توقعات بآفاق أوسع للمغرب مع تسارع تنويع الاقتصاد

عدد الفقراء انخفض من 7.4 ملايين الى 2.8 مليون

لندن: جمال الجزائري:

في ما اعتبر علامة ثقة، أكدت وكالة« ستاندرد آند بورز« للتصنيف الائتماني في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تصنيفاتها للمغرب بالعملات المحلية والأجنبية الطويلة والقصيرة الأجل عند »BBB-/A-3« مع رؤية مستقرة. وتقول الوكالة إنها تتوقع أن تستمر السلطات في السعي لضبط أوضاع الموازنة العامة وإجراء إصلاحات »تعزز النمو« في المغرب. كما تتوقع أن يواصل المغرب تحسين التنويع الاقتصادي من خلال تطوير قطاعات السيارات والطيران والإلكترونيات والطاقة المتجددة.

وقد توقعت »المندوبية السامية للتخطيط« في المغرب )الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء(، أن يسجل الاقتصاد المحلي نموا بنسبة 3.9 بالمائة، خلال الربع الأخير من 2017.

وسجل الاقتصاد المغربي، نموا بنسبة 1 بالمائة خلال الربع الأخير من العام الماضي 2016.

وعزت المندوبية ذلك إلى تحسن النمو بالتطور الذي شهده قطاع الزراعة خلال العام الجاري.

كان البنك المركزي المغربي، توقع الشهر الماضي، نمو الاقتصاد في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 4.3 بالمائة للعام الحالي، و3.1 بالمائة خلال العام المقبل.

وستحافظ القطاعات غير الزراعية على نموها خلال نفس الفترة، أبرزها المعادن الذي يتوقع أن ينمو 15.1 بالمائة خلال الربع الأخير من العام الجاري.

وتوقعت السلطات المغربية ارتفاع الطلب الخارجي بنسبة 5.2 بالمائة، »تستفيد منه الصادرات الصناعية على وجه الخصوص.

وسجلت الصادرات صعودا بنسبة 11 بالمائة، على أساس سنوي، خلال الربع الثالث من العام الجاري، بفضل ارتفاع مبيعات المنتجات الفلاحية والغذائية، إضافة لارتفاع في الواردات بنسبة 2.2 بالمائة على أساس سنوي.

ولم تتجاوز نسبة نمو الاقتصاد المغربي في العام الماضي، حاجز 1.8 بالمائة، وفق أرقام رسمية.

وتعمل الحكومة المغربية، على تقوية اقتصادها المحلي بتعزيز حضورها الخارجي، كبوابة غربية للقارة الأفريقية، لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن الزراعة.

ارتفاع الاستثمار الخارجي وتحويلات المغتربين

صعد عجز التجارة الخارجية للمغرب، بنسبة 2.8 بالمائة على أساس سنوي، خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، إلى 70 مليار درهم )7.4 مليارات دولار(.

وكان العجز في الميزان التجاري المغربي )الفرق بين قيمة الصادرات والواردات(، بلغ 68 مليار درهم )7.2 مليار دولار( في الفترة المناظرة من 2016.

جاء ذلك في تقرير شهري صدر في بداية أكتوبر الماضي عن مكتب الصرف المغربي )المؤسسة المكلفة بإحصاء التبادل التجاري والاقتصادي(.

وارتفع إجمالي قيمة الصادرات المغربية إلى الخارج، بنسبة 7.7 بالمائة على أساس سنوي، إلى 124.2 مليار درهم )13.1 مليار دولار(، خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري.

وبنسبة 6.5 بالمائة، صعدت قيمة واردات المغرب من الخارج إلى 310 مليارات درهم )32.8 مليار دولار( خلال الشهور الثمانية الأولى من 2017.

وبحسب التقرير ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب، بنسبة 29.8 بالمائة، حتى نهاية أغسطس/ آب الماضي، إلى 18 مليار درهم )1.9 مليار دولار(.

وانسحب الارتفاع على تحويلات مغتربي المغرب في الخارج، بنسبة 2.7 بالمائة خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، إلى 44 مليار درهم )4.6 مليار دولار(.

تحدي البطالة ومحاولات بث الروح في قطاعات تشغيلية

وفي صورة عن تحولات الاقتصاد المغربي تبدو المنطقة الصناعية في سلا، بالقرب من العاصمة المغربية الرباط، مثل منطقة أشباح.

