا أكتب إلّا لِأُضحِك الحزن ولِأُبَرِّح الفرح، لِأُبعثر أيَّ تنميطٍ هاهُنا. أكتبُني لِيُصيغَني الفكرُ صوتًا راسخًا في بال الكون…
أكتبُ، لأنّني أخافُ ما قد أكونُهُ إن لم أكتب.
أزعم أنّ الشعر راحتي وضحكتي وسبيلٌ لجوائزَ قَيِّمة نِلتُها، ولِوقفات مِنبريّة تَستقي هتافات وتصفيقات… لكنّه جُرحي النّازف يوميًّا، يشفيني مِنّي، فلا يلبث أن يشفي نفسَه، ثمّ يجرح نفسَه… هكذا يتكرّر السّيناريو الصّاخب دائمًا أبدًا كطفلٍ يُغامرُ داخلَ حُفرةٍ قد لا تكاد تَسَعه، في حين أنّه يُهملُ أفلاكًا وأكوانًا ودُنًى تدور حولها.

antoine khalil

منذ صِغري بدأتُ أُبعثرني وأصطادُني داخل تلك الحفرة. لِمَ كبرتُ بِسرعةٍ؟ ألستَ المسؤول يا شعر؟ ما أهديتني سوى نضوج وطريقة تفكير وأسئلة ومحاولات في الكتابة كانت كفيلة بإضافة  سنوات مريرة إلى عُمري كلَّ سنة. وفيًّا كنتَ لي منذ لقائنا الأوّل، أخبَرْتَني أنّ طريقي ستكون وعرة ولكن حافلة بنجاحات وجوائز. وفيت بكلامك. ولكن تمهّل، كلّما اقتربتُ من الشّاعر الّذي يبيت فيّ، أدركتُ أنّ المشوار أبعد بكثير ممّا تراءى لي في كلّ بارحةٍ.
لا شكّ في أنّ أيَّ شاعر يتأثّر، خلال مشواره الكتابيّ، في شُعراء تركوا بصمةً بيضاءَ راسخة، ولكن طبعًا هذا التّأثّر يتبلور في التّعرّف إلى أسلوب الشّاعر، وطريقة نسج أفكاره، وفهم نظرته إلى العالم وخباياه، والتّمعّن في الأسئلة الّتي يتركها لك كي تحاول نسج بعض القصائد، من دون أن تغرق في محبرته، أو تحمل قلمَه وتكتب، أو تسرقَ نور أفكارك من وهج النّجمة الّتي يهتدي بها إلى الخَلق…
من أبرز الشّعراء الّذين عرفتُ ما هو الشِّعر الحقيقيّ من خلالهم شاعر قريتي حراجل “موسى زغيب” الّذي عرّفَتني زجليّاته وحفلاته إلى الزّجل اللّبنانيّ الأصيل الّذي تركَ في بالِ طفولتي رقصَ الدّفّ ونغم الأوف… ومن رُوّاد الشّعر المحكيّ اللّبنانيّ “ميشال طراد”. تقرأ لغته البسيطة القرويّة المُفعَمة بِصُوَر لامعة مُجدِّدة فتنبهر بالقرية اللّبنانية مرسومة أمامك حبرًا على بياض، وتسمع عناصر الطّبيعة تُغرّد لك بين سطرٍ وآخر…
أمّا “جوزف حرب” فَدهشةٌ ما بعد دهشة، لا أخالُ الكونَ قد استيقظ من غيبوبةِ لامألوفيّته هذه… يُحسن قولَ الكثير في القليل، والقليل في الكثير… هو خير مِثال عن الشّعراء القلائل الّذين يمتلكون المستوى نفسه في الشّعر الفصيح والشّعر المحكيّ اللّبنانيّ.

قصيدة:

كلّ الدّني غْطَيطَا ورمل مشلوح

ضاع النّظَر… ضايع أنا، وَيني؟!

مِدري جْرَجت عَيني وسَقَيتا جْروح،

مِدري الدّمع غَبرا بْقَلب عَيني!

أنطوني طنوس

قبل الشّعر لا كما فيه:

يقول المثل الياباني: “لتعرف من أنت، استمع لصمتك”. هكذا بدأت رحلتي مع الكتابة هوايةً في صفوف الثانويّة، في ثانويّة “الأخطل الصّغير”، حيث التقيت بمعلّمةِ اللغة العربيّة الّتي أصبحت دكتورتي فيما بعد، “مهى الخوري”. في عتمة اللحظات الصعبة، اكتشفت ملاذًا لروحٍ مضطربة تبحث عن معنى لهذه الحياة، فبدأت رحلةٌ، فيها القليل من كلّ شيء والكثير من اللاشيء.

