معرض بيروت العربي الدولي للكتاب بدورته الـ61.. كيف كان؟

السعودية غابت والكويت انكفأت عن المشاركة

من بيروت رنا خير الدين

كبارٌ وصغارٌ جالوا في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الـ61 اختلفت بينهم الغايات والحاجات والطلبات. فما هو الغرض من المعرض هذا العام؟ وما هي طلبات الطلاب واحتياجاتهم؟ وكيف يمكن تشخيص الاهتمام بكتب الأطفال واحتياجاتهم الإدراكية والتعليمية من دور النشر المخصصة لذلك؟ وما هي الزاوية التشكيلية في المعرض؟

السعودية تغيب والكويت تراجعت

»الحصاد« جالت في المعرض منذ اليوم الأول، وتعرّفت على الدور المشاركة. يلفت بدايةً أن هذه العام الدور المشاركة متخصصة بنوع أو عدّة أنواع من الكتب، منها ما هو خاص بالأطفال، الكتب الثلاثية الأبعاد، القصص والروايات التي تحكي العنف، الظلم والحرب إضافةً إلى الكتب العلمية في الفيزياء والكيمياء، والمنشورات الحقوقية القانونية وغيرها… ، يستطيع الزائر الحصول عليها خلال تجوله وتعرّفه على المعرض الذي شاركت فيه مكتبات ودور لبنانية، مصرية، سورية، فلسطينية إضافةً إلى مشاركة سلطنة عمان رسمياً، والسفارات: الفرنسية، التركية والأوكرانية… مع غياب المملكة العربية السعودية والإمارات ودولة الكويت عن المعرض، الأمر الذي شكّل زعزعةً لدى المشاركين والزوّار في خلط الثقافة بالسياسة دائماً، مع وجوب الانتباه إلى أنّ المعرض واجهة أساسية ثقافية تجمع الدول العربية ببعضها وتشجّع التخالط الحضاري العرقي، وكلّ زوّار المعرض يتفقون على أنّ المعرض مساحة تساعدهم على الحصول من نقص من مكتبتهم أو الإستفادة من الندوات التي تقام، بالتالي هذا هو الهدف من المعرض، حقيقةً.

طلاب وأساتذة زارو المعرض

احتياجات الطلاب الثانوية والجامعية هي من الأساسيات التي تضعها إدارة المعرض في الحسبان، لذا تخصّص كلّ دار محاضرة عن موضوع اني يهمّ الشباب، كما يقام في قاعات المحاضرات، ندوات شعرية، وندوات تثقيفية وعوية للكلّ من يرغب. كما أنّ تتواجد في المعرض فرص الحصول على المعلومات والبيانات في أي بحث علمي، اجتماعي، اقتصادي، قانوني أو سياسي، يحتاجه الطالب.

الأطفال كان لهم الحصة الأكبر من المعرض، بحيث تنوعّت وتعدّدت على أطراف المعرض الدور الناشرة للكتب التي تعنى بأدب الأطفال وحاجاتهم، كالكتب الثلاثية الأبعاد، والأدوات والألعاب التي تعمل على التركيز، حلّ المشكلات، ربط الأطراف ببعضها البعض ووصلها بطرق محدّدة، أو الألعاب التي تنمي القدرة على الإبداع وتنمية الذاكرة من شأنها أن تندرج ضمن الوسائل المحفّزة للأطفال على استخدام العقل بالطرق السليمة، دون إضاعة الوقت، والإستفادة منها عبر تشغيل الحسّ البصري من خلال استرجاع مراحل العمل خطوة بخطوة.

الألعاب التي لا طعمة فيها أو إفادة انتشرت بكثرة في المعرض اذ لها هدف تجاري، والتي هي حيلة تجذب الطفل لها، كلعبة »السلايم« المعجونة اللزجة الملّونة، وألعاب الخفّة، والألعاب البدائية التي لا تفيد الطفل أو تشجّعه على القراءة وحب الكتاب.

الشرتوني

بات الطفل اليوم يتطوّر مع تطور الوقت، لم يعدّ يجلس ساعات طويلة لحفظ الدرس أو قراءة مقاطع الاستظهار، ففي عصر توفّر السرعة والتكنولوجيا حوله من الطبيعي أن يتأثر بذلك ويرغب بالابتعاد عن القراءة والكتب. لذا التقت »الحصاد« الأستاذ أنطوان م. الشرتوني وهو دكتور في التحليل النفسي والأمراض النفسية وكاتب أدب الأطفال الذي أشار أنّ علم نفس هو اختصاص يحكي مراحل النمو لدى الانسان النفسية، والإضطرابات السلوكيّة والنفسية، التي قد يمرّ بها الانسان، كما يفيد في إمكانية التشخيص الحالات عبر الاختبارات التجريبية والحسيّة. أمّا علم نفس النمو الذي يدرس مراحل تطور الطفل حتى يصبح انساناً راشداً، سويّاً. وهذه المرحلة هي التي يتكّون خلالها الذكاء، الإدراك والشخصية.

