البريكست يهدد المملكة المتحدة بالانقسام ومخاوف من تمزق وحدة التاج الملكي

 محمد قواص

تنطلق بريطانيا في رحلة الخروج من الاتحاد الأوروبي. عاشت لندن زواجا عسيرا مع «أوروبا»، وهي على ما يبدو تتكبد مشقة الطلاق وتتوجس من مفاجآته.

ولئن سبب الاستفتاء البريطاني في حزيران / يونيو الماضي صدمة داخل منظومة الاتحاد مخافة أن تسبب هذه السابقة في انتشار عدوى تهدد وحدة المشروع الأوروبي التاريخي الكبير، تتسبب هذه الصدمة نفسها، يوما بعد يوم، بقلق حقيقي من تداعيات زلزال البريكسيت على وحدة بريطانيا نفسها. فإذا ما ارتفعت أصوات من اسكتلندا تطمح بالانفصال عن التاج الملكي والخروج من المملكة المتحدة، فإن هذه الاحتمال يبدو مغريا لإيرلندا الشمالية التي لطالما «ناضل» قسم منها للانفصال عن بريطانيا والمطالبة بالوحدة مع إيرلندا. الأمر بات عرضة للسجال منذ أن تقدمت رئيسة الوزراء البريطانية رسميا بالوثائق الرسمية للخروج من «أوروبا».

لم تكن تيريزا ماي في حكومة ديفيد كاميرون السابقة من المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي، على الأقل من خلال ما هو معلن رسميا. في المقابل يعتبر العارفون أن المرأة الحديدية الجديدة لبريطانيا اتخذت موقفا معاديا للبريكست عشية الاستفتاء (23 يونيو الماضي) تضامنا مع الحملة التي كان يقودها رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون في هذا المضمار. وقفت ماي، آنذاك، بماكيافيلية حادة عند المفترق الذي يتيح لها بخفّة الارتماء في معسكر الفائزين، أيا كانت طبيعة هذا الفوز وهوية هؤلاء الفائزين.

رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجون
رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجون

كان لماي ما أرادت. لاحظت المرأة النافذة حين كانت وزيرة داخلية في الحكومة السابقة اهتراء ورقة كاميرون، زعيم حزب المحافظين، وسارعت إلى القفز إلى صدارة المشهد حال سقوطه. دافعت ماي برشاقة عن «خيار الشعب البريطاني» وتولّت بحرفية عالية تسلّق بارونات الحزب الحاكم وتبوّء سدة زعامته واحتلال موقع رئاسة الوزراء الذي لم يكن في تلك اللحظة التاريخية الحرجة منصبا مغريا.

أرسلت بريطانيا، شعبا ومجتمعا ومؤسسات حزبية ودستورية واقتصادية، كل الإشارات الضرورية لإفهام الحاكم في بريطانيا أن نتائج الاستفتاء الآيل إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي فتحت جرحا داخل الجسم البريطاني، وأن تلك الأغلبية الخفيفة التي حاز عليها زالنعمس للخروج من زأوروباس جرت في زلحظة تخلّس ساهم في تخصيبها كمّ الأكاذيب التي أوحت للعامة بنهاية زالجنس البريطانيس بسبب الرباط الذي يجمع الجزيرة باليابسة الأوروبية.

احتشدت الصحافة البريطانية بالمقالات والتقارير والتحليلات التي تحذّر البريطانيين من مستقبل مجهول، والمعلوم منه رمادي، إذا لم يكن قاتما، جراء إبحار السفينة البريطانية خارج بحار أوروبا. تولّت المؤشرات الاقتصادية رفع منسوب قلق الأسواق من مغبّة مغادرة الطابع الدولي للشركات التي تستوطن بريطانيا باتجاه الفضاءات التي تحترم قواعد وشروط المعاملات الخارقة لحدود الدول. واحتشدت شوارع بريطانيا مرارا وتكرارا منذ الصبيحة التالية على يوم الاستفتاء بالمسيرات والتظاهرات المعارضة للخروج من زأوروباس، ومازالت تلك الشوارع تعوّل على ضجيجها لـزإنقاذس بريطانيا من خطيئة الصيف الماضي.