لا شكّ في أن العلاقة بين الإنسان والأنواع الأدبيّة هي علاقة تقاطع مصالح رابحها الوحيد هو النفس البشريّة، من هنا، وبعد قراءتي لروايَتَي “حفلة التفاهة” و “هيّا نشترِ شاعرًا” توصّلت إلى تأكيد بيني وبيني على أنّ الشّعر هو الرّحلة الوحيدة الّتي يمكن الانطلاق من خلالها إلى عوالم لا تعرف الضياع.

في عالمنا اليوم، ومع الصراعات القديمة-الجديدة التي نشهدها، لا بدّ من أن يمثّل الأدب دوره الأساسيّ، وهو أن يشعِر الإنسان بأنّه إنسانٌ، مجدّدًا. تعمّقتُ عبثًا في التّعرّف إلى العبثيّة الّتي نعيش بدورانها المخيف، منتظرًا انقطاع كهرباء من هنا، أو انطفاء شمس من هناك، لكي أجد لُحَيظَةً من السّكون في هذا الكون العجيب، ولم أجده إلّا حين أرغمت أحرفي على التزام الصّمت. وضعت تلك الدّائرة المخيفة فوق أواخر حروف قصيدةٍ جاء عنوانها “لُبْنانْ”

 الشعر هو تلك الشجرة المثمرة الّتي تموت حين تُضرَبُ بالحجارة، وتنمو مع وقوع تلقائيّ لثمارها. الإنسان لا يحتاج إلى الشعر لكي يعبّر عن مشاعره، لأن الشعر ليس الوسيلة، بل الغاية. الشعر هو ذلك الكهف الذي تبحث عنه طيلة حياتك، وفي طريقك إليه تلتقط الأحرف وآهات الأطفال لكي توقد فيه نارًا لا تخمد، في عالمنا هذا؟ لا تخمد.

لذلك أكتب، لأنّني مزيج من أوراق الخريف، وفردٌ في مجتمع مخيف، وسخيف. أكتب لكي أذكّر نفسي دائمًا بأنّني إنسانٌ، من جديد. أكتب لكي أُخْرِجَ كلَّ ما لم أستطع أن أعترف به أمامَ حبيبتي، أمام فوهةِ البركان الغاضب، ولو استطعت أن آخذ شيئًا من هذا العالم معي بعد موتي، فأرجو الله بأن يكون قصيدةً:

لُبْنانْ

بيروتُ من ثوبِ السّماءِ تجرّدي

قد حانَ وقتُ الحزنِ كي تبكي معي

بيروتُ في صمتِ الحياةِ تشرّدي

صيري عجوزًا حُبَّ عمرِهِ يدّعي

فشبابُ عمرِكِ يا حبيبتي غارقٌ

ويدُ الخلاصِ تقطّعتْ في مدمعي

سبعًا غَرِقتِ ولم يَغِبْ معنى الأسى

سبعًا قُتلتِ وها قَتلتِ أصابعي

بيروتُ يا بيروتُ يا صوتَ الوحي

يا شعلةً من ضلعِ ربّكِ إسمعي

أيُّ القصائدِ من بهائكِ إنْ خلتْ

تبقى كصمتِ النهرِ عندَ المنبعِ

ثوري على حبرِ الحياةِ، لمرّةٍ

يكفيكِ نومًا في ذراعِ الخادعِ

أو لا، لتبقَ حبيبتي تهوى الوغى

منها يفوحُ الموتُ دونَ تقطُّعِ

لبنانُ، يا أمَّ الشرائعِ، حالمٌ

يكفيكِ موتًا في السُّباتِ الواسعِ

هيّا انهضي، فأنينُ قلبِكِ لم يزلْ

يمشي على أوتارِ عودِ الواقعِ

وتذكّري، لو جفَّ قلبٌ في الهوى

أبدًا يعودُ بنارِ طفلٍ يافعِ

وستهتفُ الأجيالُ يا أهلَ المدى

“عاشتْ مدينتُنا بموتِ البائعِ”