ويشير الشرتوني إلى أنّ علاقة الطفل مع الكتاب، تبدأ بعلاقة الأهل مع القراءة ومزاولتهم عليها، اذ يكتسبها الطفل من الأهل نتيجة تأثره بهم. لكّن القراءة اليوم تتألم، فمع عصر السرعة اتجّه الطالب نحو التكنولوجيا للحصول على المعلومات أو الدراسة.

ثمة فرق كبير بين الطفل القارئ وغير القارئ في حين أن الطفل القارئ يعيش حالة سويّة ثابتة أكثر من ذاك الذي يقضي معظم وقته أمام التلفاز أو الجوال، حيث أنّ الطفل القارئ على الصعيد النفسي لديه خيال واسع، يحيث يكّون مخزون كلمات، بالتالي هذا الأمر يمكّنه من الكتابة والتعبير عن نفسه، وعلى الصعيد الاجتماعي يتفاعل الطفل القارئ مع محيطه بسهولة كونه يتمكّن من التعبير عن ذاته بوضوح، أمّا على صعيد التصرّفات حيث أنّ قراءة نوع محدّد ومناسب للطفل يعطيه ثقة بنفسه وقبول للإختلافات ويساعده على تطوير ذهنه فكرياً ويعطيه نضوجاً ينعكس على تصرّفاته بحسب ما يشير الشرتوني.

خلال الجولة تعرّفت »الحصاد« على أبرز الأدوات التكنولوجية المحفّزة على القراءة والتي وجدت في المعرض، كالروبوت الآلي الذي يعرف بذكائه وتطوّره لكنّ الذي يميّزه عن غيره كونه فريداً، في حين أن الطفل بعمر 8 9 سنوات يحصل على قطع منه مفكّكة تحتاج التركيب، ويكون عبارة على شكل آلة أو مركبة، يستطيع الطفل تركيبها، ثم يتطوّر إلى مراحل بعدها في تركيب القطع الدخلية، يعمل من خلال تطبيق على الهاتف، بعدها العمل على برمجة الروبوت. هذه اللعبة يمكن القول عنها أنها تشغّل الذاكرة والعقل، وتعمل على الجانب الذكائي للطفل اذ تسمح له بخلق مادة وبرمجتها مع مرور الوقت اذ ما تلقّى الطفل التدريب اللازم بالعمر المحدّد.

… أمّا الزاوية التشكيلية

زاوية التشكيل في المعرض هي فسحة للفنانين التشكيليين لعرض لوحاتهم ومنحوتاتهم التي يشغلونها بحبّ، هذه المشاركة السابعة للزاوية، شارك فيها حوالي 27 فناناً مع الإشارة إلى أن المساحة التي تعرض فيها اللوحات والمنحوتات هي حوالي خمسة وخمسون متراً كما أشارت قسيمة دمشقية رئيسة لجنة الفنّ التشكيلي في »النادي الثقافي العربي« والمسؤولة عن إقامة المعارض في النادي ومعرض الكتاب.

دمشقية هي فنّانة تشكيلية شاركت بلوحات تعبيرية عن المرأة في المعرض، وتقول: أنّ المعرض الدولي يحتاج لنغمة تنعش الكلمة فيه، فالكتاب جامد بطبيعته، لذا كان لا بدّ من إضافة هذه الزاوية التشكيلية لإضفاء الألوان، وإعطاء مجال للفنانين الناشئين المشاركة بالمعرض.

زاوية تشكيلية فسحة فنّية شارك فيها عدد من الفنانين العرب، بين الرسم والنحت، أضيفت استمارة رأي يملأها الزوّأر لمعرفة أي من اللوحات قد حصدت الإعجاب، مع العلم أنّ اللوحة الرابحة ستكون غلاف معرض الكتاب العام المقبل.

معرض الكتاب، حديثه الكتاب والقراءة، يتردّد إليه القراء وطلاب المدارس والجامعات، ولهذه الزاوية حصة كبيرة من الإنتاج الثقافي الذي يعبّر عن النتاج الفكري وتطور الحضارت لذلك كانت هذه الزواية قطاراً لطلاب الرسم والفنون الجميلة على اعتباره معرضاً غنياً شاملاً يجمع أقطار العالم العربي، كما تتنوّع فيه المدارس الفنّية التشكيلية، ويشكّل حلقة للتشاور والتحادثات الفنية الغنية بين الفنانين أنفسهم وبين الزوّار والفنانين.

»الكتاب« الموضوع الأساس للوحات المعروضة في الزواية إلى جانب اللوحات التي تحكي البيئة، الحب، المرأة والانسان بالمجمل. هي طبيعة خلابة لمن أراد أن يغوص في معالمها، تحكي الفنّ المزوج بنكهة الحضارت والتاريخ، تخالط بين الريشة والمطرقة، وتفاعل فنّي ثقافي إنتاجي بين الفنانين.

هذه الجولة المكثّفة على المعرض تثبت أنّ للقراءة دوراً هاماً في حياتنا، وما زال اهتمام الناس يجول حول الكتاب، لا غنى عنه، لكّن يبقى هناك شقّ يحتاج المتابعة والمعالجة، هو لما بات معرض الكتاب مسرحاً استعراضياً للعضلات الأدبية بين التواقيع والبهورة الإعلامية لها؟