هل يزيح توسع “بريكس” الدولار عن عرشه؟

تصبح لها حصة 30% من الاقتصاد العالمي مع استحواذها على خمس تجارة العالم

عناوين فرعية:

  • مجموعة “بريكس” تسعى للحد من همينة الدولار على الاقتصاد العالمي
  • البرازيل تريد عملة مشتركة لتحقيق الاستقلال الاقتصادي للمجموعة وتعزيز قدرتها التنافسية

في الثاني والعشرين من أغسطس (آب)، كانت جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا تستضيف حدثاً كان بلا شك محط اهتمام العالم بأجمعه. فخمس دول تشكل مجتمعة 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و18 في المائة من التجارة الدولية وأكثر من 40 في المائة من سكان العالم، عقدت قمتها السنوية الخامسة عشرة فيما الهدف الذي جمع في ما بينها هو السعي لإلغاء الدولار وبحث مسألة توسيع عدد الدول إلى تكتلها.

هذه الدول المعروفة باسم “بريكس” والتي تضم كلاً من البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا، قررت أن توسع مجموعتها بالموافقة، بعد جدل كبير وتباينات في الرأي، على ضم دول أخرى كانت تقدمت للحصول على

صورة جامعة لقادة “بريكس” بعد اختتام قمتهم في جوهانسبرغ

العضوية (يقال إن الطلبات فاقت الـ40). فأعلنت انها توافق على انضمام كل من السعودية والامارات وإثيوبيا ومصر والأرجنتين وإيران، وهي عضوية تصبح فاعلة اعتباراً من الأول من ينيار (كانون الثاني) من العام 2024. وتلقت الدول الموافق على طلباتها الخبر بترحيب فيما قالت السعودية إنها تنتظر التفاصيل من مجموعة “بريكس” حول طبيعة العضوية وبناء على ذلك “ستتخذ القرار المناسب”، حسبما صرّح وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان مع تشديده على أن حضور المملكة في أي تكتل يُسهم في تقوية القدرة التنافسية للتكتل.

من الواضح أن السعودية تبغي من خلال هذا الرد درس الموازنة بين مصالح المجموعة التي تحمل في طياتها أهدافاً سياسية ضد الغرب وبين مصالحها الاقتصادية والتجارية الخاصة التي تربطها بشركائها الاستراتيجيين الدوليين الأخرين على مستوى العالم بعيداً عن الدخول معهم في صراعات أو مناكفات تجارية واقتصادية بصرف النظر عن مواقعهم على الخارطة العالمية،، سيما وأن المملكة تربطها علاقات تجارية واقتصادية متينة بمعظم دول العالم، وبالذات مع الغرب، والتي من خلالها تمكنت من خدمة مصالحها الاقتصادية طيلة العقود الماضية وتحقيق مستهدفاتها التنموية في الوقت الراهن المرتبطة برؤيتها الطموحة 2030.

ومع هذا التوسع، يتوقع أن يمثل الناتج المحلي للمجموعة حوالي 30 في المائة من الاقتصاد العالمي، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي، وأن تستحوذ على خمس تجارة العالم.

“بريكس” و”الدولار”

وتضغط الصين التي تمتلك أكبر ناتج محلي إجمالي بين دول “بريكس” (بلغ 16.86 تريليون دولار في عام 2021)، من أجل أن تصبح مجموعة “بريكس” منافساً سياسياً أقوى لكتلة مجموعة الـ7 للاقتصادات المتقدمة من خلال العضوية الموسعة.

وقد أعادت المجموعة إحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار على نظام المدفوعات الدولية، وهي فكرة كانت طرحت للمناقشة في القمم السابقة. إلا أن النقاش عاد ليبرز من جديد بعد رفع أسعار الفائدة الأميركية وفرض عقوبات على روسيا نتيجة حربها على أوكرانيا.