لم تكن نتيجة الاستفتاء قرارا يعبّر عما يريده الشعب البريطاني فقط، بل كان تعبيرا عمّا ترومه زالدولة العميقةس في بريطانيا. توفّرت لدى النخبة السياسية كل الأسلحة القانونية التي يمكن استخدامها بسهولة لتجاوز الحدث الجلل، أو التأكد من حصافته وحكمته على الأقل. بات معروفا للعامة قبل المشرّعين أن الاستفتاء بمقاييسه القانونية لا يعدو كونه تمرينا استشاريا لا قوة تشريع تنفيذية له، وأن حكومة لندن بإمكانها زالاستئناسس به دون أن تكون ملزمة بثماره. ثم أن الصدمة التي فاجأت البريطانيين، لا سيما أولئك الذين صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي لجهة استخفافهم بالاقتراع وتداعياته على مستقبل البلاد، كانت كفيلة بالترويج لدعوات خرجت هنا وهناك ولعرائض مليونية تم توقيعها من أجل تنظيم استفتاء آخر حول المسألة يكون متخلّصا من كل الضوضاء الشعبوية المتعجلة التي وسمت الاستفتاء الأول. راح آخرون ينادون بسلطة البرلمان، ليس في تقرير شكل الخروج كما تم لاحقا، بل في تقرير فكرة الخروج والبقاء، طالما أن مجلس العموم هو الجسم السيادي الحقيقي الممثل للشعب البريطاني. ومع ذلك صمّت النخبة السياسية آذانها على نحو يشي بأن المسألة هي قرار مؤسساتي يتجاوز جلبة الخيار الشعبي.

صوّتت بريطانيا ضد نفسها لصالح البريكست. صوتت المدن الكبرى ضد الأرياف، وصوتت بريطانيا الاقتصاد الجديد ضد بريطانيا الاقتصاد التقليدي القديم، وصوّت الجيل الشاب ضد مزاج المتقاعدين، وصوتت اسكتلندا ضد إنكلترا.

وفيما كشف الاستفتاء عن تعدد بريطانيا وانقسامها، استدعى في الوقت عينه حكاية تشكّل العرش البريطاني الموحد ورواية المملكة المتحدة في تربعها فوق أربع دول تآلفت بالسيف حينا وبالرضا والقبول أحيانا أخرى.

تجرّأت لندن بعد عقود من زواجها المثير للجدل مع زأوروباس على البوح بمكنون خبيث: زبريطانيا أولاس. وعليه تطل اسكتلندا التي لطالما عاشت في دواخلها التاريخية وجع الزواج من بريطانيا العظمى: زاسكتلندا أولاس. تسترجع اسكتلندا حنينا إلى ماض غابر حين كانت

تعليق: تيريزا ماي انتقلت برشاقة من معسكر المعارضين إلى معسكر المؤيدين للخروج من «أوروبا».
تعليق: تيريزا ماي انتقلت برشاقة من معسكر المعارضين إلى معسكر المؤيدين للخروج من «أوروبا».

وإنكلترا بمثابة كيانين سياسيين منفصلين حتى يناير 1707 عندما وقّعت بعد مفاوضات طويلة معاهدة الاتحاد التي ولدت معها مملكة بريطانيا العظمى التي تضم أيضا أيرلندا الشمالية وويلز.