رالف حداد

كثيرًا ما أحاول التّنقيب في ماضيّ كمن يريد شيئًا لا يعرفه، أو كمن أضاع غرضًا ما. وغالبًا ما تصطدم ذاكرتي بصورة سوداء. فجلّ ما أعرفه أنّ حياتي منقسمة إلى ما قبل السّابع عشر من عمري، وما بعده؛ أي في العام الّذي ناداني فيه الزّجل من مكان بعيد، حيث كنت عبثيًّا، ولامباليًا، وغريبًا يجهل الشّعر تمامًا، فأمسك بيدي وأنقذني من الفراغ.
كانت بدايتي مع خشخشة الدّفوف والغناء المنبريّ الجميل، فأنا ابن هذا الفنّ الرّاقي، متأثّرًا ببطولات زين شعيب (أبو علي) وعمالقة عصر الزّجل الذّهبيّ كموسى زغيب، وطليع حمدان، وغيرهم… فاعتليت المنابر صوتًا ملتزمًا يبحث عن مكان له في ذاكرة المنبر، إلى أن بدأت عيناي تتفتّح شيئًا فشيئًا على الشّعر المحكيّ الخارج عن قواعد الزّجل وأسسه المنبريّة الضّروريّة. فعرفت يوسف المسنّ، ثمّ غرقت تدريجيًّا في القصيدة المحكيّة مع جوزف حرب وغيره من قامات المحكيّة اللّبنانيّة وآبائها، أمثال ميشال طراد، وسعيد عقل، وموريس عوّاد، وعصام العبدالله، وغيرهم… فخطفتني المحكيّة إلى عالمها الرّقيق والجديد والمختلف. كما أنّني حزت على جائزة عصام العبدالله للشّعر المحكيّ في دورتها الثّالثة عام 2021… بالإضافة إلى كتابتي الشّعر العربيّ بشكليه: الكلاسيكيّ والحديث (قصيدة التّفعيلة)، وكانت يد جوزف حرب هي الّتي دفعتني إلى الشّعر العربيّ، على الرّغم من أنّنا لم نلتق أبدًا. فكتبت بعض القصائد بالعربيّة على الرّغم من قناعتي التّامّة بأهمّيّة اللّغة اللّبنانيّة الّتي أسعى بدوري إلى التّبشير بها مكمّلًا مشاريع من سبقوني.
ووجدتني أكتب طرحًا لأسئلة لا جواب لها، ومحاولًا بطريقة ما إثبات وجودي على هذه الأرض، على اعتبار أنّني أكتب، إذًا أنا موجود. والكتابة، عمومًا، كما القراءة، مقاومة ضدّ الموت، فأراني أتحدّاه بالحبر الخارج من صمت عميق، وقلق زمكانيّ يرافقني دائمًا… فهذه الـ”لماذات” لا تعرف طريقًا للخروج سوى الشّعر، وما إن خرجت واستلقت على ورقة، تعود مجدّدًا إليّ، بشكل دائريّ يشبه دورة الحياة.
والشّعر عندي خشبة خلاص، وسلاح يهزم رتابة الحياة، ومرض لا شفاء منه. يخيفني صمته الطّويل، ويشعرني لقاؤه بحمل ثقيل يُدعى المسؤوليّة. هو ليس سوى مغامرةٍ ضبابيّة سأحاول في خضمّها أن أُسكن صوتي في كلّ الأشياء. وما عليّ سوى السّير في حقل الألغام هذا، على أمل رسم بصمة ما في هذا العالم الغريب، تاركًا الحكمة الأخيرة للزّمن.

قصيدة:

الصَّوتْ وِجُّو بْعِيدْ

حَامِلْ عَ ضَهْرِي مْبَارْحِي وْمَاشِي

بْكَرْم الوَقِتْ عَمْ قَطِّف مْوَاعِيدْ.

وْدَرْب العَتِمْ فِي شَوكْ وِغْبَاشِي.

بْشُوفْ نِجْمِي بْفَكِّرَا

رَاحِت تْجِبْلِي العِيدْ،

بْشُوفْ كِلْمِي بْفَكِّرَا

وَاقْعَا مْنِ جْيَابْ الِعْنَاقِيدْ.

وِالصَّوتْ وِجُّو بْعِيدْ…

تَا إِلْحَقُو بَدِّي نْبِيدْ!

وْمَا جِيتْ تَا وَقِّفْ صَبِيعِي عَ البْوَابْ،

جَايِي تَ عَمِّرْ مَمْلَكِي جْدِيدِي…

قِمْت صْلَبِتْ إِيدِي!

