رواية – أحبّها… ولكن – سردٌ على عاتق الشخصيّات

صار الموت رخيصا في وطننا العربي لاننا دمى في ايدي الاقوياء

نسرين الرجب- لبنان.

تفيضُ رواية »أحبّها… ولكن« للدكتورة مها خير بك ناصر، بحوارات العِشق والدلال، وتدور الأحداث حول نور وجاد، حكاية حُبٍّ بين رجل وامرأة يتزوجان في مرحلة النُضج، ويتشاركان الذكريات وهزّات القدَر، هذا الحُب المُمتد لا تُعيقه أحزان ولا يوحشه اغتِراب، تغيب وتظهر مشهديّات ينغّص فيها الماضي هدوء الحاضر، وتقرع فيها أسباب القدر طبول التغيير، فتنقلبُ الأحوال، وهذا الحب ثابت، يتمرّد، يحتدّ، فتُسكِنه أصالة العشق الحلال، وقيَم الصدق والوفاء.

تسعى هذه القراءة إلى الإضاءة على الدّور الذي أدّته الشخصيّات في الراوية، ومُساهمتها في إغناء النص الروائي، من خلال المواضيع التي ارتبطت بها، ومن خلال الإشارات والدلالات التي أغنت حضورها، ومُشاركتها في صناعة أحداث الرواية.

البُنيَة السرديّة

 قد يُخيّل للقارئ أن العنوان يحمل تردُدًا يُعبّر عنه بعد كلمة »أحبّها« بثلاث نقاط )…( و)ولكن( المُخفَفة والتي تُفيد الاستدراك، فيكون السؤال ما الذي يُدرك هذا الحُب؟ وإلى أين يقوده، أإلى النهاية أم تراه يستدرك أفق البداية كلما أوهنته الظروف؟!

 في السياق تتبدى دلالة ذلك في ما يتعرض له هذا الحب من أزمات تتعلق بحياة المُحِبَيْن، ويقوم السرد في »أحبّها ..ولكن«، على نقل الأحداث بضمير الغائب«أحبّها«، تعتمد المؤلّفة على الرؤية من فوق، فالراوي يعرف ما يخفى عن الشخصيّات، كما في فصل »رقص على أوتار الألم«، تتحدّد هويّة الشخصيّة بما ينقله الراوِي، وما تُخبِر به الشخصيّة عن ذاتها من خلال اندماجها في سياق الأحداث، ونظام الإشارات الدالة، والإستنتاج الذي يصل اليه القارئ من خلال تحليله لسلوكها.

 لذا بدت الرؤية من خارج، فالأنا الراوِية غير مُنخرطة في الأحداث، غائبة عن كون النص ، ليست شخصيّة، حضرت هذه الأنا في نماذج الحوارات الثُنائيّة التي تجمع الزوجين العاشقين وتوصيف حالة الحب بينهما، وفي عرض الشخصيّات المتحاوِرة لأرائها في سياسة الحروب، وغيرها من موضوعات أخذت حيّزًا من زمن السرد، وتوقّف عندها الحكي لينقل انفعالات وأراء الشخصيّات. غاب أحيانًا السرد الموضوعي، إذ أنّ عرض الرأي الموحّد حيث لا خِلاف في وجهات النظر يُعبّر عن تدخّلات المؤلّف في تبنّي المقولات، لذا فالراوي لا يتدخّل مباشرةً ليُقِر بعلمه ورأيه، بل يرتدي لبوس المُحايد وهو يروي الأحداث ويعرض الأراء من دون مُهادنة، ويتّخذ من الشخصيّات قناعًا يقول من خلاله ما يريد.

التبئير داخلي فمعلومات الراوي مُحدّدة بما تقدمه الشخصيّة، وتُعطي تفسيرًا للأحداث، فالقارئ يعرف ما تريد المؤلّفة أن تُعرِّف به، وتجعلهُ في مكمنٍ ما يتواطأ معها لخلق جوّ الإثارة والتشويق مثل: )سفر جاد وإصابته وغيابه عن نور، اكتشاف العلاقة الأخويّة بين نور وميشال حيث مهّدت لها بمواقف الود غير المفهوم بينهما( ، وهي ترسم المَشاهد وتنتقي الكلام الشعري البليغ الذي يتبادله الزوجان والذي يفيض بمصطلحات العشق والشوق للآخر- الأنا.