وتطالب البرازيل، أكبر اقتصادات أميركا اللاتينية، بإنشاء عملة مشتركة والتي برأيها ستخفف التعامل بالدولار

أبوظبي في 15 يوليو / وام /   استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، اليوم، دولة ناريندرا مودي رئيس وزراء جمهورية الهند الصديقة، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الدولة.                              وجرت لدولة رئيس وزراء الهند، مراسم استقبال رسمية لدى وصول موكبه قصر الوطن في العاصمة أبوظبي، حيث أطلقت المدفعية 21 طلقة واصطفت ثلة من حرس الشرف تحية للضيف، كما اصطفت مجموعة من الأطفال يلوحون بأعلام البلدين ويرددون العبارات الترحيبية.                              واصطحب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الوزراء ضيف البلاد، إلى منصة الشرف وعزف السلام الوطني للبلدين.                              وقد كان في الاستقبال، سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، وسمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبوظبي، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، ومعالي الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان مستشار الشؤون الخاصة في ديوان الرئاسة، ومعالي علي بن حماد الشامسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، ومعالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية، ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ومعالي محمد حسن السويدي وزير الاستثمار، ومعالي سارة عوض عيسى مسلم وزيرة دولة للتعليم المبكر، ومعالي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية عضو المجلس التنفيذي، ومعالي جاسم محمد بوعتابة الزعابي رئيس دائرة المالية عضو المجلس التنفيذي، ومعالي خالد محمد سالم بالعمى محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وسعادة الدكتور عبد الناصر جمال الشعالي سفير الدولة لدى الهند.                               فيما يرافق رئيس وزراء الهند، وفد يضم عدداً من كبار المسؤولين في الحكومة الهندية بجانب سعادة سنغاي سودهير سفير الهند لدى الدولة.

وبالتالي تقلص من هيمنته، بحيث أنها ستمكّن دول المجموعة من تحقيق الاستقلال الاقتصادي، وتعزيز قدرتها التنافسية في النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار.

وكانت الصين والبرازيل وقّعتا اتفاقاً لاستخدام العملات المحلية في التعاملات التجارية في ما بينهما. كما أعلنت الهند عن بدء تسوية التجارة الثنائية مع الإمارات بالعملات المحلية للدولتين (الروبية الهندية والدرهم الإماراتي)، وأوضحت أن مؤسسة النفط الهندية دفعت مستحقات شركة أبوظبي الوطنية (أدنوك) بالروبية للمرة الأولى في تاريخ التعامل التجاري بين البلدين.

في الوقت نفسه، أجبرت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بعض الدول على تسوية مشتريات النفط الروسي بعملات غير الدولار (مثل الدرهم الإماراتي والروبل الروسي)، ومن بينها الهند التي تُعد أكبر مستورد للنفط في العالم.

لكن محافظ مصرف الاحتياطي في جنوب أفريقيا، ليسيتجا كغانياغو، يشرح أن أي عملة قانونية مدعومة من “بريكس” “تتطلب مصرفاً مركزياً واحداً. كما هو الحال مع مبادرة الحزام والطريق الممتدة من آسيا إلى أوروبا، من المستحيل تخيُّل أن الصين لن تهيمن على أي منتدى أوسع لمجموعة بريكس، ما يجعل شنغهاي المكان الأكثر احتمالاً لمصرف بريكس المركزي. ولا يُرجح أن يمر هذا الأمر مرور الكرام على الهند، التي كثيراً ما تشهد مناوشات حدودية مع الصين. وبالتالي، لن يكون مستساغاً استبدال عملة ليبرالية مدعومة من دولة ديمقراطية بفكرة تهيمن عليها دولة شمولية ذات ضوابط رأسمالية”.

كما يصف جيم أونيل، وهو كبير الاقتصاديين السابق لدى مصرف “غولدمان ساكس” والذي صاغ اسم “بريك” المختصر في عام 2001 قبل انضمام جنوب أفريقيا الى المجموعة، أن فكرة أن تطور المجموعة عملتها الخاصة، واصفاً هذا الاقتراح بأنه “سخيف”. ويعتبر أن “إنشاء عملة مشتركة للاقتصادات الخمسة شديدة التباين سيكون أمراً غير مجدٍ”، مضيفًا: “إنه أمر سخيف، سوف يقومون بإنشاء مصرف مركزي لبريكس؟ كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟ إنه أمر محرج تقريباً”.

بالنسبة لأونيل، فإن العلاقة غير الصحية بين الصين والهند هي أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل العملة الموحدة لـ”بريكس” غير مرجحة.