تولى كارهو الاتحاد الأوروبي فرض خيارهم على بريطانيا. استخدم المغادرون بزهو حججا حسابية تقارب الاتحاد بعدّة الخسائر والأرباح، وبحجج هوياتية تحاكي عنصرية تبشّر بحماية الأجناس المنقرضة. سها أصحاب الورش الناشطة في بريطانيا كما في دول أوروبية أخرى لاحقا (بتواطؤ أيديولوجي خبيث للثنائي فلاديمير بوتين- دونالد ترامب) عن أن إنشاء زأوروباس غداة الحرب العالمية الثانية مباشرة لم يكن هدفه حسابي الهوى، بل سياسي بامتياز يتوسّل وقف مسلسل الحروب التي لا تنتهي في القارة، وإرساء ثقافة السلم والتعاون داخل مؤسسة دستورية قانونية. غاب عن بال الداعين إلى هدم هذا الصرح العريق، أن لا صمام آخر لمنع اندلاع الحروب وأن زالأنا أولاس آيلة حكما إلى الصدام مع زأناس الآخرين.

تنتعش زاسكتلندا أولاس بانتعاش زبريطانيا أولاس، ومن يقترف خطيئة تفكيك زأوروباس من بريطانيا يجازف باحتمال تفكيك بريطانيا كواحد من أعراض البريكست الجانبية. وفي السجال الذي تثيره الحكومة الاسكتلندية في الدعوة إلى الاستفتاء للخروج من المملكة المتحدة ما قد يثير شهية الأيرلنديين الشماليين على احتمال لطالما سعوا إليه بالدم والنار. المفارقة أن الردح الجاري حاليا بين سيدة لندن تيريزا ماي وسيدة إدنبرة نيكولا ستيرغن يربط جدليا ما بين طلاق لندن وبروكسل وزواج العاصمة الاسكتلندية بالعاصمة الأوروبية. حتى أن توقيت الاستفتاء الذي تقترحه ستيرغن (بين خريف 2018 وربيع 2019) يصادف مرحلة خروج بريطانيا المفترض من زأوروباس.

تدافع ستيرغن عن خيار الاسكتلنديين بالبقاء داخل الاتحاد الأوروبي. صوتوا في استفتاء يونيو الماضي لصالح هذا الخيار بنسبة 62 بالمئة، وأفاقوا في صباح اليوم التالي خارج هذا الاتحاد لأن حوالي 51 بالمئة من البريطانيين ارتأوا عكس ذلك. سيكون هناك جدل كبير بين لندن واسكتلندا يضاف إلى مصاعب تيريزا ماي التي طالبت بشقّ الأنفس الاتحاد الأوروبي بتحضير أوراق الطلاق. تتحصّن ماي خلف درع زرغبة الشعب البريطانيس، وهي ذاهبة في الوقت عينه إلى إنكار حق الشعب الاسكتلندي في التعبير عن إرادته في شأن البقاء أو الخروج داخل أو من تحت العرش البريطاني.

تطل رئيسة وزراء بريطانيا بخطاب شعبوي يعتبر وحدة البلد قدرا نهائيا وليس عقدا بين كيانات يجوز داخله تفعيل بنود العقد بما في ذلك فسخه نهائيا. تقول في ذلك إن خطة إجراء اسكتلندا للاستفتاء الثاني بشأن الاستقلال زمثيرة للانقسامس، ثم تضيف لاحقا أن بريطانيا الموحدة هي زقوة يستحيل وقفهاس.

 ديفيد كاميرون: رئيس الوزراء الذي غامر بمستقبله وخسر رهانه على البقاء في «أوروبا».
ديفيد كاميرون: رئيس الوزراء الذي غامر بمستقبله وخسر رهانه على البقاء في «أوروبا».

لا شيء يستحيل وقفه في علم التاريخ الخاضع هذه الأيام لمزاج الأمم. كان للأسكتلنديين رأي في عام 2014 حين اختاروا البقاء في المملكة المتحدة بنسبة 55 بالمئة، وكان لهم رأي عام 2016 حين اختاروا البقاء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 62 بالمئة، وربما أن رأيا مقبلا قد يعيد رسم مسارات التاريخ البريطاني أو قد يثبت خطوطه، ليس خضوعا للقوة القدرية التي تبشّر بها تيريزا ماي، بل تعويلا على مزاج قد يُبدي نزوعا نحو إنهاء الثابت في التاريخ.