فضاء الشخصيّات

تُشكّل الشخصيّات موضوعًا محوريًّا قائمًا بذاته في هذه الرواية، وتؤدّي دورًا رئيسًا في تشكيل فضاء الرواية الزمني والمكاني، فموضوع الحرب الأهليّة والأحزاب التضليليّة، وحرب العدو الإسرائيلي على لبنان، والأحداث الآنية في سوريا، هي الخلفيّة التي تنطلق منها حركيّة الأشخاص، وتتخذ الأحداث منها مُنطلقًا في صياغة الواقع بزمنياته المُختلفة. فالموضوع الأساس في الرواية هو عبثيّة الحروب التي تتخذ من الدين شعارًا مُزيّفًا لجذب الناس إليها وتعطيل الإرادة الإنسانيّة، إضافة إلى موضوعات ثانويّة منها الحب وأزمة الفُراق، غريزة الأمومة فـنور الولاّدة تقف على النّد من سُلاف التي فشلت في جميع المُحاولات الطبيّة لإنجاب طفل فاختارت التبني حلًّا، ويظهر في الرواية أنّ هذا لم يُعط الأسرة كفايةً بل حفر حُفرةً من التضليل وعدم المُبالاة التي ترجمتها المؤلفة بإغفال الحديث عن مواصفات الطفل الشكليّة وعن طفولته إلّا لمامًا، فكيف تماهت الشخصيّات مع المواضيع التي تُحاكيها؟

احتلّت مساحة السرد شخصيّات أساسيّة ومركزيّة كان لها الدور في إدارة دفّة الحكي، وهي نور وزوجها جاد، وهناك شخصيّات مُساعِدة تقترب من المركزيّة ولكن دورَها ينحسِر تِباعًا عندما تبتعد عنها فكُلما كانت نسبة القُرب بينها وبين الشخصيّة الرئيسة أُعطيَت حصّتها من السرد، كمثال لارا وعمر، إلهام، وغيرهم.

 على الرغم مما يؤديه حضورهذه الشخصيّات من أهميّة، خاصة عندما تُشير إلى موضوعات حسّاسة على أهميّة بالغة، كمثال: »في سوريا آلاف الشهداء وآلاف الثكالى …صار الموت في وطننا العربي رخيصًا، لأننا ارتضينا ان نكون دُمًى في أيدي الأقوياء«، و: » نحن ننتسب إلى سوريا الأم والأرض والتاريخ ولا ننتمي إلى أدياننا وطوائفنا..« رأي واضح وصريح قومي غير مُهادن عن أحداث الأزمة السوريّة الحاليّة وعن الأمل المُشبّع بالألم.

جاد الرجل الذكي والمِعطاء

مثّل جاد نموذج الرجل المُجرّب والناضج عاطفيًّا وعقليًّا، والذي يطمح إلى بناء علاقة مثاليّة ومستقرة مع نور، فنجد فيه الرجل الشرقي المُحمّل بنزعات الغيرة، والذي تنتابه في لحظات هواجس الشك، ولكنه يتخلّص من هذه المخاوف عندما يقتنع بإخلاص نور، التي تُروّض جموح عاطفته، فيُحسن الظن بها، ويسعى لمساعدتها وتفهُمها، وهو الرجل الحكيم الذي يُفكّر برويّة قبل اتخاذ أي قرار، يلجأ إلى كهفه عندما تنتابه المشكلات وتمس عواطفه فيُقرر الإبتعاد كي لا يؤذي نور، ولكنه يظل على عهده بالوفاء فلا تغلبه أنانيّته بل نراه يُراقب بعين الحكمة، وعين الحُب.

