إرادة الشعب السوري تنتصر في مؤتمر الحوار الوطني بسوتشي

لم يكن مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي نهاية المطاف بل شكّل نهاية مرحلة بالتأكيد..فالاتفاق على بيان ختامي تضمّن الأسس والمبادئ التي ينبغي أن تحكم مستقبل السوريين، ترجم )عملياً( وللمرّة الأولى الرغبة والإرادة السورية المشتركة في التوصّل إلى حل سياسي وشكّل محطة مهمة ومفصلية عكست سياسياً ولأول مرّة أيضاً مخرجات اجتماعات أستانا التي تُعنى أساساً بالوقائع الميدانية على الأرض.

لقد أحدث المؤتمر الفرز الأولي المطلوب للنهوض بأي حل يستند إلى الحوار حينما رفض الاستماع لشروط ومطالب الأطراف والمجموعات التي كانت لا تزال تراهن على ممارسة الإرهاب كأداة لتأكيد الموجودية وإثبات الحضور وهو أضفى طابعاً رسمياً على العملية المُجهضة ل »الفصل بين المتطرفين والمعتدلين« كما كرّس مضامين محددة لمفهوم )الاعتدال( بحيث بات يندرج تحته..وحسب أولئك الذين ارتضوا التخلي النهائي عن السلاح للانضواء تحت سقف الدولة الجامعة الموحّدة والنظام الجمهوري بهويته العربية السورية ومن خلال ممارسة العمل السياسي الوطني الهادف والمسؤول.

شكّل المؤتمر أوسع مظلة حوارية جمعت السوريين من الداخل والخارج حتى الآن منذ بدء الحرب وهو بلور على هذا النحو الإجماع الأوسع الذي ستتحدد على تخومه حقيقة المواقف والالتزامات والمسؤوليات الوطنية من عدمها.

انتصارات ومكاسب في السياسة ونقاط تضاف لرصيد الدولة السورية وحليفتها روسيا الاتحادية في مؤتمر الحوار الوطني..محطات سريعة تحتاج لشرح لكننا سنبدأ من النهاية الملفتة والرسالة القوية في ختام أعمال المؤتمر عندما وقف الجميع يرددون النشيد الوطني السوري.

 النهاية بمدلولها دفعت ديمستورا لإلقاء كلمته علماً أنه غادر القاعة بعد كلمة لافروف لكنه لم يغادر مركز المؤتمر وجلس يترقب في قاعة مجاورة.

 انعقاد المؤتمر بمشاركة الطيف السوري الأوسع والأشمل انتصار للدولة السورية والحليف الروسي في مواجهة غطرسة أمريكية حاولت تفشيل المؤتمر.

 الحل السياسي سوري بمن حضر والقادم سيكشف عن الكثير..مرت خلال الجلسات عبارات ومداخلات لفتت انتباه المشاركين أولها تأكيد قدري جميل رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية أن صياغة دستور أو أي تعديل على مواده سيكون حصراً في دمشق.

 قال هيثم مناع الأمين العام للتيار الوطني الديمقراطي السوري خلال رده على أحد أعضاء وفد شرائح المجتمع السوري مستشهدا بحديث للرئيس الأسد بقوله »)رئيسي ورئيسك( موجهاً كلامه لعضو الوفد.

 الوفد المشارك والذي بلغ عدده 1291 من الطيف السوري شارك بجدية عبر مداخلات ونقاشات أوصلت للتصويت على كل بند من بنود البيان الختامي فتمّ تعديل صياغة بندين وإدخال تعديلات في مفردات بندين أخرين وإسقاط بند بالتصويت.

 سخرت روسيا ووفرت إمكانيات هائلة لإنجاح المؤتمر وتزينت سوتشي بالعلم السوري وشعار المؤتمر )السلام للشعب السوري( ولم تترك روسيا مجالاً للصدفة أوأية هفوة تنظيمية وإدارية من لحظة وصول المشاركين لمطار سوتشي وحتى مغادرته.

 شكّل المؤتمر فرصة للقاء جميع شرائج المجتمع السوري ومنح فسحة تحاور للطيف المتنوع بمختلف توجهاته ومشاربه ولكل رأيه ووجعه وأمله لكن الجميع متفق على سورية الموحدة القوية بقيادتها وشعبها وجيشها.

 مندوب الجانب الروسي كرر خلال المؤتمر أكثر من مرة أن روسيا مع الشعب السوري وحليفة لسورية وتعمل جادة لحل الأزمة السورية بجدية وصدق بالتنسيق مع الدول الراعية الحليف الإيراني والنظام التركي وانعقاد المؤتمر منح روسيا قوة إضافية في وجه الغطرسة الأمريكية.

 المؤتمر أكسب منصات وشخصيات معارضة حضوراً قوياً على حساب فئة مرتهنة تفردت وهيمنت على تمثيل مايسمى معارضة في المؤتمرات الدولية وهي بذلك تقدمت خطوة في الطريق الصحيح.

 بعد نجاح مؤتمر سوتشي الذي أقرت به الأمم المتحدة واعتبرته مرحلة مهمة تتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254 والذي يتمحور مضمونه على أساس )ترك السوريين يرسمون مستقبلهم بأنفسهم( يتطلع السوريون أن يكون حوارهم في دمشق على أمل النهاية التي توازي تضحيات الشعب السوري وجيشه في مواجهة الإرهاب.