كريستي مبارك

  كلّما انحدرَ العالَمُ في غَوْرِ المِحَنِ وتَخَبّطَ في قدرهِ، ازدادَتْ رغبتي في الكتابة. أكتبُ لأشعُرَ بأنّ العالمَ الخارجيَّ ما زال يَحتمِلُني. أكتبُ لأشعرَ بنفسي وهي تتّقدُ إزاءَ خُمودِ العالم. أكتبُ لأرى روحي كما لم أرَها مِن قبلُ، منعكسةً في طيّاتِ الضّاد، متأرجِحَةً بين الشّكِّ واليَقين، مُنبَثقَةً من رَحمِ التّساؤلِ والحيرةِ تارةً، ومن جوهَرِ الأرَقِ والأنينِ طورًا. أفقدُ مشاعري، فأُلفيها مَنظومةً نَظْمًا وجدانيًّا دقيقًا، مغمورَةً بالإيقاع الرّنّان ومستلّةً مِن الأطلال المَنسيّة. أكتب فآبى أن تغدوَ الكتابةُ سهوَ التّطوّرِ وضحيّةَ الخُنوعِ، لأنّها اختارَتْني قبلَ أن أختارَها. آثَرَتِ الجانبَ المُظلِمَ فيّ وآثرتُ سنا فنونِها وتضميناتِها. فهأنذا أطلقُ العنانَ لرغبات ريشتي، ريثما أُلامُ على مشاعري وأُحْسَدُ على أفكاري…

     هو الشّعرُ استطاعَ أن ينشُلَني مِن صُروفِ الدّهرِ ويَحمِلَني إلى حيثُ لا تقرُبُ الفوضى، إلى مكانٍ لا يَطالُه الواقِعُ البَشَرِيُّ. بينَ مقاعدِ المدرسةِ ومقاعدِ الجامعة، ولادةُ ظمأٍ شعريٍّ تستلزمه رعايةٌ شديدة. ما كنتُ لأصدّقَ أنّ حِفظَ القصائدِ التّقليديّة منذ سنّ اليَفَع سوف يكونُ سببَ تعلّقي بالشّعر وأوزانِه. خلال حصص العروض المدرسيّة، زرعتُ بذورَ الاهتمام والمواظبة، إلى أن حصدتها اليوم عشقًا ونجاحًا يحلّقانِ في القمم. مِن كريستي، تلميذة الصّفّ الثّامن الأساسيّ، الّتي وقَفَتْ أمام زملائها ومعلّمتِها وألقَت على مسامعهم قصيدةً للأصمعيّ، إلى كريستي الطّالبة الجامعيّة الّتي أضحَتْ تُلقي قصائدَها الخاصّةَ على منبر الجامعة. من الفتاة الّتي كانت تحاولُ مِرارًا وتكرَارًا أن تنظمَ بيتًا شعريًّا سليمًا وموزونًا، إلى الشّابّة العشرينيّة الّتي تمتنع عن النّوم إنْ لم تنجزْ قصيدتَها.

وهكذا، فالشّعر بالنّسبة إليّ، عبورٌ من أرصفة الخيال إلى عمق اللّامحدوديّة الفكريّة. إنّه شكلٌ من أشكالِ العصيانِ، يجولُ في ذهن الشّاعر فينسجُه حرفًا متمرّدًا على الألم. الشّعرُ الشّعرُ زادٌ لمتذوّقيه ووعدٌ لمُنعِشيه. حقًّا، إنَّه لفضاءٌ وأنا تلك العصفورة الّتي تعشَقُ التّحليق…

    ومَن سوى الشّاعر العبّاسيّ أبي الطّيّب المتنبّي استطاع أن ينالَ أشدّ إعجابي؟ تؤرقُ الأيّامُ مَضجَعي، فتراني أقلّبُ صفحاتِ ديوانِه وأستنشقُ متانةَ شعرهِ وألمسها متضوّعةً من صفحاته. لا شكّ في أنّه الأقرب إلى ذوقي ومخيّلتي الفنّيّة والأنسبُ إلى تجارب حياتي. أنتقي ألفاظَه فأصيِّرها وِشاحَ أيّامي، دقّ شعرُه بابَ فؤادي، فرحّب به قلمي أحرَّ ترحيبٍ…

قصيدة:

ما بين قلبي وعقلي

أضعتُ في الحبّ دربي

أُضيء صمتي وأحيا

حياةَ بؤسٍ وكرْبِ

وفي مَرايا دُموعي

تَزدادُ صبْوَةُ عمري

والجسمُ منّي نَحيلٌ

كريشةٍ في مَهَبِّ

رَبّاه ماذا اعتراني

حتّى ذُلِلْتُ بإثمي

والكأسُ لو أشتَهيها

هَمَّتْ ولمّا تُلَبّي

نزفتُ والدّاء يجري

جريَ الحَسيسِ المُلِمِّ

رجَوْتُ ربّي وهذا

مِن غمْرةِ العمرِ حَسبي