لقد تفاوتت أهميّة الشخصيات تفاوُت اقترابها من شخصيّة نور وجاد، فهي شخصيات مُساعدة، لارا وعمر، الصديق وشريك لجاد في الشركة، وهما يساعدانه في إخفاء الحقيقة عن نور أثناء تعرضه للعلاج، يواسيان نور ويشاركان الزوجين في أفراحهما وأحاديثهما، إلهام وابنها احمد هما السند لنور وللزوجين أيضًا، لا نقع على أوصاف جسديّة إذ غالبًا ما يأتي الوصف انطباعيا لتحديد هويّة الشخصيّات وتصنيفها، وصف نفسي يُعنى بتحليل النوايا والتعريف بها من خلال سلوك الشخصيّة.

 نساء وحكايا

 لم تسعَ المؤلّفة إلى العزف على أوتار النسويّة والجنسانيّة، قدّمت نموذجًا أُنثويًّا فاعلًا، من خلال نموذج البطلة.

 نور المرأة المُلهِمة:

 ذاقت في ماضيها حياة الفقر والحرمان، والتشدّد في التربيّة وهي في الحاضر تعيش حياة مُترفة وتتذوق نعيم العيش مع زوجها، فلا يُصيبها الغنى بالتبلّد فتشاركه في العمل. تطرّقت إلى موضوع الفُراق، وهجر الزوج زوجته بلا سبب مُعلن، سعت إلى إظهار موقِف كِلا الشخصيتين، حتّى عندما كانت نور تظن بأنّ زوجها تخلى عنها لم نعثر على امرأة بكّاءة كثيرة الشكوى والتعلُل، بل تدرّجت ردّات فعلها في سُرعة سرديّة، وحافظت على رباطة جأشها على الرغم من انكسارها وتذبذبها بين مشاعر الحنين والغضب، حتّى أنّها تُقرر التخلي عن كُل النعيم عندما يسوء بها الظن: »هي نور القابضة على جمر النصال تحرقها الآه المخنوقة بنعمة الكِبر، وتصنع منها الأمومة ماردا يكتب الهزائم انتصارًا، ويرسم الضعف قوّة ويعنون التخاذل تفوّقًا«، وهي المرأة المجاهدة والناضجة المحافظة على عفّتها والتي تُقلقها نظرات رجل غريب، ويُلبكها تفكيرها به، حتى تكتشف أنه أخوها، المرأة التي تتجبّرعلى أوجاعها، وتفكر في البعيد، وهي الوطنيّة التي لم تقع في قبضة التمذهُب، فهي وُلدت على دين المسيحيّة وتربّت على دين الاسلام، نموذج يُحتفى به لتمسُكها بالقيم الإنسانيّة الراقيّة في تعاطيها المُتّزن والمُتفهّم مع اختلافات المجتمع الانساني.

إلهام: المرأة المُضحيّة التي ترمّلت باكرًا ومنحت سِني عُمرها لتربية ابنها ولم تصنع منها الظروف أُنثى مُتجهّمة حاقدة بل كانت اُختًا مُساعدة لنور.

 لارا: المرأة السوريّة التي تُعايش صدمة الحرب على أهلها ووطنها، وتُعاني من فقدان والدها، فلا نرى فيها امرأة حانقة تسب وتلعن على افتراضات واهيّة، بل هي مؤمنة بوطنها وبالقضيّة ولا تُفوّت أية فُرصة للحديث عن بطولة شعبها وأملها بالغد.

 الأم بدريّة: في البداية ظهرت في شخص الأُم المُتسلطة والمُتشددة في تربية أبنائها، وتقلِب الرسالة التي وجدتها نور ،في بيت العائلة المهجور، الظاهر باطنًا عن الأنثى الثورية والمُتمردة، والوفيّة لزوجها التي تتحدى المتاريس، والمُبادرة التي تحاول جُهدها لإنقاذ ولديْها من همجيّة الحرب الأهليّة، فتتعرض لحادث بشع يشِل عزيمتها، لكنّها لا تتوقف عند الموت بل تمنح الحياة لفتاة ضائعة ولطفل يبكي بين أنقاض مبنى مُدمّر، تمنحهما أسماء ولديْها المقتوليْن، تربيهما وتُبرّر قسوّتها بقساوة الواقع والمجتمع الذي لا يرحم امرأة وحيدة، وتجهد لحمايتهم وتعليمهم ما استطاعت، وأخيرًا موتها في صمت.