لم تكن نتيجة الاستفتاء قرارا يعبّر عما يريده الشعب البريطاني فقط، بل كان تعبيرا عمّا ترومه زالدولة العميقةس في بريطانيا. توفّرت لدى النخبة السياسية كل الأسلحة القانونية التي يمكن استخدامها بسهولة لتجاوز الحدث الجلل، أو التأكد من حصافته وحكمته على الأقل. بات معروفا للعامة قبل المشرّعين أن الاستفتاء بمقاييسه القانونية لا يعدو كونه تمرينا استشاريا لا قوة تشريع تنفيذية له، وأن حكومة لندن بإمكانها زالاستئناسس به دون أن تكون ملزمة بثماره.

نيكولا ستيرغن: الزعيمة الأسكتلندية التي تتحدى لندن
نيكولا ستيرغن: الزعيمة الأسكتلندية التي تتحدى لندن

الصدمة التي فاجأت البريطانيين، لا سيما أولئك الذين صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي لجهة استخفافهم بالاقتراع وتداعياته على مستقبل البلاد، كانت كفيلة بالترويج لدعوات خرجت هنا وهناك ولعرائض مليونية تم توقيعها من أجل تنظيم استفتاء آخر حول المسألة يكون متخلّصا من كل الضوضاء الشعبوية المتعجلة التي وسمت الاستفتاء الأول.. ومع ذلك صمّت النخبة السياسية آذانها على نحو يشي بأن المسألة هي قرار مؤسساتي يتجاوز جلبة الخيار الشعبي.

تنتعش زاسكتلندا أولاس بانتعاش زبريطانيا أولاس، ومن يقترف خطيئة تفكيك زأوروباس من بريطانيا يجازف باحتمال تفكيك بريطانيا كواحد من أعراض البريكست الجانبية.

في السجال الذي تثيره الحكومة الأسكتلندية في الدعوة إلى الاستفتاء للخروج من المملكة المتحدة ما قد يثير شهية الأيرلنديين الشماليين على احتمال لطالما سعوا إليه بالدم والنار. المفارقة أن الردح الجاري حاليا بين سيدة لندن تيريزا ماي وسيدة إدنبرة نيكولا ستيرغن يربط جدليا ما بين طلاق لندن وبروكسل وزواج العاصمة الأسكتلندية بالعاصمة الأوروبية.

اسكتلندا وأوكرانيا: طموح الاقتراب من «أوروبا»

الآن بعد أن أثير رسمياً خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وصوت البرلمان الإسكتلندي لصالح السعي لإجراء استفتاء ثانٍ، فقد وضحت خطوط المعركة: فالقوميون الإسكتلنديون بقيادة نيكولا ستورغن يقولون لحكومة بريطانيا برئاسة تيريزا ماي، إنهم يفضلون أن يبقوا في الاتحاد الأوروبي أكثر من بقائهم في المملكة المتحدة. ولكن، بعد الفشل في عام 2014، ربما يراهن القوميون الإسكتلنديون الآن على جهد طويل الأجل.

وعلى رغم تفوق النسبة، حسب الاستطلاعات، لصالح البقاء في بريطانيا، فإن الإجابة النهائية لا تزال غير واضحة بالنسبة لإسكتلندا. وأحياناً، تكون الدول مستعدة لقبول قدر خطير من الألم الاقتصادي قصير الأجل من أجل كسب الخيار الحضاري الأبعد. وعلى سبيل المقارنة، فقد كان قرار أوكرانيا في عام 2014 بالتحرك نحو شراكة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، بعيداً عن روسياً، بمثابة قفزة اقتصادية إلى الهاوية. وكما قامرت أوكرانيا من أجل مستقبل أكثر إشراقاً مرتبط بالاتحاد الأوروبي بدلاً من روسيا، يلزم الانفصاليين الإسكتلنديين القول إن النظرة الاقتصادية الأكثر قتامة لمستقبل المملكة المتحدة ما بعد البريكست تؤيد مطالبهم.