وقبل عشرين عاما، كان هناك 75 مصنعا يعمل بها 30 ألف عامل، معظمهم من النساء. واليوم لم يعد بها سوى عدد قليل من المصانع مع قوة عاملة أقل من 5000 موظف. وصارت معظم المصانع القديمة مهجورة أو تحولت إلى مخازن.

ومُنيت هذه الصناعة بضربة قوية بعد انقضاء أجل اتفاقية الألياف المتعددة المعروفة اختصارا باسم )إم. إف. أيه( فى عام 2004.

وكانت هذه الاتفاقية تفرض حصصا تصديرية للمنسوجات والملابس من الدول النامية إلى الدول الغنية. وعندما انقضى أجلها، غمرت الواردات منخفضة التكلفة السوق، وشكلت تحديا للمنسوجات المغربية.

وقال عبد الحي بسة، المدير العام لشركة سومتكس ونائب رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، »هذه الشركات تعيش أزمات كبيرة وتكون مضطرة لتغلق أبوابها وبالتالي تسرح عمالها. مع من تتنافس هذه الشركات؟ تتنافس في سوق كبير هو السوق الداخلي وهو أكبر من السوق الخارجي بالضعف تقريبا، سوق يحتكره مستوردون يشتغلون خارج القانون ويحتكره أيضا مستوردون يستفيدون من دعم من دولهم الأجنبية«.

وقال محمد زائري رئيس الجمعية المغربية لمنتجي ومصدري الزرابي )السجاد( إن المنتجات المقلدة من آسيا تشكل تهديدا لهذه الصناعة.

وأضاف »ما زالت هناك زربية مغربية عليها طلب كبير وهي زربية قبائل بني وراين. يعني أن هناك طلبا خارجيا إلا أن إشكاليتها تكمن في تسويقها. اليوم، الكل ينتج الزربية الوراينية. بدأنا نجد تقليدا لها من طرف عدد من المنتجين للزربية الميكانيكية ومنتجي الزربية اليدوية من آسيا. أصبحوا يقلدون هذه الزربية ويبيعونها باسم الزربية الوراينية«.

وبالرغم من التحديات، لا يزال قطاع النسيج أحد أركان الصناعة المغربية.

ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن هذا القطاع يوظف أكثر من 170 ألف عامل، أو ربع العمالة الصناعية. وبلغت مبيعاتها في عام 2016 نحو 34.2 مليار دينار أي 22? من الصادرات الصناعية.

كما أن القطاع هو رابع أكبر قطاع لتشغيل العمالة.

وهناك بالفعل علامات الانتعاش. فقد ارتفعت صادرات المنسوجات بنسبة 9 في المائة في عام 2015.

وقالت زيتا ايستهام، المسؤولة عن مراقبة الجودة في شركة سومتكس »أعتقد أن هذا القطاع سيسترجع عافيته لأن رقم معاملاته كان دائما كبيرا ونفس الأمر كذلك بجودته. المغرب يشكل فرصة كبيرة لهذا القطاع كما أنه يصدر بكثرة إلى المملكة المتحدة. أعتقد أننا نمر من مرحلة صعبة، لكن هذا القطاع سيسترجع عافيته«.

وتتوقع وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي مزيدا من النمو هذا العام.

وقد أطلقت الحكومة خطة مدتها عشر سنوات في عام 2015 لتوفير 100 ألف وظيفة دائمة جديدة ومضاعفة عائدات التصدير إلى ثلاثة أمثال ما هي عليه الآن إلى ما يعادل حوالي 9 مليارات دولار.

ويقول المسؤولون إن الخطة تؤتي ثمارها، حيث تم بالفعل خلق 44 ألف فرصة عمل. وقال يوسف البريء المكلف بالأمانة الدائمة لوزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي »لتحقيق هدف توفير مئة ألف منصب شغل الذي كان يبدو طموحا في البداية، وقعنا على اتفاقيات لاستثمار ثلاثة مليار ونصف المليار من الدراهم وهذا سيخلق أربعة وأربعين ألف منصب شغل. في العام 2015. كان هدفنا هو خلق مئة ألف منصب شغل بحلول 2020. وبعد سنتين ونصف فقط، توصلنا إلى توفير 44 ألف وظيفة بفضل الاستثمارات ونحن متأكدون أننا سنكون منافسين في السوق العالمي وأننا سنحتفظ بهذه التنافسية على المدى الطويل«.

وقد قال محمد يتيم، وزير التشغيل والإدماج المهني في المغرب، إن بلاده »أمام تحدّ كبير في مجال التشغيل«.