 الأم جانيت: تظهر في أواخر الرواية امرأة طيّبة الأثر، تُعاني من المرض، ومن قهر الفقد لابنةٍ شاءت الأقدار ان تضيع منها طفلةً، وحين جمعتها الصُدفة الكونيّة في شخص نور، تتعلّق بها لتظهر ملامح القصة المؤلمة، وتجد فيها ابنتها التي كبُرت بعيدا عنها، فتُحاول بما تبقى لها من عُمر التعويض عن الزمن الضائع في الفراق.

 أم هاني/ عثمان: امرأة فقدت ابنها وكانت تُعوض عن فقدها بمساعدة الشباب الّذين في عُمر ابنها، وتقرّر في النهاية مقاومة المرض لتعيش لحفيدها اليتيم.

اّما النماذج الأنثوية غير المتزنة فتمثّلت في سُلاف التي تعاني من العُقم ومن غيرة شديدة توتّر علاقتها بزوجها وبالمحيطين، غيرة مؤذية، تجعل منها نموذجًا غير صالح للتعاطُف، نجد فيها المرأة المُتعطشة لطفل تلجأ للتبني ولكن لا نجد أنّ هذا الطفل قد عوّضها عما تفتقده. والسكرتيرة التي كانت تمارس مخططًا لئيمًا بحق رئيسها في العمل وحين اكتشافها تبيّنت هويّة مُشغّلها وانخداعها به، وحملها الذي وجد في السفر خلاصًا من فضيحة اجتماعيّة، ولكن بقي مصيرها مجهولًا لا نعرف عنه سوى أنّ ابنها تبنته سُلاف، وهي ماتت نتيجة أزمة قلبيّة أثناء الولادة.

حضور الشخصيّات العابرة وهي تابع للحدث الذي تعيشه الشخصيّة المحوريّة، لا تظهر منفصلة عنها فنحن لا نعرف شيئا عن حيواتها إلا المعاملة الليّنة التي تتلقاها، )المربية وعاملة المنزل( وإذ عرفنا فهو غالبا يتصل بحدث يجمعها مع شخصيّة نور وبمساعيها كزوجة أخيها عثمان .

تأويليّة الأسماء

كان لأسماء الشخصيّات دورا في إظهار الهويّة الدينيّة لأصحابها وخاصة الذكور: »حسين، ميشال، عمر، عُثمان« على عكس أسماء النساء والتي كانت مُحايدة نوعًا ما ولا تحمل إشارات دينيّة ومذهبيّة »نور، إلهام، لارا، سُلاف..«، فهل ذلك يرجع إلى أنّ الخلافات والعصَبيات المذهبيّة يصنعها الرجال؟!

لم تأتِ التسميّات جزافًا، فهي تحمل إشارات مذهبيّة، وتُخفي معنًى مُغايرًا للخلفيّة/ المشهد، خلفيّة الحرب، التي ظاهرها ديني وباطنها إثم وفجور، فلكل شخصيّة قصّة ترويها لتظهر لوحة الحرب وعنصريتها وعدم توافقها مع حقيقة النفوس حيث يطمح الإنسان للعيش بسلام مع أخيه الإنسان. فنلمس أجواء التسامح وتقبُل الآخر بين شخصيّات الرواية.

الاقتتال المذهبي هو في حقيقته اقتتال سياسي ذو نزعة غرائزيّة فاسدة ، اقتتال لا فائدة منه سوى نفث سُم الكراهية في النفوس، وهو نفسه في كل الحروب التي أتت؛ الحرب الأهلية، حرب العدو الاسرائيلي والذي حاول جيش الاحتلال تغرير بدريّة وجذبها للتعامل معه تحت حُجّة أنّ جدّتها من أصل يهودي، وهي نفسها الحرب في سوريا والتي في ظاهرها حرب بين المذاهب، وفي حقيقتها هي حرب الأمم والمصالح الأجنبيّة.