 هولاند وميركيل
هولاند وميركيل

وكثيراً ما يُدّعى أن الحالة الاقتصادية بالنسبة للاستقلال الإسكتلندي قد ازدادت سوءاً منذ عام 2014. وكان التصويت السابق للانفصال قد أجري عندما كان سعر النفط يبلغ 90 دولاراً للبرميل، وتوقع دعاة الاستقلال أن الأسعار سترتفع، ما يعزز عائدات إسكتلندا. ولكن أسعار النفط تراجعت بنحو النصف تقريباً، ومن غير المرجح حدوث انتعاش كبير جداً في المدى القريب. وقد قيل أيضاً إن وجود إسكتلندا داخل الاتحاد الأوروبي، وخارج بريطانيا، سيجر صدمة تجارية فورية: 63 بالمئة من صادرات إسكتلندا موجهة إلى بريطانيا. وسيكون من المستحيل بالنسبة لإسكتلندا وهي عضو في الاتحاد الأوروبي الحفاظ على الجنيه الإسترليني كعملة، كما كانت تعتزم في 2014 (على رغم أن الحكومة في لندن قالت لها إن عليها التخلي عن تلك التوقعات). ومن المحتمل أن يتعين عليها اعتماد اليورو، مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها، ولكنها ربما تكون سلبية بالنسبة لقدرتها التنافسية. والجنيه -وهو عملة وجهتها التصديرية الرئيسية- تراجع أيضاً مقابل اليورو منذ تصويت على البريكست.

وهناك أيضاً مسألة العجز المالي بنسبة 10 بالمئة في إسكتلندا، الذي تغطيه الإعانات القادمة من لندن (بلغ عجز الموازنة في بريطانيا 2,9 بالمئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي). والاتحاد الأوروبي ليس بحاجة إلى منتهك آخر لميثاقه المالي الذي يقيد العجز في حدود 3 بالمئةمن الناتج المحلي الإجمالي، والمعارضون لإسكتلندا المستقلة داخل الاتحاد الأوروبي، مثل إسبانيا، لن يترددوا في استخدام هذه الحجة ضد عضويتها (وحتى إسبانيا نفسها لا تتوافق مع قاعدة نسبة 3 بالمئة).

وتبلغ قيمة الإعانات المالية البريطانية لإسكتلندا نحو 12 مليار دولار سنوياً. وتظهر بيانات الحكومة لعام 2015-2016 أن إسكتلندا، التي تضم 8,2 بالمئة من سكان بريطانيا، تقدم 7,9 بالمئة فقط من عائداتها المالية. وفي الوقت نفسه، يزيد نصيب الفرد في إسكتلندا عنه في المناطق الأخرى من بريطانيا، لأن سكانها أكبر سناً وأكثر ريفية.

ويدعم الاتحاد الأوروبي أيضاً بريطانيا. وقد بلغت الإعانات الزراعية التي قدمها الاتحاد في عام 2015 وحده 613 مليون جنيه (762 مليون دولار). ولكن باعتبارها جزءاً من بريطانيا، تعد إسكتلندا مساهمة صافية صغيرة، وليست متلقية صافية لأموال الاتحاد الأوروبي، بحسب البيانات الحكومية.

وكل هذا يعني أن الاستقلال من أجل الحفاظ، أو استعادة عضوية الاتحاد الأوروبي، سيسبب انكماشاً اقتصادياً فورياً، وسنوات من التقشف القسري على الإسكتلنديين.