ولكن هل يمكن إلغاء الدولار؟

هو سؤال يثير تباينات حادة في الولايات المتحدة حول هذا الموضوع، ففيما تعتقد وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن الدولار سيظل مهميناً لأن معظم الدول ليس لديها بديل، يري جوزيف سوليفان، الخبير الاقتصادي السابق في مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض خلال إدارة دونالد ترامب، أنّ العملة التي تبحث فيها “بريكس” قد تنهي همينة الدولار. فدول “بريكس”، بحسب سوليفان، يمكنها في البداية تمويل كامل فواتير الاستيراد الخاصة بهم بعملاتها. ومن جهتهما، يقول بريان ب. بروكس وتشارلز دبليو كالوميريس من مكتب مراقب العملة في الولايات المتحدة، في مقال رأي نشر في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، إن “السياسة الأميركية لم تعزز الثقة العالمية بالدولار.. تجميد الأصول على حيازات الدولار في المصرف المركزي الروسي الذي فرض بعد غزو روسيا لأوكرانيا، في حين أنه مفهوم سياسياً، لكنه صدم المستثمرين ومحافظي المصارف المركزية، الذين أدركوا للمرة الأولى أن الدولار قد لا يكون المخزن الآمن للقيمة التي كان عليها من قبل”.

إلا أن مراقبين يعتبرون أن  القلق بشأن وجود منافس جاد للدولار مبالغ فيه. ويشيرون إلى أرقام صندوق النقد الدولي التي تظهر أن حوالي 60 في المائة من الاحتياطيات العالمية بالعملات يُحتفظ بها بعملة الدولار الأميركي، في حين استخدمت 88 في المائة من المعاملات الدولية الدولار.

وتقدّر جمعية الاتصالات المالية العالمية بين المصارف (سويفت)، أن الدولار مستخدم في 42 في المائة من معاملات العملات، وحصة اليورو تبلغ 32 في المائة، لكن لا يقترب من نفس تأثير العملة الخضراء خارج أوروبا وأجزاء من شمال أفريقيا. أما اليوان الصيني، فيساهم بنحو 2 في المائة، إذ لا يمتد استخدامه خارج السوق المحلية امتداداً واسعاً حتى داخل آسيا، أو خارج التمويل المرتبط بالتجارة.

من جهتها، تعتبر “مورغان ستانلي” أن التهديدات من إزاحة الدولار عن المشهد الاقتصادي العالمي مبالغ فيها، وتوضح أن الدولار يظل أيضاً “وحدة الحساب” الأساسية على مستوى العالم، مما يعني أنه بمثابة الطريقة القياسية التي يقيس بها الشركاء التجاريون القيمة السوقية للسلع والخدمات التي يتم تبادلها. وفقا للاحتياطي الفيدرالي، من 1999 إلى 2019، شكّل الدولار الأميركي 96 في المائة من الفواتير التجارية في الأميركتين، و 74 في المائة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ و 79 في المائة في بقية العالم. وكان الاستثناء الوحيد في أوروبا، حيث اليورو هو العملة الأساسية للفواتير، نظرا للتداول المتكرر بين شركاء الاتحاد الأوروبي.

كما يُنظر إلى الدولار الأميركي على نطاق واسع على أنه “مخزن للقيمة” أو ملاذ آمن، وفق “مورغان”. ويمثل الدولار ما يقرب من 60 في المائة من الاحتياطيات الأجنبية، كما أن أكثر من 65 دولة تربط عملتها بالدولار الأميركي.

ومن حيث الترتيب، فإن اليورو هو ثاني أكبر عملة احتياطية في العالم، لكنه يمثل 21 في المائة من الاحتياطيات الأجنبية مقابل ما يقرب من 60 في المائة للدولار. وبالنسبة إلى “مورغان ستانلي”، فان اليوان الصيني يمثل جزءاً صغيراً جداً من احتياطيات النقد الأجنبي، كما أن سيطرة صانعي السياسة الصينيين على سعر الصرف تجعل من غير المرجح أن تكتسب قوة دفع سريعة.

أما الذهب، فهو مكلف للتحرك، مما يجعله أقل من مثالي كوسيلة للتبادل أو وحدة الحساب.

وترى “مورغان” أن عملة “بريكس” لا تزال افتراضية للغاية، وأن دول “بريكس” “قد تجد صعوبة في التنسيق عبر المصارف المركزية وقد تثبت في النهاية أنها غير مستعدة لتبادل اعتمادها على الدولار الأميركي بعملة متقلبة محتملة قد تكافح من أجل تحقيق تبنٍ أوسع”.