 وظيفة هذه الشخصيّات هو التدليل على عبثيّة الحروب، وقد أتى سياقها السردي مُثيرًا للقلق في حياة الشخصيّة الرئيسة نور: كـ»ميشال وحسين« وظهرت لاحقًا رابطة الدم التي جمعتها الصدفة بهم، فهي تبرعت في الماضي بالدم لحسين، ورابطة الدم في ميشال الأخ، ربما في هذا إشارة إلى السِمة الإلهيّة للمرأة، المرأة الجامِعة، التي تُوحّد ما يراه الغير مدعاةً للفرقة، المرأة الرؤوفة، الرحيمة .

 تحضر الأسماء كشواهد على الموضوع الأساس، لقاء الإنسان بالإنسان، فحسين المسلم الشيعي تتبرّع له بالدم نور المسيحيّة دمًا والمُسلمة النشأة والهويّة، وتمنحه السيّدة أم هاني وهي الموحّدة الاهتمام وتعامله كابن لها، والطفل الذي تبنّته سُلاف المسيحيّة هو من أبوين مُسلميْن، أما المفارقة الكبرى فتتمثل في نور وعثمان / ميشلين وهاني.

تُبدي ميشلين/ نور شجاعة لتبني بعض شعائر دين أبويْها لترضي خاطر والدتها، أما عثمان فيموت قبل أن يكتشف أن اسمه هو هاني. تعبّر هذه المواقف عن تصادُم الهويّات، وتبرز أيقونة أنّ الأديان هدفها الإنسان، والنزعات الإنسانية حاربت باسم الدين فعبثت في النفوس وشوهّت الحقائق، ولكنّها لم تنخدع بها النفوس السمِحة.

الأشخاص الّذين لا إسم لهم غالبًا ما يكون حضورهم لإبراز أحداثًا بعينها، فنجدهم قد ساهموا في دفع الأحداث وفي استعراض العادات، وكانوا عيونًا حيث الحدث هو من يأخذ الضوء كله ولا قيمة معنويّة للأشخاص من دونه، كالشخص الذي قتل أولاد بدريّة، ابنة عم جاد، ابن عمه، أبوه وغيرهم من شخصيات ضعيفة الحضور، وهي بمثابة شاهد على الأحداث لا أكثر.

 وهناك شخصيّات تحمل اسمًا ولكن وجودها بمثابة ديكور مسرحي للأحداث، كمثال خال نور/ ميشلين، وابن عمها الطبيب، حضور هاتين الشخصيتين بهدف الإمعان في التصدّيق على الوقائع، كشهود عيان لماضٍ لا أثر له في ذاكرة نور ولكنّه واقع لا مهرب منه.

أمّا في ما خص اسم الشخصيّة كاسم الأب، كما جاد الأب وجاد الابن، فهو دلالة على رغبة الزوجين في أنّ تشكّل هذه الشخصيّة استمراريّة لشخصيّة الأب القويّة والطامِحة.

إنّ الشخصيّة تكون بمثابة دال حيث اتخاذها أسماء وصفات، لذا اختيار الراوي للأسماء ساهم في تحديد السمة الدلاليّة للشخصيّة، وعزّز مواقفها، وهذا يُعبّر عن الوعي بالكتابة. فتلاقي هذه الأسماء وحضورها المُسالم هو رسالة أرادت من خلالها المؤلفة توصيل فكرة التسامح والانفتاح على الآخر وتقبُله بكل اختلافاته وانسانيته.

 تنفتح الرواية على النقد في جميع مجالاته، هي سردٌ غير مرتهن لوظيفة مُحدّدة، في هذه الرواية تتزاحم عليك جميع أنواع المشاعر: )الانسجام، الإنفصال، الفتور، الحماس، الضحك الخافت، البكاء، الحزن، الفرح(، تتحسّس الطريق إلى المفاجأة وعندما تصلها تشارك الشخصيّات حماس اكتشافها، لذا لا تقف القراءة في هذه الرواية هنا، بل هي محاولة تُلقي الضوء ولا تجزم بكثافته، إيمانًا بأنّ فيها ما لا يلتقطه الضوء الخاطف .

 رواية »أحبّها ولكن«، للدكتورة مها خير بك ناصر، صدرت عن الفرات والنيل في طبعتها الأولى 2016.