أما أوكرانيا فهي حالة مختلفة تماماً، فبريطانيا لن تقوم بالتدخل بالقوة في أي جزء من إسكتلندا إذا ما صوتت من أجل الانفصال، ولكن أوكرانيا عانت انكماشاً اقتصادياً بنسبة 6,6 بالمئةفي عام 2014، وازداد سوءاً في 2015 ليبلغ 9,8 بالمئة، وذلك أساساً نتيجة تقلص التجارة مع روسيا، وعدم تحقيق النمو الذي يعوض ذلك من خلال التجارة مع الاتحاد الأوروبي. كما أن إعادة توجيه اقتصاد دولة بأكمله نحو سوق تصدير مختلفة، حتى لو كانت أكبر بكثير من السوق النقدي، تكون له في العادة صدمة قوية.

هل تفقد المملكة المتحدة وحدتها؟
هل تفقد المملكة المتحدة وحدتها؟

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي بجامعة أكسفورد سيمون ورن-لويس إن هذا التحول، على المدى البعيد، سيفيد إسكتلندا: «تخيل جزأين من هذه الجزيرة، أحدهما يستطيع الوصول بسهولة إلى سوق الاتحاد الأوروبي الضخمة والآخر لا يستطيع الوصول. من الواضح أي جزء منهما هو الذي يتوقع أن ينمو بسرعة أكبر». وهذا يشبه كثيراً حجج الوطنيين الأوكرانيين، ومفادها أن النمو التدريجي للتجارة مع الاتحاد الأوروبي وغيره من اقتصادات السوق المتقدمة يكون أكثر صحة على المدى الطويل من التمسك بالسوق الروسية.

زعيم العمال يؤيد وزعيمة المحافظين ترفض استفتاء انفصال أيرلندا الشمالية

يرى زعيم حزب العمال البريطانى جيريمي كوربين  انه يجب إجراء استفتاء على توحيد أيرلندا إذا ما طالب برلمان أيرلندا الشمالية بذلك.

ويشدد كوربين على أنه يجب استمرار حرية الحركة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، الأمر الذى يهدده خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.

وقد فاز حزب زشين فينس المؤيد للانضمام للجمهورية الأيرلندية 27 مقعدا مقابل 28 مقعدا للحزب الديموقراطى الاتحادي المؤيد للبقاء فى بريطانيا، ما يجعل وحدة أيرلندا وأيرلندا الشمالية أقرب من أى وقت مضى، على حد قول الصحيفة البريطانية.

أما بالنسبة لإسكتلندا، فقال كوربين إنه عليها الانتظار لما بعد مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي إذا أرادت عقد استفتاء ثان على الانفصال من بريطانيا ومن ثم الانضمام للاتحاد الأوروبي.

أما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي فقد اعتبرت أنّه زليس من الصوابس إجراء استفتاء على انفصال ايرلندا الشمالية عن بريطانيا، وذلك بعد يوم من دعوة أكبر حزب قومي ايرلندي إلى مثل هذا التصويت زفي أسرع وقت ممكنس.

ودأب حزب شين فين على الدعوة إلى استفتاء على انفصال أيرلندا الشمالية عن بريطانيا واتحادها مع جمهورية أيرلندا منذ أن صوّت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في حزيران الماضي، فيما اختار معظم الناخبين في ايرلندا الشمالية البقاء.

جيريمي كوربين زعيم حزب العمال يؤيد استفتاء ايرلندا الشمالية على الانفصال
جيريمي كوربين زعيم حزب العمال يؤيد استفتاء ايرلندا الشمالية على الانفصال

وقالت ماي للبرلمان: زليس من الصواب إجراء استفتاء على الحدود في هذه المرحلةس، مشيرةً الى أنّ الأحزاب السياسية في ايرلندا الشمالية يجب أن تركز على الاتفاق على ترتيب لتقاسم السلطة لإنقاذ حكومة الاقليم.