وأكد على هامش ملتقى في الرباط »وضعنا هدفا طموحا يتمثل في تحقيق نسبة 8.5 بالمائة فقط بخصوص معدل البطالة، وخلق 200 ألف منصب شغل سنويا«.

وصعدت نسبة البطالة في المغرب، إلى 9.3 بالمائة خلال الربع الثاني من العام الجاري، على أساس سنوي من 9.1 بالمائة، بينما تراجعت على أساس ربعي من 10.7 بالمائة، بحسب المندوبية السامية للتخطيط في المغرب )حكومية(.

خطة لـ»ثورة صناعية« في أفق  2020

وفي إطار خطة المغرب لتنمية الصناعة الممتدة حتى سنة 2020، بحث وزير الصناعة والتجارة المغربي، في بداية أكتوبر الماضي، مع المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة لتنمية الصناعة سبل التعاون بين الجانبين.

وشدد الجانبان، خلال اجتماع في الرباط، على أن رؤية الأمم المتحدة لتنمية الصناعة، تتماشى مع خطة المغرب لتحقيق »ثورة صناعية« في أفق 2020.

وقال »لي يونغ«، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة لتنمية الصناعة، إن »المغرب له استراتيجية وموارد مهمة تشكل العناصر الأساسية لتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية«.

ويهدف مخطط أعده المغرب لتسريع التنمية الصناعية بين عامي 2014 و2020 إلى »إحداث نصف مليون منصب شغل، نصفها من الاستثمارات المباشرة الخارجية«.

وأضاف »يونغ« في تصريح للأناضول على هامش اللقاء: »نتطلع لدور مغربي في دعم الدول الأفريقية في المنطقة.. من الجيد أن يستثمر البلد في التنمية الصناعية والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا«.

ويسعى المغرب إلى رفع حصة الصناعة في الناتج الداخلي الخام بتسع نقاط، من 14 بالمائة إلى 23 بالمائة بحلول 2020.

من جهته، قال »مولاي حفيظ العلمي« وزير التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي على هامش اللقاء، إن »نتائج الاستراتيجية بدأت بالظهور وفرص العمل بدأت تزداد«.

وتراجعت نسبة البطالة في المغرب، إلى 9.3 بالمائة خلال الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة مع 10.7 بالمائة في الربع الأول السابق له، بحسب المندوبية السامية للتخطيط في المغرب )حكومية(.

وأعلن المغرب قبل عامين، عن صندوق التنمية الصناعية، لتمويل الاستثمار الصناعي، وخصص له غلافا ماليا بقيمة 20 مليار درهم )1.98 مليار دولار أمريكي(.

الفقر يتراجع لكنه يبقى على حاله في الأرياف

وعلى صعيد متصل كشفت دراسة عرضتها المندوبية السامية المغربية للتخطيط أن الفقر انخفض بشكل كبير في المملكة في السنوات العشر الأخيرة لكنه بقي على حاله في الارياف.

وقال المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي في مؤتمر صحافي ، الشهر الماضي، إن عدد الفقراء انخفض من 7,4 ملايين الى 2,8 مليون بين 2004 و2014.

وتأخذ الدراسة التي تهدف الى قياس الفوارق الاجتماعية في مختلف المناطق، في الاعتبار مؤشرات عدة مثل امكانية الحصول على التعليم والمياه والكهرباء والصرف الصحي ونوع السكن والصحة ومعدل وفيات الاطفال.

وقال الحليمي ان »الفقر ليس قضية نقدية فحسب بل مرتبطة ايضا بظروف معيشة السكان«.

وأضاف ان هذا التراجع في معدل الفقر »المتعدد الابعاد« في بلد يبلغ عدد سكانه 35 مليون نسمة »تستفيد منه المدن فيما الفقر ما زال كما كان عليه دائما في البادية«.

وتابع ان 85,4 بالمئة من الاشخاص الذين كانوا يعانون من »الفقر متعدد الابعاد« كانوا يعيشون في الارياف، مقابل ثمانين بالمئة حسب هذه الدراسة.

اما الفقر النقدي فيطال 1,2 مليون شخص.

ويكشف جمع العددين المتعلقين بشكلي الفقر وجود اربعة ملايين شخص )12 بالمئة من السكان( فقير يعيش معظمهم في الارياف.

وقال الحليمي إن »خارطة الفقر متعدد الأبعاد« تهدف أن تكون »أداة لأصحاب القرار السياسيين« في وقت تعزز فيه البلاد سياساتها لتطوير المناطق.

مولاي حفيظ العلمي وزير التجارة والصناعة المغربي: فرص العمل بدأت تزداد